Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

بقلم الكاتب:ابراهيم طاهر

رُبَّما هي المرةُ الأولى منذُ أربعينَ عامًا التي سيفترقانِ فيها، لم يكنْ سهلا عليه أن يتركَه، وقف بجانب "المِغَسِل"، أمسكَ يدَ صاحبِه التي ما زالت دافئة كعادتها؛ كان يُطمِئنه أنه إلى جواره، همس إليه بكلمات أبكت كل من كان حوله، حمل نعشه رافضا أن يحل أحد مكانه ممن أشفقوا عليه لتقدمه في العمر، وضعه أمام الصفوف التي تراصت للصلاة عليه وانسحب خارجا في هدوء، سينتظره هنا كما كان يفعل يوم الجمعة، كثيرا ما ظل واقفا ورفض العودة لبيته، وربما ناقشه ببعض الأمور التي لم يفهمها من الخطبة. ظهره يؤلمه بشدة، من سيرافقه للطبيب ويمازحه طوال الطريق بضرورة اعتزال سرير الزوجية؟ استعد أن يركب معه سيارة الإسعاف فلم يستطع للازدحام المَهيب، ابتسم رغم حزنِه حينَ تذكرَ اليومَ الذي وضعوه في سيارة الشرطة عندما أراد أن يدخل معه؛ ليشاركه قداس القيامة، هرول وقتها خلفه ساعة حتى أفهم الضابطَ حقيقة الأمر. - دعني أعتذر يا صاحبي؛ كانت مزحة سخيفة مني عندما أخبرت قوة الحراسة أنك جئت لمعاكسة الفتيات، فهل تغفر لي؟ تراجع حين وصلوا المقابر، يعلم أنه لن يغضب منه؛ فهو يدرك أن صاحبه لا يحب حضور مراسم الدفن. أخذ يتمتم: فاكر طبعا؟ أنت حضرت دفن أبويا ولما سألوك عني قلت: أنا نيابة عن صاحبي، مش مالي عينيكم ولا إيه؟ حكوا لي يا صاحبي أن بعضهم لم يتمالك نفسه من الضحك رغم المشهد الحزين. لم تمضِ دقائقٌ حتى كان معهم؛ يُنيم صاحبَه على يمينه ويوجه رأسَه نحو القِبلة.

قيم الموضوع
(0 أصوات)

فيس بوك

Ad_square_02
Ad_square_03
.Copyright © 2024 SuezBalady