Login to your account

Username *
Password *
Remember Me
السويس بلدي

السويس بلدي

اصيب 9 اشخاص في حادث تصادم سيارة ملاكي مع اتوبيس متوقف على جانب الطريق بالكيلو 46 بطريق القطامية السخنة اتجاه السخنة

تلقت غرفة عمليات اسعاف السويس بلاغا بحادث تصادم سياره ملاكي رقم أ ه‍ ل 817 مع اوتوبيس رقم ه‍ ف ج 291 منتظر علي جانب الطريق قبل بنزينة شل أوت الكيلو 46 طريق القطاميه العين السخنه اتجاه السخنه واسفر عن 9 مصابين وجاري نقلهم مستشفي السويس العام 

1/ ماريان ماهر فهيم35 سنه اشتباه نزيف بالمخ وسحجات وكدمات متفرقفه بالجسم 

2/ جورج ماهر شاكر 45 سنه سائق الملاكي

سحجات وكدمات متفرقه بالجسم 

3/ توني جورج ماهر 12 سنه 

اشتباه كسر بالفخذ الأيسر وسحجات وكدمات متفرقفه بالجسم 

4/ جوليانا جورج ماهر 8 سنه 

اشتباه كسر بالفخذ الأيسر وسحجات وكدمات متفرقفه بالجسم 

5/ ابانوب عادل عبيد29 سنه 

اشتباه كسر بالساق اليمني والعمود الفقري وسحجات وكدمات متفرقفه 

6 / روبيانا هاني فرج 5 سنوات 

سحجات وكدمات متفرقه بالجسم 

7/ ايفون عز عطيه 29 سنه سحجات وكدمات متفرقه بالجسم 

8 / ماهر شاكر فهيم 73 سنه سحجات وكدمات متفرقه بالجسم 

9/ ماري ماهر شاكر 35 سنه سحجات وكدمات متفرقه بالجسم

وتم نقلهم جميعا الى مستشفى السويس العام لتلقي العلاج

انه واحد من الأنصار الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا، لسلكت وادي الأنصار وشعبهم، ولولا الهجرة لكنت من أمراء الأنصار ".. وعبادة بن الصامت بعد كونه من الأنصار، فهو واحد من زعمائهم الذين اتخذهم نقباء على أهليهم وعشائرهم ...
وحينما جاء وفد الأنصار الأول الى مكة ليبايع الرسول عليه السلام، تلك البيعة المشهورة بـ بيعة العقبة الأولى، كان عبادة بن الصامت رضي الله عنه أحد الاثني عشر مؤمنا، الذين سارعوا الى الاسلام، وبسطوا أيمانهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعين، وشدّوا على يمينه مؤازرين ومسلمين ...
وحينما كان موعد الحج في العام التالي، يشهد بيعة العقبة الثانية يبابعها وفد الأنصار الثاني، مكّونا من سبعين مؤمنا ومؤمنة، كان عبادة أيضا من زعماء الوفد ونقباء الأنصار ..
وفيما بعد والمشاهد تتوالى.. ومواقف التضحية والبذل، والفداء تتابع، كان عبادة هناك لم يتخلف عن مشهد ولم يبخل بتضحية ...
ومنذ اختار الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقوم على أفضل وجه بتبعات هذا الاختيار ..
كل ولائه لله، وكل طاعته لله، وكلا علاقته بأقربائه بحلفائه وبأعدائه انما يشكلها ايمانه ويشكلها السلوك الذي يفرضه هذا الايمان ..
كانت عائلة عبادة مرتبطة بحلف قديم مع يهود بني قينقاع بالمدينة ..
زمنذ هاجر الرسول وأصحابه الى المدينة، ويهودها يتظاهرون بمسالمته .. حتى كانت الأيام التي تعقب غزوة بدر وتسبق غزوة أحد، فشرع يهود المدينة يتنمّرون ..
وافتعلت احدى قبائلهم بنو قينقاع أسبابا للفتنة وللشغب على المسلمين ..
ولا يكذد عبادة يرى موقفهم هذا، حتى ينبذ الى عهدهم ويفسخ حلفهم قائلا : " انما أتولى الله، ورسوله، والمؤمنين ...فيتنزل القرآن محييا موقفه وولاءه، قائلا في آياته : (ومن يتولى الله ورسوله، والذين آمنوا، فان حزب الله هم الغالبون)...
لقد أعلنت الآية الكريمة قيام حزب الله .. وحزب الله، هم أولئك المؤمنون الذين ينهضون حول رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملين راية الهدى والحق، والذين يشكلون امتدادا مباركا لصفوف المؤمنين الذين سبقوهم عبر التاريخ حول أنبيائهم ورسلهم، مبلّغين في أزمانهم وأعصارهم كلمة الله الحي القيّوم ..
ولن يقتصر حزب الله على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، بل سيمتد عبر الأجيال الوافدة، والأزمنة المقبلة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ضمّا الى صفوفه كل مؤمن بالله وبرسوله ..
وهكذا فان الرجل الذي نزلت هذه الآية الكريمة تحيي موقفه وتشيد بولائه وايمانه، لن يظل مجرّد نقيب الأنصار في المدينة، بل سيصير نقيبا من نقباء الدين الذي ستزوى له أقطار الأرض جميعا .
أجل لقد أصبحعبادة بن الصامت نقيب عشيرته من الخزرج، رائدا من روّاد الاسلام، وامام من أئمة المسلمين يخفق اسمه كالراية في معظم أقطار الأرض لا في جبل، ولا في جبلين، أو ثلاثة بل الى ما شاء الله من أجيال .. ومن أزمان .. ومن آماد .. !!
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يتحدث عن مسؤلية الأمراء والولاة ..
سمعه يتحدث عليه الصلاة والسلام، عن المصير الذي ينتظر من يفرّط منهم في الحق، أو تعبث ذمته بمال، فزلزل زلزالا، وأقسم بالله ألا يكون أميرا على أثنين أبدا .. ولقد برّ بقسمه ..
وفي خلافة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، لم يستطع الفاروق أن يحمله على قبول منصب ما، الا تعليم الناس وتفقيههم في الدين .
أجل هذا هو العمل الوحيد الذي آثره عبادة، مبتعدا بنفسه عن الأعمال الأخرى، المحفوفة بالزهو وبالسلطان وبالثراء، والمحفوفة أيضا بالأخطار التي يخشاها على مصيره ودينه ،وهكذا سافر الى الشام ثالث ثلاثة : هو ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء .. حيث ملؤا البلاد علما وفقها ونورا ...
وسافر عبادة الى فلسطين حيث ولي قضائها بعض الوقت وكان يحكمها باسم الخليفة آنذاك، معاوية ..
كان عبادة بن الصامت وهو ثاو في الشام يرنو ببصره الى ما وراء الحدود .. الى المدينة المنورة عاصمة السلام ودار الخلافة، فيرى فيها عمر ابن الخطاب .. رجل لم يخلق من طرازه سواه .. !!

ثم يرتد بصره الى حيث يقيم، في فلسطين فيرى معاوية بن أبي سفيان رجل يحب الدنيا، ويعشق السلطان ...
وعبادة من الرعيل الأول الذي عاش خير حياته وأعظمها وأثراها مع الرسول الكريم .. الرّعيل الذي صهره النضال وصقلته التضحية، وعانق الاسلام رغبا لا رهبا .. وباع نفسه وماله ...
عبادة من الرعيل الذي رباه محمد بيديه، وأفرغ عليه من روحه ونوره وعظمته ..
واذا كان هناك من الأحياء مثل أعلى للحاكم يملأ نفس عبادة روعة، وقلبه ثقة، فهو ذلك الرجل الشاهق الرابض هناك في المدينة .. عمر بن الخطاب ..
فاذا مضى عبادة يقيس تصرّفات معاوية بهذا المقياس، فستكون الشقة بين الاثنين واسعة، وسيكون الصراع محتوما .. وقد كان .. !!
يقول عبادة رضي الله عنه : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا نخاف في الله لومة لائم " .. وعبادة خير من يفي بالبيعة، واذن فهو لن يخشى معاوية بكل سلطانه، وسيقف بالمرصاد لكل أخطائه ..
ولقد شهد أهل فلسطين يومئذ عجبا .. وترامت أنباء المعارضة الجسورة التي يشنّها عبادة على معاوية الى أقطار كثيرة من بلاد الاسلام فكانت قدوة ونبراسا ..
وعلى الرغم من الحلم الواسع الرحيب الذي اشتهر به معاوية فقد ضاق صدره بمواقف عبادة ورأى فيها تهديدا مباشرا لهيبة سلطانه ..
ورأى عبادة من جانبه أن مسافة الخلف بينه وبين معاوية تزداد وتتسع، فقال لمعاوية : " والله لا أساكنك أرضا واحدة أبدا ".. وغادر فلسطين الى المدينة ..
كان أمير المؤمنين عمر، عظيم الفطنة، بعيد النظر .. وكان حريصا على ألا يدع أمثال معاوية من الولاة الذين يعتمدون على ذكائهم ويستعملونه بغير حساب دون أن يحيطهم بنفر من الصحابة الورعين الزاهدين والنصحاء المخلصين، كي يكبحوا جماح الطموح والرغبة لدى أولئك الولاة، وكي يكونوا لهم وللناس تذكرة دائمة بأيام الرسول وعهده ..
من أجل هذا لم يكد أمير المؤمنين يبصر عبادة بن الصامت وقد عاد الى المدينة حتى ساله : " ما الذي جاء بك يا عبادة"... ؟؟ ولما قصّ عليه ما كان بينه وبين معاوية قال له عمر : " ارجع الى مكانك، فقبّح الله أرضا ليس فيها مثلك .. !! ثم أرسل عمر الى معاوية كتابا يقول فيه : "لا امرة لك على عبادة " .. !!
أجل ان عبادة أمير نفسه ..
وحين يكرّم عمر الفاروق رجلا مثل هذا التكريم، فانه يكون عظيما ..
وقد كان عبادة عظيما في ايمانه، وفي استقامة ضميره وحياته ...
وفي العام الهجري الرابع والثلاثين، توفي بالرملة في أرض فلسطين هذا النقيب الراشد من نقباء الأنصار والاسلام، تاركا في الحياة عبيره وشذاه ....

ولد في أحضان النعيم ..
فقد اكن أبوه حاكم الأبلّة ووليا عليها لكسرى .. وكان من العرب الذين نزحوا الى العراق قبل الاسلام بعهد طويل، وفي قصره القائم على شاطئ الفرات، مما يلي الجزيرة والموصل، عاش الطفل ناعما سعيدا ..
وذات يوم تعرضت البلاد لهجوم الروم وأسر المغيرون أعدادا كثيرة وسبوا ذلك الغلام " صهيب بن سنان " ..
ويقتنصه تجار الرقيق، وينتهي طوافه الى مكة، حيث بيع لعبد الله بن جدعان، بعد أن قضى طفولته وشبابه في بلاد الروم، حتى أخذ لسانهم ولهجتهم .
ويعجب سيده بذكائه ونشاطه واخلاصه، فيعتقه ويحرره، ويهيء له فرصة الاتجار معه .
وذات يوم .. ولندع صديقه عمار بن ياسر يحدثنا عن ذلك اليوم : " لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها .. فقلت له : ماذا تريد .. ؟ فأجابني وما تريد أنت .. ؟ قلت له : أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول .
قال : وأنا اريد ذلك .. فدخلنا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فعرض علينا الاسلام فأسلمنا .
ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا .. ثم خرجنا ونحن مستخفيان " !!
عرف صهيب طريقع اذن الى دار الأرقم .. عرف طريقه الى الهدى والنور، وأيضا الى التضحية الشاقة والفداء العظيم .. فعبور الباب الخشبي الذي كان يفصل داخل دار الأرقم عن خارجها لم يكن يعني مجرّد تخطي عتبة .. بل كان يعني تخطي حدود عالم بأسره .. !
عالم قديم بكل ما يمثله من دين وخلق، ونظام وحياة ..
وتخطي عتبة دار الأرقم، التي لم يكن عرضها ليزيد عن قدم واحدة كان يعني في حقيقة الأمر وواقعه عبور خضمّ من الأهوال، واسع، وعريض .. واقتحام تلك العتبة، كان ايذانا بعهد زاخر بالمسؤليات الجسام .. !

وبالنسبة للفقراء، والغرباء، والرقيق، كان اقتحام عقبة دار الأرقم يعني تضحية تفوق كل مألوف من طاقات البشر .
وان صاحبنا صهيبا لرجل غريب .. وصديقه الذي لقيه على باب الدار، عمّار بن ياسر رجل فقير.. فما بالهما يستقبلان الهول ويشمّران سواعدهما لملاقاته .. ؟؟
انه نداء الايمان الذي لا يقاوم .. وانها شمائل محمد عليه الصلاة والسلام، الذي يملؤ عبيرها أفئدة الأبرار هدى وحبا .. وانها روعة الجديد المشرق ، تبهر عقولا سئمت عفونة القديم، وضلاله وافلاسه ..
وانها قبل هذا كله رحمة الله يصيب بها من يشاء .. وهداه يهدي اليه من ينيب ...أخذ صهيب مكانه في قافلة المؤمنين .. وأخذ مكانا فسيحا وعاليا بين صفوف المضطهدين والمعذبين .. !! ومكانا عاليا كذلك بين صفوف الباذلين والمفتدين ..
وانه ليتحدث صادقا عن ولائه العظيم لمسؤولياته كمسلم بايع الرسول، وسار تحت راية الاسلام فيقول : " لم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا قط الا كنت حاضره ..
ولم يبايع بيعة قط الا كنت حاضرها .. ولا يسر سرية قط. الا كنت حاضرها ..
ولا غزا غزاة قط، أوّل الزمان وآخره، الا منت فيها عن يمينه أ، شماله ..
وما خاف المسلمون أمامهم قط، الا كنت أمامهم .. ولا خافوا وراءهم الا كنت وراءهم ..
وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين االعدوّ أبدا حتى لقي ربه " !!
هذه صورة باهرة، لايمان فذ وولاء عظيم ..
ولقد كان صهيب رضي الله عنه وعن اخوانه أجمعين، أهلا لهذا الايمان المتفوق من أول يوم استقبل فيه نور الله، ووضع يمينه في يكين الرسول ..
يومئذ أخذت علاقاته بالناس، وبالدنيا، بل وبنفسه، طابعا جديدا، يومئذ، امتشق نفسا صلبة، زاهدة متفانية، وراح يستقبل بها الأحداث فيطوّعها، والأهوال فيروّعها .
ولقد مضى يواجه تبعاته في اقدام وجسور، فلا يتخلف عن مشهد ولا عن خطر .. منصرفا ولعه وشغفه عن الغنائم الى المغارم .. وعن شهوة الحياة، الى عشق الخطر وحب الموت ..
ولقد افتتح أيام نضاله النبيل وولائه الجليل بيوم هجرته، ففي ذلك اليوم تخلى عن كل ثروته وجميع ذهبه الذي أفاءته عليه تجارته الرابحة خلال سنوات كثيرة قضاها في مكة.. تخلى عن كل هذه الثروة وهي كل ما يملك في لحظة لم يشب جلالها تردد ولا نكوص .

فعندما همّ الرسول بالهجرة، علم صهيب بها، وكان المفروض أن يكون ثالث ثلاثة، هم الرسول .. وأبو بكر .. وصهيب ..
بيد أن القرشيين كانوا قد بيتوا أمرهم لمنع هجرة الرسول ..
ووقع صهيب في بعض فخاخهم، فعوّق عن الهجرة بعض الوقت بينما كان الرسول وصاحبه قد اتخذا سبيلهما على بركة الله ..
وحاور صهيب وداور، حتى استطاع أن يفلت من شانئيه، وامتطى ظهر ناقته، وانطلق بها الصحراء وثبا ..
بيد أن قريشا أرسلت في أثره قناصتها فأدركوهخ .. ولم يكد صهيب يراهم ويواجههم من قريب حتى صاح فيهم قائلا : " يا معشر قريش .. لقد علمتم أني من أرماكم رجلا .. وأيم الله لا تصلون اليّ حتى ارمي كبل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا ان شئتم .. وان شئتم دللتكم على مالي، وتتركوني وشاني " ..
ولقد استاموا لأنفسهم، وقبلوا أن يأخذوا ماله قائلين له : أتيتنا صعلوكا فقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك وبمالك .. ؟؟
فدلهم على المكان الذي خبأ فيه ثروته، وتركوه وشأنه، وقفلوا الى مكة راجعين ..
والعجب أنهم صدقوا قوله في غير شك، وفي غير حذر، فلم يسألوه بيّنة .. بل ولم يستحلفوه على صدقه .. !! وهذا موقف يضفي على صهيب كثيرا من العظمة يستحقها كونه صادق وأمين .. !!
واستأنف صهيب هجرته وحيدا سعيدا، حتى أردك الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء ..
كان الرسول حالسا وحوله بعض أصحابه حين أهل عليهم صهيب ولم يكد يراه الرسول حتى ناداه متهلا : " ربح البيع أبا يحيى .. !! ربح البيع أبا يحيى .. !! وآنئذ نزلت الآية الكريمة : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله، والله رؤوف بالعباد) ..
أجل لقد اشترى صهيب نفسه المؤمنة ابتغاء مرضات الله بكل ثروته التي أنفق شبابه في جمعها، ولم يحس قط أنه المغبون .. فما المال، وما الذهب وما الدنيا كلها، اذا بقي له ايمانه، واذا بقيت لضميره سيادته .. ولمصيره ارادته .. ؟؟

كان الرسول يحبه كثيرا.. وكان صهيب الى جانب ورعه وتقواه، خفيف الروح، حاضر النكتة..
رآه الرسول يأكل رطبا، وكان باحدى عينيه رمد ، فقال له الرسول ضاحكا : " أتأكل الرطب وفي عينيك رمد " ؟ فأجاب قائلا : " وأي بأس ..؟ اني آكله بعيني الآخرى " .. !!
وكان جوّادا معطاء .. ينفق كل عطائه من بيت المال في سبيل الله، يعين محتاجا .. يغيث مكروبا .. " ويطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " .
حتى لقد أثار سخاؤه المفرط انتباه عمر فقال له : أراك تطعم كثيرا حتى انك لتسرف .. ؟
فأجابه صهيب لقد سمعت رسول الله يقول : " خياركم من أطعم الطعام " .
ولئن كانت حياة صهيب مترعة بالمزايا والعظائم، فان اختيار عمر بن الخطاب اياه ليؤم المسلمين في الصلاة مزية تملأ حياته ألفة وعظمة ..
فعندما اعتدي على أمير المؤمنين وهو يصلي بالمسلمين صلاة الفجر ..
وعندما احس نهاية الأجل، فراح يلقي على اصحابه وصيته وكلماته الأخيرة قال : " وليصلّ بالناس صهيب " ..
لقد اختار عمر يومئذ ستة من الصحابة، ووكل اليهم أمر الخليفة الجديد ..
وخليفة المسلمين هو الذي يؤمهم في الصلاة، ففي الأيام الشاغرة بين وفاة أمير المؤمنين، واختيار الخليفة الجديد، من يؤم المسلمين في الصلاة .. ؟
ان عمر وخاصة في تلك الللحظات التي تأخذ فيها روحه الطاهرة طريقها الى الله ليستأني ألف مرة قبل أن يختار .. فاذا اختار، فلا أحد هناك أوفر حظا ممن يقع عليه الاختيار .. ولقد اختار عمر صهيبا .. اختاره ليكون امام المسلمين في الصلاة حتى ينهض الخليفة الجديد .. بأعباء مهمته ..
اختاره وهو يعلم أن في لسانه عجمة، فكان هذا الاختيار من تمام نعمة الله على عبده الصالح صهيب بن سنان ..

أعلنت القوات المسلحة المصرية، في بيان لها اليوم السبت، أنها تتابع عن كثب الأحداث الجارية داخل الأراضى السودانية.

وقالت القوات المسلحة: فى إطار وجود قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظرائها في السودان؛ جار التنسيق مع الجهات المعنية في السودان؛ لضمان تأمين القوات المصرية

وأهابت القوات المسلحة المصرية الحفاظ على أمن وسلامة القوات المصرية.جاء ذلك في بيان رسمي للمتحدث العسكري العقيد أركان حرب غريب عبد الحافظ، على صفحته الرسمية عبر "فيسبوك

عندما نزل مصعب بن عمير المدينة موفدا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليعلم الأنصار الذين بايعوا الرسول على الاسلام، وليقيم بهم الصلاة، كان عباد بن بشر رضي الله عنه واحدا من الأبرار الذين فتح الله قلوبهم للخير، فأقبل على مجلس مصعب وأصغى اليه ثم بسط يمينه يبايعه على الاسلام، ومن يومئذ أخذ مكانه بين الأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ..
وانتقل النبي الى المدينة مهاجرا، بعد أن سبقه اليها المؤمنون بمكة ..
وبدأت الغزوات التي اصطدمت فيها قوى الخير والنور مع قوى الظلام والشر ..
وفي تلك المغازي كان عباد بن بشر في الصفوف الأولى يجاهد في سبيل الله متفانيا بشكل يبهر الألباب ..
ولعل هذه الواقعة التي نرويها الآن تكشف عن شيء من بطولة هذا المؤمن العظيم ..
بعد أن فرغ رسول الله والمسلمين من غزوة ذات الرقاع نزلوا مكانا يبيتون فيه، واختار الرسول للحراسة نفرا من الصحابة يتناوبونها وكان منهم عمار بن ياسر وعباد بن بشر في نوبة واحدة ..
ورأى عباد صاحبه عمار مجهدا، فطلب منه أن ينام أول الليل على أن يقوم هو بالحراسة حتى يأخذ صاحبه من الراحة حظا يمكنه من استئناف الحراسة بعد أن يصحو ..
ورأى عباد أن المكان من حوله آمن، فلم لا يملأ وقته اذن بالصلاة، فيذهب بمثوبتها مع مثوبة الحراسة .. ؟!
وقام يصلي ..
واذ هو قائم يقرأ بعد فاتحة الكتاب سور من القرآن، احترم عضده سهم فنزعه واستمر في صلاته .. !
ثم رماه المهاجم في ظلام الليل بسهم ثان نزعه وأنهى تلاوته ..
ثم ركع، وسجد .. وكانت قواه قد بددها الاعياء والألم، فمدّ يمينه وهو ساجد الى صاحبه النائم جواره، وظل يهزه حتى استيقظ .. ثم قام من سجوده وتلا التشهد .. وأتم صلاته ..
وصحا عمار على كلماته المتهدجة المتعبة تقول له : " قم للحراسة مكاني فقد أصبت " ..
ووثب عمار محدثا ضجة وهرولة أخافت المتسللين، ففرّوا ثم التفت الى عباد وقال له :" سبحان الله ..هلا أيقظتني أوّل ما رميت " ؟؟فأجابه عباد :" كنت أتلو في صلاتي آيات من القرآن ملأت نفسي روعة فلم أحب أن أقطعها ..
ووالله، لولا أن أضيع ثغرا أمرني الرسول بحفظه لآثرت الموت على أن أقطع تلك الآيات التي كنت أتلوها " !!
كان عباد شديد الولاء والحب لله، ولرسوله ولدينه ..
وكان هذا الولاء يستغرق حياته كلها وحسه كله ..
ومنذ سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول مخاطبا الأنصار الذين هو منهم : " يا معشر الأنصار .. أنتم الشعار، والناس الدثار .. فلا أوتيّن من قبلكم " ..
نقول منذ سمع عباد هذه الكلمات من رسوله، ومعلمه، وهاديه الى الله، وهو يبذل روحه وماله وحياته في سبيل الله وفي سبيل رسوله ..
في مواطن التضحية والموت، يجيء دوما أولا ..
وفي مواطن الغنيمة والأخذ، يبحث عنه أصحابه في جهد ومشقة حتى يجدوه .. !
وهو دائما : عابد، تستغرقه العبادة ..
بطل، تستغرقه البطولة ..
جواد، يستغرقه الجود ..
مؤمن قوي نذر حياته لقضية الايمان .. !!
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " ثلاثة من الأنصار لم يجاوزهم في الفضل أحد : 
" سعد بن معاذ .. وأسيد بن خضير .. وعبّاد بن بشر " ...
وعرف المسلمون الأوائل عبادا بأنه الرجل الذي معه نور من الله ..
فقد كانت بصيرته المجلوّة المضاءة تهتدي الى مواطن الخير واليقين في غير بحث أو عناء ..
بل ذهب ايمان اخوانه بنوره الى الحد الذي أسبغوا عليه في صورة الحس والمادة، فأجمعوا على ان عبادا كان اذا مشى في الظلام انبعثت منه أطياف نور وضوء، تضيء له الطريق ..
وفي حروب الردة، بعد وفاة الرسول عليه السلام، حمل عباد مسؤولياته في استبسال منقطع النظير ..
وفي موقعة اليمامة التي واجه المسلمون فيها جيشا من أقسى وأمهر الجيوش تحت قيادة مسيلمة الكذاب أحسّ عبّاد بالخطر الذي يتهدد الاسلام ..
وكانت تضحيته وعنفوانه يتشكلان وفق المهام التي يلقيها عليه ايمانه، ويرتفعان الى مستوى احساسه بالخطر ارتفاعا يجعل منه فدائيا لا يحرص على غير الموت والشهادة ..
وقبل أن تبدأ معركة اليمامة بيوم، رأى في منامه رؤيا لم تلبث أن فسرت مع شمس النهار، وفوق أرض المعركة الهائلة الضارية التي خاضها المسلمون. .
ولندع صحابيا جليلا هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقص علينا الرؤيا التي رآها عبّاد وتفسيره لها، ثم موقفه الباهر في القتال الذي انتهى باستشهاده ..
يقول أبو سعيد : " قال لي عباد بن بشر يا أبا سعيد رأيت الليلة، كأن السماء قد فرجت لي، ثم أطبقت عليّ .. واني لأراها ان شاء الله الشهادة .. !!
فقلت له : خيرا والله رأيت ..
واني لأنظر اليه يوم اليمامة، وانه ليصيح بالأنصار : احطموا جفون السيوف، وتميزوا من الناس .. فسارع اليه أربعمائة رجل، كلهم من الأنصار، حتى انتهوا الى باب الحديقة، فقاتلوا أشد القتال ..
واستشهد عباد بن بشر رحمه الله ..
ورأيت في وجهه ضربا كثيرا، وما عرفته الا بعلامة كانت في جسده ..
هكذا ارتفع عباد الى مستوى واجباته كؤمن من الأنصار، بايع رسول الله على الحياة لله، والموت في سبيله ..
وعندما رأى المعركة الضارية تتجه في بدايتها لصالح الأعداء، تذكر كلمات رسول الله لقومه الأنصار : " أنتم الشعار .. فلا أوتيّن من قبلكم " ..
وملأ الصوت روعه وضميره ..
حتى لكأن الرسول عليه الصلاة والسلام قائم الآن يردده كلماته هذه ..
وأحس عباد أن مسؤولية المعركة كلها انما تقع على كاهل الأنصار وحدهم .. أو على كاهلهم قبل سواهم .. هنالك اعتلى ربوة وراح يصيح : " يا معشر الأنصار .. احطموا جفون السيوف .. وتميزوا من الناس .. وحين لبّى نداءه أربعمائة منهم قادهم هو وأبو دجانة والبراء ابن مالك الى حديقة الموت حيث كان جيش مسيلمة يتحصّن .. وقاتل البطل القتال اللائق به كرجل .. وكمؤمن .. وكأنصاري ..
وفي ذلك اليوم المجيد استشهد عباد ..
لقد صدقت رؤياه التي رآها في منامه بالأمس. .
ألم يكن قد رأى السماء تفتح، حتى اذا دخل من تلك الفرجة المفتوحة، عادت السماء فطويت عليه، وأغلقت ؟؟
وفسرّها هو بأن روحه ستصعد في المعركة المنتظرة الى بارئها وخالقها .. ؟؟
لقد صدقت الرؤيا، وصدق تعبيره لها ..
ولقد تفتحت أبواب السماء لتستقبل في حبور، روح عبّاد بن بشر ..
الرجل الذي كان معه من الله نور .. !!

في بيعة العقبة الثانية التي مر بنا ذكرها كثيرا، والتي بايع الرسول صلى الله عليه وسلم فيها سبعون رجلا وسيدتان من أهل المدينة، كان حبيب بن زيد وأبوه زيد بن عاصم رضي الله عنهما من السبعين المباركين ..
وكانت أمه نسيبة بنت كعب أولى السيدتان اللتين بايعتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما السيدة الثانية فكانت خالته .. !!
هو اذن مؤمن عريق جرى الايمان في أصلابه وترائبه ..
ولقد عاش الى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته الى المدينة لا يتخلف عن غزوة، ولا يقعد عن واجب ..
وذات يوم شهد جنوب الجزيرة العربية كذابين عاتيين يدّعيان النبوة ويسوقان الناس الى الضلال ..
خرج أحدهما بصنعاء، وهو الأسود بن كعب العنسي ..
وخرج الثاني باليمامة، وهو مسيلمة الكذاب ..
وراح الكذابان يحرّضان الناس على المؤمنين الذين استجابوا لله، وللرسول في قبائلهما، ويحرّضان على مبعوثي رسول الله الى تلك الديار ..
وأكثر من هذا، راحا يشوّشان على النبوة نفسها، ويعيثان في الأرض فسادا وضلالا ..
وفوجئ الرسول يوما بمبعوث بعثه مسيلمة يحمل منه كتابا يقول فيه "من مسيلمة رسول الله، الى محمد رسول الله .. سلام عليك .. أم بعد، فاني قد أشركت في الأمر معك، وان لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها، ولكنّ قريشا قوم يعتدون " !!!
ودعا رسول الله أحد أصحابه الكاتبين، وأملى عليه ردّه على مسيلمة : " بسم الله الرحمن الرحيم .. من محمد رسول الله، الى مسيلمة الكذاب .. السلام على من اتبع الهدى .. أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين " !!
وجاءت كلمات الرسول هذه كفلق الصبح. ففضحت كذاب بني حنيفة الذي ظنّ النبوّة ملكا، فراح يطالب بنصف الأرض ونصف العباد .. !
وحمل مبعوث مسيلمة رد الرسول عليه السلام الى مسيلمة الذي ازداد ضلالا واضلالا ..
ومضى الكذب ينشر افكه وبهتانه، وازداد أذاه للمؤمنين وتحريضه عليهم، فرأى الرسول أن يبعث اليه رسالة ينهاه فيها عن حماقاته ..
ووقع اختياره على حبيب بن زيد ليحمله الرسالة مسيلمة ..
وسافر حبيب يغذّ الخطى، مغتبطا بالمهمة الجليلة التي ندبه اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ممنّيا نفسه بأن يهتدي الى الحق، قلب مسيلمة فيذهب حبيب بعظيم الأجر والمثوبة ..
وبلغ المسافر غايته ..
وفضّ مسيلمة الكذاب الرسالة التي أعشاه نورها، فازداد امعانا في ضلاله وغروره ..
ولما لم يكن مسيلمة أكثر من أفّاق دعيّ، فقد تحلى بكل صفات الأفّاقين الأدعياء .. !!
وهكذا لم يكن معه من المروءة ولا من العروبة والرجولة ما يردّه عن سفك دم رسول يحمل رسالة مكتوبة .. الأمر الذي كانت العرب تحترمه وتقدّسه .. !!
وأراد قدر هذا الدين العظيم، الاسلام، أن يضيف الى دروس العظمة والبطولة التي يلقيها على البشرية بأسرها، درسا جديدا موضوعه هذه المرة، وأستاذه أيضا، حبيب بن زيد .. !!
جمع الكذاب مسيلمة قومه، وناداهم الى يوم من أيامه المشهودة ..
وجيء بمبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبيب بن زيد، يحمل آثار تعذيب شديد أنزله به المجرمون، مؤملين أن يسلبوا شجاعة روحه، فيبدو امام الجميع متخاذلا مستسلما، مسارعا الى الايمان بمسيلمة حين يدعى الى هذا الايمان أمام الناس .. وبهذا يحقق الكذاب الفاشل معجزة موهومة أمام المخدوعين به ..
قال مسيلمة لـ حبيب : " أتشهد أن محمدا رسول الله .. ؟
وقال حبيب : نعم أشهد أن محمدا رسول الله ..
وكست صفرة الخزي وجه مسيلمة وعاد يسألأ :
وتشهد أني رسول الله .. ؟؟

وأجاب حبيب في سخرية قاتلة : اني لا أسمع شيئا .. !!
وتحوّلت صفرة الخزي على وجه مسيلمة الى سواد حاقد مخبول ..
لقد فشلت خطته، ولم يجده تعذيبه، وتلقى أمام الذين جمعهم ليشهدوا معجزته.. تلقى لطمة قوية أشقطت هيبته الكاذبة في الوحل ..
هنالك هاج كالثور المذبوح، ونادى جلاده الذي أقبل ينخس جسد حبيب بسنّ سيفه ..

ثم راح يقطع جسده قطعة قطعة، وبضعة بضعة، وعضوا عضوا ..
والبطل العظيم لا يزيد على همهمة يردد بها نشيد اسلامه : " لا اله الا الله محمد رسول الله " ..
لو أن حبيبا أنقذ حياته يومئذ بشيء من المسايرة الظاهرة لمسيلمة، طاويا على الايمان صدره، لما نقض ايمانه شيئا، ولا أصاب اسلامه سوء ..
ولكن الرجل الذي شهد مع أبيه، وأمه، وخالته، وأخيه بيعة العقبة، والذي حمل منذ تلك اللحظات الحاسمة المباركة مسؤولية بيعته وايمانه كاملة غير منقوصة، ما كان له أن يوازن لحظة من نهار بين حياته ومبدئه ..
ومن ثمّ لم يكن أمامه لكي يربح حياته كلها مثل هذه الفرصة الفريدة التي تمثلت فيها قصة ايمانه كلها .. ثبات، وعظمة، وبطولة، وتضحية، واستشهاد في سبيل الهدى والحق يكاد يفوق في حلاوته، وفي روعته كل ظفر وكل انتصار .. !!
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم نبأ استشهاد مبعوثه الكريم، واصطبر لحكم ربه، غهو يرى بنور الله مصير هذا الكذاب مسيلمة، ويكاد يرى مصرعه رأي العين ..
أما نسيبة بنت كعب أم حبيب فقد ضغطت على أسنانها طويلا، ثم أطلقت يمينا مبررا لتثأرن لولدها من مسيلمة ذاته، ولتغوصنّ في لحمه الخبيث برمحها وسيفها ..
وكان القدر الذي يرمق آنئذ جزعها وصبرها وجلدها، يبدي اعجابا كبيرا بها، ويقرر في نفس الوقت أن يقف بجوارها حتى تبرّ بيمينها .. !!
ودارت من الزمان دورة قصيرة .. جاءت على أثرها الموقعة الخالدة، موقعة اليمامة ..
وجهّز أبو بكر الصدّيق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الاسلام الذاهب الى اليمامة حيث أعدّ مسيلمة أضخم جيش ..
وخرجت نسيبة مع الجيش ..
وألقت بنفسها في خضمّ المعركة، في يمناها سيف، وفي يسراها رمح، ولسانها لا يكفّ عن الصياح : " أين عدوّ الله مسيلمة " ؟؟
ولما قتل مسيلمة، وسقط أتباعه كالعهن المنفوش، وارتفعت رايات الاسلام عزيزة ظافرة .. وقفت نسيبة وقد ملىء جسدها الجليل، القوي بالجراح وطعنات الرمح ..
وقفت تستجلي وجه ولدها الحبيب، الشهيد حبيب فوجدته يملأ الزمان والمكان .. !!
أجل ..
ما صوّبت نسيبة بصرها نحو راية من الرايات الخفاقة المنتصرة الضاحكة الا رأت عليها وجه ابنها حبيب خفاقا .. منتصرا .. ضاحكا ..

أقلقت الأنباء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عندما جاءته تترى بالهجمات الغادرة التي تشنها قوات الفرس على المسلمين .. وبمعركة الجسر التي ذهب ضحيتها في يوم واحد أربعة آلاف شهيد .. وبنقض أهل العراق عهودهم، والمواثيق التي كانت عليهم.. فقرر أن يذهب بنفسه لبقود جيوش المسلمين، في معركة فاصلة ضد الفرس .
وركب في نفر من أصحابه مستخلفا على المدينة علي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه .. ولكنه لم يكد يمضي عن المدينة حتى رأى بعض أصحابه أن يعود، وينتدب لهذه الهمة واحدا غيره من أصحابه ..

وتبنّى هذا الرأي عبد الرحمن بن عوف، معلنا أن المخاطرة بحياة أمير المؤمنين على هذا النحو والاسلام يعيش أيامه الفاصلة، عمل غير سديد ..
وأمر عمر أن يجتمع المسلمون للشورى ونودي : _الصلاة جامعة _ واستدعي علي ابن أبي طالب، فانتقل مع بعض أهل المدينة الى حيث كان أمير المؤمنين وأصحابه .. وانتهى الرأي الى ما نادى به عبد الرحمن بن عوف، وقرر المجتمعون أن يعود عمر الى المدينة، وأن يختار للقاء الفرس قائدا آخر من المسلمين ..
ونزل أمير المؤمنين على هذا الرأي، وعاد يسأل أصحابه : فمن ترون أن نبعث الى العراق .. ؟؟ وصمتوا قليلا يفكرون .. ثم صاح عبد الرحمن بن عوف : وجدته .. !! قال عمر : فمن هو .. ؟ قال عبد الرحمن : " الأسد في براثنه .. سعد بن مالك الزهري .. "
وأيّد المسلمون هذا الاختيار، وأرسل أمير المؤمنين الى سعد بن مالك الزهري " سعد بن أبي وقاص " وولاه امارة العراق، وقيادة الجيش .. فمن هو الأسد في براثنه .. ؟ 
من هذا الذي كان اذا قدم على الرسول وهو بين أصحابه حياه وداعبه قائلا : " هذا خالي فليرني امرؤ خاله " !!

انه سعد بن أبي وقاص .. جده أهيب بن مناف، عم السيدة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
لقد عانق الاسلام وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان اسلامه مبكرا، وانه ليتحدث عن نفسه فيقول : ".. ولقد أتى عليّ يوم، واني لثلث الاسلام" .. !! يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا الى الاسلام ..
ففي الأيام الأولى التي بدأ الرسول يتحدث فيها عن الله الأحد، وعن الدين الجديد الذي يزف الرسول بشراه، وقبل أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم ملاذا له ولأصحابه الذين بدءوا يؤمنون به .. كان سعد ابن أبي وقاص قد بسط يمينه الى رسول الله مبايعا ..
وانّ كتب التارييخ والسّير لتحدثنا بأنه كان أحد الذين أسلموا باسلام أبي بكر وعلى يديه .. ولعله يومئذ أعلن اسلامه مع الذين أعلنوه باقناع أبي بكر ايّاهم، وهم عثمان ابن عفان، والزبير ابن العوّام، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله .
ومع هذا لا يمنع سبقه بالاسلام سرا .. وان لسعد بن أبي وقاص لأمجاد كثيرة يستطيع أن يباهي بها ويفخر ..
بيد أنه لم يتغنّ من مزاياه تلك، الا بشيئين عظيمين ..
أولهما : أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من رمي أيضا ..
وثانيهما : أنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد : " ارم سعد فداك أبي وأمي " ..
أجل كان دائما يتغنى بهاتين النعمتين الجزيلتين، ويلهج يشكر الله عليهما فيقول : " والله اني لأوّل رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله " .
ويقول علي ابن أبي طالب : " ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا، فاني سمعته يوم أحد يقول : ارم سعد .. فداك أبي وأمي "..
كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه ..
اذا رمى في الحرب عدوّا أصابه .. واذا دعا الله دعاء أجابه .. !!
وكان، وأصحابه معه، يردّون ذلك الى دعاء الرسول له .. فذات يوم وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم منه ما سرّه وقرّ عينه، دعا له هذه الدعوة المأثورة .. " اللهم سدد رميته .. وأجب دعوته " .
وهكذا عرف بين اخوانه وأصحابه بأن دعوته كالسيف القاطع، وعرف هو ذلك نفسه وأمره، فلم يكن يدعو على أحد الا مفوّضا الى الله أمره .

من ذلك ما يرويه عامر بن سعد فيقول : " رأى سعد رجلا يسب عليا، وطلحة والزبير فنهاه، فلم ينته، فقال له : اذن أدعو عليك، فقال ارجل : أراك تتهددني كأنك نبي .. !!
فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين، ثم رفع يديه وقال : اللهم ان كنت تعلم أن هذا الرجل قد سبّ أقواما سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبّه ايّاهم، فاجعله آية وعبرة .. فلم يمض غير وقت قصير، حتى خرجت من احدى الدور ناقة نادّة لا يردّها شيء حتى دخلت في زحام الناس، كأنها تبحث عن شيء، ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها .. وما زالت تتخبطه حتى مات " ..
ان هذه الظاهرة، تنبىء أوّل ما تنبىء عن شفافية روحه، وصدق يقينه، وعمق اخلاصه .
وكذلكم كان سعد، روحه حر .. ويقينه صلب .. واخلاصه عميق .. وكان دائب الاستعانة على دعم تقواه باللقمة الحلال، فهو يرفض في اصرار عظيم كل درهم فيه اثارة من شبهة ..
ولقد عاش سعد حتى صار من أغنياء المسلمين وأثريائهم، ويوم مات خلف وراءه ثروة غير قليلة.. ومع هذا فاذا كانت وفرة المال وحلاله قلما يجتمعان، فقد اجتمعا بين يدي سعد .. اذ آتاه الله الكثير، الحلال، الطيب ..
وقدرته على جمع المال من الحلال الخالص، يضاهيها، قدرته في انفاقه في سبيل الله ..
في حجة الوداع، كان هناك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصابه المرض، وذهب الرسول يعوده، فساله سعد قائلا : " يا رسول الله، اني ذو مال ولا يرثني الا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي .. ؟ قال النبي : لا .
قلت : فبنصفه ؟ قال النبي : لا ، قلت : فبثلثه .. ؟ قال النبي : نعم، والثلث كثير .. انك ان تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا أجرت بها، حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك " .. ولم يظل سعد أبا لبنت واحدة.. فقد رزق بعد هذا أبناء آخرين .. وكان سعد كثير البكاء من خشية الله .

وكان اذا استمع للرسول يعظهم، ويخطبهم، فاضت عيناه من الدمع حتى تكاد دموعه تملؤ حجره .. وكان رجلا أوتي نعمة التوفيق والقبول ..
ذات يوم والنبي جالس مع أصحابه، رنا بصره الى الأفق في اصغاء من يتلقى همسا وسرا .. ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم : " يطلع علينا الآن رجل من أهل الجنة " .. وأخذ الأصحاب يتلفتون صوب كل اتجاه يستشرفون هذا السعيد الموفق المحظوظ. .
وبعد حين قريب، طلع عليهم سعد بن أبي وقاص .
ولقد لاذ به فيما بعد عبد الله بن عمرو بن العاص سائلا اياه في الحاح أن يدله على ما يتقرّب الى الله من عمل وعبادة، جعله أهل لهذه المثوبة، وهذه البشرى .. فقال له سعد : " لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد .. غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوءا " .
هذا هو الأسد في براثنه، كما وصفه عبد الرحمن بن عوف ..
وهذا هو الرجل الذي اختاره عمر ليوم القادسية العظيم ..
كانت كل مزاياه تتألق أما بصيرة أمير المؤمنين وهو يختاره لأصعب مهمة تواجه الاسلام والمسلمين ..
انه مستجاب الدعوة .. اذا سأل الله النصر أعطاه اياه .. زانه عفّ الطعمة .. عف اللسان .. عف الضمير .. وانه واحد من أهل الجنة .. كما تنبأ له الرسول ..
وانه الفارس يوم بدر، والفارس يوم أحد .. والفارس في كل مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وأخرى، لا ينساها عمر ولا يغفل عن أهميتها وقيمتها وقدرها بين لخصائص التي يجب أن تتوفر لكل من يتصدى لعظائم الأمور، تلك هي صلابة الايمان ..
ان عمر لا ينسى نبأ سعد مع أمه يوم أسلم واتبع الرسول ..
يومئذ أخفقت جميع محاولات رده وصده عن سبيل الله .. فلجأت أمه الى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه الى وثنية أهله وذويه ..
لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب، حتى يعود سعد الى دين آبائه وقومه، ومضت في تصميم مستميت تواصل اضرابها عن الطعام والسراب حتى أوشكت على الهلاك ..
كل ذلك وسعد لا يبالي، ولا يبيع ايمانه ودينه بشيء، حتى ولو يكون هذا الشيء حياةأمه .. حين كانت تشرف على الموت، أخذه بعض أهله اليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت ..
وذهب سعد ورأى مشهد يذيب الصخر .. بيد أن ايمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل صخر، وعلى كل لاذ، فاقترب بوجهه من وجه أمه، وصاح بها لتسمعه : " تعلمين والله يا أمّه .. لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء .. فكلي ان شئت أو لا تأكلي ".. !! وعدلت أمه عن عزمها .. ونزل الوحي يحيي موقف سعد، ويؤيده فيقول : (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) ..
أليس هو الأسد في براثنه حقا .. ؟؟
اذن فليغرس أمير المؤمنين لواء القادسية في يمينه. وليرم به الفرس المجتمعين في أكثر من مائةألف من المقاتلين المدربين، المدججين بأخطر ما كانت تعرفه الأرض يومئذ من عتاد وسلاح .. تقودهم أذكى عقول الحرب يومئذ، وأدهى دهاتها ..
أجل الى هؤلاء في فيالقهم الرهيبة .. خرج سعد في ثلاثين ألف مقاتل لا غير .. في أيديهم رماح .. ولكن في قلوبهم ارادة الدين الجديد بكل ما تمثله من ايمان وعنفوان، وشوق نادر وباهر الى الموت والى الشهادة .. !! والتقى الجمعان .
ولكن لا .. لم يلتق الجمعان بعد .. وأن سعدا هناك ينتظر نصائح أمير المؤمنين عمر وتوجيهاته .. وها هو ذا كتاب عمر اليه يأمره فيه بالمبادرة الى القادسية، فانها باب فارس ويلقي على قلبه كلمات نور وهدى : " يا سعد بن وهيب ..
لا يغرّنّك من الله، أن قيل : خال رسول الله وصاحبه، فان الله ليس بينه وبين أحد نسب الا بطاعته .. والناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء .. الله ربهم، وهم عباده .. يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عند الله بالطاعة، فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعث الى أن فارقنا عليه، فالزمه، فانه الأمر "
ثم يقول له : " اكتب اليّ بجميع أحوالكم .. وكيف تنزلون .. ؟ وأين يكون عدوّكم منكم .. واجعلني بكتبك اليّ كأني أنظر اليكم" .. !!
ويكتب سعد الى أمير المؤمنين فيصف له كل شيء حتى انه ليكاد يحدد له موقف كل جندي ومكانه .
وينزل سعد القادسية، ويتجمّع الفرس جيشا وشعبا، كما لم يتجمعوا من قبل، ويتولى قيادة الفرس أشهر وأخطر قوّادهم "رستم " ..

ويكتب سعد الى عمر، فيكتب اليه أمير المؤمنين : " لا يكربنّك ما تسمع منهم، ولا ما يأتونك به، واستعن بالله، وتوكل عليه، وابعث اليه رجالا من أهل لنظر والرأي والجلد، يدعونه الى الله .. واكتب اليّ في كل يوم .. " ويعود سعد فيكتب لأمير المؤمنين قائلا : " ان رستم قد عسكر ب "ساباط " وجرّ الخيول والفيلة وزحف علينا " .
ويجيبه عمر مطمئنا مشيرا .. ان سعد الفارس الذكي المقدام، خال رسول الله، والسابق الى الاسلام، بطل المعارك والغزوات، والذي لا ينبو له سيف، ولا يزيغ منه رمح .. يقف على رأس جيشه في احدى معارك التاريخ الكبرى، ويقف وكأنه جندي عادي .. لا غرور القوة، ولا صلف الزعامة، يحملانه على الركون المفرط لثقته بنفسه .. بل هو يلجأ الى أمير المؤمنين في المدينة وبينهما أبعاد وأبعاد، فيرسل له كل يوم كتابا، ويتبادل معه والمعركة الكبرى على وشك النشوب، المشورة والرأي ...
ذلك أن سعدا يعلم أن عمر في المدينة لا يفتي وحده، ولا يقرر وحجه .. بل يستشير الذين حوله من المسلمين ومن خيار أصحاب رسول الله .. وسعد لا يريد برغم كل ظروف الحرب، أن يحرم نفسه، ولا أن يحرم جيشه، من بركة الشورى وجدواها، لا سيّما حين يكون بين أقطابها عمر الملهم العظيم ..
وينفذ سعد وصية عمر، فيرسل الى رستم قائد الفرس نفرا من صحابه يدعونه الى الله والى الاسلام ..
ويطول الحوار بينهم وبين قائد الفرس، وأخيرا ينهون الحديث معه اذ يقول قائلهم : " ان الله اختارنا ليخرج بنا من يشاء من خلقه من الوثنية الى التوحيد ... ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الحكام الى عدل الاسلام .. فمن قبل ذلك منا، قبلنا منه، ورجعنا عنه، ومن قاتلنا قاتلناه حتى نفضي الى وعد الله .. "
ويسأل رستم : وما وعد الله الذي وعدكم اياه .. ؟؟ فيجيبه الصحابي : " الجنة لشهدائنا، والظفر لأحيائنا "
ويعود لبوفد الى قائد المسلمين سعد، ليخبروه أنها الحرب .. وتمتلىء عينا سعد بالدموع .. لقد كان يود لو تأخرت المعركة قليلا، أو تقدمت قليلا .. فيومئذ كان مرضه قد اشتد عليه وثقلت وطأته .. وملأت الدمامل جسده حتى ما كان يستطيع أن يجلس، فضلا أن يعلو صهوة جواده ويخوض عليه معركة بالغة الضراوة والقسوة .. !!

فلو أن المعركة جاءت قبل أن يمرض ويسقم، أولوأنها استأخرت حتى يبل ويشفى، اذن لأبلى فيها بلاءه العظيم .. أما الآن .. ولكن، لا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم علمهم ألا يقول أحدهم : لو، لأن لو هذه تعني العجز، والمؤمن القوي لا يعدم الحيلة، ولا يعجز أبدا .. عنئذ هب الأسد في براثنه ووقف في جيشه خطيبا، مستهلا خطابه بالآية الكريمة : (بسم الله الرحمن الرحيم .. ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) ..
وبعد فراغه من خطبته، صلى بالجيش صلاة الظهر، ثم استقبل جنوده مكبّرا أربعا : الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. 
ودوّى الكون وأوّب مع المكبرين، ومد ذراعه كالسهم النافذ مشيرا الى العدو، وصاح في جنوده : هيا على بركة الله ..
وصعد وهو متحاملا على نفسه وآلامه الى شرفة الدار التي كان ينزل بها ويتخذها مركزا لقيادته.. وفي الشرفة جلس متكئا على صدره فوق وسادة، باب داره مفتوح .. وأقل هجوم من الفرس على الدار يسقطه في أيديهم حيا أو ميتا.. ولكنه لا يرهب ولا يخاف ..
دمامله تنبح وتنزف، ولكنه عنها في شغل، فهو من الشرفة يكبر ويصيح .. ويصدر أوامره لهؤلاء : أن تقدّموا صوب الميمنة .. ولألئك : أن سدوا ثغرات الميسرة .. أمامك يا مغيرة .. وراءهم يا جرير .. اضرب يا نعمان .. اهجم يا أشعث .. وأنت يا قعقاع .. تقدموا يا أصحاب محمد.. !!
وكان صوته المفعم بقوة العزم والأمل، يجعل من كل جندي فردا، جيشا بأسره ، وتهاوى جنود الفرس كالذباب المترنّح، وتهاوت معهم الوثنية وعبادة النار .. !!
وطارت فلولهم المهزومة بعد أن رأوا مصرع قائدهم وخيرة جنودهم، وطاردهم كالجيش المسلم عتى نهاوند .. ثم المدائن فدخلوها ليحملوا ايوان كسرى وتاجه، غنيمة وفيئا .. !!
وفي موقعة المدائن أبلى سعد بلاء عظيما .. وكانت موقعة المدائن، بعد موقعة القادسية بقرابة عامين، جرت خلالهما مناوشات مستمرة بين الفرس والمسلمين، حتى تجمعن كل فلول الجيش الفارسي ويقاياه في المدائن نفسها، متأهبة لموقف أخير وفاصل ..
وأدرك سعد أن الوقت سيكون بجانب أعدائه، فقرر أن يسلبهم هذه المزية.. ولكن أنّى له ذلك وبينه وبين المدائن نهر دجلة في موسم فيضانه وجيشانه ..

هنا موقف يثبت فيه سعد حقا كما وصفه عبد الرحمن بن عوف الأسد في براثنه .. !!
ان ايمان سعد وتصميمه ليتألقان في وجه الخطر، ويتسوّران المستحيل في استبسال عظيم .. !!
وهكذا أصدر سعد أمره الى جيشه بعبور نهر دجلة .. وأمر بالبحث عن مخاضة في النهر تمكّن من عبور هذا النهر .. وأخيرا عثروا على مكان لا يخلو عبوره من المخاطر البالغة ..
وقبل أن يبدأ الجيش الجيش عملية المرور فطن القائد سعد الى وجوب تأمين مكان الوصول على الضفة الأخرى التي يرابط العطو حولها .. وعندئذ جهز كتيبتين ..
الأولى : واسمها كتيبة الأهوال وأمّر سعد عليها عاصم ابن عمرو والثانية : اسمها الكتيبة الخرساء وأمّر عليها القعقاع ابن عمرو ..
وكان على جنود هاتين الكتيبتين أن يخوضوا الأهوال لكي يفسحوا على الضفة الأخرى مكانا آمنا للجيش العابر على أثرهم .. ولقد أدوا العمل بمهارة مذهلة .. ونجحت خطة سعد يومئذ نجاحا يذهل له المؤرخون .. نجاحا أذهل سعد بن أبي وقاص نفسه .. وأذهل صاحبه ورفيقه في المعركة سلمان الفارسي الذي أخذ يضرب كفا بكف دهشة وغبطة، ويقول : " ان الاسلام جديد .. ذلّلت والله لهم البحار، كما ذلّل لهم البرّ .. والذي نفس سلمان بيده ليخرجنّ منه أفواجا، كما دخلوه أفواحا ".. !!
ولقد كان .. وكما اقتحموا نهر دجلة أفواجا، خرجوا منه أفواجا لم يخسروا جنديا واحدا، بل لم تضع منهم شكيمة فرس .. ولقد سقط من أحد المقاتلين قدحه، فعز عليه أن يكون الوحيد بين رفاقه الذي يضيع منه شيء، فنادى في أصحابه ليعاونوه على انتشاله، ودفعته موجة عالية الى حيث استطاع بعض العابرين التقاطه .. !!
وتصف لنا احدى الروايات التاريخية، روعة المشهد وهم يعبرون دجلة، فتقول : [أمر سعد المسلمين أن يقولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل .. ثم اقتحم بفرسه دجلة، واقتحم الناس وراءه، لم يتخلف عنه أحد، فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملؤا ما بين الجانبين، ولم يعد وجه الماء يرى من أفواج الفرسان والمشاة، وجعل الناس يتحدثون وهم يسيرون على وجه الماء كأنهم يتحدون على وجه الأرض؛ وذلك بسبب ما شعروا به من الطمأنينة والأمن، والوثوق بأمر الله ونصره ووعيده وتأييده] .. !!
ويوم ولى عمر سعدا امارة العراق، راح يبني للناس ويعمّر .. كوّف الكوفة، وأرسى قواعد الاسلام في البلاد العريضة الواسعة ..

وذات يوم شكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين .. لقد غلبهم طبعهم المتمرّد، فزعموا زعمهم الضاحك، قالوا : " ان سعدا لا يحسن يصلي ".. !! ويضحك سعد من ملء فاه، ويقول : "والله اني لأصلي بهم صلاة رسول الله .. أطيل في الركعتين الأوليين، وأقصر في الأخريين "..
ويستدعيه عمر الى المدينة، فلا يغضب، بل يلبي نداءه من فوره .. وبعد حين يعتزم عمر ارجاعه الى الكوفة، فيجيب سعد ضاحكا : " اأتمرني أن أعود الى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة " ؟؟ ويؤثر البقاء في المدينة ..
وحين اعتدي على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه، اختار من بين أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ستة رجال، ليكون اليهم أمر الخليفة الجديد قائلا انه اختار ستة مات رسول الله وهو عنهم راض .. وكان من بينهم سعد بن أبي وقاص .
بل يبدو من كلمات عمر الأخيرة، أنه لو كان مختارا لخلافة واحدا من الصحابة لاختار سعدا ..
فقد قال لأصحابه وهو يودعهم ويوصيهم : " ان وليها سعد فذاك .. وان وليه غيره فليستعن بسعد " .
ويمتد العمر بسعد .. وتجيء الفتنة الكبرى، فيعتزلها بل ويأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا اليه شيئا من أخبارها ..
وذات يوم تشرئب الأعناق نحوه، ويذهب اليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، ويقول له : يا عم، ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر .
فيجيبه سعد : " أريد من مائة ألف سيف، سيفا واحدا .. اذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا، واذا ضربت به الكافر قطع " .. !! ويدرك ابن أخيه غرضه، ويتركه في عزلته وسلامه ..
وحين انتهى الأمر لمعاوية، واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا : مالك لم تقاتل معنا .. ؟؟ فأجابه : " اني مررت بريح مظلمة، فقلت : أخ .. أخ .. واتخذت من راحلتي حتى انجلت عني .. " فقال زعاوية : ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله تعالى : (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فان بغت احداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله) .
وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية .
أجابه سعد قائلا : " ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله : أنت مني بمنزلة هرون من موسى الا أنه لا نبي بعدي " .
وذات يوم من أيام الرابع والخمسين للهجرة، وقد جاوز سعد الثمانين، كان هناك في داره بالعقيق يتهيأ لقاء الله .
ويروي لنا ولده لحظاته الأخيرة فيقول : [كان رأس أبي في حجري وهو يقضي فبكيت وقال : ما يبكيك يا بنيّ ؟؟
ان الله لا يعذبني أبدا وأني من أهل الجنة] .. !!
ان صلابة ايمانه لا يوهنها حتى رهبة المةت وزلزاله .
ولقد بشره الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو مؤمن بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام أوثق ايمان .. واذن ففيم الخوف .. ؟ [ان الله لا يعذبتي أبدا، واني من أهل الجنة] .
بيد أنه يريد أن يلقى الله وهو يحمل أروع وأجمل تذكار جمعه بدينه ووصله برسوله .. ومن ثمّ فقد أشار الى خزانته ففتوحها، ثم أخرجوا منها رداء قديما قي بلي وأخلق، ثم أمر أهله أن يكفنوه فيه قائلا : [لقد لقيت المشركين فيه يوم بدر، ولقد ادخرته لهذا اليوم] .. !!
اجل، ان ذلك الثوب لم يعد مجرّد ثوب .. انه العلم الذي يخفق فوق حياة مديدة شامخة عاشها صاحبها مؤمنا، صادقا شجاعا !! وفوق أعناق الرجال حمل الى المدينة جثمان آخر المهاجرين وفاة، ليأخذ مكانه في سلام الى جوار ثلة طاهرة عظيمة من رفاقه الذين سبقوه الى الله، ووجدت أجسامهم الكادحة مرفأ لها في تراب البقيع وثراه .
وداعا يا سعد .. !!
وداعا يا بطل القادسية، وفاتح المدائن، ومطفىء النار المعبودة في فارس الى الأبد .. !! .

في أجواء احتفالية مبهجة لأول مرة في تاريخ تعليم السويس ، وتنفيذاً لتعليمات معالي السيد الأستاذ الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني والسيد اللواء ا.ح عبد المجيد صقر بتفعيل دوره رمضانيه لطلاب وطالبات مدارس السويس استمر منذ بدايه الشهر الكريم في ٢٨/٣/٢٠٢٣ وحتي يوم ١٣/٤/٢٠٢٣ .

حيث اختتم السيد الأستاذ ياسر عماره وكيل وزاره التربية والتعليم بالسويس فعاليات الدوره الرمضانيه التي انطلقت خلال شهر رمضان المبارك بمعاونة فريق متميز من  إدارة العلاقات العامة والإعلام بالديوان و إدارة الأمن بالديوان والإدارات التعليميه وتنظيم متميز لممثلي الأنشطه وعلى رأسهم أسرة التوجيه الفني للتربية الرياضيه والكشفيه ، وقد بلغت نسبة المشاركات بالفعاليات التي تقام بالتوازي علي خمسه ملاعب مدرسيه مقسمه على أحياء محافظة السويس الخمس في صورة عكست ما أكده معالي السيد الأستاذ الدكتور رضا حجازي وزير التربيه والتعليم في كلمته الشهيرة علي أرض السويس الباسلة : " بأننا اليوم نستطيع أن نقول بأن المدرسة قد عادت الي وضعها الطبيعي ". 

 ظهر ذلك جلياً خلال تفاعل أبناؤنا مع المبادرة طوال شهر رمضان المبارك .

ومن ناحية أخرى فقد سلم السيد الأستاذ ياسر عماره كأس المراكز الأولي والثانيه لأبنائنا طلاب مدارس الجهاد الخاصة بالمرحلة الاعدادية ومدرسة الصناعات الميكانيكية بالمرحلة الثانويه

بينما تألقت لأول مرة بناتنا طالبات المدارس في كرة القدم النسائيه مدرسه عباس العقاد الاعداديه بنات وفي كرة السله تألقت بالمركز الأول مدرسة حسين مؤنس الرسمية للغات

 

وتماشياً مع اتجاه الدولة المصريه ووزارة التربيه والتعليم والتعليم الفني في محاربة ظاهرة الألعاب الالكترونية التي باتت تمثل خطراً يهدد أمن وسلامه اطفالنا وابناؤنا تلاميذ وطلاب الصفوف الدراسيه المختلفة فقد قام عماره بتشجيع الانشطة بكافة أنواعها الرياضة والثقافية والفنية وفتح الباب لتيار علمي موازي للألعاب الالكترونيه ولكن بطريقة هادفة عن طريق مسابقات اللكترونيه 

 اختتمت فعالياتها ضمن احتفالات الدورة الرمضانيه أمس تدور محتواها حول تاريخ السويس وبعض الحقائق العلمية والتاريخيه التي تستهدف العصف الذهني لابناؤنا تم إعدادها بواسطة مختصين وتحت إشراف التطوير التكنولوجي لخلق حلول فريده من نوعها جائت بثمارها خلال الفترة الأخيرة وبصورة مشرفة وقد حضر الاحتفاليه لفيف من قيادات المديريه ومجلس الامناء والاباء

5D62D7DB E635 4DEA A96B C949691016B1

83B0DD10 B65C 4085 BC94 66DD50FE480D

ذات يوم، والمدينة ساكنة هادئة، أخذ يقترب من مشارفها نقع كثيف، راح يتعالى ويتراكم حتى كاد يغطي الأفق ..
ودفعت الريح هذه الأمواج من الغبار المتصاعد من رمال الصحراء الناعمة، فاندفعت تقترب من أبواب المدينة، وتهبّ هبوبا قويا على مسالكها ..
وحسبها الناس عاصفة تكنس الرمال وتذروها، لكنهم سرعان ما سمعوا وراء ستار الغبار ضجة تنبئ عن قافلة كبيرة مديدة ..
ولم يمض وقت غير وجيز، حتى كانت سبعمائة راحلة موقرة الأحمال تزحم شوارع المدينة وترجّها رجّا، ونادى الناس بعضهم بعضا ليروا مشهدها الحافل، وليستبشروا ويفرحوا بما تحمله من خير ورزق ..
وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد تراتمت الى سمعها أصداء القافلة الزاحفة ..
سألت : ما هذا الذي يحدث في المدينة .. ؟
وأجيبت : انها قافلة لعبد الرحمن بن عوف جاءت من الشام تحمل تجارة له ..
قالت أم المؤمنين : قافلة تحدث كل هذه الرّجّة .. ؟!
أجل يا ام المؤمنين .. انها سبعمائة راحلة .. !!
وهزت أم المؤمنين رأسها وأرسلت نظراتها الثاقبة بعيدا كأنها تبحث عن ذكرى مشهد رأته أو حديث سمعته ..
" أما اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا " ..
عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا .. ؟
ولماذا لا يدخلها وثبا هرولة مع السابقين من أصحاب رسول الله .. ؟
ونقل بعض أصحابه مقالة عائشة اليه، فتذكر أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث أكثر من مرة، وبأكثر من صيغة ..
وقبل أن تفضّ مغاليق الأحمال من تجارته، حث خطاه الى بيت عائشة وقال لها : لقد ذكّرتيني بحديث لم أنسه ..
ثم قال : " أما اني أشهدك أن هذه القافلة بأحمالها، وأقتابها، وأحلاسها، في سبيل الله عز وجل " ..
ووزعت حمولة سبعمائة راحلة على أهل المدينة وما حولها في نهرجان برّ عظيم .. !!
هذه الواقعة وحدها، تمثل الصورة الكاملة لحياة صاحب رسول الله عبد الرحمن بن عوف " ..
فهو التاجر الناجح، أكثر ما يكون النجاح وأوفاه ..
وهو الثري، أكثر ما يكون الثراء وفرة وافراطا ..
وهو المؤمن الأريب، الذي يأبى أن تذهب حظوظه من الدين، ويرفض أن يتخلف به ثراؤه عن قافلة الايمان ومثوبة الجنة .. فهو رضي الله عنه يجود بثروته في سخاء وغبطة ضمير .. !!
متى وكيف دخل هذا العظيم الاسلام .. ؟
لقد أسلم في وقت مبكر جدا ..
بل أسلم في الساعات الأولى للدعوة، وقبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم ويتخذها مقرا لالتقائه بأصحابه المؤمنين .. فهو أحد الثمانية الذن سبقوا الى الاسلام ..
عرض عليه أبوبكر الاسلام هو وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص، فما غمّ عليهم الأمر ولا أبطأ بهم الشك، بل سارعوا مع الصدّيق الى رسول الله يبايعونه ويحملون لواءه ..
ومنذ أسلم الى أن لقي ربه في الخامسة والسبعين من عمره، وهو نموذج باهر للمؤمن العظيم، مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يضعه مع العشرة الذين بشّرهم بالجنة.. وجعل عمر رضي الله عنه يضعه مع أصحاب الشورى الستة الذين جعل الخلافة فيهم من بعده قائلا : " لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض " .
وفور اسلام عبد الرحمن بن عوف حمل حظه المناسب، ومن اضطهاد قريش وتحدّياتها ..
وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة الى الحبشة هاجر ابن عوف ثم عاد الى مكة، ثم هاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية ثم هاجر الى المدينة.. وشهد بدرا، وأحدا، والمشاهد كلها ..
وكان محظوظا في التجارة الى حدّ أثار عجبه ودهشه فقال : " لقد رأيتني، لو رفعت حجرا، لوجدت تحت فضة وذهبا".. !!
ولم تكن التجارة عند عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه شرها ولا احتكارا ..
بل لم تكن حرصا على جمع المال شغفا بالثراء ..
كلا .. انما كانت عملا، وواجبا يزيدهما النجاح قربا من النفس، ومزيدا من السعي ..
وكان ابن عوف يحمل طبيعة جيّاشة، تجد راحتها في العمل الشريف حيث يكون ..
فهو اذا لم يكن في المسجد يصلي، ولا في الغزو يجاهد فهو في تجارته التي نمت نموا هائلا، حتى أخذت قوافله تفد على المدينة من مصر، ومن الشام، محملة بكل ما تحتاج اليه جزيرة العرب من كساء وطعام ..
ويدلّنا على طبيعته الجيّاشة هذه، مسلكه غداة هجر المسلمين الى المدينة ..
لقد جرى نهج الرسول يومئذ على أن يؤاخي بين كل اثنين من أصحابه، أحدهما مهاجر من مكة، والآخر أنصاري من المدينة ..
وكانت هذه المؤاخات تم على نسق يبهر الألباب، فالأنصاري من أهل المدينة يقاسم أخاه المهاجر كل ما يملك .. حتى فراشه، فاذا كان تزوجا باثنين طلق احداهما، ليتزوجها أخوه .. !! 
ويومئذ آخى الرسول الكريم بين عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع ..
ولنصغ للصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه يروي لنا ما حدث : " .. وقال سعد لعبد الرحمن : أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالا، فانظر شطر مالي فخذه !!
وتحتي امرأتان، فانظر أيتهما أعجب لك حتى أطلقها، وتتزوجها .. ! 
فقال له عبد الرحمن بن عوف : بارك الله لك في أهلك ومال .. 
دلوني على السوق ..
وخرج الى السوق، فاشترى.. وباع .. وربح ".. !!
وهكذا سارت حياته في المدينة، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، أداء كامل لحق الدين، وعمل الدنيا .. وتجارة رابحة ناجحة، لو رفع صاحبها على حد قوله حجرا من مكانه لوجد تحته فضة وذهبا .. !!
ومما جعل تجارته ناجحة مباركة، تحرّيه الحلال، ونأيه الشديد عن الحرام، بل عن الشبها ت ..
كذلك مما زادها نجاخا وبركة أنها لم تكن لعبد الرحمن وحده.. بل كان لله فيها نصيب أوفى، يصل به أهله، واخوانه، ويجهّز به جيوش الاسلام ..
واذا كانت الجارة والثروات، انما تحصى بأعداد رصيدها وأرباحها فان ثروة عبد الرحمن بن عوف انما تعرف مقاديرها وأعدادها بما كان ينفق منها في سبيل الله رب العالمين .. !!
لقد سمع رسول الله يقول له يوما : " يا بن عوف انك من الأغنياء .. وانك ستدخل الجنة حبوا .. فأقرض الله يطلق لك قدميك " ..
ومن سمع هذا النصح من رسول الله، وهو يقرض ربه قرضا حسنا، فيضاعفه له أضعافا كثيرة ..
باع في يوم أرضا بأربعين ألف دينار، ثم فرّقها في أهله من بني زهرة، وعلى أمهات المؤمنين، وفقراء المسلمين ..
وقدّم يوما لجيوش الاسلام خمسمائة فرس، ويوما آخر الفا وخمسمائة راحلة ..
وعند موته، أوصى بخمسن ألف دينار في سبيل الله، وأ، صى لكل من بقي ممن شهدوا بدرا بأربعمائة دينار، حتى ان عثمان بن عفان رضي الله عنه، أخذ نصيبه من الوصية برغم ثرائه وقال : " ان مال عبد الرحمن حلال صفو، وان الطعمة منه عافية وبركة " .
كان ابن عوف سيّد ماله ولم يكن عبده ..
وآية ذلك أنه لم يكن يشقى بجمعه ولا باكتنازه ..
بل هو يجمعه هونا، ومن حلال .. ثم لا ينعم به وحده .. بل ينعم به معه أهله ورحمه واخوانه ومجتمعه كله ..
ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال : " أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله .. " ثلث يقرضهم..
وثلث يقضي عنهم ديونهم .. وثلث يصلهم ويعطيهم .. "
ولم يكن ثراؤه هذا ليبعث الارتياح لديه والغبطة في نفسه، لو لم يمكّنه من مناصرة دينه، ومعاونة اخوانه ..
أما بعد هذا، فقد كان دائم الوجل من هذا الثراء ..
جيء له يوما بطعام الافطار، وكان صائما ..
فلما وقعت عيناه عليه فقد شهيته وبكى وقال : " استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني، فكفّن في بردة ان غطت رأسه، بدت رجلاه، وان غطت رجلاه بدا رأسه ..
واستشهد حمزة وهو خير مني، فلم يوجد له ما يمفن فيه الا بردة .. 
ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، وأعطينا منها ما أعطينا واني لأخشى أن نكون قد عجّلت لنا حسناتنا " .. !!
واجتمع يوما نع بعض أصحابه على طعام عنده ..
وما كاد الطعام يوضع أمامهم حتى بكى وسألوه : ما يبكيك يا أبا محمد .. ؟؟
قال : " لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما شبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ..
ما أرانا أخرنا لم هو خير لنا " .. !!
كذلك لم يبتعث ثراؤه العريض ذرة واحدة من الصلف والكبر في نفسه ..
حتى لقد قيل عنه: انه لو رآه غريب لا يعرفه وهو جالس مع خدمه، ما استطاع أ، يميزه من بينهم .. !!
لكن اذا كان هذا الغريب يعرف طرفا من جهاد ابن عوف وبلائه، فيعرف مثلا أنه أصيب يوم أحد بعشرين جراحة، وان احدى هذه الاصابات تركت عرجا دائما في احدى ساقيه.. كما سقطت يوم أحد بعض ثناياه .. فتركت همّا واضحا في نطقه وحديثه ..
عندئذ لا غير، يستطيع هذا الغريب أن يعرف أن هذا الرجل الفارع القامة، المضيء الوجه، الرقيق البشرة، الأعرج، الأهتم من جراء اصابته يوم أحد هو عبد الرحمن بن عوف .. !!
رضي الله عنه وأرضاه ..
لقد عوّدتنا طبائع البشر أن الثراء ينادي السلطة ...
أي أن الأثرياء يحبون دائما أن يكون لهم نفوذ يحمي ثراءهم ويضاعفه، ويشبع شهوة الصلف والاستعلاء والأنانية التي يثيرها الثراء عادة ..
فاذا رأينا عبد الرحمن بن عوف في ثرائه العريض هذا، رأينا انسانا عجبا يقهر طبائع البشر في هذا المجال ويتخطاها الى سموّ فريد .. !
حدث ذلك عندما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجود بروحه الطاهرة، ويختار ستة رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليختاروا من بينهم الخليفة الجديد ..
كانت الأصابع تومئ نحو ابن عوف وتشير ..
ولقد فاتحه بعض الصحابة في أنه أحق الستة بالخلافة، فقال : " والله، لأن تؤخذ مدية، فتوضع في حلقي، ثم ينفذ بها الى الجانب الآخر أحب اليّ من ذلك " .. !!
وهكذا لم يكد الستة المختارون يعقدون اجتماعهم ليختاروا أحدهم خليفة بعد الفاروق عمر حتى أنبأ اخوانه الخمسة الآخرين أنه متنازل عن الحق الذي أضفاه عمر عليه حين جعله أحد الستة الذين يختار الخليفة منهم .. وأنّ عليهم أن يجروا عملية الاختيار بينهم وحدهم أي بين الخمسة الآخرين ..
وسرعان ما أحله هذا الزهد في المنصب مكان الحكم بين الخمسة الأجلاء، فرضوا أن يختار هو الخليفة من بينهم، وقال الامام علي : " لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفك بأنك أمين في أهل السماء، وأمين في أهل الأرض "..
واختار ابن عوف عثمان بن عفان للخلافة، فأمضى الباقون اختياره ..
هذه حقيقة رجل ثري في الاسلام ..
فهل رأيتم ما صنع الاسلام به حتى رفعه فوق الثرى بكل مغرياته ومضلاته، وكيف صاغه في أحسن تقويم .. ؟؟
وها هو ذا في العام الثاني والثلاثين للهجرة، يجود بأنفاسه ..
وتريد أم المؤمنين عائشة أن تخصّه بشرف لم تختصّ به سواه، فتعرض عليه وهو على فراش الموت أن يدفن في حجرتها الى جوار الرسول وأبي بكر وعمر ..
ولكنه مسلم أحسن الاسلام تأديبه، فيستحي أن يرفع نفسه الى هذا الجوار ... !!
ثم انه على موعد سابق وعهد وثيق مع عثمان بن مظعون، اذ تواثقا ذات يوم : أيهما مات بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبه ..
وبينما كانت روحه تتهيأ لرحلتها الجديدة كانت عيناه تفيضان من الدمعو ولسانه يتمتم ويقول : " اني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال " ..
ولكن سكينة الله سرعان ما تغشته، فكست وجهه غلالة رقيقة من الغبطة المشرقة المتهللة المطمئنة ..
وأرهفت أذناه للسمع .. كما لو كان هناك صوت عذب يقترب منهما ..
لعله آنئذ، كان يسمع صدق قول الرسول صلى الله عليه وسلم له منذ عهد بعيد : " عبد الرحمن بن عوف في الجنة " ..
ولعله كان يسمع أيضا وعد الله في كتابه ..
الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " .

تنفيذا لتوجيهات الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وبرعاية كريمة من السيد صاحب الفضيلة الشيخ ماجد راضي وكيل وزارة الاوقاف بالسويس وبالتعاون المشترك مع جامعة السويس بقيادة الأستاذ الدكتور السيد الشرقاوي رئيس جامعة السويس محاضرة توعوية بالعشر الاواخر من شهر رمضان المبارك...

قام الدكتور محمود السعيد امام وخطيب ومدرس الجامع الكبير علي بن ابي طالب بالسلام ١ وبحضور أ.د/على عطا الله نائب جامعة السويس 

و أ.د/أسامة قدور عميد الكلية وعدد من أعضاء هيئة التدريس محاضرة دينية عن فضل العشر الاخر من شهر رمضانالمبارك وسط نابغة متميزة من طلاب الجامعة  .

وقد كانت المحاضرة بكلية الثروة السمكية بجامعة السويس والتي بين فيها ان العشر الاخر من شهر رمضان المبارك مليئة بالنفحات الربانية والعطايا الإلهية،وكذلك بها ليلة خير  من الف شهر قال فيها سبحانه وتعالي " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) " ... 

 جاء هذا اللقاء تلبية لدعوة موجهة من جامعة السويس وذلك من باب التعاون المشترك النافع البناء للمجتمع ...

68C895EF 272D 4EF6 AC9D 3B6389BFCECE

AE4E4DB1 8015 422A 9350 0FEEA07FA7EB

فيس بوك

Ad_square_02
Ad_square_03
.Copyright © 2024 SuezBalady