بقلم الكاتب : محمد عبد اللطيف حمدان
علي مر التاريخ كان لأبناء النوبة السويسه دورا ايجابيا في كافه مجالات الحياة خاصه وانه قد جاء في الفصل الاول من الباب الثالث لدراسه تاريخيه كان قدمها الدكتور محمد صبحي عبد الحكيم في كتاب ( بلدنا .. السويس ) وصفا مدينه السويس عقب حفر القناة بأنها كانت قد اجتذبت ا عداد كثيره من المهاجرين وكان اكثر المحافظات المصريه ارسالا لهؤلاء المهاحرين محافظات الوجه القبلي خاصه من قنا وسوهاج وبلاد النوبة وكان ابناء النوبه قد وفدوا بكثره في الفترة مابين عامي 1912 وحتي عام 1926 وهي الفتره التي أعقبت عمليات التعلية الأولي والثانية لخزان أسوان والتي كانت ضروريه من اجل حجز مياه فيضان النيل وتصريفه وقت التحاريق .. منذ تلك الفتره التاريخيه من عمر الوطن وفد إلي مدينه السويس عدد كبير من أهالي ( النوبة ) وكانت عائله الفنان الكوميدي القدير صلاح يحي عبد الكريم احد اشهر العائلات التي كانت وفدت الي السويس.
ولد الفنان صلاح الدين يحي عبد الكريم في قريه ( أبو هور ) احد قرى محافظه أسوان جنوب مصر يوم 27 ديسمبر من عام ١٩٣١ وكان والدة الحاج ( يحي عبد الكريم ) موظفا في المعمل الحكومي سابقا ( شركه السويس لتصنيع البترول الحاليه ) وكان واحدا من الشرفاء المخلصين الذين أسهموا في إنشاء اول نقابه لعمال البترول في مصر .
نشأ الفتي صلاح الدين يحي صاحب البشرة السمراء في حي الغريب الشعبي وسط أرباب الحرف والتجار ولما شب قليلا أرسله والدة إلي كتاب الحي الملحق بسيدى الغريب .. استطاع الفتي صلاح يحي بما وهبه الله من ذاكرة قويه وذكاء إن يتعلم مبادئ النحو والصرف وأجاد اللغة العربية وهو في السادسة من عمره وواصل تعليمه الابتدائي وشطرا من المرحلة الاعداديه بمدرسه السويس الاعداديه القديمه التي كانت تقع علي الكورنيش القديم وقبل انتهاء الفصل الدراسي الثالث توفت والدته فأخرجه والد من المدرسة .
تربي صلاح الدين يحي في كنف زوجه أبيه أم شقيقه عبد الكريم التي سكنت بالقرب من مرسم الكابتن غزالي بشارع احمد شوقي .
ترك الفتي اليتيم المدرسة واضطر الاب ان ياخذة معه الي الشركه ليعاونه في العمل وبالفعل تم تعينه في ( شركه السويس لتصنيع البترول ) .
بدا صلاج يحي حياته العمليه موظفا في قطاع البترول ولكن ميله وعشقه للتمثيل جعله ينادم شباب المسرح في السويس حيث انضم الي فرقه ( نادى بورسعيد البحري ) وزامل الرعيل الاول من موسسي المسرح السويسي امثال -- إميل خوري ورمزي عطا لله وطاهر ألليثي وسعد جودة وفؤاد الفص وميشيل رزق و زكريا صالح وشوقي شرارة و محمود قابيل وعبد الرحمن منصف وكمال جرجس ومحمود فرج وعجمي طنطاوي ومحمد هاشم ومحمود درويش وسيد طنطاوي وابراهيم عويضه وعيسي علي وفتحي جاد وسيد درويش وعصام أنور و شوقي عبد الله و محمد سليمان واحمد رشاد و حسين سمير عبد النبي وكانت الفرقه التي انضم اليها في تلك الفتره تقدم عروضها علي مسارح المدينة الشهيره مثل مسرح سينما اوبرا حنفي ومسرح سينما رجب الصيفي ومسرح سينما اوبلكس ومسرح سينما رجب الشتوي وسينما شنتكلير وسنما نون .
وفي بداية إنشاء البيت الفني للمسرح عام 1959 كان الفتي ( صلاح يحي ) قد حزم امتعته وقرر ان يكون اول المنضمين الي تشكيله نجوم البيت الفني المسرحي ... وفي القاهرة أقام مع مجموعه من زملائه ابناء النوبه في شارع ( كلوت بيك ) ... وبدا يتلمس الفرص من اجل الحصول علي ادوار في مسارح التي تقدم الكوميديا في تلك الفتره
بدأت رحلته مع الفن التمثيلي متنقلا بين العروض المسرحية الكلاسيكية عبرالمسرح المعاصر والاعمال التليفزيوتيه القليله ولم يكن اى متابع فى تلك المرحلة يستطيع إن يمسك نفسه عن الضحك وهو يشاهد ذلك الفتي النوبي الأسمر الموهوب المعروف ب ( صلاح يحي ) الذي كان قد نجح وتفوق في تقديم شخصية ( البواب ) وكان نجاحه في هذا الدور عظيماً حيث تميز بخفة الظل ومازال الجميع يتذكر دوره الخالد في فيلم ( البيه البواب ) الذي قام ببطولته مع الراحل أحمد زكي ورغم المشاهد القليلة التي ظهر فيها إلا أنه أضفي علي الأداء التمثيلي جوا من البهجة .
أبهرته القاهرة برحابه منتدبتها الثقافية وتنوع عروضها الفنية المختلفة وكان وقتها فنانا مزودا بخبرات المسرح الكبيرة التي كان قد اكتسبها نتيجة مشاركاته السابقة مع فرقه ( نادى بورسعيد البحري ) في السويس فاستقرت احواله الماليه وخلال فترة قصيرة تم تعينه في الهيئة العامة للمسرح والسينما والموسيقى والفنون الشعبية التي كانت مسئولة عن كل الإنتاج الثقافي فى جمهوريه مصر العربيه .
ذاعت شهرته في كافه الأوساط الفنية ودخل في منافسة حامية مع الكثير من الكوميديانات الكبار في مصر خاصة أدائه لشخصية النوبي التي كان قدمه قدمها من قبل الفنان ( علي الكسار ) بوابه عبوره الي النجوميه وبتلك الشخصية الجميلة قفز صلاح يحي قفزة هائلة خاصة بعد مشاركته في المسلسل التليفزيوني ( عادات وتقاليد ) عام 1966 وهو المسلسل التاريخي الذي استمر عرضه علي مدى 338 حلقه وقامت ببطولته الفنانة الراحلة عقيلة راتب .
ترك الفنان الكوميدي السويسي تراثا فنيا ضخما في السينما المصرية والتليفزيون المصري والمسرح بلغ حوالي مائه وخمسه ( 105 ) عملا فنيا وفي السينما قدم عدداً كبيرا من الأفلام الناجحة من أشهرها ( خلف أسوار الجامعة - الحساب يا مدموزيل - لقاء مع الماضي - الخدعة الخفية - المرأة التي غلبت الشيطان - الرجالة في خطر - يا تحب ياتقب - فخ الجواسيس – جدعان الحليمة - البيه البواب - قضيه الأستاذ ماجد – غلط البنات –– الطريق إلي مستشفي المجانين – المشاغبون في البحرية – وكر الذئب – سفاح في مدينه المراهقات – صائد الجبابرة – الغشيم – مجرم رغم انفه– انتبهوا أيها الأزواج – المطلقات والذئاب – الوأد سيد النصاب – جواز عرفي - سلم لي علي سوسو – مولد صاحبه غايب – سكر بولاق – بطل من ورق – امراءة للأسف – حاله تلبس – إحنا بنوع الإسعاف – شاطئ الحظ – فتوات بولاق – إنا لا اكذب ولكني أتجمل – مخيمر دايما جاهز - الأستاذ مزيكا ... الخ الخ .
ولما كان المسرح هو عشقه الاول فقدم قدم علي خشبه مسارح القاهرة والإسكندرية وعدد من المحافظات الكثير من المسرحيات الناجحه منها بينها ( خمس نجوم – عسل وسكر - السنيورة - الأستاذ مزيكا - الزنقة - لعبة السعادة - المتشردة - عالم كورة كورة كورة - قانون الحب ) كما ترك في مكتبه التليفزيون المصري تراثا ضخما من المسلسلات الشهيرة مثل ( دموع صاحبه ألجلاله – الثعلب – فخ الجواسيس _ ليالي ألحلميه – القضاء في الإسلام – رأفت الهجان – ينابيع النهر – عيون – العنكبوت – ملك اليانصيب – حكاية إمام الكاميرا – عصفور في القفص - طالع نازل – أحلام رجل يموت بطيئا ) بالاضافه الي فوازير ( فطوطه ) الشهيرة التي قدمها مع الفنان سمير غانم علي مدى موسمين .
من يطلع علي التراث الفني الكبير الذي خلفه الفنان السويسي النوبي صلاح يحي يجد انه رحمه الله عليه كان فنانا واعيا مثقفا مطلعا استطاع منذ طفولتة المبكرة ان يهتم بفنه حتي غادر دنيانا عن سن ناهز الثالثة والستين من العمر بعد ان توفاه الله بمستشفى القصر العيني يوم 28 فبراير عام 1994 بعد معاناة طويله مع المرض.
رحمه الله علي الفنان الكوميدي السويسي الراحل صلاح يحي ابن النوبه الذى اسعد الملايين يوما .