بقلم الكاتب : محمد عبد اللطيف حمدان
رجل الشرطه هو دائما الأب والأخ والقريب والصديق و في اوقات كثيره هو ايضا الموسيقي الفنان المبدع .. ولان رجال الشرطه اساس النظام وآمان هذا البلد ولولاهم كان القوي قد أكل الضعيف وافترى الغني علي الضعيف .
وتجربه بعض رجال الشرطه مع اهل السويس تجربه ثريه مضيئه دخلت صفحات تراثنا الفني الانساني بكل ما تعنيه الكلمه من انسانيه وبات لهذه التجربه في نفوس اهل السويس القدامي مكانه كبيره ... ومن بين اشهر اصحاب التجارب التي أسهمت بقدر كبير في تطويرالثقافيه الموسيقيه والفنية في السويس الشرطي الوطني المخلص العقيد مـحـمـد كـمـال الــبـدراوى ... ومن يريد دراسه تطور الموسيقي في السويس فتره الخمسينات فعليه الاطلاع علي السيره العطره لهذا الرجل الذي تتلمذ علي يديه الكثير من الموسيقين السويسه منذ ان علمهم الوانا من الموسيقي الراقيه بحانب سهره على راحة اهل السويس وامنهم .
من بين اصحاب السيره العطره والموهبة الفنيه المتميزة التي دخلت صفحات المجد الموسيقار الفنان عقيد الشرطه ( مــــحـــمـــد كــــمــــال الــــبــــدراوى ) احد الذين ادركوا قيمه الفن وسعوا في رقي المجتمع وتكوين ثقافته الموسيقيه .
ولد العقيد الفنان محمد كمال البدراوى في القاهرة يوم 6 مارس من عام 1926 وقضي بها السنوات الاولي من حياته بين اسرته وكان والده المشتغل بالتجاره يحب القراءه في كتب الادب بجانب عشقه للموسيقي فعشق الصغير ( محمد ) هذا الفن وكان منذ صباه شغوفا بالعزف علي ( العود ) وعشقه لهذه الاله لم يمنعه من الالتحاق بـــ ( كليه البوليس المصريه ) العريقة التي عرفت فيما بعد بـــ ( كلية ضباط الشرطه ) وكان عمره وقت التحاقه بالكليه عام 1945 حوالي 19 سنه ونصف تقريبا ... قضي في الكليه أربعة سنوات دراسية حصل خلالها علي درجة ( الليسانس ) برتبة ملازم .
ولان وظيفة رجل الشرطة هي المساهمة في ضمان حريه المواطنين وفرض احترام القانون وضمان ألامن للجميع ففي عام 1952 تحمل الملازم محمد كمال البدراوى المسئوليه وبات احد ضباط مديريه امن السويس المشغلين في سلك الشرطه ولم يكن ممكنا بأيه حال في تلك الفتره أن يستمر في العزف علي اله ( العود ) التي يعشقها ولو لحظه واحده ورغم ذلك ادى دوره كشرطي علي احسن وجه ولم يكد ينتظر طويلا حتي انتقل الي نقطه شرطه قسم الاربعين وكان يحتفظ فى مكتب صديقه ( مأمورالقسم ) بالدور الثانى باحد تلك الالات ذات السبع أوتار وكانت تلك مخالفة شرطيه جسيمة يعاقب عليها القانون .
كان الفنان محمد كمال البدراوى رحمه الله عليه واحدا من الفنانين المتميزين وأكثرهم عشقا للموسيقي الشرقية بشهادة الجميع كونه صاحب الفضل في تعليم معظم اعضاء جمعية هواة التمثيل والموسيقي بالسويس العزف علي العود .
في الجمعيه التي كان صاحبها ومديرها الفنان القديم ( فتحي الفص ) علم العقيد ( مــــحـــمـــد كــــمــــال الــــبــــدراوى ) تلامذته كيفيه العزف علي العود ذو السبعة اوتار وليس الخمس او الست اوتار ويكفى أن تنظرإلى أصابع يده اليسرى فيما عدى الإبهام فتجدها جميعا غائرة من كثرة العزف ...ويذكرالشاعر الكبير امل دنقل فى احد ندواته الشعريه عن صديقه الموسيقار العجوز ويقصد ( محمد كمال البدراوى ) انه كان فنانا متميزا يمتلك صوتا جميلا ودائما ما كان يغني وهو يلهث من شدة المجهود الذي يبذله مع شباب الجمعيه كما كان من عشاق الفنان محمد عبد الوهاب ونديم السنباطي وصوره طبق الاصل من القصبجي والشيخ زكريا احمد .
يعتبر الفنان العقيد محمد كمال البدراوى من الشخصيات الفنيه الشرطيه التي اعتمدت كـــ ( ملحن ) بالإذاعة المصريه منذ افتتاحها عام 1968 حيث قدم اشهر اغنيات الفنانه شريفة ماهر والتي كان عنوانها ( طلعت فوق السطوح اشكي الهوى امرى ).
بعد انتقاله الي القاهرة عام 1970 ليكون بجانب اسرته تقدم رحمه الله عليه باستقالته من جهاز الشرطه حيث التحق بمعهد الموسيقي العربية واقام في شقة بضاحية باب الخلق وكان دائم التواجد والسهر بأحد محلات الادوات الموسيقية الكبيرة بشارع ( محمد علي ) يمتلكها صديقه الفنان محمد الرشيدي عازف الكمان الشهير وكان اصحاب المحلات الموسيقية الاخرى كما يقول الموسيقار الفنان ( علي سعد ) يتجمعون يوميا يستمعون اليه وهو يعزف التقاسيم المنفردة من خلال عودة الخاص وكان يحضر الامسيات من الفنانين الكبار في تلك الفتره الفنان حسن قتلة وزوجته وعازف الكمان الشهير عبدة داغر وشقيقه خضر داغر وعازف الرق الشهير حسن انور .. وكنت انا ( علي سعد ) كما يقول اجلس بجانبه منتفخ الاوداج فخورا بانه سويسي مثلي .
حصل الفنان كمال البدراوى علي المركز الاول في مسابقه اختيار اول نشيد لمحافظه السويس عام عام 1962 وكان تلاميذ المدارس في المدينه يهتفون من ألحانه الشجيه مع انطلاق طابور كل صباح دراسي كما اختير رحمه الله عليه عضوا بلجنة اختيار الموهوبين في الغناء بالاذاعه والتليفزيون وفي عصر يوم 16 اكتوبر 1978 وكان قد فرغ من امتحان بعض الموهوبين بمبني الاذاعه والتليفزيون واثتاء عودته الي بيته مرهقا فارق الحياة عن عمر جاوز الستين ... وفي اليوم التالي شيعت جنازته .
تحيه الي الشرطي الفنان محمد كمال البدراوى الذى عرف بين اهل السويس بوطنيته وشجاعته وشعبيته فأحبه الناس وقدروه وأتمني ان تظفر السويس بشخصيه شرطيه فنيه اخرى مثله .
موعدنا غدا مع حته حلاوه جديده