477 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
ى عمل إن لم يكن له هدف واضح يصبح عبثًا صريحًا، وبالتالى عندما فكرت فى كتابة هذه الحلقات كنت قد رتبت فى ذهنى مجموعة من الأهداف، وقدَّم عقلى الإجابة التى تقنعنى عن سؤال بسيط، وهو لماذا اكتب الآن حلقات "من ملفات المخابرات العامة".. وسر التوقيت؟
باختصار هدف هذه الحلقات هو الهدف الأصيل لأى صحفى أو باحث وهو التوثيق وتسجيل قراءته للتاريخ، الصحافة تخلِّد الأمم، هذه قناعة وما نكتبه اليوم يستشهد به جيل آخر فى الغد القريب أو البعيد.
أما المغزى فهو استشراف صفحات مضيئة من تاريخ هذه الأمة وما أحوجنا إليها فى هذه الأيام، ونحن نخوض معركة بناء وطن حديث تكالب عليه الأعداء، وبات علينا أن نستلهم من روح أبطال الظل معانى الانتماء السامية، وقصة كفاح هذه الدولة، وراية الوطنية التى يتسلمها أبناء هذا البلد العظيم بعزة وكرامة.. يتبدل الزمن وقد تتغير أدبيات السياسة الدولية وأصول الصراع، ولكن لا تتغير الاستراتيجية.. من محمد على إلى جمال عبدالناصر وصولًا إلى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ستجد متلازمة وهى التصدى لوجود "مصر الكبرى"، الدولة ذات التأثير والنفوذ فى منطقة جنوب المتوسط.
هذا المعنى ستؤكده هذه الحلقات من خلال تاريخ حقيقى لشخصيات وأبطال، حكايات قد تكون سمعت عنها، وربما تسمعها لأول مرة، قد تكون وصلت مغلوطة بهدف تكوين صورة نمطية عن عهد مضى، ومهمتنا أن تصل اليك كما نراها ولا ندَّعى امتلاك الحقيقة المطلقة، ولكننا نتسلح بمنهجية البحث الرصين ومنطقية استقراء الشواهد وربط النتائج بالأسباب ومن ثمَّ نكون قناعتنا والتى تظل تعبر عن وجهة نظر كاتب هذه السطور، قد تتفق معها أو تختلف، وقد يكون لك قراءة أخرى.
فى هذه الحلقات سنعيش وسط كنوز خزائن جهاز وطنى عظيم، يعيش أبناؤه وقياداته منذ تأسيسه وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بهدف واحد وهو حماية الأمن القومى المصرى.
تأسس جهاز المخابرات العامة المصرية عام 1954 بقرار من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كان العالم قد تغير بعد الحرب العالمية الثانية وتغيرت مصر أيضًا، وانتقلت من الملكية إلى الجمهورية بطموحات وأحلام مختلفة ودوائر صراع مختلفة أيضًا.. بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت مفاهيم جديدة للصراع الدولى كانت تعتمد بشكلٍ رئيس على حرب المعلومات منها ما هو مُعلَن إذ ظهرت أهمية وسائل الإعلام وخصوصًا الصحف والإذاعات ومنها ما يحمل خاتم "سرى للغاية"، والذى تكفلت به أجهزة مخابرات دولية تم إنشاؤها فى هذه الحِقبة، وكان على الجمهورية المصرية أن تهضم عالمها الذى تعيش فيه، لذا جاء القرار بوجود جهاز استخبارات مصرى مهمته الدفاع عن الأمن القومى المصرى.
اتخذ الجهاز شعار يعبر عن شخصيته وهو "عين حورس"، أو "عين رع" وهو أمر له دلالته فى الحضارة المصرية القديمة إذ كانت تعتبر عين حورس عند المصريين القدماء درع للوقاية من الخطر والشر، وكانت تُصمم على شكل قلادة ويتم دفنها مع المومياوات فى اعتقاد أن عين الإله حورس قادرة على حمايتها، وأسفل عين حورس مباشرة ستجد طائر "العُقاب" القوى والذى يمثل الرتبة الأعلى فى الجوارح ينقض على أفعى سامة لينتزعها من الأرض.
وتولى مهمة التأسيس أعضاء تنظيم الضباط الأحرار حيث كان زكريا محى الدين أول رئيس للجهاز وتبعه على صبرى، أما الانطلاقة الحقيقة والطفرة المهولة جاءت عام 1957 بتولى صلاح نصر رئاسة الجهاز الذى قرر أن يكون هذا الجهاز عملاقًا حتى وإن كان وليدًا، صلاح نصر تلك الشخصية الفريدة والذى خرجت حوله كثير من الروايات، رجل أدانه البشر، ولكن ينصفه المنطق، وهو ما سنبدأ فى تناوله من الحلقة المقبلة.
الزراير - شارع النيل - امام برج الساعة
السويس، مصر
الجوال: 01007147647
البريد الألكتروني: admin@suezbalady.com