بقلم الكاتب :محمد عبد اللطيف حمدان
بكر حسن فنان موهوب متميز حمل منذ صباه سمره السويس وآصاله اهلها الطيبين ... غني لمصر والسويس في اصعب فترات التاريخ التي مرت علي هذا الوطن وظل يجاهد في محراب فنه حتي رحل عن عالمنا فقيرا مريضا حزينا يشكو الجحود والنكران من اقرب الناس اليه .. رحل بعد ان أغلقوا فى وجهة كل ابواب الرحمه رغم مرضه العضال وحاجته الي الدواء .. رحل رحمه الله عليه بعد عجزه عن توفير لقمه العيش كما فشل في الحصول علي العلاج والمعاش الاستثنائي ... اسمه الحقيقي بكر حسن احمد بكر ... ولم يكن والده ( حسن احمد ) نجما او مشهورا او غنيا ولكن كان مواطنا بسيطا ...
ولد ( بكر ) في السويس يوم 30 مايو عام 1954 وتربي بحي الاربعين في المنطقه الشعبيه القديمه المعروفه بــــ ( كفر محمد سلامه ) بحارة متفرعة من شارع الغوري خلف مساكن المثلث تسمي ( مصر ) .. نشا وسط اسرة فقيره مكونه من اب وأم وثلاثة اشقاء الامر الذى جعله يخرج الي العمل مبكرا من اجل كسب ما يسد رمقه ..
عشق السمسميه وكان منذ صباه مولعا بها فاشتهر منذ ظهوره علي ساحه الغناء بقدرته الفائقه علي حفظ كل ما يسمعه من اغاني قديمه واناشيد في المقابل فشل في تحصيل اى قدر من العلوم الدراسية الاخرى رغم دخوله الكتاب قبل وفاه امه فعاش رحمه الله عليه اميا
انتقل مع اسرته من السويس الي احد معسكرات التهجير في مدينه ( الباجور ) يمحافظه المنوفية وذلك فترة التهجير القصرى التي اعقبت القصف الاسرائيلي للمدينه عام 1967 ...وفي الباجور اضطر الي العمل بمهنه ( نجار المسلح ) بجانب ظهوره في الافراح الريفيه وحفلات العرس .
بدأت رحلته الحقيقيه في عالم الغناء والطرب من مدينه بورسعيد مع فـرقه ( الفن التلقائي والزفة البورسعيديه ) التي كان الفنان حسن العشري صاحبها ومؤسسها في السبعينات .
مع فـرقه ( الفن التلقائي والزفة البورسعيديه ) بات بكر حسن عضوا اساسيا في الفرقه التي فتحت له ابواب هذا الشهره وأتاحت له فرصه الظهور والانتشار وإبراز موهبته الغنائيه والتالق علي اله السمسميه والطنبورة .. اجتذبت اغانيه الرقيقه انتباه المستمعين وتالق بصوره غير عاديه وخطف الاضواء من اقرانه اعضاء فرقه ( الفن التلقائي والزفة ) ونال استحسان كل جماهير بورسعيد حتي دار به الزمان دورته وعاد مجددا الي السويس بصحبه صديقه الفنان سيد عبد السلام ومنذ رجوعه الي مسقط راسه في السويس خلع رداء المطرب الهاوي وانتقل الي زمره الكبار المحترفين وصار واحد من اشهر مطربي السمسميه في السويس ... ساعد علي هذا النجاح كثرة الافراح والليالي الملاح التي ازدهرت بشكل ملحوظ عقب نصر اكتوبر المجيد ... ويرجع سبب شهره بكر حسن الطاغيه في تلك الفتره الي انه كان دائم التواجد في كل مكان مع نجوم فن السمسمية القدامى امثال الكابتن محمد احمد غزالي مؤسس فرقه أولاد الارض واخرين .
غنى بكر حسن فى الافراح الشعبية والنوادى وقصور الثقافة والفضائيات والمناسبات الوطنية ألمختلفة وتم الاستعانة به لتقديم اغانى السمسمية فى فيلم ( حكايات الغريب ) مع الفنان محمد منير و طوال تلك المسيره قدم عشرات الاغاني والمواويل ولم يترك شارع اوحاره إلا وقام بالغناء فيهما .
كان رحمه الله عليه مطرب عصره واروع من غنوا الادوار القديمه والموشحات علي اوتار السمسمية حيث اجتمعت له قوه الصوت ورخامته فسبح في بحور النغم وكان غنائه الجميل علي اوتار السمسمة في دجي ليالي المدينه من المسلمات .
استمتع بصوته الجميل كل السوايسه وكانت اجمل ادواره دور ( زاراني المحبوب ) ودور ( شمس العصر مرت ) و دور ( دمع العيون اشتكي من كتر قوله اة ) ودور ( شاورلي بالمنديل ) و دور ( كان عندي غزال ) وغيرها الادوار الشجية .
صال بكر حسن وجال علي اوتار السمسميه التي حملها علي كتفيه كانها قضيته وحده حيث غني مع اشهر عازفي السمسمية في السويس ومنطقه القناة امثال الفنان سيد عبد السلام والفنان رمضان عطية والفنان موسي احمد موسي والفنان غريب عطية والفنان سمير الغرباوي والفنان جابر الناني والفنان ابراهيم البندارى .
القدره العجيبه التي تحول الانسان الي ماكينه لا يمكن ان تكون الا من صنع ساحر او شيطان ... ولكن بكر حسن رد علي ذلك عمليا ... فرغم كبر سنة وتردى صحته كان رحمه الله عليه دائم العمل والتنقل بين الأفراح الشعبية وليالى الحنه يخرج من حفل موسيقي الي اخر ثم يدخل في ضمه ومنها يخرج الي حنه حتي انتهت رحلته في الحياه ووصلت الي نهايتها يوم 16 من اغسطس عام 2014 بعد ان ترك للمكتبة الغنائيه المصريه اكثر من 150 عمل فني غنائي بين اغنية شعبيه وعاطفيه ووطنيه بالإضافة الى حوالي 15 شريط كاست ....
رحل بكر حسن عن عمر ناهز الــــ 60 عاما و76 يوما... رحل صاحب الجسد النحيل في هدوء مستسلما لقدره المحتوم يوم ان اهيل عليه تراب القبر وترك وحيدا .
والي الغد قي رحله فنان اخر