بقلم الكاتب: محمد عبد اللطيف حمدان

ولد الشاعر السويسي علي صابر علي الخطيب الملقب بــــ ( علي الخطيب ) في السويس يوم 5 فبراير من عام 1950 وحصل علي الشهاده الابتدائيه من مدرسه السويس الابتدائيه القديمه وهو في الحاديه عشر من عمره ثم اتم المرحله الاعداديه بمدرسه عمر مكرم بحي الاربعين الشهير وكان لوالده الحاج ( صابر الخطيب ) رحمه الله عليه اثر كبيرا في توجيهه وتنميه مواهبه الفكريه فشب شاعرا مولعا بكتابه الشعر ونظم القصائد ونشرت اول اشعاره عقب نكسه يونيه 1967 ولم يكن قد جاوز السابعه عشر من عمره .
اتم المرحله الثانويه بالقسم العلمي بالمدرسه السعديه الثانويه بمحافظه الجيزه فتره تهجير أهالي مدن القناة من اجل إفساح المجال للقوات المسلحة المصريه لمواجهة العدو الإسرائيلي وخلال تلك الفتره نظم ( علي الخطيب ) شيئا من شعر الملاحم والسير ولكنه لم يستطيع نشر ما كتبه باعتباره غير ذو قيمه فانصرف عنه واتجه الي ما يعرف بـــــ ( النثر ) ومنذ تلك الفتره اخذ علي عاتقه ضروره توسع دائره اطلاعه فقرا الكثير من المؤلفات العالميه والقصص العربيه والاجنبيه وواظب علي حضور معظم الندوات الشعريه التي كان يعقدها الشاعر الكبير عبد الفتاح مصطفي في احد الانديه الادبيه بالجيره مقر اقامه الاسره وكان وشقيقه الشاعر محمود صابر الخطيب من اكثر شباب السويس مواظبه علي حضور تلك الندوات من اجل الاسمتاع للشعر ومناقشه القضايا الادبيه .
في الجيزه عاش علي الخطيب دون عمل رغم حطوله علي الثانويه العامه ولكن كانت في تلك الفتره تعليمات مشددة من مؤسسة الرئاسة بضرورة توفير كافة الاحتياجات التعليميه للمهجرين فساعده ذلك علي الالتحاق بالمعهد العالي للبترول في مدينه شبين الكوم بمحافظه المنوفيه ومنه حصل علي بكالوريوس الهندسه في قسم التكرير .
وما كاد يفرغ من دراسته الجامعيه حتي شارك مع الاذاعيه القديره حكمت الشريني في تقديم اول برنامج اذاعي للمهجرين سمي فتره السبعينات بــــ ( صباح الخير يا مصر ) ودفعه حبه للوطن ان يشارك اهالي بورسعيد والسويس والإسماعيلية معاناتهم وتضحيتهم بقصائد كثيره كان يقدمها في برنامج اخر كان ياطلق عليه اسم ( صوره شعريه ) .
كان ( علي الخطيب ) من الشعراء الذين يعيشون الحدث ويكتبوا له ويتخذ من الاحداث اليوميه موضوعا لشعره وظل هكذا شديد العنايه بكتابه الكلمات والمعاني العاميه الرصينه المصحوبه بفخامه اللفظ .. وفي عام 1971 حصل وهو مازال يدرس على المركز الاول فى مسابقه الشعر العامى لجامعات مصر وفي العام التالي اعتمد مؤلفا للاغاني بالاذاعه المصريه علي الدرجه الاول .. وغني من اشعاره في تلك الفتره العديد من كبار مطربي مصر من نجوم الغناء و كان في مقدمه هؤلاء الفنانه الكبيره هدى سلطان التي غنت من كلماته اغنيتها الشهيره ( الاتحاد ) من الحان القدير عبد المنعم الحريرى و المطربه سوزان عطيه التي غنت له بعنوان ( قد ايه ) من الحان الموسيقار فاروق سلامه والفنان ماهر العطار الذى غني له بعنوان ( ليله الغربه ) من الحانه وفي عيد السويس الرابع غني له المطرب محمد فتحي اغنيه بعنوان ( السويس ) من الحان مهدى سردانه ومن بين مطربي السويس الذين غنوا قصائد علي الخطيب المصحوبه باله السمسميه الفنان عيد الجنايني الذى غني قصيده ( حكم القدر ) وهي القصيده الشهيره التي كان مطلعها :
من خلف جدران العذاب
بكتب لقلبك ميت جواب
وابعت اليكى كلمتى يا دنيتى
واستنى منك رد او كلمة عتاب
واهمس لقلبك تفهمى
ماتفهميش يوم همستى
ولا حتى بتردى الجواب
واما اجى اكلمك
مابتسمعيش ولا تنقطقيش غير
السكات
...
والحزن شال مرخى
على كتف القمر
المح سواد الليل فى صمتك
ياللى قلبك كان حجر
بعد ما جرحتى حبى بقسوتك
بعد ما طفيتى شمعة فرحتى
بعد ما حطمتى قلبى بلوعتك
بعد ما رضيتى ب اسايا وغربتى
من بعد ما كنتى نغم
دلوقتى ليه
اصبحتى..صمت وليل ..وهم
دمعة ولوعة ومحزنة
...
والمعجبين متلهفين
ولا يعرفوش انى انا العازف حزين
سهران..عيونه مجروحين
ولايعرفوش ان قلبى كان جزيرة للهموم
كنت بهرب منها دايما
كل ساعة وكل يوم
لجل اجيلك ..تنقذينى
تمسحى بكفوف ايديكى دمعتى وتفرحينى
لما كنت ف يوم اشوفك
ببتسم واتمللى طيفك
بنسي همى ولوعتى ..ودموع اسايا
مافتكرشي غير وبس انك معايا
بنسي يأسي وانسي امسي
دانتى كنتى فى قلبى ايه
...
والنهايه
التقيتك قلب كافر بالمحبه للنهاية
والغرور نسجاه ايدكى
لما كنتى تجرحينى فى المعاتبه
لما كنت اترجى فيكى
ترمى قلبى وتسيبنى
تجرحى وتعذبينى
تنسي انه قصاد عنيكى انا.. م البشر
ياللى قلبك كان مايعرفشي القدر
وحكم القدر
...
بصى شوفى ودققى
القدر..حكم القدر خلاكى ايه
قولى كلمة واحده انطقى
ايه جرالك ساكته ليه
اللى يزرع غدر لازم
شوكه بيجرح ايديه .

الشاعر الكبير ( علي الخطيب ) صاحب باع طويل في كتابه الشعر وظهر معظم انتاجه فتره استعداد السويس لبناء ما دمرته الحروب وكانت للكلمات التي يصيغها فعل السحر في نفس جماهير فكان أطال الله في عمره اول من صاغ كلمات شجيه خارجه عن المالوف استلهم من خلالها الكثير من التشبيهات الجماليه وكان اعذب ما جمع في تلك الفتره القصيدتين الشهيرتين ( الوداع ) و ( نكون اصدقاء ) فى اغنية واحدة غناها الفنان القدير عيد الجنايني وتم طباعتها ونسخها على شرائط كاسيت نالت استحسان كل من سمعها ومازلت تلك الاغنيه تتردد حتى الان حيث كتب فيها :
بدال الليالى ما تطفى شموعنا
وتفرش حياتنا بشوك الفراق
ولجل الوداد اللى جمّع قلوبنا
بفضّل عزيزتى نكون اصدقاء ...
سنينّا اللى فاتت دى كانت بداية
لعشرة موده وحب وصداقه
وصفحة جميلة فى دفتر حياتنا
ومعنى لاسمى واطهر علاقة
ولجل تدوم المحبه ما بينّا
ولجل تدق السعادة بيبانّا
ونبعد بعيد عن عيون الرياء
بفضّل عزيزتى نكون اصدقاء ..
محبش ازيّف مشاعرى دى نحوك
محبش تكونى منافقه فى مشاعرك
فكونى عزيزتى فى سكة حياتك
صديقة رقيقه بريئه فى بحرك
وكونى سفينة متينة قلوعها
واوعى تتوهى فى عين الديابه
وحبى الحياة الجميلة فى طباعها
وكونى كمانجه وغنوة ربابه
وبصى لبكرة بعين الحقيقة
هتلقى سؤالك عليه الاجابة
فكونى امانى امل كبرياء
وكونى وفيه فى بحر الوفاء
بفضّل عزيزتى نكون اصدقاء ...
بنفس المودّة بفس الحنان
بنفس المشاعر بتاعه زمان
حاقيد روحى شمعة
واكون لك صديق
لانى بعزك وبعتز بيكى
واحب السعادة ترفرف عليكى
هكون ليكى نسمة فى حر الطريق
وهافرش طريقك جناين مودّة
وهازرع فى قلبك متين الف وردة
واخلّى طريقك تمللى مضى
فارجوكى اوعى تكونى حزينة
وتنزل دموعك فى ساعة وداعى
بعد النهاردة خلاص يا عزيزتى
فى بحر العواطف راح اطوى شراعى
بكل الطهاره بكل النقاء
افضّل عزيزتى نكون اصدقاء
تلك هي سيره الشاعر المتميز علي الخطيب الذى مشي يوما في درب واسع من دروب الشعر .. درب الانتاج الشعرى الرصين .. درب المفكر الذى يعيش للفكر وفي الفكر .
تلك هي ظاهره شاعر وهب نقسه لفنه وللناس .. شاعر عف اللسان لم تصدرعنه يوما كلمه نابيه في حديث ... ولم يدخل في مهاترات مع احد .. ولم يتخذ من الشعر وسيله للعيش وفضل البقاء في العمل الحكومي ( كبير مهندسين ) ومدير عام لاداره المحاجر التابعه لمحافظه السويس حيث ابعدته الوظيفه عن الشهره والاضواء رغم انه كان ومازال وحتي كتابه هذه السطور عضوا عاملا بجمعيه المؤلفين والملحنين العالميه التي يقع مقرها الرئيسي في العاصمه الفرتسيه باريس .
بوركت استاذنا وشاعرنا الكبير ( علي صابر الخطيب ) المحترم واوسع الله لك في رحاب عمرك واغدق عليك الصحه والهناء والسعاده .