مثلما قال أبوقراط قديما «المعدة بيت الدواء»، كشفت دراسة حديثة نشرت بمجلة لانسيت عن دور جديد لميكروبات المعدة في الإصابة بالسمنة من خلال تأثيرها علي المخ. إذ ترتبط التغيرات في التنوع الميكروبي داخل أمعاء الإنسان في حدوث مقاومة الأنسولين ومن ثم الإصابة بالسكر، وكذلك ترسيب الدهون، الأمر الذي يزيد معه حدوث السمنة.

علاوة على ذلك، بعض السلالات من البكتيريا ومستقلباتها قد تستهدف الدماغ عن طريق التحفيز مباشرة أو بشكل غير مباشر من خلال آليات المناعة العصبية بما يزيد من الرغبة في تناول الطعام أو يزيد من الشعور بعدم الشبع.

وتعد الميكروبات الدقيقة في الأمعاء واحدة من أكبر مكونات الجسم، حيث يصل وزنها إلي حوالي 1-2 كجم، وتحتوي علي محتوي جيني أكثر من 100 مرة مقارنة بالجينوم البشري. وتسكن جسم الإنسان في علاقة تكافلية نافعة، فمن المعروف أن وجود الميكروبات المعوية عاملا اساسيا لتنظيم عملية التمثيل الغذائي والتوازن في الطاقة وضبط الشهية المركزية. وهو هدف العلاجات الجديدة لمكافحة مرض السمنة من خلال إيجاد أغذية مناسبة أو زراعة الميكروبات باعتبارها وسائل علاجية تساعد المرضى في الحفاظ على الوزن الصحي.

وتشير كريستينا فوينتس الباحث الرئيسي بالدراسة، إلي أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتوضيح العلاقة المعقدة بين الأمعاء والميكروبات ومسببات اختلال هذه العلاقة.

ومن أهم هذه المسببات طبيعة الطعام المتناول وما يحتويه من بروتينات ودهون وكربوهيدرات وغيرها. وتشير الدراسات إلي ان الوجبات الغذائية الغنية بالألياق والدهون الغير مشبعة تحقق خفض في مستوي السكر وتسبب إنقاص الوزن. وعلي الرغم من أن اتباع نظام غذائي عالي البروتين يؤدي إلى فقدان الوزن، إلا أنه يتسبب في بعض الأضرار الصحية مثل زيادة خطر الإصابة بأمراض القولون. وعلي الجهة الأخري تم التحذير من التناول المفرط للمضادات الحيوية والمواد الحافظة في المأكولات وكذلك المُحليات الصناعية نظرا لتأثيرها السلبي علي عمل هذه الكائنات الدقيقة.

كما تناولت الدراسة الولادة القيصرية كواحدة ضمن مسببات اختلال العلاقة بين الجسم وساكنيها من الميكروبات المعوية، بعدما أشارت إلي العلاقة القوية بين طريقة الولادة وكيفية تطور الميكروبات بشكل صحي ونافع