بقلم الكاتب : فاروق متولي
من المعروف عن الخديوي اسماعيل اهتمامه بنقل الشكل الحضاري اﻻوروبي الي مصر وتوطيد عﻻقاته بالجاليات اﻻجنبيه كما الفرنسيه واﻻيطاليه واليونانيه والنمساويه والتي باع لها قطعة ارض مساحتها 9000 متر في وسط السويس استثمروها في ممارسة اﻻنشطه التجاريه المتعدده باشهر شوارعها وهو " شارع النمسا" الحافل بالكافيهات وتجارة الجمله والقطاعي والبارات المصرح بها لﻻجانب فقط كما بار ومطعم استﻻ بميدان النمسا وفي بداية دخولك الشارع تقابلك محﻻت ايكونوماكس الكبري والتي يشغل مكانها حاليا قصر المجوهرات اما الخواجه اليوناني صاحب المحل فكان يبيع احدث موديﻻت السيارات علي الزيرو كما الدودج والكريزلر واﻻولدزموبيل والبويك والبﻻيموث والتي ﻻيقدر علي امتﻻكها غير القادرين علي دفع 900 جنيه مره واحده وايضا كان يبيع الساعات العالميه والمجوهرات واﻻكسسوارات الحريمي وبجواره كانت تتواجد محﻻت الهنود لمبيعات الجلود والعاديات واﻻنتيكات ﻻصحابها مستر تيكمداس وولده صندير وعائﻻتهم الذين اشهر بعضهم اسﻻمهم ومازال احفادهم موجودين حتي اﻻن كما لم يغادروا المدينه عند التهجير...وعندما كنت تتعمق بالسير في الشارع كانت تبهرك تشابه نظام وتشابه المباني المبنيه بالخشب البغدادلي السويسي المعروف وﻻيزيد ارتفاعها عن ثﻻثة ادوار وبشقق متسعه يرمح فيها الخيل وعلي جانبي الطريق كانت توجد محﻻت الخواجه اﻻيطالي كوزماتوس للمﻻبس اﻻوروبيه الجاهزه واﻻحذيه يجاوره اجزخانة هيبوقراط اليونانيه ...اما الخواجه " منشا " اليهودي بتاع كله من اﻻبره للصاروخ فكان حكايه يقابلك بابتسامته العريضه كما عرض الشارع وبقدرته المذهله علي شفط كل مافي جيوبك باسلوبه اﻻفعواني الناعم وفي موجهته محﻻت سنترال للمواد الغذائيه للخواجه جامسيس اليوناني اما البقال اﻻيطالي المخضرم كاراماسينا ملك الجبنه الرومي والبسطرمه رغم حب السوايسه له اﻻ انهم كانوا ﻻينفعوه بسبب بيعه للحم الخنازير والمشروبات الروحيه ...وكان للسوايسه تواجد كبير بالنشاط التجاري كما محﻻت سنجر لﻻدوات المنزليه ومكتبة النهضه لصاحبها الوجيه محمد بدره ومعرض الحاج عرفه لﻻثاث ومحﻻت الرخاوي للحلوي التي لم يكن يزيد ثمن اقة عين الجمل او الصنيبر او ابوفروه فيها عن ثﻻثة جنيهات وبجواره صالون حﻻقة اﻻسطي محمد الحيوان وفاترينة ذكي خاطر علي ناصية نهاية الشارع لبيع السجاير والكرامله والبسكوت واضعا فوق الفاتربنه كلبه اللولو المدلل جيمي .وبمدخل ميدان الشونه بيمين الشارع كانت تتواجد قهوة الخواجه اليوناني تودري
وان انسي لن انسي تلك اللحطات المبهجه عندما كنا نصطف علي جانبي الطريق لتحية موكب الوجيه حنفي محمود مصطحبا معه داخل سيارته الكابورليه المكشوفه كبار نجوم السينما كما انور وجدي وليلي مراد للدعايه عند حضورهم عروض افﻻمهم
لكن بالطبع ليس كل مايتمناه المرء يدركه فلم تتحقق احﻻمك ياعمنا الخديوي فمن اتي بعدك لم يكن قادرا علي اتمام حلمك بعدما تحول الشارع الي عشوائيات تنافس عشوائيات شارع عرابي ...وماتقولش للزمان ارجع يازمان علشان هو مش راجع تاني.