520 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
لم تعرض دور العرض السينمائية فيلماً سياسياً واحداً منذ ثورة يناير إلى الآن، ففى حين طفت على السطح أفلام الهلس والمخدرات والدعارة وهز الوسط وصافيناز وغيرها، افتقدت السينما الفيلم السياسى الذى يعمل على نقد الواقع سواء مباشرة أو عن طريق "الرمز"، كسينما نجيب محفوظ وصلاح أبو سيف ويوسف شاهين ووحيد حامد وعاطف الطيب وبشير الديك وحسين كمال وغيرهم. فالسينما المصرية التى عرفت الفيلم السياسى فى ثلاثينيات القرن الماضى، بداية من المخرج "فريتز كرامب" فيلم "لاشين" الذى كان بداية تصادم السلطة بالفيلم السياسى ، لرصده قضايا الفساد السياسى والخيانة والانهيار الاقتصادى، عزفت عن تقديم هذه النوعية بشكل مفاجئ لدرجة أنها لم تنتج فيلما سياسيا رغم قيام ثورتى يناير ويونيو. ويرجع الكاتب الكبير وحيد حامد أسباب اختفاء الفيلم السياسى من السينما لحالة الركود المجتمعى، موضحا أن السينما المصرية قائمة على مصدرين الأول أن تأتى بفيلم أجنبى وتمصره بطريقة أو بأخرى ، والآخر هو أن تبذل جهدا فى فيلم عن قضية اجتماعية أو سياسية من المجتمع وتقدمها للشاشة، ويضيف: "السينما استهلكت كل الموضوعات، فمشكلة الإسكان أخذت فترة زمنية على شاشة السينما، وكذلك مشكلة البطالة، ثم شهدت السينما لفترة ما الأفلام التى أطلق عليها رومانسيات وكانت مشبعة برائحة الأعمال الأجنبية". وأوضح الكاتب الكبير أن حسنى مبارك ونظامه لم يتدخلا فى منع أى فيلم من أعماله، لافتا إلى أن فيلمه «عمارة يعقوبيان» تم عرضه عام 2005 فى عز سطوة النظام الأسبق، وهناك أفلام أخرى لم تمنع، قائلا :"فيلم «النوم فى العسل» كل شخص أخذه بمحمل، رغم أننى كنت أقصد من خلاله مناقشة فكرة العجز السياسى والمجتمعى وعدم القدرة على فعل الشىء". وعلل السيناريست الكبير بشير الديك اختفاء الأفلام السياسية وندرة الأعمال الجادة، بقوله "السينما احتلت حاليا من قبل الكوميديانات"، متوقعا أن تعود لريادتها عندما تستكمل الثورة أهدافها فى غضون الأعوام المقبلة. وقال المنتج محمد العدل إن سبب اختفاء هذه النوعية بعد الثورة يعود إلى أن الناس كلها بتتكلم فى السياسة قائلا :"لما الناس تبطل الكلام فى السياسة هتتعمل أفلام سياسية"، بينما يرى المخرج على بدرخان إن حالة الاحباط التى عايشها المجتمع سببا فى اختفائها. ويحكى الناقد الفنى طارق الشناوى لـ"اليوم السابع"، تاريخ الفيلم السياسى قائلا :"بعد قيام ثورة 1952 قدم المخرج أحمد بدرخان فيلم "الله معنا" بطولة فاتن حمامة وعماد حمدى، للكاتب إحسان عبد القدوس، ورغم أن الفيلم يمجد ثورة 52، ويؤكد أنها الخلاص من عبودية العهد الملكى الذى تسبب فى هزيمة المصريين فى حرب فلسطين، إلا أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اعترض على وجود شخصية الرئيس الراحل محمد نجيب التى جسدها زكى طليمات ضمن أحداث الفيلم، وطلب حذفها وهو ما تم بالفعل، ولكن الحذف لم يمنع الأجيال من معرفة حقيقة حذف الشخصية، حيث ترك زكى طليمات بضع صور له وهو يجسدها. ويستكمل الناقد :"عقب هزيمة 1967 انتشر الفيلم السياسى بصورة كبيرة نظرا للظرف التاريخى آنذاك، ورفع عبد الناصر سقف الحرية ليتنفس الناس عن غضبهم، وتم إنتاج العديد من الأفلام التى تنتقد الأوضاع السياسية والأسباب التى أدت بالجيش إلى الهزيمة مثل فيلم "ثرثرة فوق النيل" و"القضية 68" و "شئ من الخوف" و"السمان والخريف" وغيرها، وبعد نصر أكتوبر عام 1973 كثرت الأفلام التى تحمل الصبغة الوطنية أكثر من الحس النقدى السياسى مثل "أبناء الصمت" بطولة محمود مرسى وإخراج محمد راضى، و"الرصاصة لا تزال فى جيبى" لمحمود يس والمخرج حسام الدين مصطفى و"الخوف" من بطولة نور الشريف وسعاد حسنى ومن إخراج سعيد مرزوق وغيرها". ويضيف :"الفيلم السياسى فى عهد الرئيس أنور السادات اكتسب مهمة جديدة وهى تشويه نظام عبد الناصر، وكشف عيوبه، حيث تم إنتاج أفلام تسيء للنظام السابق منها "الكرنك" عام 1975 بطولة نور الشريف وسعاد حسنى ومن إخراج على بدرخان، وعرض الفيلم العديد من سلبيات ثورة يوليو وما يحدث داخل انظمة الداخلية من انتهاكات لحقوق الانسان، وفيلم "زائر الفجر" عام 1975 من إخراج ممدوح شكرى والذى ناقش عمليات الاغتيالات والتصفية للنشطاء السياسيين، وفيلم "إحنا بتوع الأتوبيس" عام 1979 للمخرج حسين كمال بطولة عادل إمام وعبد المنعم مدبولى والذى تدور أحداثه قبل نكسة 67 ويكشف القبض العشوائى على المواطنين فى عهد عبد الناصر بتهمة المعارضة السياسية، وأوضح الناقد أنه لم تكن كل الأفلام فى عهد السادات تسلك نفس الطريق حيث قدم المخرج على بدرخان فيلم "أهل القمة" عام 1981 من بطولة سعاد حسنى ونور الشريف والذى انتقد الانفتاح الإقتصادى فى عهد الرئيس السادات. ويرى طارق الشناوى أنه فى عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك اختلف الفيلم السياسى وأصبح يميل لنفاق السلطة أكثر من مواجهتها وانتقادها، موضحا أن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية لم يكن يسمح لأى فيلم يناقش قضية توريث الحكم، وخرجت أفلاما مثل "زواج بقرار جمهورى" عام 2001 لهانى رمزى وحنان ترك وإخراج خالد يوسف، قائلا :"هذا الفيلم أظهر مبارك فى صورة الملاك الذى يلبى رغبة شاب فقير ويوافق على حضور حفل زفافه فى الحارة"، ويستكمل الشناوى :"اعترض مدكور ثابت رئيس الرقابة آنذاك على مشهد تجسيد شخصية حسنى مبارك فى آخر الفيلم، لكن الفنانة يسرا استغلت علاقتها بجمال مبارك فى هذا الوقت، ونجحت فى إقناعه بمشاهدة العمل، وأبدى موافقته عليه بشرط أن يوافق عليه زكريا عزمى، وبالفعل شاهده زكريا عزمى ووافق عليه وبعدها تم عرضه"، وأضاف :"نفس نظرية النفاق اتبعتها أسرة فيلم "طباخ الرئيس" عام 2008 بطولة طلعت زكريا، إخراج سعيد حامد، وأظهر رئيس الجمهورية فى صورة الرئيس الصالح الذى يسعى إلى معرفة أحوال الرعية رغم أنف الحاشية الفاسدة المحيطة به، وذهب الفيلم إلى الرئاسة للتصريح به قبل عرضه. ويرى الناقد أنه لم تكن كل الأفلام موالية لنظام مبارك ولكن ظهرت أفلام مثل "البرئ" للكاتب وحيد حامد والذى تم حذف ربع ساعة كاملة من أحداثه حتى توافق الرقابة على عرضه جماهيريا، و"الارهاب والكباب" لعادل إمام وكمال الشناوى إخراج شريف عرفة وغيرها. وتبقى أفلام نجيب محفوظ أكثر الأعمال التى جسدت الواقع المجتمعى وانتقدت سلبياته سواء عن طريق الرمز كما فى أعماله "زقاق المدق" و"الحرافيش" و"ميرامار" و"المطارد" و"التوت والنبوت"، أو التى تحمل اسقاطا سياسيا مباشر مثل رائعة "ثرثرة فوق النيل" وغيرها، وكذلك أعمال وحيد حامد منها "البرىء" و"الارهاب والكباب" و"النوم فى العسل" و"ملف فى الآداب"، وبشير الديك بأفلامه "ضد الحكومة" و"ناجى العلى" و"مهمة فى تل أبيب" و"الجاسوسة حكمت فهمى"، ويوسف شاهين بـ "العصفور" و"هى فوضى" و"الأرض"، بخلاف الأفلام الدعائية التى جملت صورة النظام الحاكم منها "رد قلبى" ليوسف السباعى وعز الدين ذو الفقار وبطولة مريم فخر الدين وشكرى سرحان، وأفلام نجم الكوميديا الراحل إسماعيل ياسين.
الزراير - شارع النيل - امام برج الساعة
السويس، مصر
الجوال: 01007147647
البريد الألكتروني: admin@suezbalady.com