402 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
يقولون إن لكل عملة وجهين، إلا عملة تاريخ صلاح نصر، رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق، ومؤسسه الحقيقى، حيث تم تعمد صكها بوجه أوحد.. تم تكوين صورة ذهنية أحادية للرجل تضعه فى قالب يتجاوز أعظم أدوار الشر فى تاريخ السينما العالمية.
حكايات كثيرة، وكتب فرشت الأرصفة نهشت فى هذا الرجل، وفى تاريخه حتى السينما انتقمت من عهد عبدالناصر فى صلاح نصر.
وعندما أكتبُ اليوم عن هذا الرجل، لا أقول إنه ملاك أو شيطان، ولكن فقط أُعمل العقل والمنطق، ونزن الأمور بأبعاد شاملة للصورة حتى تكتمل.
باختصار شديد.. صلاح نصر يقول الوجه الآخر من عملته التاريخية إنه يشكِّل أسطورة ليس فى تاريخ جهاز المخابرات المصرية فقط، ولكن فى تاريخ رؤساء أجهزة المخابرات على مستوى العالم.. واستعراض تاريخ الرجل المخابراتى قد يؤدى إلى يقين منطقى أيضًا، وهو ضلوع أجهزة استخبارات أجنبية فى تشويه سمعته انتقامًا منه.
ولكن، وقبل أن نذهب إلى سجل صلاح نصر فى جهاز المخابرات العامة.. دعنا نرسم ملامح الشخص من نشأته وتكوينه المعرفى والوطنى.
ينتمى صلاح محمد نصر إلى أسرة متوسطة، وُلد فى أكتوبر عام 1920، وكان مولده ونشأته الأولى فى محافظة الدقهلية بمركز ميت غمر.. والده كان من القلة التى حصلت على تعليم عالٍ، وكانت الأسرة تأمل أن يصبح صلاح طبيبًا، وينتمى إلى النخبة من هذا الباب.
تكوَّن الإدراك السياسى لصلاح نصر كحال معظم أبناء جيله كانت قضية التحرر الوطنى من الاحتلال قضيتهم الأولى.. تنقَّل مع والده فى محافظات عدة بين الدلتا والصعيد.. ولعل ذلك كان يفسر عشقه للتصوير الفوتوغرافى.
انضم إلى الكلية الحربية، وكان عمره 16 عامًا، وتحديدًا فى شهر أكتوبر عام 1936، وداخل الكلية الحربية كان الرصد مختلفًا لمعركة التحرر الوطنى.
فى هذة الفترة بدأت صداقة وطيدة بينه، وبين عبدالحكيم عامر الذى قدمه لأستاذ العلوم الإدارية فى الكلية آنذاك جمال عبد الناصر.
ظلت الصداقة متينة بين الثلاثى نصر، وعامر، وناصر، حتى شرع جمال عبدالناصر فى تأسيس تنظيم "الضباط الأحرار"، وقام عبدالحكيم عامر بمفاتحة صلاح نصر فى الانضمام إلى التنظيم، وهو ما جرى بشكلٍ فورى.
اكتسب صلاح نصر وضعية خاصة داخل تنظيم الضباط الأحرار، وارتبط إنسانيًا بعبدالحكيم عامر، وجمال عبدالناصر، وإن كانت الشواهد تقول إنه كان يميل ناحية عامر.
الثقة التى كان يتمتع بها صلاح نصر دفعت جمال عبدالناصر بتكليفه مساء يوم 23 يوليو عام 1952 بقيادة الكتيبة 13 التى ضمت معظم قيادات تنظيم الضباط الأحرار.
نجحت ثورة يوليو .. خرج الملك .. تولى الرئيس محمد نجيب المسؤولية .. ثم جاء موعد تقدم الرئيس جمال عبدالناصر للمسؤولية وكان فى مقدمات تنظيمه لشؤون الجمهورية إصداره قرارًا بتأسيس جهاز المخابرات العامة عام 1954.
كان زكريا محى الدين أول رئيس للجهاز، ثم أصبح مشرفًا على الجهاز، وانتقلت رئاسة الجهاز إلى على صبرى، وكان صلاح نصر نائبًا له، ولكن جاء انشغال على صبرى بإدارة مكتب جمال عبدالناصر ليتم الدفع بصلاح نصر فى موقع رئيس جهاز المخابرات العامة عام 1957.
وأصبح هذا التاريخ هو تاريخ التأسيس الواقعى لجهاز المخابرات العامة .. ولكن لم تكن المسألة سهلة بل كانت شديدة التعقيد .. كانت المهمة أن يتم تأسيس جهاز وطنى على أعلى مستوى تِقَنى ينافس اجهزة الاستخبارات العالمية، ويشتبك على الأرض مع اجهزة المخابرات الاخرى.. وهو ما سنبدأ تناوله فى الحلقة المقبلة.
الزراير - شارع النيل - امام برج الساعة
السويس، مصر
الجوال: 01007147647
البريد الألكتروني: admin@suezbalady.com