حسام الحريري يكتب :مقابر الروض القديم جزء من تاريخ السويس انشئت عام 1895

تزامنا مع إعلان محافظ السويس امس الخميس ببدء الاجراءات الخاصة بنقل رفات الموتى بمقابر الروض القديم بالأربعين وعملها مسطح اخضر وحديقة عامة والذي قوبل برفض كبير من اهل السويس .
كتب الباحث التاريخيّ حسام الحريري هذا المقال عن تاريخ مقابر الأربعين ونشأتها .
على مدار أكثر من ألف عام ومنذ الفتح الإسلامي لمصر دأب أهل السويس وزوارها من الحجيج ورجال التجارة على دفن موتاهم بمقابر السويس القديمة بمنطقة السلمانية والغريب ، إلى أن أمر الخديوى إسماعيل فى حدود عام ١٨٦٥ بازالة السور الحجرى الذى يحيط بمدينة السويس ، والبدء فى توسيع مدينة السويس من خلال تخصيص أراضى للبناء خارج نطاق السور القديم بمنطقة الاربعين الوليدة ومنطقة البر الثانى .
مرت عدة سنوات إلى أن جاء الأمر المباشر من الخديوى عباس حلمى الثانى عام ١٨٩٥م ، بالبدء فى نقل مقابر السويس القديمة إلى مكانها جديد بمنطقة الأربعين ، جوار الأراضى المخصصة لابراهيم افندى شميس .
تم تنفيذ الأوامر وتم هدم مسجد الغريب القديم وعمل مسجد جديد مكانه ، وبدء الأهالى فى نقل رفات زويهم إلى المكان الجديد .
وكان النقل أمر لابد منه نظرا لضيق المقابر القديمة ، وعدم قدرتها على استيعاب المزيد من الأموات ، خصوصا بعد أن بدأت تتوافد إلى السويس أعداد كبيرة من العمال المصريين والأجانب واهليهم للعمل بالشركة العالمية لقناة السويس وميناء بورتوفيق والشركات الوليدة .
والجدير بالذكر ملاحظة وجود اماكن وحجرات ملحقة بالعديد من القبور وقد استخدم فى بنائها الطراز البغدادلى الخشبي القديم ، حيث ان هذه الحجرات كانت تستخدم قديما فى مبيت اهل المتوفى من النساء ليلة الخميس واثناء الاعياد اعتقدا منهم ان روح الميت تحضرهم في تلك الايام ، مصطحبين معهم المأكل والمشرب ويقضون الليل في الحديث وتدخين الشيشة .
كن يأخذن معهن ما يسمى بالمنقد وهو وعاء فخاری توضع به قطع الفحم المشتعلة المستخدمة في التدخين ، ويقضين الليل فى ضوء خافت منبعث من لمبة جاز صغيرة . كما كانوا يأخذن معهم اقراص من الخبز تسمى بالرحمة لتوزيعها على الفقراء وتسمى عند اهل الصعيد ب “البتاو” ، وهو عبارة عن خبز يتم صنعه من دقيق الذرة الشامية ، لكن مع مرور الزمن انتهى البتاو والرحمة” وأصبحت بعض الحلويات أو البسكويت توزع على الأطفال”.
وبالرغم من ذلك الجو المرعب فى المبيت فقد كان الناس يشعرون بالامان ، حيث كان خفر الشرطة يمرون طوال الليل بين طرقات المقابر وهم يصيحون صيحتهم المعروفة ( مين هناك ) .