بقلم الكاتب : محمد عبد اللطيف حمدان
العالم العربي مليء بالشخصيات البارزة التي أثرت حياتنا بالإيجاب لا السلب وكان لها جهود عظيمه في شتى المجالات والنواحي نتذكرها اليوم من بين هؤلاء ....
الصحفي العلامه المجدد محمد فريد وجدي المصري الذى ولد في مدينة الإسكندرية عام 1878 ابن المعلم الجليل ( فريد وجدي ) صاحب المكتبة الثقافيه الضخمة والتي كانت تضم العديد من المؤلفات الادبيه والعلمية في سائر مجالات المعرفـــــــة . عاش محمد فريد وجدي الطقل في كنف أسرته الصغيرة بمدينه الاسكندريه وفيها تلقي تعليمه الابتدائي في مدرسه إسماعيل حقي بمنطقه الرمل وكان منذ صباه مولعا بمطالعه الكتب االقديمة التي كان قد ورثها عن أبيه ... انتقل الفتي عام 1892 مع أسرته الي مدينه دمياط واستطاع وهو صغير هناك أن ينظم الشعر محاكيا الشعراء العرب في النظم المعني بالديباجة وقبل مرور عام علي اقامته في ( دمياط ) انتقلت اسرته مجددا الي السويس وذلك بعد تعيين الوالدة ( فريد وجدي ) موظفا عموميا في ديوان عام المحافظه القديمه ... . نشا رحمه الله عليه في البيئة السويسية التي يحفها شاطئ البحر الأحمر وجبال عتاقه فانعكس ذلك علي كتاباته وتشبيهاته الادبيه وكانت زرقة البحر وعبقرية الموقع الفريد مصدر لالهامه فكان صحفيا متميزا امتلك قلما نزيها اخترق به قلوب وعقول أهالي السويس وكانت لديه الوسائل الكافية لكتابه التحقيقات الصحفية ذات التأثير المباشرعلي المتعلمين قبل البسطاء وعلي قدم المساواة .
أسس في السويس أول مجلة محليه كانت انيقه في طباعتها جريئة في تناولها محايدة في نقدها سواء كان نقدا سياسيا اوأدبيا وكانت جريدتة دائما ما تخرج للقارئ صباح كل خميس في ثمان صفحات سميت في بدايه صدورها بــــــــــــــــ ( الحـــياة ) صودر العدد الثاني منها بسبب رفضه نشر احد قرارت المحتل البريطاني الظالمه ... وبعد عام ونصف من التوقف عن الصدور عاد ت المجله مجددا في ثوب جديد باسم جديد هو ( الدستور ) وكان هو شخصيا رئيسا لتحريرها وكانت صفحات المجله عامرة بالموضوعات الأدبية والفكرية والاجتماعية ولم يبخل علي قرائه بكتابه العديد من المناهج العلميه وآرائه النقدية في الأحزاب السياسية الموجوده علي الساحه في السويس تلك الفتره ولم يستثني ( الحزب الوطني ) الذي كان منتميا إليه ... الأمر الذى جعل اعضاء الحزب يمتنعون عن شراء الجريده .. فاضطر رحمه الله عليه لإيقافها للمرة الثانية .
ودع محمد فريد وجدي ألصحافه في السويس عام 1910 وانتقل الي القاهرة وهناك قدم للثقافة العربية والإسلامية مجموعة متميزة من الكتب والمؤلفات الشهيرة من اهمها ( موسوعة معارف القرن العشرين ) وهي موسوعه مطوله باللغة العربية ضمت كافه العلوم العقلية والكونية بأصولها وفروعها .. والموسوعه صدرت في عشر مجلدات احتوت علي تسعة آلاف صفحة كان قد قضى في إعدادها قرابه ثمان سنوات وتلك الموسوعه كانت بمثابه البرهان الساطع على تفردهِ الموسعي في هذا المجال .
أجاد محمد فريد وجدى اللغة الفرنسية اجادة تامه الامر الذى ساعده على التالق في كافه العلوم الفكرية ماجعله يكتسب ثقة القارئ المصري فقدم خلال فتره قصيره العديد من المؤلفات التي عجت بها المكتبة العربية من اشهر ما قدم كتابه الشهير ( ما وراء المادة ) وكتابه ( صفوة العرفان في تفسير القران ) وكتابه ( الحديقة الفكرية في إثبات وجود الله بالبراهين الطبيعية ) و كتابه ( المرأة المسلمة في الرد على المرأة الجديدة ) وكتابه ( الإسلام في عصر العلم ) و كتابه ( على أطلال المذهب المادي ) وجميعها مؤلفات انفرد بتقديمها وهو مازال في في سن مبكره .. ومن الجدير بالذكر أن الطبعات الأولى من تلك النفائس نفدت فور صدورها وتم أعاده طباعتها عدة مرات .
ولم يكن العلامه ( محمد فريد وجدى ) كاتبا صحفيا جامعا للمعارف فقط بل كان اول مصري يتصدى لقضايا المرأة المصريه حيث أيد حق المراءة المصرية في الخروج الي العمل والترشح في الانتخابات للحصول علي مقعد في المجالس النيابية والبلدية .
تخطي رحمه الله عليه كل تجارب العمل الصحفي الشاقه حيث اشتغل في كبرى الصحف والمجلات المصرية بدايه من الأهرام الي اللواء مرورا بالمؤيد الي ان استقر به المطاف في مشيخه الأزهر عندما استدعاه الإمام الجليل شيخ الأزهر محمد مصطفى المراعي عام 1933 من اجل إنشاء مجلة متخصصه تهتم بشئون الأزهر الشريف وبالفعل قام باصدار مجلة للازهر سميت وقت صدورها بـــ ( نـور الإسلام ) تحول الاسم بعد عام ونصف إلى مجله ( الأزهر ) التي تصدر الي اليوم وما أن تولي رئاسة تحريرها حتي شهدت المجله نشاطا ملحوظا بعد مشاركه كبار أساتذة الجامعات المصريه ورجال القضاء والطب والتربية والاجتماع في تحريرها .
وصل الصحفي العلامة محمد فريد وجدي في حياته العمليه الي مكانه أدبيه عظيمه لم يصل إليها كاتب صحفي مصري من قبل وظل رئيسا لتحرير مجله ( الأزهر ) حتى وفاته ... فعاش رحمه الله عليه كل عمره خادما للعلم زاهد في محاريب العلوم حيث لم يسعي يوما نحو اضواء الشهرة وفي الاول من شهر فبراير عام 1954 غادر دنيانا في سلام عن عمر ناهز الستة والسبعين عاما قضاها رحمه الله عليه في إثراء الفكر العقلي بمؤلفاته الموسوعية القيمة التي ما زالت تجذب الباحثين عن العلوم حول العالم .
والي لقاء قريب مع قطعه حلاوة اخرى لشخصيه من شخصيات زمان .