Login to your account

Username *
Password *
Remember Me
السويس بلدي

السويس بلدي

في بيعة العقبة الثانية التي مر بنا ذكرها كثيرا، والتي بايع الرسول صلى الله عليه وسلم فيها سبعون رجلا وسيدتان من أهل المدينة، كان حبيب بن زيد وأبوه زيد بن عاصم رضي الله عنهما من السبعين المباركين ..
وكانت أمه نسيبة بنت كعب أولى السيدتان اللتين بايعتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما السيدة الثانية فكانت خالته .. !!
هو اذن مؤمن عريق جرى الايمان في أصلابه وترائبه ..
ولقد عاش الى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته الى المدينة لا يتخلف عن غزوة، ولا يقعد عن واجب ..
وذات يوم شهد جنوب الجزيرة العربية كذابين عاتيين يدّعيان النبوة ويسوقان الناس الى الضلال ..
خرج أحدهما بصنعاء، وهو الأسود بن كعب العنسي ..
وخرج الثاني باليمامة، وهو مسيلمة الكذاب ..
وراح الكذابان يحرّضان الناس على المؤمنين الذين استجابوا لله، وللرسول في قبائلهما، ويحرّضان على مبعوثي رسول الله الى تلك الديار ..
وأكثر من هذا، راحا يشوّشان على النبوة نفسها، ويعيثان في الأرض فسادا وضلالا ..
وفوجئ الرسول يوما بمبعوث بعثه مسيلمة يحمل منه كتابا يقول فيه "من مسيلمة رسول الله، الى محمد رسول الله .. سلام عليك .. أم بعد، فاني قد أشركت في الأمر معك، وان لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها، ولكنّ قريشا قوم يعتدون " !!!
ودعا رسول الله أحد أصحابه الكاتبين، وأملى عليه ردّه على مسيلمة : " بسم الله الرحمن الرحيم .. من محمد رسول الله، الى مسيلمة الكذاب .. السلام على من اتبع الهدى .. أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين " !!
وجاءت كلمات الرسول هذه كفلق الصبح. ففضحت كذاب بني حنيفة الذي ظنّ النبوّة ملكا، فراح يطالب بنصف الأرض ونصف العباد .. !
وحمل مبعوث مسيلمة رد الرسول عليه السلام الى مسيلمة الذي ازداد ضلالا واضلالا ..
ومضى الكذب ينشر افكه وبهتانه، وازداد أذاه للمؤمنين وتحريضه عليهم، فرأى الرسول أن يبعث اليه رسالة ينهاه فيها عن حماقاته ..
ووقع اختياره على حبيب بن زيد ليحمله الرسالة مسيلمة ..
وسافر حبيب يغذّ الخطى، مغتبطا بالمهمة الجليلة التي ندبه اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ممنّيا نفسه بأن يهتدي الى الحق، قلب مسيلمة فيذهب حبيب بعظيم الأجر والمثوبة ..
وبلغ المسافر غايته ..
وفضّ مسيلمة الكذاب الرسالة التي أعشاه نورها، فازداد امعانا في ضلاله وغروره ..
ولما لم يكن مسيلمة أكثر من أفّاق دعيّ، فقد تحلى بكل صفات الأفّاقين الأدعياء .. !!
وهكذا لم يكن معه من المروءة ولا من العروبة والرجولة ما يردّه عن سفك دم رسول يحمل رسالة مكتوبة .. الأمر الذي كانت العرب تحترمه وتقدّسه .. !!
وأراد قدر هذا الدين العظيم، الاسلام، أن يضيف الى دروس العظمة والبطولة التي يلقيها على البشرية بأسرها، درسا جديدا موضوعه هذه المرة، وأستاذه أيضا، حبيب بن زيد .. !!
جمع الكذاب مسيلمة قومه، وناداهم الى يوم من أيامه المشهودة ..
وجيء بمبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبيب بن زيد، يحمل آثار تعذيب شديد أنزله به المجرمون، مؤملين أن يسلبوا شجاعة روحه، فيبدو امام الجميع متخاذلا مستسلما، مسارعا الى الايمان بمسيلمة حين يدعى الى هذا الايمان أمام الناس .. وبهذا يحقق الكذاب الفاشل معجزة موهومة أمام المخدوعين به ..
قال مسيلمة لـ حبيب : " أتشهد أن محمدا رسول الله .. ؟
وقال حبيب : نعم أشهد أن محمدا رسول الله ..
وكست صفرة الخزي وجه مسيلمة وعاد يسألأ :
وتشهد أني رسول الله .. ؟؟

وأجاب حبيب في سخرية قاتلة : اني لا أسمع شيئا .. !!
وتحوّلت صفرة الخزي على وجه مسيلمة الى سواد حاقد مخبول ..
لقد فشلت خطته، ولم يجده تعذيبه، وتلقى أمام الذين جمعهم ليشهدوا معجزته.. تلقى لطمة قوية أشقطت هيبته الكاذبة في الوحل ..
هنالك هاج كالثور المذبوح، ونادى جلاده الذي أقبل ينخس جسد حبيب بسنّ سيفه ..

ثم راح يقطع جسده قطعة قطعة، وبضعة بضعة، وعضوا عضوا ..
والبطل العظيم لا يزيد على همهمة يردد بها نشيد اسلامه : " لا اله الا الله محمد رسول الله " ..
لو أن حبيبا أنقذ حياته يومئذ بشيء من المسايرة الظاهرة لمسيلمة، طاويا على الايمان صدره، لما نقض ايمانه شيئا، ولا أصاب اسلامه سوء ..
ولكن الرجل الذي شهد مع أبيه، وأمه، وخالته، وأخيه بيعة العقبة، والذي حمل منذ تلك اللحظات الحاسمة المباركة مسؤولية بيعته وايمانه كاملة غير منقوصة، ما كان له أن يوازن لحظة من نهار بين حياته ومبدئه ..
ومن ثمّ لم يكن أمامه لكي يربح حياته كلها مثل هذه الفرصة الفريدة التي تمثلت فيها قصة ايمانه كلها .. ثبات، وعظمة، وبطولة، وتضحية، واستشهاد في سبيل الهدى والحق يكاد يفوق في حلاوته، وفي روعته كل ظفر وكل انتصار .. !!
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم نبأ استشهاد مبعوثه الكريم، واصطبر لحكم ربه، غهو يرى بنور الله مصير هذا الكذاب مسيلمة، ويكاد يرى مصرعه رأي العين ..
أما نسيبة بنت كعب أم حبيب فقد ضغطت على أسنانها طويلا، ثم أطلقت يمينا مبررا لتثأرن لولدها من مسيلمة ذاته، ولتغوصنّ في لحمه الخبيث برمحها وسيفها ..
وكان القدر الذي يرمق آنئذ جزعها وصبرها وجلدها، يبدي اعجابا كبيرا بها، ويقرر في نفس الوقت أن يقف بجوارها حتى تبرّ بيمينها .. !!
ودارت من الزمان دورة قصيرة .. جاءت على أثرها الموقعة الخالدة، موقعة اليمامة ..
وجهّز أبو بكر الصدّيق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الاسلام الذاهب الى اليمامة حيث أعدّ مسيلمة أضخم جيش ..
وخرجت نسيبة مع الجيش ..
وألقت بنفسها في خضمّ المعركة، في يمناها سيف، وفي يسراها رمح، ولسانها لا يكفّ عن الصياح : " أين عدوّ الله مسيلمة " ؟؟
ولما قتل مسيلمة، وسقط أتباعه كالعهن المنفوش، وارتفعت رايات الاسلام عزيزة ظافرة .. وقفت نسيبة وقد ملىء جسدها الجليل، القوي بالجراح وطعنات الرمح ..
وقفت تستجلي وجه ولدها الحبيب، الشهيد حبيب فوجدته يملأ الزمان والمكان .. !!
أجل ..
ما صوّبت نسيبة بصرها نحو راية من الرايات الخفاقة المنتصرة الضاحكة الا رأت عليها وجه ابنها حبيب خفاقا .. منتصرا .. ضاحكا ..

أقلقت الأنباء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عندما جاءته تترى بالهجمات الغادرة التي تشنها قوات الفرس على المسلمين .. وبمعركة الجسر التي ذهب ضحيتها في يوم واحد أربعة آلاف شهيد .. وبنقض أهل العراق عهودهم، والمواثيق التي كانت عليهم.. فقرر أن يذهب بنفسه لبقود جيوش المسلمين، في معركة فاصلة ضد الفرس .
وركب في نفر من أصحابه مستخلفا على المدينة علي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه .. ولكنه لم يكد يمضي عن المدينة حتى رأى بعض أصحابه أن يعود، وينتدب لهذه الهمة واحدا غيره من أصحابه ..

وتبنّى هذا الرأي عبد الرحمن بن عوف، معلنا أن المخاطرة بحياة أمير المؤمنين على هذا النحو والاسلام يعيش أيامه الفاصلة، عمل غير سديد ..
وأمر عمر أن يجتمع المسلمون للشورى ونودي : _الصلاة جامعة _ واستدعي علي ابن أبي طالب، فانتقل مع بعض أهل المدينة الى حيث كان أمير المؤمنين وأصحابه .. وانتهى الرأي الى ما نادى به عبد الرحمن بن عوف، وقرر المجتمعون أن يعود عمر الى المدينة، وأن يختار للقاء الفرس قائدا آخر من المسلمين ..
ونزل أمير المؤمنين على هذا الرأي، وعاد يسأل أصحابه : فمن ترون أن نبعث الى العراق .. ؟؟ وصمتوا قليلا يفكرون .. ثم صاح عبد الرحمن بن عوف : وجدته .. !! قال عمر : فمن هو .. ؟ قال عبد الرحمن : " الأسد في براثنه .. سعد بن مالك الزهري .. "
وأيّد المسلمون هذا الاختيار، وأرسل أمير المؤمنين الى سعد بن مالك الزهري " سعد بن أبي وقاص " وولاه امارة العراق، وقيادة الجيش .. فمن هو الأسد في براثنه .. ؟ 
من هذا الذي كان اذا قدم على الرسول وهو بين أصحابه حياه وداعبه قائلا : " هذا خالي فليرني امرؤ خاله " !!

انه سعد بن أبي وقاص .. جده أهيب بن مناف، عم السيدة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
لقد عانق الاسلام وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان اسلامه مبكرا، وانه ليتحدث عن نفسه فيقول : ".. ولقد أتى عليّ يوم، واني لثلث الاسلام" .. !! يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا الى الاسلام ..
ففي الأيام الأولى التي بدأ الرسول يتحدث فيها عن الله الأحد، وعن الدين الجديد الذي يزف الرسول بشراه، وقبل أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم ملاذا له ولأصحابه الذين بدءوا يؤمنون به .. كان سعد ابن أبي وقاص قد بسط يمينه الى رسول الله مبايعا ..
وانّ كتب التارييخ والسّير لتحدثنا بأنه كان أحد الذين أسلموا باسلام أبي بكر وعلى يديه .. ولعله يومئذ أعلن اسلامه مع الذين أعلنوه باقناع أبي بكر ايّاهم، وهم عثمان ابن عفان، والزبير ابن العوّام، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله .
ومع هذا لا يمنع سبقه بالاسلام سرا .. وان لسعد بن أبي وقاص لأمجاد كثيرة يستطيع أن يباهي بها ويفخر ..
بيد أنه لم يتغنّ من مزاياه تلك، الا بشيئين عظيمين ..
أولهما : أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من رمي أيضا ..
وثانيهما : أنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد : " ارم سعد فداك أبي وأمي " ..
أجل كان دائما يتغنى بهاتين النعمتين الجزيلتين، ويلهج يشكر الله عليهما فيقول : " والله اني لأوّل رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله " .
ويقول علي ابن أبي طالب : " ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا، فاني سمعته يوم أحد يقول : ارم سعد .. فداك أبي وأمي "..
كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه ..
اذا رمى في الحرب عدوّا أصابه .. واذا دعا الله دعاء أجابه .. !!
وكان، وأصحابه معه، يردّون ذلك الى دعاء الرسول له .. فذات يوم وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم منه ما سرّه وقرّ عينه، دعا له هذه الدعوة المأثورة .. " اللهم سدد رميته .. وأجب دعوته " .
وهكذا عرف بين اخوانه وأصحابه بأن دعوته كالسيف القاطع، وعرف هو ذلك نفسه وأمره، فلم يكن يدعو على أحد الا مفوّضا الى الله أمره .

من ذلك ما يرويه عامر بن سعد فيقول : " رأى سعد رجلا يسب عليا، وطلحة والزبير فنهاه، فلم ينته، فقال له : اذن أدعو عليك، فقال ارجل : أراك تتهددني كأنك نبي .. !!
فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين، ثم رفع يديه وقال : اللهم ان كنت تعلم أن هذا الرجل قد سبّ أقواما سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبّه ايّاهم، فاجعله آية وعبرة .. فلم يمض غير وقت قصير، حتى خرجت من احدى الدور ناقة نادّة لا يردّها شيء حتى دخلت في زحام الناس، كأنها تبحث عن شيء، ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها .. وما زالت تتخبطه حتى مات " ..
ان هذه الظاهرة، تنبىء أوّل ما تنبىء عن شفافية روحه، وصدق يقينه، وعمق اخلاصه .
وكذلكم كان سعد، روحه حر .. ويقينه صلب .. واخلاصه عميق .. وكان دائب الاستعانة على دعم تقواه باللقمة الحلال، فهو يرفض في اصرار عظيم كل درهم فيه اثارة من شبهة ..
ولقد عاش سعد حتى صار من أغنياء المسلمين وأثريائهم، ويوم مات خلف وراءه ثروة غير قليلة.. ومع هذا فاذا كانت وفرة المال وحلاله قلما يجتمعان، فقد اجتمعا بين يدي سعد .. اذ آتاه الله الكثير، الحلال، الطيب ..
وقدرته على جمع المال من الحلال الخالص، يضاهيها، قدرته في انفاقه في سبيل الله ..
في حجة الوداع، كان هناك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصابه المرض، وذهب الرسول يعوده، فساله سعد قائلا : " يا رسول الله، اني ذو مال ولا يرثني الا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي .. ؟ قال النبي : لا .
قلت : فبنصفه ؟ قال النبي : لا ، قلت : فبثلثه .. ؟ قال النبي : نعم، والثلث كثير .. انك ان تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا أجرت بها، حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك " .. ولم يظل سعد أبا لبنت واحدة.. فقد رزق بعد هذا أبناء آخرين .. وكان سعد كثير البكاء من خشية الله .

وكان اذا استمع للرسول يعظهم، ويخطبهم، فاضت عيناه من الدمع حتى تكاد دموعه تملؤ حجره .. وكان رجلا أوتي نعمة التوفيق والقبول ..
ذات يوم والنبي جالس مع أصحابه، رنا بصره الى الأفق في اصغاء من يتلقى همسا وسرا .. ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم : " يطلع علينا الآن رجل من أهل الجنة " .. وأخذ الأصحاب يتلفتون صوب كل اتجاه يستشرفون هذا السعيد الموفق المحظوظ. .
وبعد حين قريب، طلع عليهم سعد بن أبي وقاص .
ولقد لاذ به فيما بعد عبد الله بن عمرو بن العاص سائلا اياه في الحاح أن يدله على ما يتقرّب الى الله من عمل وعبادة، جعله أهل لهذه المثوبة، وهذه البشرى .. فقال له سعد : " لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد .. غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوءا " .
هذا هو الأسد في براثنه، كما وصفه عبد الرحمن بن عوف ..
وهذا هو الرجل الذي اختاره عمر ليوم القادسية العظيم ..
كانت كل مزاياه تتألق أما بصيرة أمير المؤمنين وهو يختاره لأصعب مهمة تواجه الاسلام والمسلمين ..
انه مستجاب الدعوة .. اذا سأل الله النصر أعطاه اياه .. زانه عفّ الطعمة .. عف اللسان .. عف الضمير .. وانه واحد من أهل الجنة .. كما تنبأ له الرسول ..
وانه الفارس يوم بدر، والفارس يوم أحد .. والفارس في كل مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وأخرى، لا ينساها عمر ولا يغفل عن أهميتها وقيمتها وقدرها بين لخصائص التي يجب أن تتوفر لكل من يتصدى لعظائم الأمور، تلك هي صلابة الايمان ..
ان عمر لا ينسى نبأ سعد مع أمه يوم أسلم واتبع الرسول ..
يومئذ أخفقت جميع محاولات رده وصده عن سبيل الله .. فلجأت أمه الى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه الى وثنية أهله وذويه ..
لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب، حتى يعود سعد الى دين آبائه وقومه، ومضت في تصميم مستميت تواصل اضرابها عن الطعام والسراب حتى أوشكت على الهلاك ..
كل ذلك وسعد لا يبالي، ولا يبيع ايمانه ودينه بشيء، حتى ولو يكون هذا الشيء حياةأمه .. حين كانت تشرف على الموت، أخذه بعض أهله اليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت ..
وذهب سعد ورأى مشهد يذيب الصخر .. بيد أن ايمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل صخر، وعلى كل لاذ، فاقترب بوجهه من وجه أمه، وصاح بها لتسمعه : " تعلمين والله يا أمّه .. لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء .. فكلي ان شئت أو لا تأكلي ".. !! وعدلت أمه عن عزمها .. ونزل الوحي يحيي موقف سعد، ويؤيده فيقول : (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) ..
أليس هو الأسد في براثنه حقا .. ؟؟
اذن فليغرس أمير المؤمنين لواء القادسية في يمينه. وليرم به الفرس المجتمعين في أكثر من مائةألف من المقاتلين المدربين، المدججين بأخطر ما كانت تعرفه الأرض يومئذ من عتاد وسلاح .. تقودهم أذكى عقول الحرب يومئذ، وأدهى دهاتها ..
أجل الى هؤلاء في فيالقهم الرهيبة .. خرج سعد في ثلاثين ألف مقاتل لا غير .. في أيديهم رماح .. ولكن في قلوبهم ارادة الدين الجديد بكل ما تمثله من ايمان وعنفوان، وشوق نادر وباهر الى الموت والى الشهادة .. !! والتقى الجمعان .
ولكن لا .. لم يلتق الجمعان بعد .. وأن سعدا هناك ينتظر نصائح أمير المؤمنين عمر وتوجيهاته .. وها هو ذا كتاب عمر اليه يأمره فيه بالمبادرة الى القادسية، فانها باب فارس ويلقي على قلبه كلمات نور وهدى : " يا سعد بن وهيب ..
لا يغرّنّك من الله، أن قيل : خال رسول الله وصاحبه، فان الله ليس بينه وبين أحد نسب الا بطاعته .. والناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء .. الله ربهم، وهم عباده .. يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عند الله بالطاعة، فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعث الى أن فارقنا عليه، فالزمه، فانه الأمر "
ثم يقول له : " اكتب اليّ بجميع أحوالكم .. وكيف تنزلون .. ؟ وأين يكون عدوّكم منكم .. واجعلني بكتبك اليّ كأني أنظر اليكم" .. !!
ويكتب سعد الى أمير المؤمنين فيصف له كل شيء حتى انه ليكاد يحدد له موقف كل جندي ومكانه .
وينزل سعد القادسية، ويتجمّع الفرس جيشا وشعبا، كما لم يتجمعوا من قبل، ويتولى قيادة الفرس أشهر وأخطر قوّادهم "رستم " ..

ويكتب سعد الى عمر، فيكتب اليه أمير المؤمنين : " لا يكربنّك ما تسمع منهم، ولا ما يأتونك به، واستعن بالله، وتوكل عليه، وابعث اليه رجالا من أهل لنظر والرأي والجلد، يدعونه الى الله .. واكتب اليّ في كل يوم .. " ويعود سعد فيكتب لأمير المؤمنين قائلا : " ان رستم قد عسكر ب "ساباط " وجرّ الخيول والفيلة وزحف علينا " .
ويجيبه عمر مطمئنا مشيرا .. ان سعد الفارس الذكي المقدام، خال رسول الله، والسابق الى الاسلام، بطل المعارك والغزوات، والذي لا ينبو له سيف، ولا يزيغ منه رمح .. يقف على رأس جيشه في احدى معارك التاريخ الكبرى، ويقف وكأنه جندي عادي .. لا غرور القوة، ولا صلف الزعامة، يحملانه على الركون المفرط لثقته بنفسه .. بل هو يلجأ الى أمير المؤمنين في المدينة وبينهما أبعاد وأبعاد، فيرسل له كل يوم كتابا، ويتبادل معه والمعركة الكبرى على وشك النشوب، المشورة والرأي ...
ذلك أن سعدا يعلم أن عمر في المدينة لا يفتي وحده، ولا يقرر وحجه .. بل يستشير الذين حوله من المسلمين ومن خيار أصحاب رسول الله .. وسعد لا يريد برغم كل ظروف الحرب، أن يحرم نفسه، ولا أن يحرم جيشه، من بركة الشورى وجدواها، لا سيّما حين يكون بين أقطابها عمر الملهم العظيم ..
وينفذ سعد وصية عمر، فيرسل الى رستم قائد الفرس نفرا من صحابه يدعونه الى الله والى الاسلام ..
ويطول الحوار بينهم وبين قائد الفرس، وأخيرا ينهون الحديث معه اذ يقول قائلهم : " ان الله اختارنا ليخرج بنا من يشاء من خلقه من الوثنية الى التوحيد ... ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الحكام الى عدل الاسلام .. فمن قبل ذلك منا، قبلنا منه، ورجعنا عنه، ومن قاتلنا قاتلناه حتى نفضي الى وعد الله .. "
ويسأل رستم : وما وعد الله الذي وعدكم اياه .. ؟؟ فيجيبه الصحابي : " الجنة لشهدائنا، والظفر لأحيائنا "
ويعود لبوفد الى قائد المسلمين سعد، ليخبروه أنها الحرب .. وتمتلىء عينا سعد بالدموع .. لقد كان يود لو تأخرت المعركة قليلا، أو تقدمت قليلا .. فيومئذ كان مرضه قد اشتد عليه وثقلت وطأته .. وملأت الدمامل جسده حتى ما كان يستطيع أن يجلس، فضلا أن يعلو صهوة جواده ويخوض عليه معركة بالغة الضراوة والقسوة .. !!

فلو أن المعركة جاءت قبل أن يمرض ويسقم، أولوأنها استأخرت حتى يبل ويشفى، اذن لأبلى فيها بلاءه العظيم .. أما الآن .. ولكن، لا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم علمهم ألا يقول أحدهم : لو، لأن لو هذه تعني العجز، والمؤمن القوي لا يعدم الحيلة، ولا يعجز أبدا .. عنئذ هب الأسد في براثنه ووقف في جيشه خطيبا، مستهلا خطابه بالآية الكريمة : (بسم الله الرحمن الرحيم .. ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) ..
وبعد فراغه من خطبته، صلى بالجيش صلاة الظهر، ثم استقبل جنوده مكبّرا أربعا : الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. 
ودوّى الكون وأوّب مع المكبرين، ومد ذراعه كالسهم النافذ مشيرا الى العدو، وصاح في جنوده : هيا على بركة الله ..
وصعد وهو متحاملا على نفسه وآلامه الى شرفة الدار التي كان ينزل بها ويتخذها مركزا لقيادته.. وفي الشرفة جلس متكئا على صدره فوق وسادة، باب داره مفتوح .. وأقل هجوم من الفرس على الدار يسقطه في أيديهم حيا أو ميتا.. ولكنه لا يرهب ولا يخاف ..
دمامله تنبح وتنزف، ولكنه عنها في شغل، فهو من الشرفة يكبر ويصيح .. ويصدر أوامره لهؤلاء : أن تقدّموا صوب الميمنة .. ولألئك : أن سدوا ثغرات الميسرة .. أمامك يا مغيرة .. وراءهم يا جرير .. اضرب يا نعمان .. اهجم يا أشعث .. وأنت يا قعقاع .. تقدموا يا أصحاب محمد.. !!
وكان صوته المفعم بقوة العزم والأمل، يجعل من كل جندي فردا، جيشا بأسره ، وتهاوى جنود الفرس كالذباب المترنّح، وتهاوت معهم الوثنية وعبادة النار .. !!
وطارت فلولهم المهزومة بعد أن رأوا مصرع قائدهم وخيرة جنودهم، وطاردهم كالجيش المسلم عتى نهاوند .. ثم المدائن فدخلوها ليحملوا ايوان كسرى وتاجه، غنيمة وفيئا .. !!
وفي موقعة المدائن أبلى سعد بلاء عظيما .. وكانت موقعة المدائن، بعد موقعة القادسية بقرابة عامين، جرت خلالهما مناوشات مستمرة بين الفرس والمسلمين، حتى تجمعن كل فلول الجيش الفارسي ويقاياه في المدائن نفسها، متأهبة لموقف أخير وفاصل ..
وأدرك سعد أن الوقت سيكون بجانب أعدائه، فقرر أن يسلبهم هذه المزية.. ولكن أنّى له ذلك وبينه وبين المدائن نهر دجلة في موسم فيضانه وجيشانه ..

هنا موقف يثبت فيه سعد حقا كما وصفه عبد الرحمن بن عوف الأسد في براثنه .. !!
ان ايمان سعد وتصميمه ليتألقان في وجه الخطر، ويتسوّران المستحيل في استبسال عظيم .. !!
وهكذا أصدر سعد أمره الى جيشه بعبور نهر دجلة .. وأمر بالبحث عن مخاضة في النهر تمكّن من عبور هذا النهر .. وأخيرا عثروا على مكان لا يخلو عبوره من المخاطر البالغة ..
وقبل أن يبدأ الجيش الجيش عملية المرور فطن القائد سعد الى وجوب تأمين مكان الوصول على الضفة الأخرى التي يرابط العطو حولها .. وعندئذ جهز كتيبتين ..
الأولى : واسمها كتيبة الأهوال وأمّر سعد عليها عاصم ابن عمرو والثانية : اسمها الكتيبة الخرساء وأمّر عليها القعقاع ابن عمرو ..
وكان على جنود هاتين الكتيبتين أن يخوضوا الأهوال لكي يفسحوا على الضفة الأخرى مكانا آمنا للجيش العابر على أثرهم .. ولقد أدوا العمل بمهارة مذهلة .. ونجحت خطة سعد يومئذ نجاحا يذهل له المؤرخون .. نجاحا أذهل سعد بن أبي وقاص نفسه .. وأذهل صاحبه ورفيقه في المعركة سلمان الفارسي الذي أخذ يضرب كفا بكف دهشة وغبطة، ويقول : " ان الاسلام جديد .. ذلّلت والله لهم البحار، كما ذلّل لهم البرّ .. والذي نفس سلمان بيده ليخرجنّ منه أفواجا، كما دخلوه أفواحا ".. !!
ولقد كان .. وكما اقتحموا نهر دجلة أفواجا، خرجوا منه أفواجا لم يخسروا جنديا واحدا، بل لم تضع منهم شكيمة فرس .. ولقد سقط من أحد المقاتلين قدحه، فعز عليه أن يكون الوحيد بين رفاقه الذي يضيع منه شيء، فنادى في أصحابه ليعاونوه على انتشاله، ودفعته موجة عالية الى حيث استطاع بعض العابرين التقاطه .. !!
وتصف لنا احدى الروايات التاريخية، روعة المشهد وهم يعبرون دجلة، فتقول : [أمر سعد المسلمين أن يقولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل .. ثم اقتحم بفرسه دجلة، واقتحم الناس وراءه، لم يتخلف عنه أحد، فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملؤا ما بين الجانبين، ولم يعد وجه الماء يرى من أفواج الفرسان والمشاة، وجعل الناس يتحدثون وهم يسيرون على وجه الماء كأنهم يتحدون على وجه الأرض؛ وذلك بسبب ما شعروا به من الطمأنينة والأمن، والوثوق بأمر الله ونصره ووعيده وتأييده] .. !!
ويوم ولى عمر سعدا امارة العراق، راح يبني للناس ويعمّر .. كوّف الكوفة، وأرسى قواعد الاسلام في البلاد العريضة الواسعة ..

وذات يوم شكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين .. لقد غلبهم طبعهم المتمرّد، فزعموا زعمهم الضاحك، قالوا : " ان سعدا لا يحسن يصلي ".. !! ويضحك سعد من ملء فاه، ويقول : "والله اني لأصلي بهم صلاة رسول الله .. أطيل في الركعتين الأوليين، وأقصر في الأخريين "..
ويستدعيه عمر الى المدينة، فلا يغضب، بل يلبي نداءه من فوره .. وبعد حين يعتزم عمر ارجاعه الى الكوفة، فيجيب سعد ضاحكا : " اأتمرني أن أعود الى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة " ؟؟ ويؤثر البقاء في المدينة ..
وحين اعتدي على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه، اختار من بين أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ستة رجال، ليكون اليهم أمر الخليفة الجديد قائلا انه اختار ستة مات رسول الله وهو عنهم راض .. وكان من بينهم سعد بن أبي وقاص .
بل يبدو من كلمات عمر الأخيرة، أنه لو كان مختارا لخلافة واحدا من الصحابة لاختار سعدا ..
فقد قال لأصحابه وهو يودعهم ويوصيهم : " ان وليها سعد فذاك .. وان وليه غيره فليستعن بسعد " .
ويمتد العمر بسعد .. وتجيء الفتنة الكبرى، فيعتزلها بل ويأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا اليه شيئا من أخبارها ..
وذات يوم تشرئب الأعناق نحوه، ويذهب اليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، ويقول له : يا عم، ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر .
فيجيبه سعد : " أريد من مائة ألف سيف، سيفا واحدا .. اذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا، واذا ضربت به الكافر قطع " .. !! ويدرك ابن أخيه غرضه، ويتركه في عزلته وسلامه ..
وحين انتهى الأمر لمعاوية، واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا : مالك لم تقاتل معنا .. ؟؟ فأجابه : " اني مررت بريح مظلمة، فقلت : أخ .. أخ .. واتخذت من راحلتي حتى انجلت عني .. " فقال زعاوية : ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله تعالى : (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فان بغت احداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله) .
وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية .
أجابه سعد قائلا : " ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله : أنت مني بمنزلة هرون من موسى الا أنه لا نبي بعدي " .
وذات يوم من أيام الرابع والخمسين للهجرة، وقد جاوز سعد الثمانين، كان هناك في داره بالعقيق يتهيأ لقاء الله .
ويروي لنا ولده لحظاته الأخيرة فيقول : [كان رأس أبي في حجري وهو يقضي فبكيت وقال : ما يبكيك يا بنيّ ؟؟
ان الله لا يعذبني أبدا وأني من أهل الجنة] .. !!
ان صلابة ايمانه لا يوهنها حتى رهبة المةت وزلزاله .
ولقد بشره الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو مؤمن بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام أوثق ايمان .. واذن ففيم الخوف .. ؟ [ان الله لا يعذبتي أبدا، واني من أهل الجنة] .
بيد أنه يريد أن يلقى الله وهو يحمل أروع وأجمل تذكار جمعه بدينه ووصله برسوله .. ومن ثمّ فقد أشار الى خزانته ففتوحها، ثم أخرجوا منها رداء قديما قي بلي وأخلق، ثم أمر أهله أن يكفنوه فيه قائلا : [لقد لقيت المشركين فيه يوم بدر، ولقد ادخرته لهذا اليوم] .. !!
اجل، ان ذلك الثوب لم يعد مجرّد ثوب .. انه العلم الذي يخفق فوق حياة مديدة شامخة عاشها صاحبها مؤمنا، صادقا شجاعا !! وفوق أعناق الرجال حمل الى المدينة جثمان آخر المهاجرين وفاة، ليأخذ مكانه في سلام الى جوار ثلة طاهرة عظيمة من رفاقه الذين سبقوه الى الله، ووجدت أجسامهم الكادحة مرفأ لها في تراب البقيع وثراه .
وداعا يا سعد .. !!
وداعا يا بطل القادسية، وفاتح المدائن، ومطفىء النار المعبودة في فارس الى الأبد .. !! .

في أجواء احتفالية مبهجة لأول مرة في تاريخ تعليم السويس ، وتنفيذاً لتعليمات معالي السيد الأستاذ الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني والسيد اللواء ا.ح عبد المجيد صقر بتفعيل دوره رمضانيه لطلاب وطالبات مدارس السويس استمر منذ بدايه الشهر الكريم في ٢٨/٣/٢٠٢٣ وحتي يوم ١٣/٤/٢٠٢٣ .

حيث اختتم السيد الأستاذ ياسر عماره وكيل وزاره التربية والتعليم بالسويس فعاليات الدوره الرمضانيه التي انطلقت خلال شهر رمضان المبارك بمعاونة فريق متميز من  إدارة العلاقات العامة والإعلام بالديوان و إدارة الأمن بالديوان والإدارات التعليميه وتنظيم متميز لممثلي الأنشطه وعلى رأسهم أسرة التوجيه الفني للتربية الرياضيه والكشفيه ، وقد بلغت نسبة المشاركات بالفعاليات التي تقام بالتوازي علي خمسه ملاعب مدرسيه مقسمه على أحياء محافظة السويس الخمس في صورة عكست ما أكده معالي السيد الأستاذ الدكتور رضا حجازي وزير التربيه والتعليم في كلمته الشهيرة علي أرض السويس الباسلة : " بأننا اليوم نستطيع أن نقول بأن المدرسة قد عادت الي وضعها الطبيعي ". 

 ظهر ذلك جلياً خلال تفاعل أبناؤنا مع المبادرة طوال شهر رمضان المبارك .

ومن ناحية أخرى فقد سلم السيد الأستاذ ياسر عماره كأس المراكز الأولي والثانيه لأبنائنا طلاب مدارس الجهاد الخاصة بالمرحلة الاعدادية ومدرسة الصناعات الميكانيكية بالمرحلة الثانويه

بينما تألقت لأول مرة بناتنا طالبات المدارس في كرة القدم النسائيه مدرسه عباس العقاد الاعداديه بنات وفي كرة السله تألقت بالمركز الأول مدرسة حسين مؤنس الرسمية للغات

 

وتماشياً مع اتجاه الدولة المصريه ووزارة التربيه والتعليم والتعليم الفني في محاربة ظاهرة الألعاب الالكترونية التي باتت تمثل خطراً يهدد أمن وسلامه اطفالنا وابناؤنا تلاميذ وطلاب الصفوف الدراسيه المختلفة فقد قام عماره بتشجيع الانشطة بكافة أنواعها الرياضة والثقافية والفنية وفتح الباب لتيار علمي موازي للألعاب الالكترونيه ولكن بطريقة هادفة عن طريق مسابقات اللكترونيه 

 اختتمت فعالياتها ضمن احتفالات الدورة الرمضانيه أمس تدور محتواها حول تاريخ السويس وبعض الحقائق العلمية والتاريخيه التي تستهدف العصف الذهني لابناؤنا تم إعدادها بواسطة مختصين وتحت إشراف التطوير التكنولوجي لخلق حلول فريده من نوعها جائت بثمارها خلال الفترة الأخيرة وبصورة مشرفة وقد حضر الاحتفاليه لفيف من قيادات المديريه ومجلس الامناء والاباء

5D62D7DB E635 4DEA A96B C949691016B1

83B0DD10 B65C 4085 BC94 66DD50FE480D

ذات يوم، والمدينة ساكنة هادئة، أخذ يقترب من مشارفها نقع كثيف، راح يتعالى ويتراكم حتى كاد يغطي الأفق ..
ودفعت الريح هذه الأمواج من الغبار المتصاعد من رمال الصحراء الناعمة، فاندفعت تقترب من أبواب المدينة، وتهبّ هبوبا قويا على مسالكها ..
وحسبها الناس عاصفة تكنس الرمال وتذروها، لكنهم سرعان ما سمعوا وراء ستار الغبار ضجة تنبئ عن قافلة كبيرة مديدة ..
ولم يمض وقت غير وجيز، حتى كانت سبعمائة راحلة موقرة الأحمال تزحم شوارع المدينة وترجّها رجّا، ونادى الناس بعضهم بعضا ليروا مشهدها الحافل، وليستبشروا ويفرحوا بما تحمله من خير ورزق ..
وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد تراتمت الى سمعها أصداء القافلة الزاحفة ..
سألت : ما هذا الذي يحدث في المدينة .. ؟
وأجيبت : انها قافلة لعبد الرحمن بن عوف جاءت من الشام تحمل تجارة له ..
قالت أم المؤمنين : قافلة تحدث كل هذه الرّجّة .. ؟!
أجل يا ام المؤمنين .. انها سبعمائة راحلة .. !!
وهزت أم المؤمنين رأسها وأرسلت نظراتها الثاقبة بعيدا كأنها تبحث عن ذكرى مشهد رأته أو حديث سمعته ..
" أما اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا " ..
عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا .. ؟
ولماذا لا يدخلها وثبا هرولة مع السابقين من أصحاب رسول الله .. ؟
ونقل بعض أصحابه مقالة عائشة اليه، فتذكر أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث أكثر من مرة، وبأكثر من صيغة ..
وقبل أن تفضّ مغاليق الأحمال من تجارته، حث خطاه الى بيت عائشة وقال لها : لقد ذكّرتيني بحديث لم أنسه ..
ثم قال : " أما اني أشهدك أن هذه القافلة بأحمالها، وأقتابها، وأحلاسها، في سبيل الله عز وجل " ..
ووزعت حمولة سبعمائة راحلة على أهل المدينة وما حولها في نهرجان برّ عظيم .. !!
هذه الواقعة وحدها، تمثل الصورة الكاملة لحياة صاحب رسول الله عبد الرحمن بن عوف " ..
فهو التاجر الناجح، أكثر ما يكون النجاح وأوفاه ..
وهو الثري، أكثر ما يكون الثراء وفرة وافراطا ..
وهو المؤمن الأريب، الذي يأبى أن تذهب حظوظه من الدين، ويرفض أن يتخلف به ثراؤه عن قافلة الايمان ومثوبة الجنة .. فهو رضي الله عنه يجود بثروته في سخاء وغبطة ضمير .. !!
متى وكيف دخل هذا العظيم الاسلام .. ؟
لقد أسلم في وقت مبكر جدا ..
بل أسلم في الساعات الأولى للدعوة، وقبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم ويتخذها مقرا لالتقائه بأصحابه المؤمنين .. فهو أحد الثمانية الذن سبقوا الى الاسلام ..
عرض عليه أبوبكر الاسلام هو وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص، فما غمّ عليهم الأمر ولا أبطأ بهم الشك، بل سارعوا مع الصدّيق الى رسول الله يبايعونه ويحملون لواءه ..
ومنذ أسلم الى أن لقي ربه في الخامسة والسبعين من عمره، وهو نموذج باهر للمؤمن العظيم، مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يضعه مع العشرة الذين بشّرهم بالجنة.. وجعل عمر رضي الله عنه يضعه مع أصحاب الشورى الستة الذين جعل الخلافة فيهم من بعده قائلا : " لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض " .
وفور اسلام عبد الرحمن بن عوف حمل حظه المناسب، ومن اضطهاد قريش وتحدّياتها ..
وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة الى الحبشة هاجر ابن عوف ثم عاد الى مكة، ثم هاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية ثم هاجر الى المدينة.. وشهد بدرا، وأحدا، والمشاهد كلها ..
وكان محظوظا في التجارة الى حدّ أثار عجبه ودهشه فقال : " لقد رأيتني، لو رفعت حجرا، لوجدت تحت فضة وذهبا".. !!
ولم تكن التجارة عند عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه شرها ولا احتكارا ..
بل لم تكن حرصا على جمع المال شغفا بالثراء ..
كلا .. انما كانت عملا، وواجبا يزيدهما النجاح قربا من النفس، ومزيدا من السعي ..
وكان ابن عوف يحمل طبيعة جيّاشة، تجد راحتها في العمل الشريف حيث يكون ..
فهو اذا لم يكن في المسجد يصلي، ولا في الغزو يجاهد فهو في تجارته التي نمت نموا هائلا، حتى أخذت قوافله تفد على المدينة من مصر، ومن الشام، محملة بكل ما تحتاج اليه جزيرة العرب من كساء وطعام ..
ويدلّنا على طبيعته الجيّاشة هذه، مسلكه غداة هجر المسلمين الى المدينة ..
لقد جرى نهج الرسول يومئذ على أن يؤاخي بين كل اثنين من أصحابه، أحدهما مهاجر من مكة، والآخر أنصاري من المدينة ..
وكانت هذه المؤاخات تم على نسق يبهر الألباب، فالأنصاري من أهل المدينة يقاسم أخاه المهاجر كل ما يملك .. حتى فراشه، فاذا كان تزوجا باثنين طلق احداهما، ليتزوجها أخوه .. !! 
ويومئذ آخى الرسول الكريم بين عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع ..
ولنصغ للصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه يروي لنا ما حدث : " .. وقال سعد لعبد الرحمن : أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالا، فانظر شطر مالي فخذه !!
وتحتي امرأتان، فانظر أيتهما أعجب لك حتى أطلقها، وتتزوجها .. ! 
فقال له عبد الرحمن بن عوف : بارك الله لك في أهلك ومال .. 
دلوني على السوق ..
وخرج الى السوق، فاشترى.. وباع .. وربح ".. !!
وهكذا سارت حياته في المدينة، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، أداء كامل لحق الدين، وعمل الدنيا .. وتجارة رابحة ناجحة، لو رفع صاحبها على حد قوله حجرا من مكانه لوجد تحته فضة وذهبا .. !!
ومما جعل تجارته ناجحة مباركة، تحرّيه الحلال، ونأيه الشديد عن الحرام، بل عن الشبها ت ..
كذلك مما زادها نجاخا وبركة أنها لم تكن لعبد الرحمن وحده.. بل كان لله فيها نصيب أوفى، يصل به أهله، واخوانه، ويجهّز به جيوش الاسلام ..
واذا كانت الجارة والثروات، انما تحصى بأعداد رصيدها وأرباحها فان ثروة عبد الرحمن بن عوف انما تعرف مقاديرها وأعدادها بما كان ينفق منها في سبيل الله رب العالمين .. !!
لقد سمع رسول الله يقول له يوما : " يا بن عوف انك من الأغنياء .. وانك ستدخل الجنة حبوا .. فأقرض الله يطلق لك قدميك " ..
ومن سمع هذا النصح من رسول الله، وهو يقرض ربه قرضا حسنا، فيضاعفه له أضعافا كثيرة ..
باع في يوم أرضا بأربعين ألف دينار، ثم فرّقها في أهله من بني زهرة، وعلى أمهات المؤمنين، وفقراء المسلمين ..
وقدّم يوما لجيوش الاسلام خمسمائة فرس، ويوما آخر الفا وخمسمائة راحلة ..
وعند موته، أوصى بخمسن ألف دينار في سبيل الله، وأ، صى لكل من بقي ممن شهدوا بدرا بأربعمائة دينار، حتى ان عثمان بن عفان رضي الله عنه، أخذ نصيبه من الوصية برغم ثرائه وقال : " ان مال عبد الرحمن حلال صفو، وان الطعمة منه عافية وبركة " .
كان ابن عوف سيّد ماله ولم يكن عبده ..
وآية ذلك أنه لم يكن يشقى بجمعه ولا باكتنازه ..
بل هو يجمعه هونا، ومن حلال .. ثم لا ينعم به وحده .. بل ينعم به معه أهله ورحمه واخوانه ومجتمعه كله ..
ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال : " أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله .. " ثلث يقرضهم..
وثلث يقضي عنهم ديونهم .. وثلث يصلهم ويعطيهم .. "
ولم يكن ثراؤه هذا ليبعث الارتياح لديه والغبطة في نفسه، لو لم يمكّنه من مناصرة دينه، ومعاونة اخوانه ..
أما بعد هذا، فقد كان دائم الوجل من هذا الثراء ..
جيء له يوما بطعام الافطار، وكان صائما ..
فلما وقعت عيناه عليه فقد شهيته وبكى وقال : " استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني، فكفّن في بردة ان غطت رأسه، بدت رجلاه، وان غطت رجلاه بدا رأسه ..
واستشهد حمزة وهو خير مني، فلم يوجد له ما يمفن فيه الا بردة .. 
ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، وأعطينا منها ما أعطينا واني لأخشى أن نكون قد عجّلت لنا حسناتنا " .. !!
واجتمع يوما نع بعض أصحابه على طعام عنده ..
وما كاد الطعام يوضع أمامهم حتى بكى وسألوه : ما يبكيك يا أبا محمد .. ؟؟
قال : " لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما شبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ..
ما أرانا أخرنا لم هو خير لنا " .. !!
كذلك لم يبتعث ثراؤه العريض ذرة واحدة من الصلف والكبر في نفسه ..
حتى لقد قيل عنه: انه لو رآه غريب لا يعرفه وهو جالس مع خدمه، ما استطاع أ، يميزه من بينهم .. !!
لكن اذا كان هذا الغريب يعرف طرفا من جهاد ابن عوف وبلائه، فيعرف مثلا أنه أصيب يوم أحد بعشرين جراحة، وان احدى هذه الاصابات تركت عرجا دائما في احدى ساقيه.. كما سقطت يوم أحد بعض ثناياه .. فتركت همّا واضحا في نطقه وحديثه ..
عندئذ لا غير، يستطيع هذا الغريب أن يعرف أن هذا الرجل الفارع القامة، المضيء الوجه، الرقيق البشرة، الأعرج، الأهتم من جراء اصابته يوم أحد هو عبد الرحمن بن عوف .. !!
رضي الله عنه وأرضاه ..
لقد عوّدتنا طبائع البشر أن الثراء ينادي السلطة ...
أي أن الأثرياء يحبون دائما أن يكون لهم نفوذ يحمي ثراءهم ويضاعفه، ويشبع شهوة الصلف والاستعلاء والأنانية التي يثيرها الثراء عادة ..
فاذا رأينا عبد الرحمن بن عوف في ثرائه العريض هذا، رأينا انسانا عجبا يقهر طبائع البشر في هذا المجال ويتخطاها الى سموّ فريد .. !
حدث ذلك عندما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجود بروحه الطاهرة، ويختار ستة رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليختاروا من بينهم الخليفة الجديد ..
كانت الأصابع تومئ نحو ابن عوف وتشير ..
ولقد فاتحه بعض الصحابة في أنه أحق الستة بالخلافة، فقال : " والله، لأن تؤخذ مدية، فتوضع في حلقي، ثم ينفذ بها الى الجانب الآخر أحب اليّ من ذلك " .. !!
وهكذا لم يكد الستة المختارون يعقدون اجتماعهم ليختاروا أحدهم خليفة بعد الفاروق عمر حتى أنبأ اخوانه الخمسة الآخرين أنه متنازل عن الحق الذي أضفاه عمر عليه حين جعله أحد الستة الذين يختار الخليفة منهم .. وأنّ عليهم أن يجروا عملية الاختيار بينهم وحدهم أي بين الخمسة الآخرين ..
وسرعان ما أحله هذا الزهد في المنصب مكان الحكم بين الخمسة الأجلاء، فرضوا أن يختار هو الخليفة من بينهم، وقال الامام علي : " لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفك بأنك أمين في أهل السماء، وأمين في أهل الأرض "..
واختار ابن عوف عثمان بن عفان للخلافة، فأمضى الباقون اختياره ..
هذه حقيقة رجل ثري في الاسلام ..
فهل رأيتم ما صنع الاسلام به حتى رفعه فوق الثرى بكل مغرياته ومضلاته، وكيف صاغه في أحسن تقويم .. ؟؟
وها هو ذا في العام الثاني والثلاثين للهجرة، يجود بأنفاسه ..
وتريد أم المؤمنين عائشة أن تخصّه بشرف لم تختصّ به سواه، فتعرض عليه وهو على فراش الموت أن يدفن في حجرتها الى جوار الرسول وأبي بكر وعمر ..
ولكنه مسلم أحسن الاسلام تأديبه، فيستحي أن يرفع نفسه الى هذا الجوار ... !!
ثم انه على موعد سابق وعهد وثيق مع عثمان بن مظعون، اذ تواثقا ذات يوم : أيهما مات بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبه ..
وبينما كانت روحه تتهيأ لرحلتها الجديدة كانت عيناه تفيضان من الدمعو ولسانه يتمتم ويقول : " اني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال " ..
ولكن سكينة الله سرعان ما تغشته، فكست وجهه غلالة رقيقة من الغبطة المشرقة المتهللة المطمئنة ..
وأرهفت أذناه للسمع .. كما لو كان هناك صوت عذب يقترب منهما ..
لعله آنئذ، كان يسمع صدق قول الرسول صلى الله عليه وسلم له منذ عهد بعيد : " عبد الرحمن بن عوف في الجنة " ..
ولعله كان يسمع أيضا وعد الله في كتابه ..
الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " .

تنفيذا لتوجيهات الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وبرعاية كريمة من السيد صاحب الفضيلة الشيخ ماجد راضي وكيل وزارة الاوقاف بالسويس وبالتعاون المشترك مع جامعة السويس بقيادة الأستاذ الدكتور السيد الشرقاوي رئيس جامعة السويس محاضرة توعوية بالعشر الاواخر من شهر رمضان المبارك...

قام الدكتور محمود السعيد امام وخطيب ومدرس الجامع الكبير علي بن ابي طالب بالسلام ١ وبحضور أ.د/على عطا الله نائب جامعة السويس 

و أ.د/أسامة قدور عميد الكلية وعدد من أعضاء هيئة التدريس محاضرة دينية عن فضل العشر الاخر من شهر رمضانالمبارك وسط نابغة متميزة من طلاب الجامعة  .

وقد كانت المحاضرة بكلية الثروة السمكية بجامعة السويس والتي بين فيها ان العشر الاخر من شهر رمضان المبارك مليئة بالنفحات الربانية والعطايا الإلهية،وكذلك بها ليلة خير  من الف شهر قال فيها سبحانه وتعالي " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) " ... 

 جاء هذا اللقاء تلبية لدعوة موجهة من جامعة السويس وذلك من باب التعاون المشترك النافع البناء للمجتمع ...

68C895EF 272D 4EF6 AC9D 3B6389BFCECE

AE4E4DB1 8015 422A 9350 0FEEA07FA7EB

عقد اللواء أح عبدالمجيد صقر، محافظ السويس، اليوم الثلاثاء، اجتماعًا لبحث إستعداد محافظة السويس لإستقبال أعياد القيامة و شم النسيم وعيد الفطر المبارك والإجراءات التي تم إتخاذها لتوفير سبل الراحة وتقديم الخدمات للمواطنين من أهالي السويس والقادمين من المحافظات  الأخري  أثناء أجازة  الأعياد.

حضر الاجتماع الدكتور عبد الله رمضان، نائب محافظ السويس والأستاذ خالد سعداوى، السكرتير العام للمحافظة واللواء ايمن عبد الحميد مساعد مدير الأمن .

كما حضر الاجتماع كلاً من العميد أحمد موسي المستشار العسكري للمحافظة والعقيد رامي سعد مدير عام مكتب المحافظ والقيادات التنفيذية والأمنية ورؤساء الأحياء ومديرى المديريات ومديري مشروعات المحافظة والمصالح الحكومية ومديري المرافق العامة و الجمعيات الاهلية ورجال الدين الاسلامي والمسيحي

وفى بداية الاجتماع قدم محافظ السويس، التهنئة للقيادات التنفيذية بمناسبة قرب حلول أعياد القيامة وشم النسيم و عيد الفطر المبارك ، مؤكدًا على رفع درجة الاستعداد القصوي وبتنفيذ كافة الإجراءات التي اتخذتها الدولة لراحة وتأمين المواطنين خلال اجازة الاعياد.

وأكد محافظ السويس  علي جميع المديريات والمصالح الحكومية والمرافق الحيوية بإلغاء الإجازات وإستمرار المتابعة علي  مدار الساعة لجميع المرافق والخدمات العامة التي تقدم للمواطنين.

وكلف المحافظ رؤساء الأحياء ومديرادارة الطوارئ والتدخل السريع بتجهيز جميع الحدائق والشواطىء العامة خلال أجازة العيد وتكثيف أعمال النظافة ورفع المخلفات بصفة مستمرة صباحا ومساءا

كما كلف إدارة الشاليهات والشواطئ بالاستعداد لاستقبال الرحلات من داخل وخارج السويس القادمين الي شاطىء السوايسة.

واكد صقر علي مدير مشروع الاسواق بتكثيف الحملات  داخل الاسواق لإنتظام العمل وضبط ومراقبة الإسعار داخل الأسواق ومنع مرورعربات الكارو 

كما كلف صقر رئيس فرع الشركة القابضة للمياه والصرف الصحى لمدن القناة بالسويس باستمرار العمل لتطهير خطوط الصرف الصحى وبالوعات وغرف التفتيش للصرف الصحي ، مؤكدا علي التنسيق الكامل مع هيئة قناة السويس والاستجابة لاي بلاغات ترد عن انقطاع المياه أو أي مشاكل خاصة بالصرف الصحي .

وشدد على مدير الرى بالحفاظ على منسوب المياه بترعة السويس والمتابعة اليومية للترعة للتأكد من نظافتها والمنسوب . 

واشار المحافظ على إدارة المرور بتكثيف التواجد بالشوارع والميادين والطرق الداخلية والرئيسية التي تربط المحافظة مع المحافظات الأخري وبخاصة طريق السخنة ،و أكد على لجنة الاشراف و المرافق لمنع دخول عربات النقل بشارع ناصر 

واكد علي ادارة الحماية المدنية بالاستعداد الجاد لاستقبال الاعياد والاستجابة والتدخل السريع في اي وقت لانقاذ المواطنين.

واشار اللواء أح عبد المجيد صقر علي مدير عام الصحة ، برفع حالة الطوارىء بالمستشفيات وتحديد الورديات والأطقم الطبية ، والتاكيد علي مدير مرفق اسعاف السويس بعمل خطة انتشار سيارات الإسعاف بالطرق الرئيسية وأماكن التجمعات والحدائق العامة.

وأعطي المحافظ توجيهاته لمدير عام التموين بالتنسيق مع مديرية الصحة والطب البيطري ومباحث التموين بعمل حملات على المحلات والأسواق للتاكد من صلاحية الاسماك المملحة واللحوم والاسماك للحفاظ على صحة المواطنين.

وشدد علي مسئولى الكهرباء بأهمية استقرار التيار الكهربائى وعدم قطع الكهرباء لراحة المواطنين، وتكليف جهاز الانارة العامة بمتابعة الانارة العامة داخل شوارع كل حي والتدخل لحل اي مشكلة تطرأ.

وأكد على مديرإدارة الأزمات والكوارث بالمحافظة بمتابعة غرفة العمليات الرئيسية بالمحافظة على مدار 24 ساعة واستقبال شكاوى المواطنين والاستجابة لها فورا بالتنسيق مع غرفة عمليات الأحياء والجهات التنفيذية الأخري.

عندما كان الأنصار السبعون يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية، كان عبد الله بن عمرو بن حرام، أبو جابر بن عبد الله أحد هؤلاء الأنصار ..
ولما اختار الرسول صلى الله عليه وسلم منهم نقباء، كان عبد الله بن عمرو أحد هؤلاء النقباء .. جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيبا على قومه من بني سلمة ..
ولما عاد الى المدينة وضع نفسه، وماله، وأهله في خدمة الاسلام ..
وبعد هجرة الرسول الى المدينة، كان أبو جابر قد وجد كل حظوظه السعيدة في مصاحبة النبي عليه السلام ليله ونهاره ..
وفي غزوة بدر خرج مجاهدا، وقاتل قتال الأبطال ..
وفي غزوة أحد تراءى له مصرعه قبل أن يخرج المسلمون للغزو ..
وغمره احساس صادق بأنه لن يعود، فكاد قلبه يطير من الفرح !!
ودعا اليه ولد جابر بن عبد الله الصحابي الجليل، وقال له : " اني لا أراي الا مقتولا في هذه الغزوة .. بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين .. واني والله، لا أدع أحدا بعدي أحبّ اليّ منك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وان عليّ دينا، فاقض عني ديني، واستوص باخوتك خيرا " ..
وفي صبيحة اليوم التالي، خرج المسلمون للقاء قريش .. قريش التي جاءت في جيش لجب تغزو مدينتهم الآمنة .. ودارت معركة رهيبة، أدرك المسلمون في بدايتها نصرا سريعا، كان يمكن أن يكون نصرا حاسما، لولا أن الرماة الذين امرهم الرسول عليه السلام بالبقاء في مواقعهم وعدم مغادرتها أبدا أغراهم هذا النصر الخاطف على القرشيين، فتركوا مواقعهم فوق الجبل، وشغلوا بجمع غنائم الجيش المنهزم ..
هذا الجيش الذي جمع فلوله شريعا حين رأى ظهر المسلمين قد انكشف تماما، ثم فاجأهم بهجوم خاطف من وراء، فتحوّل نصر المسلمين الى هزيمة ..
في هذا القتال المرير، قاتل عبد الله بن عمرو قتال مودّع شهيد ..
ولما ذهب المسلمون بعد نهاية القتال ينظرون شهدائهم .. ذهب جابر بن عبد الله يبحث عن أبيه، حتى ألفاه بين الشهداء، وقد مثّل به المشركون، كما مثلوا يغيره من الأبطال ..

ووقف جابر وبعض أهله يبكون شهيد الاسلام عبد الله بن عمرو بم جرام، ومرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكونه، فقال : " ابكوه .. أو لا تبكوه .. فإن الملائكة لتظلله بأجنحتها " .. !!

كان ايمان أبو جابر متألقا ووثيقا ..
وكان حبّه بالموت في سبيل الله منتهى أطماحه وأمانيه ..
ولقد أنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فيما بعد نبأ عظيم، يصوّر شغفه بالشهادة ..
قال عليه السلام لولده جابر يوما : " يا جابر .. ما كلم الله أحدا قط الا من وراء حجاب .. ولقد كلّم أباك كفاحا _أي مواجهة _ فقال له : يا عبدي، سلني أعطك ..
فقال : يا رب، أسألك أن تردّني الى الدنيا، لأقتل في سبيلك ثانية ..
قال له الله : انه قد سبق القول مني : أنهم اليها لا يرجعون ..
قال : يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة ..
فأنزل الله تعالى : " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ " .
وعندما كان المسلمون يتعرفون على شهدائهم الأبرار، بعد فراغ القتال في أحد ..
وعندما تعرف أهل عبد الله بن عمرو على جثمانه، حملته زوجته على ناقتها وحملت معه أخاها الذي استشهد أيضا، وهمّت بهما راجعة الى المدينة لتدفنهما هناك، وكذلك فعل بعض المسلمين بشهدائهم ..
بيد أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم لحق بهم وناداهم بأمر رسول الله أن : " أن ادفنوا القتلى في مصارعهم ".. فعاد كل منهم بشهيده ..
ووقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يشرف على دفن أصحابه الشهداء، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبذلوا أرواحهم الغالية قربانا متواضعا لله ولرسوله ..
ولما جاء دور عبد الله بن حرام ليدفن، نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ادفنوا عبد الله بن عمرو، وعمرو بن الجموح في قبر واحد، فانهما كانا في الدنيا متحابين، متصافين " ..
والآن ..
في خلال اللحظات التي يعدّ فيها القبر السعيد لاستقبال الشهيدين الكريمين، تعالوا نلقي نظرة محبّة على الشهيد الثاني عمرو بن الجموح ...

متابعه: فريد الجميعي

تمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة على حريق اندلع باحدى الوحدات السكنية بمدينة التوفيق بحي عتاقة محافظة السويس واسفر عن وفاة شخص متفحما نتيجة الحريق واصابة 2 اخرين وتم نقلهما الى مستشفى السويس العام . 

تلقت غرفة عمليات اسعاف السويس بلاغا بوجود حريق بمساكن التوفيقية بعمارة سكنية مكونة من 5 طوابق والحريق بالطابق الثالث وجاري السيطرة من خلال المطافي علي الحريق الذي اسفر عن وفاة شخص واصابة 2 اخرين والتقرير المبدئي ان الحادث نتيجة ماس كهربائى بشقه بالدور الثالث.

و مكان الحادث مدينة بالتوفيقيه البيضاء اسفر عن حالة وفاة ( كريم شعبان جاد الكريم سعدى 21سنه ) و 2مصابين ( شعبان جاد الكريم سعدى السن/ 58سنه 

الاصابات حرق بالوجه والكفين من الدرجه التانيه.

والمصاب الثاني ( احمد شعبان جاد الكريم سعدى

السن/22 سنه  الاصابات/ حرق بالوجه من الدرجه الاولى) 

تم نقل المصابين لمستشفى السويس العام واتخاذ كافة الاجراءات القانونية 

 

كتب : حسام صالح

 

أنقذ رجال الإسعاف وعناصر الحماية المدنية بالسويس طالب بجامعة الجلالة سقط من أعلى جبل الجلالة إلى منتصف الوادي، وقدم له المسعفين التأمين الطبي عقب الوصول إليه.

وكان الطالب المقيد بالصف الثالث بكلية طب الاسنان، خرج من الجامعة عند المنطقة الخلفية المقابلة لأحد وديان جبل الجلالة، بهدف استكشاف المنطقة بحسب ما ذكر لزملائه، إلا أنه انحرفت قدمه واختل توازنه.

وفور إبلاغ الدكتور محمد الشناوي القائم بأعمال رئيس الجامعة وجه بانتقال سيارة اسعاف مجهزة بأحدث التقنيات الطبية للتعامل مع حالات الإصابة المشابهة ومزودة بفريق طبي متخصص، برفقة وحدة أمنية متمركزة بالجامعة، كما جرى التنسيق مع الحماية المدنية لإنقاذ المصاب.

وتمكن المسعفين مع عناصر الدفاع المدني من إنقاذ الطالب إبراهيم مصطفى إبراهيم بالفرقة الثالثة بكلية طب الأسنان.

وقال مصدر طبي إن الطالب حين تجاوز سور الجامعة انجرفت قدمه وهوت مع انحدار الجبل، دون أن تلحق به أية إصابات، إذ حافظ على توازنه بجعل جسده في وضع أفقي.

99C55510 B890 4E83 8BB5 20E1E8952DD7

8156A0EF 65CD 431E 94F8 A7FD495DDF49

واطمأن رئيس الجامعة على الطالب، حيث لم تلحق به أية إصابات، إلا أن رجال الإسعاف حرصوا على تقديم التأمين الطبي له إثر تعرضه لصدمة عصبية نتيجة للسقوط.

 

F86FAD2B 30A1 435B BE78 97BCBDF4E9B3

بينما كانت جيوش الاسلام تضرب في مناكب الأرض .. هادر ظافرة.. كان يقيم بالمدينة فيلسوف عجيب .. وحكيم تتفجر الحكمة من جوانبه في كلمات تناهت نضرة وبهاء ... وكان لا يفتأ يقول لمن حوله : " ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند باريكم، وأنماها في درجاتكم، وخير من أن تغزو عدوّكم، فترضبوا رقابهم ويضربوا رقابكم، وخير من الدراهم والدنانير " ؟؟
وتشرئب أعناق الذين ينصتون له .. ويسارعون بسؤاله : " أي شيء هو .. يا أبا الدرداء ".. ؟؟
ويستأنف أبو الدرداء حديثه فيقول ووجهه يتألق تحت أضوء الايمان والحكمة : " ذكر الله ... ولذكر الله أكبر " لم يكن هذا الحكيم العجيب يبشر بفلسفة انعزالية ولم يكن بكلماته هذه يبشر بالسلبية، ولا بالانسحاب من تبعات الدين الجديد .. تلك التبعات التي يأخذ الجهاد مكان الصدارة منها ...
أجل .. ما كان أبو الدرداء ذلك الرجل، وهو الذي حمل سيفه مجاهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلم، حتى جاء نصر الله والفتح ..
بيد أنه كان من ذلك الطراز الذي يجد نفسه في وجودها الممتلئ الحيّ، كلما خلا الى التأمل، وأوى الى محراب الحكمة، ونذر حياته لنشدان الحقيقة واليقين ؟؟
ولقد كان حكيم تلك الأيام العظيمة أبو الدرداء رضي الله عنه انسانا يتملكه شوق عارم الى رؤية الحقيقة واللقاء بها ..
واذ قد آمن بالله وبرسوله ايمانا وثيقا، فقد آمن كذلك بأن هذا الايمان بما يمليه من واجبات وفهم، هو طريقه الأمثل والأوحد الى الحقيقة ..
وهكذا عكف على ايمانه مسلما الى نفسه، وعلى حياته يصوغها وفق هذا الايمان في عزم، ورشد، وعظمة ..
ومضى على الدرب حتى وصل .. وعلى الطريق حتى بلغ مستوى الصدق الوثيق .. وحتى كان يأخذ مكانه العالي مع الصادقين تماما حين يناجي ربه مرتلا آيه .. (ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العلمين) .

أجل .. لقد انتهى جهاد أبي الدرداء ضدّ نفسه، ومع نفسه الى تلك الذروة العالية .. الى ذلك التفوق البعيد .. الى ذلك التفاني الرهباني، الذي جعل حياته، كل حياته لله رب العالمين .. !!
والآن تعالوا نقترب من الحكيم والقدّيس .. ألا تبصرون الضياء الذي يتلألأ حول جبينه .. ؟
ألا تشمّون العبير الفوّاح القادم من ناحيته .. ؟؟
انه ضياء الحكمة، وعبير الايمان ..
ولقد التقى الايمان والحكمة في هذا الرجل الأوّاب لقاء سعيدا، أيّ سعيد .. !!
سئلت أمه عن أفضل ما كان يحب من عمل .. فأجابت : " التفكر والاعتبار " .
أجل لقد وعى قول الله في أكثر من آية : (فاعتبروا يا أولي الأبصار) ...
وكان هو يحضّ اخوانه على التأمل والتفكّر يقول لهم : " تفكّر ساعة خير من عبادة ليلة " ..
لقد استولت العبادة والتأمل ونشدان الحقيقة على كل نفسه .. وكل حياته ..
ويوم اقتنع بالاسلام دينا، وبايع الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الدين الكريم، كان تاجرا ناجحا من تجار المدينة النابهين، وكان قد قضى شطر حياته في التجارة قبل أن يسلم، بل وقبل أن يأتي الرسول والمسلمون المدينة مهاجرين ..
بيد أنه لم يمض على اسلامه غير وقت وجيز حتى .. ولكن لندعه هو يكمل لنا الحديث : " أسلمت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنا تاجر .. وأردت أن تجتمع لي العبادة والتجارة فلم يجتمعا .. فرفضت التجارة وأقبلت على العبادة .
وما يسرّني اليوم أن أبيع وأشتري فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار، حتى لو يكون حانوتي على باب المسجد ..
ألا اني لا أقول لكم : ان الله حرّم البيع .. ولكني أحبّ أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ".. !!
أرأيتم كيف يتكلّم فيوفي القضيّة حقها، وتشرق الحكمة والصدق من خلال كلماته .. ؟؟
انه يسارع قبل أن نسأله : وهل حرّم الله التجارة يا أبا الدرداء ... ؟؟
يسارع فينفض عن خواطرنا هذا التساؤول، ويشير الى الهدف الأسمى الذي كان ينشده، ومن أجله ترك التجارة برغم نجاحه فيها ..
لقد كان رجلا ينشد تخصصا روحيا وتفوقا يرنو الى أقصى درجات الكمال الميسور لبني الانسان ..
لقد أراد العبادة كمعراج يرفعه الى عالم الخير الأسمى، ويشارف به الحق في جلاله،والحقيقة في مشرقها، ولو أرادها مجرّد تكاليف تؤدّى، ومحظورات تترك، لاستطاع أن يجمع بينها وبين تجارته وأعماله ...

فكم من تجار صالحين .. وكم من صالحين تجار ...
ولقد كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم تلههم تجارتهم ولا بيعهم عن ذكر الله .. بل اجتهدوا في انماء تجارتهم وأموالهم ليخدموا بها قضية الاسلام، ويكفوا بها حاجات المسلمين ..
ولكن منهج هؤلاء الأصحاب، لا يغمز منهج أبو الدرداء، كما أن منهجه لا يغمز منهجهم، فكل ميسّر لما خلق له .. وأبو الدرداء يحسّ احساسا صادقا أنه خلق لما نذر له حياته ..
التخصص في نشدان الحقيقة بممارسة أقصى حالات التبتل وفق الايمان الذي هداه اليه ربه، ورسوله والاسلام .. سمّوه ان شئتم تصوّفا .. ولكنه تصوّف رجل توفّر له فطنة المؤمن، وقدرة الفيلسوف، وتجربة المحارب، وفقه الصحابي ، ما جعل تصوّفه حركة حيّة في بناء الروح، لا مجرّد ظلال صالحة لهذا البناء .. !!
أجل .. ذلك هو أبو الدرداء، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلميذه ..
وذلكم هو أبو الدرداء، الحكيم، القدّيس ..
ورجل دفع الدنيا بكلتا راحتيه، وزادها بصدره ..
رجل عكف على نفسه وصقلها وزكّاها، وحتى صارت مرآة صافية انعكس عليها من الحكمة، والصواب، والخير، ما جعل من أبي الدرداء معلما عظيما وحكيما قويما ..
سعداء، أولئك الذين يقبلون عليه، ويصغون اليه ..
ألا تعالوا نقترب من حكمته يا أولي الألباب .. ولنبدأ بفلسفته تجاه الدنيا وتجاه مباهجها وزخارفها .. انه متأثر حتى أعماق روحه بآيات القرآن الرادعة عن : (الذي جمع مالا وعدّده.. يحسب أن ماله اخلده) ومتأثر حتى أعماق روحه بقول الرسول : " ما قلّ وكفى، خير مما كثر وألهى " ..
ويقول عليه السلام : " تفرّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فانه من كانت الدنيا أكبر همّه، فرّق الله شمله، وجعل فقره بين عينيه ومن كانت الآخرة أكبر همّه جمع شمله، وجعل غناه في قلبه، وكان الله اليه بكل خير أسرع " .
من أجل ذلك، كان يرثي لأولئك الذين وقعوا أسرى طموح الثروة ويقول : " اللهم اني أعوذ بك من شتات القلب " .. سئل : وما شتات القلب يا أبا الدرداء ؟؟ فأجاب : أن يكون لي في كل واد مال !!
وهو يدعو الناس الى امتلاك الدنيا والاستغناء عنها .. فذلك هو الامتلاك الحقيقي لها .. أما الجري وراء أطماعها التي لا تؤذن بالانتهاء، فذلك شر ألوان العبودية والرّق .
هنالك يقول : " من لم يكن غنيا عن الدنيا، فلا دنيا له " ..
والمال عنده وسيلة للعيش القنوع تامعتدل ليس غير .
ومن ثم فان على الناس أن يأخذوه من حلال، وأن يكسبوه في رفق واعتدال، لا في جشع وتهالك .
فهو يقول : " لا تأكل الا طيّبا .. ولا تكسب الا طيّبا .. ولا تدخل بيتك الا طيّبا " .
ويكتب لصاحب له فيقول : ".. أما بعد، فلست في شيء من عرض الدنيا، والا وقد كان لغيرك قبلك .. وهو صائر لغيرك بعدك .. وليس لك منه الا ما قدّمت لنفسك ...فآثرها على من تجمع المال له من ولدك ليكون له ارثا، فأنت انما تجمع لواحد من اثنين : اما ولد صالح يعمل فيه بطاعة الله، فيسعد بما شقيت به .. واما ولد عاص، يعمل فيه بمعصية الله، فتشقى بما جمعت له ، فثق لهم بما عند الله من رزق، وانج بنفسك " .. !
كانت الدنيا كلها في عين أبي الدرداء مجرّد عارية .. عندما فتحت قبرص وحملت غنائم الحرب الى المدينة رأى الناس أبا الدرداء يبكي ... واقتربوا دهشين يسألونه، وتولى توجيه السؤال اليه : " جبير بن نفير " : قال له : " يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الاسلام وأهله " ؟؟ فأجاب أبو الدرداء في حكمة بالغة وفهم عميق : ويحك يا جبير .. ما أهون الخلق على الله اذا هم تركوا أمره .. بينما هي أمة، ظاهرة، قاهرة، لها الملك، تركت أمر الله، فصارت الى ما ترى ".. !
أجل .. وبهذا كان يعلل الانهيار السريع الذي تلحقه جيوش الاسلام بالبلاد المفتوحة، افلاس تلك البلاد من روحانية صادقة تعصمها، ودين صحيح يصلها بالله..
ومن هنا أيضا، كان يخشى على المسلمين أياما تنحلّ فيها عرى الايمان، وتضعف روابطهم بالله، وبالحق، وبالصلاح، فتنتقل العارية من أيديهم، بنفس السهولة التي انتقلت بها من قبل اليهم .. !!
وكما كانت الدنيا بأسرها مجرّد عارية في يقينه، كذلك كانت جسرا الى حياة أبقى وأروع ..
دخل عليه أصحابه يعودونه وهو مريض، فوجدوه نائما على فراش من جلد ..
فقالوا له : " لو شئت كان لك فراش أطيب وأنعم .. "
فأجابهم وهو يشير بسبّابته، وبريق عينيه صوب الأمام البعيد : " ان دارنا هناك .. لها نجمع .. واليها نرجع .. نظعن اليها.. ونعمل لها " !! وهذه النظرة الى الدنيا ليست عند أبي الدرداء وجهة نظر فحسب بل ومنهج حياة كذلك ..
خطب يزيد بن معاوية ابنته الدرداء فردّه، ولم يقبل خطبته، ثم خطبها واحد من فقراء المسلمين وصالحيهم، فزوّجها أبو الدرداء منه .
وعجب الناس لهذا التصرّف، فعلّمهم أبو الدرداء قائلا : " ما ظنّكم بالدرداء، اذا قام على رأسها الخدم والخصيا وبهرها زخرف القصور .. أين دينها منها يومئذ "؟!
هذا حكيم قويم النفس، ذكي الفؤاد ..
وهو يرفض من الدنيا ومن متاعها كل ما يشدّ النفس اليها، ويولّه القلب بها ..
وهو بهذا لا يهرب من السعادة بل اليها ..
فالسعادة الحقة عتده هي أن تمتلك الدنيا، لا أن تمتلكك أنت الدنيا ..
وكلما وقفت مطالب الناس في الحياة عند حدود القناعة والاعتدال وكلما أدركوا حقيقة الدنيا كجسر يعبرون عليه الى دار القرار والمآل والخلود، كلما صنعوا هذا، كان نصيبهم من السعادة الحقة أوفى وأعظم ..
وانه ليقول : " ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك، ويكثر علمك، وأن تباري الناس في عبادة الله تعالى " ..
وفي خلافة عثمان رضي الله عنه، وكان معاوية أميرا على الشام نزل أبو الدرداء على رغبة الخليفة في أن يلي القضاء ..
وهناك في الشام وقف بالمرصاد لجميع الذين أغرّتهم مباهج الدنيا، وراح يذكّر بمنهج الرسول في حياته، وزهده، وبمنهج الرعيل الأول من الشهداء والصدّيقين ..
وكانت الشام يومئذ حاضرة تموج بالمباهج والنعيم ..
وكأن أهلها ضاقوا ذرعا بهذا الذي ينغصّ عليهم بمواعظه متاعهم ودنياهم ..
فجمعهم أبو الدرداء، وقام فيهم خطيبا : " يا أهل الشام .. أنتم الاخوان في الدين، والجيران في الدار، والأنصار على الأعداء .. ولكن مالي أراكم لا تستحيون .. ؟؟ تجمعون ما لا تأكلون .. وتبنون ما لا تسكنون .. وترجون ما لا تبلّغون .. وقد كانت القرون من قبلكم يجمعون، فيوعون .. ويؤمّلون، فيطيلون .. ويبنون، فيوثقون ..  فأصبح جمعهم بورا .. وأماهم غرورا .. وبيوتهم قبورا .. أولئك قوم عاد، ملؤا ما بين عدن الى عمان أموالا وأولادا " .
ثم ارتسمت على شفتيه بسمة عريضة ساخرة، ولوّح بذراعه في الجمع الذاهل، وصاح في سخرية لا فحة : " من يشتري مني تركة آل عاد بدرهمين " ؟!
رجل باهر، رائع، مضيء، حكمته مؤمنة، ومشاعره ورعة، ومنطقه سديد ورشيد .. !!
العبادة عند أبي الدرداء ليست غرورا ولا تأليا. انما هي التماس للخير، وتعرّض لرحمة الله، وضراعة دائمة تذكّر الانسان بضعفه. وبفضل ربه عليه : انه يقول : التمسوا الخير دهركم كله .. وتعرّضوا لنفجات رحمة الله، فان لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ..
" وسلوا الله أن يستر عوراتكم، ويؤمّن روعاتكم " ...
كان ذلك الحكيم مفتوح العينين دائما على غرور العبادة، يحذّر منه الناس .
هذا الغرور الذي يصيب بعض الضعاف في ايمانهم حين يأخذهم الزهو بعبادتهم، فيتألّون بها على الآخرين ويدلّون .. فلنستمع له ما يقول : " مثقال ذرّة من برّ صاحب تقوى ويقين، أرجح وأفضل من أمثال الجبال من عبادة النغترّين " ..
ويقول أيضا : "لا تكلفوا الناس ما لم يكلفوا .. ولا تحاسبوهم دون ربهم عليكم أنفسكم، فان من تتبع ما يرى في الانس يطل حزنه ". . !
انه لا يريد للعابد مهما يعل في العبادة شأوه أن يجرّد من نفسه ديّانا تجاه العبد Kعليه أن يحمد الله على توفيقه، وأن يعاون بدعائه وبنبل مشاعره ونواياه أولئك الذين لم يدركوا مثل هذا التوفيق .
هل تعرفون حكمة أنضر وأبهى من حكمة هذا الحكيم ؟؟
يحدثنا صاحبه أبو قلابة فيقول : " مرّ أبو الدرداء يوما على رجل قد أصاب ذنبا، والناس يسبّونه، فنهاهم وقال : أرأيتم لو وجدتموه في حفرة .. ألم تكونوا مخرجيه منها .. ؟ قالوا بلى .. قال : فلا تسبّوه اذن، وحمدوا الله الذي عافاكم Kقالوا : أنبغضه ؟
قال : انما أبغضوا عمله، فاذا تركه فهو أخي " !!
واذاكان هذا أحد وجهي العبادة عند أبي الدرداء، فان وجهها الآخر هو العلم والمعرفة ..
ان أبا الدرداء يقدّس العلم تقديسا بعيدا.. يقدّسه كحكيم، ويقدّسه كعابد فيقول : " لا يكون أحدكم تقيا جتى يكون عالما .. ولن يكون بالعلم جميلا، حتى يكون به عاملا " .
أجل .. فالعلم عنده فهم، وسلوك .. معرفة، ومنهج .. فكرة حياة ..
ولأن تقديسه هذا تقديس رجل حكيم، نراه ينادي بأن العلم كالمتعلم كلاهما سواء في الفضل، والمكانة، والمثوبة..
ويرى أن عظمة الحياة منوطة بالعلم الخيّر قبل أي شيء سواه .
ها هو ذا يقول : " مالي أرى العلماء كم يذهبون، وجهّالكم لا يتعلمون؟؟ ألا ان معلّم الخير والمتعلّم في الأجر سواء.. ولا خير في سائر الناس بعدهما "..
ويقول أيضا : " الناس ثلاثة ..
عالم .. ومتعلم .. والثالث همج لا خير فيه " .
وكما رأينا من قبل، لا ينفصل العلم في حكمة أبي الدرداء رضي الله عنه عن العمل . 
يقول : " ان أخشى ما أخشاه على نفسي أن يقال لي يوم القيامة على رؤوس الخلائق:  يا عويمر، هل علمت ؟؟
فأقول نعم .. فيقال لي : فماذا عملت فيما علمت " ؟
وكان يجلّ العلماء العاملين ويوقرهم توقيرا كبيرا، بل كان يدعو ربّه ويقول:
" اللهم اني أعوذ بك أن تلعنني قلوب العلماء " قيل له : وكيف تلعنك قلوبهم ؟ قال رضي الله عنه : " تكرهني"..!
أرأيتم ؟؟ انه يرى في كراهيّة العالم لعنة لا يطيقها .. ومن ثمّ فهو يضرع الى ربه أن يعيذه منها ..
وتستوصي حكمة أبي الدرداء بالاخاء خيرا، وتبنى علاقة الانسان بالانسان على أساس من واقع الطبيعة الانسانية ذاتها فيقول : " معاتبة الأخ خير لك من فقده، ومن لك بأخيك كله .. ؟
أعط أخاك ولن له .. ولا تطع فيه حاسدا، فتكون مثله .. غدا يأتيك الموت، فيكفيك فقده .. وكيف تبكيه بعد الموت، وفي الحياة ما كنت أديت حقه " ؟؟
ومراقبة الله في عباده قاعدة صلبة يبني عليها أبو الدرداء حقوق الاخاء ..
يقول رضي الله عنه وأرضاه : " اني أبغض أن أظلم أحدا.. ولكني أبغض أكثر وأكثر، أن أظلم من لا يستعين عليّ الا بالله العليّ الكبير " .. !!
يل لعظمة نفسك، واشراق روحك يا أبا الدرداء .. !!
انه يحذّر الناس من خداع الوهك، حين يظنون أن المستضعفين العزّل أقرب منالا من أيديهم، ومن بأسهم .. !
ويذكّرهم أن هؤلاء في ضعفهم يملكون قوّة ماحقة حين يتوسلون الى الله عز وجل بعجزهم، ويطرحون بين يديه قضيتهم، وهو أنهم على الناس .. !!
هذا هو أبو الدرداء الحكيم .. !
هذا هو أبو الدرداء الزاهد، العابد، الأوّاب ..
هذا هو أبو الدرداء الذي كان اذا أطرى الناس تقاه، وسألوه الدعاء، أجابهم في تواضع وثيق قائلا : " لا أحسن السباحة .. وأخاف الغرق " .. !!
كل هذا، ولا تحسن السباحة يا أبا الدرداء .. ؟؟
ولكن أي عجب، وأنت تربية الرسول عليه الصلاة والسلام ... وتلميذ القرآن .. وابن الاسلام الأوّل وصاحب أبي بكر وعمر، وبقيّة الرجال !؟ .

فيس بوك

Ad_square_02
Ad_square_03
.Copyright © 2024 SuezBalady