Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

حدث في مثل هذا اليوم دنشواي السويس "معركة كفر احمد عبده"



ان التاريخ المصري يحفل بالعديد من المعارك الفاصلة في تاريخ هذا الشعب ، خاضها حفاظاً على هويته ، ودفاعاً عن كرامته ، وكثيراً ما نستدعي هذا التاريخ خاصة في اوقات المحن والازمات لكي يكون نبراسا ينير لنا طريق المستقبل ، وقد خضنا معاً معركة اعلامية كي تبقى مقابر الشهداء بقعة طاهرة من ارض الوطن يحج اليها المصريين من كل حدب وصوب ... لتكون شاهدا على الدور البطولي لشعب السويس.

ولأن شهداء كفر احمد عبده هم اول من وراهم هذا التراب الطاهر ، كان لزاماً ان نشير الى هذه المعركة التي لم تنل نصيبها في التاريخ ، في محاولة لفهم ماذا حدث خلال هذه المعركة وما هي اهم نتائجها ، وبطيبعة حال فان الهدف من الاشارة لهذا الحدث ليس سرداً لاحداث التاريخ ، ولكننا نلقي الضوء على اهم الاحداث التي وقعت خلال هذه الفترة.

ولأن التاريخ سلسلة متصلة من الاحداث فلابد ان نشير الى ان اهم نتائج الحرب العالمية الثانية هو نمو حركات التحرر الوطني المطالبة بالاستقلال عن المستعمر ، وفي مصر كان من الطبيعي ان تكون منطقة القناة هي دائرة الصراع الحقيقي ضد الغزاة ، ولعل ما يميز هذه المرحلة ان الكفاح ضد الانجليز لم يأخذ طابعا سلميا كما كان في السابق ، بل تطور الى مرحلة الصدام المسلح ضد قوات الاحتلال البريطانية المرابطة في منطقة القناة طبقا لمعاهدة 1936 التي نصت على انسحاب القوات البريطانية من القاهرة والاسكندرية والتمركز في منطقة القناة.

ويعتبر عام 1948م هو البداية الحقيقة للصدام المسلح ضد الانجليز ، خاصة مع بداية حرب فلسطين وادراك القوى الوطنية والكتائب المسلحة انه هذه القواعد تعد حاجزا بينها وبين المقاومة ، وكان الهدف الرئيسي لكتائب الفدائيين هو الحصول على الاسلحة اللازمة من معسكرات الاحتلال لامداد كتائب المقاومة في فلسطين.

ولابد ان نشير لنقطة في غاية الاهمية وهي محاولات التشويه التي طالت جميع العمليات ضد المعسكرات البريطانية والتي حاولت تصوير ما يحدث على انها محاولات سرقة وأن من يقومون بهذه العمليات هم "حرامية مواسير" ، وقد ادحض الاستاذ هيكل في كتابه "ملفات السويس" هذه المحاولات بنشر وثيقة توضح نوعية الاسلحة المسروقة والتي تؤكد ان اختيارها تم بانتقائية عالية وانها تكفي لتشكيل قوة عسكرية متوسطة التسليح وليست مجرد عمليات سرقة مواسير.

ونصل لعام 1951 الذي كان بمثابة ذروة تدهور العلاقات المصرية البريطانية عقب الغاء معاهدة 1936 بجلسة البرلمان المصري في 8 اكتوبر 1951 ، والتي على اثرها اتخذت بريطانيا بعض الاجراءات منها منع شراء القطن المصري و تجميد الارصده الاسترلينية للحكومة المصرية والغاء معاهده 1899 الخاصة بالسودان ، ومن ناحية اخرى بدأت المقامة ضد الانجليز تأخذ طابع اكثر انتشارا فالى جانب العمليات الفدائية بدأ العصيان المدني_امتناع موردي الاغذية والموظفين المصريين من التعامل مع المعسكرات البريطانية_ يضرب كل المعكسرات الامر الذي ازعج قوات الاحتلال ، وبدأت تفقد اعصابها ، وايقنت انها بالفعل امام مقاومة شعبية وليست مجرد افراد وكتائب مسلحة.

بدأت المعارك بين الفدائيين والانجليز تأخذ اشكالا اكثر عنفا الأمر الذي دعا الاحتلال الى اتخاذ بعض الاجراءات الاستفزازية ضد السويس واهلها منها عمليات طرد الموظفين من مقرات عملهم الحكومية وكذلك علميات طرد الاهالي المتعاونين مع الفدائيين الى الصحراء ، ومنع القضاة من المروربالنقطة الكليو 99 بطريق مصر السويس ، وزيادة مرور سيارت الجيش البريطاني بشوارع السويس ، وقد ردت كتائب الفدائيين على غطرسات الاحتلال بتكثيف الهجوم على المعسكرات وقد نجح الفدائيين في الأتي :-
1- اقلاق الوجود البريطاني وسقوط العديد من القتلي والجرحي في صفوفه
2- قطع الاتصالات التليفونية
3- قطع خطوط المياه عن المعسكرات.

ومع بداية شهر ديسمبر 1951م بدا واضحا انا احدا لا يستطيع السيطرة على الاحداث ، وكانت النية مبيته من جانب قوات الاحتلال على افتعال مناسبة للصدام لجر كتائب الفدائيين لمعركة غير متكافئة يستطيع من خلالها تصفية أكبر عدد من افراد الكتائب ، وبالفعل شهد هذا الشهر سقوط العديد من الشهداء وليس ندل على وحشية هذا المحتل من فتح نيران مدافعه على جنازة مشيعي احد شهداء المقاومة ليتوالى سقوط الشهداء واحدا تلو الاخر.

واللافت للنظر من خلال معارك ديسمبر 1951م أن المقاومة لم تقتصر على كتائب الفدائيين فحسب بل شهدت ايضا اشتراك البوليس المصري جنبا الى جنب مع افراد الكتائب بل شملت ايضا اشتراك المواطنين العاديين في قتال الشوارع لتتأكد القيادة البريطانية انها لا تواجه افراد الكتائب فقط بل كافة مواطني السويس ، وتجدر الاشارة الى ان اعمال المقاومة لم تقتصر على اهالي السويس فقط ولكن كان لطلبة الجامعات المصرية من كافة المحافظات نصيبا في مشاركة شعب السويس مقاومة الاحتلال.

وامام هذه الاحداث فقدت بريطانيا العظمى صوابها ، وبدأت في ارهاب السويس عن طريق اصدار انذار الى محافظ السويس تقرر فيه عزمها هدم كفر احمد عبده وازالته من الوجود مبرره ذلك رغبتها في افساح الطريق بين وابور المياه وباقي المعسكرات ، وكان الكفر في ذلك الوقت يضم 156 منزل يسكنه 300 اسرة.

كان من الطبيعي ان ينال هذا الانذار الرفض من الجميع سواء على المستوى الرسمي وكان متمثل في رد وزير الداخلية انذاك فؤاد سراج الدين بتكليف محافظ السويس السيد زكي ابراهيم الخولي وقوات البوليس بحماية مساكن الكفر ومنع هدمه ، ونظرا لدراية المحافظ بامكانيات قوات البوليس حاول جاهدا في التفاوض مع الجانب البريطاني لمنع حدوث الصدام نظرا لعدم تكافؤ القوة ، الا ان الجانب البريطاني عقد النية على ارهاب المدنيين والقضاء على المقاومة.

وبالفعل شرعت قوات الاحتلال في هدم الكفر مستعينة بحوالي 10 الاف جندي وحوالي 500 دبابة وسيارة مصفحة ، وبدأت القوات عملها بعزل السويس عزلا كاملا وبدأت القوات في الانتشار حول المنازل وزرع اصابع الديناميت وبدأ بتحزيم المنازل وبدأت عمليات النسف واحدا بعد الاخر.
وقد اثارت عملية هدم الكفر ردود افعال واسعة النطاق سواء في الداخل ، او على المستوى العالمي ، فقد اشتعلت المظاهرات في جميع انحاء مصر ، وهبطت صورة بريطانيا العظمى على المستوى الدولي عندما هبط مستوى التحرك العسكري لها بحيث تحشد قواتها في مواجهة الافراد العزل.

ومن ناحية اخرى بدأ الفدائيين في تنفيذ خطة الانتقام والتي تركزت على وضع قوات الاحتلال في حالة تأهب واستنفار ، حيث كثف الفدائيين هجماتهم ضد المعسكرات وخطوط المياه والاتصال والسكك الحديدية ، ونجح الفدائيين في تحويل حياة الجنود الانجليز الى جحيم.

اذاً وبعد هذه الاحداث والمعارك نستطيع ان نقول ان معركة كفر احمد عبده لم تكن مجرد حادثة عابرة في سياق الصراع الشعبي ، بل كانت نقطة التحول الايجابية لصالح حركة الكفاح الشعبي المصري ضد الوجود البريطاني ، ولعل اهم نتائج هذه المعركة هي :-
1- اظهرت بوضوح مدى نجاح الفدائيين في استثارة غضب قوات الاحتلال حتى اصبحت عاجزة عن حماية افرادها ، بعد ان كان هدفها المعلن والرئيسي حماية منطقة الشرق الاوسط من الخطر السوفيتي.
2- اظهار عجز القوات البريطانية عن المواجهة العسكرية للفدائيين من خلال ساحات القتال العسكري ، مما الجأها الى مواجهة الاهالي العزل وارهاب المدنيين في محاولة لاستدراج الفدائيين الى معركة غير متكافئة القوة تنتهي بلا شك الى مذبحة بشرية وهذا اكد على مدى بعد نظر قيادات الكتائب وحسن تصرفها.
3- ساهمت هذه المعركة بشكل اساسي في تجميع القوى الوطنية المدنية والعسكرية والحزبية في مواجهة الاحتلال البريطاني وتعبئة الشعور الوطني ضد الوجود البريطاني.

ستظل معركة كفر احمد عبده احدى المحطات البارزة في حركة الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني والتي عجلت على اجبار الامبراطوية التي تغيب عنها الشمس توقيع اتفاقية الجلاء مع مصر 1954م.

المرجع كتاب "معركة كفر احمد عبده" للاستاذ حسين العشي.

قيم الموضوع
(0 أصوات)

فيس بوك

Ad_square_02
Ad_square_03
.Copyright © 2024 SuezBalady