983_6ec3b.jpg

قررت «جوجل»، الشهر الماضى، الاستثمار بملايين الدولارات فى شركة كنديةصغيرة ناشئة تعمل فى مجال «حاسبات الكوانتم» أو الحاسبات الكمية، التى تستند إلى قواعد فيزياء الكم التى تعنى بالعلاقة بين حركة الجسيمات الدقيقة

كالإلكترونيات والجزيئات داخل الذرة والطاقة المنبعثة منها، وتحويل التنوع والاختلاف بالمجال المغناطيسى لبعض أجزاء الذرة ما بين السالب والموجب، إلى طاقة حوسبة يعمل بها الحاسب، وهى بذلك تختلف جذرياً عن الحاسبات الحالية

العاملة بالشرائح الإلكترونية الدقيقة المكونة من ترانزستورات تعمل بما يُعرف بالنظام الثنائى القائم على فتح وغلق الترانزستور، والتعبير عن الفتح والغلق بالصفر والواحد فى عمليات الحوسبة.

نظرياً.. يُفترض أن تعمل الحاسبات الكمية على المستوى الذرى، ومن ثم تحقق سرعات تفوق سرعات الحاسبات الحالية بآلاف وربما ملايين الأضعاف، وفى الوقت نفسه تكون ضئيلة الحجم وتكاد تكون فى مستوى حجم بضع ذرات؛ لذلك يتوقع الكثيرون أن تكون هى الشىء الكبير الذى تحضر له «جوجل» خلال السنوات المقبلة، أو القنبلة التى ستفجرها مستقبلاً لتحدث سلسلة من التغييرات فى صناعة تكنولوجيا المعلومات ومستخدميها، على غرار ما فعلته حينما قدمت محرك

البحث الخاص بها فى نهايات القرن الماضى، وأحدثت من خلاله ثورة فى عالم الإنترنت والاقتصاد والحياة البشرية برمتها.

تحمل الشركة الكندية التى قررت «جوجل» الاستثمار فيها اسم «دى ويفز»، وهى شركة يترأسها المدير السابق لتكنولوجيا المعلومات فى إحدى شركات المال بـ«وول ستريت»، حسبما ورد فى تقرير بموقع «سى إن إن»، وتقول الشركة: إنه أصبح لديها ما يمكن أن يطلق عليه أول حاسب كمى تجارى قابل للحياة والتطور، لكن الكثير من الباحثين أعربوا عن شكوكهم فيما تدعيه الشركة من امتلاك أول حاسب كمى تجارى؛ فمشكلة هذه الحاسبات أنها يجب أن تعمل فى درجة حرارة فائقة البرودة تصل إلى الصفر المطلق أو أعلى قليلاً، أى عند سالب 273 مئوية، وهى مشكلة لم يتأكد التغلب عليها حتى الآن، فضلاً عن سلسلة من الصعوبات التقنية الأخرى.

رد الرئيس التنفيذى للشركة فيرن برونيل على هذه الشكوك قائلاً: إن هذه التكنولوجيات لا تزال فى المرحلة الجنينية وفى أيامها الأولى، لكن لديها مستقبلاً مشرقاً، وهى فى فترة تماثل الفترة الأولى التى ظهرت فيها المعالجات الدقيقة حينما قام بول آلان وبيل جيتس ببناء أول نظام لهذه المعالجات.

ليست هذه المرة الأولى التى يتم فيها الإعلان عن مشروعات تتعلق بالحاسبات الكمية؛ فهناك العديد من مراكز الأبحاث والشركات التى تعمل فى هذا المجال منذ سنوات؛ ففى مطلع عام 2000 كشفت شركة «آى بى إم» عن مشروع لتطوير حاسب كمى يستخدم خمس ذرات تعمل كمعالج وذاكرة، وقالت إنها استخدمت هذا الحاسب الكمى التجريبى فى حل مسألة رياضية فى خطوة واحدة، فى حين أن المسألة نفسها تم حلها من خلال خمس خطوات على الحاسب العادى، وهو ما ينبئ عن قدرات خارقة للحاسبات الكمية، كما قدم علماء يابانيون أبحاثاً مهمة فى هذا المجال طوال العقد الماضى.

ويتعاون فى هذا المشروع علماء من جامعة سانتا باربرا بكاليفورنيا كجزء من معمل أبحاث الذكاء الاصطناعى الكمى بالجامعة، ووكالة الفضاء الأمريكية وجمعية «بحوث الفضاء بالجامعات»، وهى جهات تعمل جميعاً على إنتاج حاسبات

كمية يمكن أن تصبح أسرع الحاسبات فائقة الأداء على مستوى العالم. وطبقاً لما تخطط له «جوجل» والشركة الكندية، فإن الحاسبات الكمية المزمع إنتاجها لن تحل محل الحاسبات الحالية؛ لأن الحاسبات الحالية تقوم بمهام تعتبر «تافهة»

جداً بالنسبة لها؛ لذلك ستتخصص الحاسبات الكمية فى المهام الفائقة التعقيد المطلوب إنجازها بسرعات فائقة، كتطوير نماذج للتغيرات المناخية وتطوير الأدوية وحل المشكلات المالية على مستوى البورصات والنظم المالية العالمية،

وبعض القضايا الفضائية والفلكية، وعمل خرائط للعلاقات ين الأسواق ووضع الموازنات للمشروعات الكبرى المعقدة ووضع الاستراتيجيات التجارية على نطاق واسع وتشغيل المعادلات الرياضية الضخمة والبحث فى البيانات الضخمة وكشف عمليات الاختراق والتشفير وفك التشفير وخلافه.