ركزت دراسة حديثة صادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على طبيعة وأسباب الانحراف الفكري لدى الشباب الذين ينضمون إلى التنظيمات الإرهابية، انطلاقًا من ضرورة مواجهة الدول العربية للانحراف الفكري الديني المصاحب لعودة الإرهابيين من العراق وسوريا بعد هزيمة تنظيم "داعش" هناك.
وتوقعت الدراسة التي أعدها الدكتور عبدالغفار الدويك الأستاذ المشارك للعلوم الاستراتيجية والأمنية بجامعة نايف للعلوم الأمنية، أن تكون أعداد العائدين من "داعش" غير قليلة بعد هزيمتهم في العراق وسوريا، وأنه من المحتمل أن تزداد بعد الخروج التالي من ليبيا مستقبلاً.
ولفتت الدراسة إلى أن خبرة التعامل مع العائدين من أفغانستان تكشف أن إهمال تطوير استراتيجية للتعامل معهم فكريًا كانت سببًا فى استمرار جاذبية أفكارهم المنحرفة لأجيال مختلفة من الشباب، فضلاً عن تحولهم لممارسة العنف فى أوطانهم.
وترى الدراسة أن الانحراف الفكري الديني صورة من صور التطرف، وتعرفه بأنه "الفكر الذي يحيد عن ويخالف تعاليم الدين الإسلامي السمحة بما لا يتفق مع المقاصد العامة للدين الإسلامي".
سمات الشخص المنحرف "المتطرف"
وتوضح أن هناك عدة سمات يتصف بها الشخص المنحرف منها : فقدان البصيرة، وعدم القدرة على الاستبصار والابتكار والجمود، والتصلب العقلي والوجداني، وعدم القدرة على تحمل الغموض، واللجوء إلى سلوك العنف كتعبير عن وجهة النظر الشخصية.
وتشير إلى أن تلك السمات قد تؤدي إلى إحساس الشخص المنحرف بالاغتراب والعزلة وإيجاد حالة من القطيعة مع الأسرة والأصدقاء، ومن ثم المجتمع والدولة، مما يولد لديه شعور بأنه يعيش في سجن داخلي وهو ما يحمله دوافع انتقامية ضد المجتمع والدولة على نحو يجعله أكثر عرضة للاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة.
المنحرف فكريًا: العنف = تحقيق الأهداف
وبحسب الدراسة، فإن أشكال ومظاهر الانحراف الفكري السائدة بين الشباب في المجتمعات العربية تعبر عن حالة من الاقتناع بكون العنف هو الوسيلة الوحيدة التي تحقق الأهداف، وهو ما ينتج عنه القيام بالعمليات الإرهابية.
وتلفت إلى أن الانحراف الفكري الذي يعبر عنه "داعش" هو نتاج مجموعة من العوامل، منها: ضعف الانتماء الوطنى، وتغييب الهوية الفكرية والثقافية، والتغير في أنماط السلوك، مما أضعف قناعات المواطنين الدينية والوطنية والأيديولوجية.
12 مؤشرًا للانحراف الفكري
وحددت الدراسة مجموعة من المؤشرات والمظاهر للانحراف الفكري ومنها: الانطواء على النفس، وتكفير المجتمع، والغلو، والتشدد في الدين، والرغبة في ممارسة الإرهاب والعنف، وتبني مفهوم مضلل للجهاد، وتبرير الاعتداء على رجال الأمن بدافع الرغبة في إقامة دولة "الخلافة الإسلامية"، وتكفير الانضمام للمنظمات الدولية، والفهم المغلوط للأحكام الشرعية، وتبني فتاوى القتل والعنف، والتعصب للرأي وعدم قبول الآخر، والاغتيال المعنوي للعلماء.
ووفق ما ذكرته الدراسة، فإن خطورة الانحراف الفكري تكمن عندما ينتقل من مرحلة الأفكار والآراء المتشددة إلى مرحلة الممارسة الفعلية باستخدام وسائل العنف من قتل واغتيالات وتفجيرات لتحقيق أهداف هذا الفكر المنحرف، ومن ثم يتحول الانحراف الفكري إلى الإرهاب مما يمثل تهديدًا للأمن القومي للدولة بأبعاده المختلفة.