293 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
قبل الحديث عن أصل المماليك ومن أين جاؤوا،
لا بدّ لنا من الحديث عن
معنى كلمة مملوك
في اللغة حيث وردت بمعنى العَبْد، وهي بذلك تُشير إلى ملكيّة إنسان لإنسان آخر، إلّا أنَّ هذه الكلمة لم تُستخدَم بمعناها الحرفيّ والعام ( عَبْد ) وإنّما استُخدِمَت بمعناها الخاص، وهو الجنود المُستعبَدون الذين كانوا يُستقدَمون وهم صغار، ويتعلَّمون فنون القِتال والحرب، ويعتنقون الإسلام
وقد كان هؤلاء المماليك من المناطق القريبة من المناطق التي يحكمها المسلمون، كوسط آسيا (الأتراك)، والقوقاز (الشراكس) وغيرهم، إلّا أنَّ غالبيّة المماليك من أصول تركيّة، وتحديداً من المناطق التي تَقعُ بعد نهر جيحون؛ حيث كان الأيّوبيّون يستقدِمونَهم من أسواق النِّخاسة، أو من خلال أسرهم في الحروب، وهو المصدر الرّئيسي، وقد كانوا يعتمدون عليهم في التنظيم العسكريّ.
إنَّ استقدامَ المماليك واستخدامَهم في الجيش كان يتمُّ منذ القِدَم، إلّا أنَّ الأمر الجديد هو ماقام به الملك الصالح أيّوب؛ حيث إنَّه كان يَستقدِم المماليك ذوي السنّ الصغيرة، وهم في غالبيّتهم من غير المسلمين، ولم يتعامل معهم الصالح أيوب كعبيد، أو رقيق، بل كان يعامِلُهم بدرجة تُقارِب معاملته لأبنائه، كما كان يتيحُ لهم تعلُّم اللغة العربيّة في صغرهم، بالإضافة إلى تعلُّمهم للقرآن، ومبادئ الفقه الإسلاميّ، والشريعة الإسلاميّة
ولذلك كان المماليك يُحبّون الدين الإسلاميّ ويُعظِّمونه؛ فهم يمتلكون خلفيّة واسعة عن الإسلام وتشريعاته وفِقْهه، وممّا لا شكّ فيه أنّه كان يتمّ تدريب المماليك في فترة الشباب على القتال، والفروسيّة، بالإضافة إلى تدريبهم على التخطيط الحربيّ، والقيادة.
المماليك في العهد الأيوبيّ ازداد الاهتمام بالمماليك في العهد الأيوبيّ، وتَزايُد نفوذُهم في الممالك المُختلِفة من الشرق الإسلاميّ، وخصوصاً مصر؛ حيث استعان الملك الكامل، والملك العادل بالمماليك في صراعاتهم مع خصومهم من أمراء المسلمين، وكذلك في حروبهم ضد الصليبيّن، وقد نُسِبَ المماليك إلى أصولهم التي ينتمون إليها؛ إذ كانت هناك عدة أسماء تُطلَق عليهم، وهي: مماليك جراكسة، أو مماليك أسديّة، أو صلاحيّة، وكذلك مماليك أتراك، ومع تَزايُد نفوذ المماليك أصبح لهم شأنٌ كبيرٌ في الحُكم، وخصوصاً في عهد الملك الصالح نجم الدين؛ حيث استغلُّوا قُربَهم منه، وقد مكَّنتهم الظروف المُحيطة بهم، من مَرَضِ الملك الصالح نَجم الدين، وكذلك الحملات الصليبيّة ضدّ الدولة الأيوبيّة
من السيطرة على دمياط، وقد كانت نشأة دولة المماليك عندما ضَعفَت الدولة الأيوبيّة في سورية، ومصر، وكان آخر السلاطين الأيّوبيين في مصر هو الملك الأشرف، الذي أطاحَ به المماليك الأتراك.
من أصول المماليك
- المماليك البحريّة
تعودُ تسمية المماليك البحريّة بهذا الاسم إلى عهد الملك الصالح نَجم الدين أيّوب، الذي أسكنَهم في جزيرة الروضة الواقعة في وَسَط نهر النيل، وقد كانت أصول غالبيّة هؤلاء المماليك تنحدرُ من آسيا الصُّغرى، وشبه جزيرة القَرم، وتركستان، وكذلك فارس، وبعض الدُّوَل الأوروبيّة، وكانت لهم امتيازات جعلتهم يشعرون بقرب السلطان منهم، بل إنَّهم كانوا يشعرون بأنَّه واحد منهم، كما أنّهم حقّقوا درجات عالية من الترقِّي، والوصول إلى حُكْم الدولة؛ وذلك نتيجة لتفوُّقِهم العسكريّ، والحربيّ.
- المماليك البرجيّة
سُمِّيت المماليك البرجيّة بهذا الاسم؛ نسبة إلى المَسكن الذي كانوا يعيشون فيه (الأبراج)، وهم نفسهم المماليك الجراكسة، ويعود أصلُهم إلى المناطق المُشرِفة على الجهة الشماليّة الشرقيّة للبحر الأسود، وقد كان السلطان المَنصور قلاوون يُسكِنُهم قلعة (برج)، دون أن يسمحَ لهم بمُغادرتِها مطلقاً، إضافة إلى اهتمامه بتربيتهم تربية دينيّة، وعسكريّة، وبعد وفاة السلطان المَنصور قلاوون، أعطاهم ابنه الأشرف الخليل الإذن بالخروج من القلعة في النهار، على أن يعودوا إليها ليلاً، وبعد أن ازدادَ عددُ المماليك البرجيّة، استطاعوا الوصول إلى السلطة، وحَكموا الحجاز، ومصر، والشام، مدّة تجاوزت 131 سنة.
إنجازات المماليك الحضاريّة لقد كان للمماليك بسلالتَيهم: البحريّة، والبرجيّة، اهتمامات كبيرة في الفنون والعمارة، وكان لكلِّ سلالة ميزة خاصّة بها، إلّا أنَّ الفنون والعمارة الخاصة بالمماليك البحريّة، عُرَِّفَت بفنّ العَصْر المملوكيّ، وفي ما يأتي بعضٌ من إنجازات المماليك الحضاريّة في مجال الفنّ والعمارة:
تميّزَ المماليك بفنون الزخرفة، وخصوصاً زخرفة الأعمال الخشبيّة، والمنسوجات، والمعادن المُرصَّعة، وكذلك الزّجاج المُذهَّب، والمَصقول. ظَهَرَ اهتمامٌ واضح بالعمارة المملوكيّة، خصوصاً في عهد حليف بيبرس وقلاوون؛ حيث نجد في عهديهما حرصاً كبيراً على بناء الأضرحة، والمدارس، والمستشفيات، وكذلك المآذن، ومن أهمّ النماذج المعماريّة في ذلك العَهد: مُجمَّع السلطان حسن، ومُجمَّع السلطان قلاوون.
جامع آقبغا الأطروش في حلب. المدرسة الجقمقيّة، والمدرسة الصابونيّة في دمشق. بناء الجسور والمُجمَّعات، كمُجمَّع قايتباي في القاهرة، في عهد السلطان قايتباي. انهِيار دولة المماليك بعد ازدهار دولة المماليك وظهورها كقوّة سياسيّة ما بين القرن الثالث عشر، ومُنتصَف القرن الرابع عشر، بدأت عوامل الضَّعف والانحِدار الديموغرافيّ، والاقتصاديّ، تظهر على هذه الدولة
ضعف المماليك
وكان هنالك العديد من الأسباب التي أدّت إلى هذا الضَّعف، من أهمّها:
انتشارُ مَرَض الطاعون بين الناس.
هجومُ البندقيّة وجنوة على دولة المماليك من الناحية البحريّة.
نَهْب قبرص الصليبيّة لمدينة الإسكندريّة عام 1365م. تعرُّض الساحل السوريّ للهجوم من قِبَل القبارِصة.
تعرُّض سوريّة عام 1400م للهجوم على يد تيمورلنك الذي نَهَب دمشق، وحلب. هجوم المارشال جان بوسيكو على الموانئ السوريّة عام 1403م.
يُعتبَر السلطان قنصوه الغوريّ آخرَ السلاطين المماليك، وقد تعرّضت دولة المماليك في عهده إلى الانهِيار في مجال التجارة البحريّة؛ بسبب اتِّساع نشاط البرتغاليّين في المحيط الهنديّ، بعد أن اكتشفُوا طريقَ رأس الرجاء الصالح
كما أنَّ قضاء السلطان العثمانيّ سليم على دولة المماليك كان أحد الأسباب التي أدّت إلى انهِيارها، إلّا أنَّه لم يستطع إنهاءها؛ حيث كانت سيطرة الدولة العثمانيّة على مصر مثلاً محدودة، وبقي حُكْم مصر في يد المماليك، أمّا بالنسبة للحملات الفرنسيّة على المماليك، فقد ساهمَت في إضعافِهم، حتى كانت نهايتُهم على يد محمد علي باشا في عام 1805م؛ إذ اتَّخذَ تدابير مُحكَمة للقضاء عليهم، فدعا قادة المماليك إلى مَأدبة، وأمرَ جنودَه بالقضاء عليهم، وكانت هذه الحادثة نهاية عَهْد المماليك في مصر.
الزراير - شارع النيل - امام برج الساعة
السويس، مصر
الجوال: 01007147647
البريد الألكتروني: admin@suezbalady.com