Login to your account

Username *
Password *
Remember Me
السويس بلدي

السويس بلدي

عقد اللواء أح عبدالمجيد صقر، محافظ السويس، اليوم الثلاثاء، اجتماعًا لبحث إستعداد محافظة السويس لإستقبال أعياد القيامة و شم النسيم وعيد الفطر المبارك والإجراءات التي تم إتخاذها لتوفير سبل الراحة وتقديم الخدمات للمواطنين من أهالي السويس والقادمين من المحافظات  الأخري  أثناء أجازة  الأعياد.

حضر الاجتماع الدكتور عبد الله رمضان، نائب محافظ السويس والأستاذ خالد سعداوى، السكرتير العام للمحافظة واللواء ايمن عبد الحميد مساعد مدير الأمن .

كما حضر الاجتماع كلاً من العميد أحمد موسي المستشار العسكري للمحافظة والعقيد رامي سعد مدير عام مكتب المحافظ والقيادات التنفيذية والأمنية ورؤساء الأحياء ومديرى المديريات ومديري مشروعات المحافظة والمصالح الحكومية ومديري المرافق العامة و الجمعيات الاهلية ورجال الدين الاسلامي والمسيحي

وفى بداية الاجتماع قدم محافظ السويس، التهنئة للقيادات التنفيذية بمناسبة قرب حلول أعياد القيامة وشم النسيم و عيد الفطر المبارك ، مؤكدًا على رفع درجة الاستعداد القصوي وبتنفيذ كافة الإجراءات التي اتخذتها الدولة لراحة وتأمين المواطنين خلال اجازة الاعياد.

وأكد محافظ السويس  علي جميع المديريات والمصالح الحكومية والمرافق الحيوية بإلغاء الإجازات وإستمرار المتابعة علي  مدار الساعة لجميع المرافق والخدمات العامة التي تقدم للمواطنين.

وكلف المحافظ رؤساء الأحياء ومديرادارة الطوارئ والتدخل السريع بتجهيز جميع الحدائق والشواطىء العامة خلال أجازة العيد وتكثيف أعمال النظافة ورفع المخلفات بصفة مستمرة صباحا ومساءا

كما كلف إدارة الشاليهات والشواطئ بالاستعداد لاستقبال الرحلات من داخل وخارج السويس القادمين الي شاطىء السوايسة.

واكد صقر علي مدير مشروع الاسواق بتكثيف الحملات  داخل الاسواق لإنتظام العمل وضبط ومراقبة الإسعار داخل الأسواق ومنع مرورعربات الكارو 

كما كلف صقر رئيس فرع الشركة القابضة للمياه والصرف الصحى لمدن القناة بالسويس باستمرار العمل لتطهير خطوط الصرف الصحى وبالوعات وغرف التفتيش للصرف الصحي ، مؤكدا علي التنسيق الكامل مع هيئة قناة السويس والاستجابة لاي بلاغات ترد عن انقطاع المياه أو أي مشاكل خاصة بالصرف الصحي .

وشدد على مدير الرى بالحفاظ على منسوب المياه بترعة السويس والمتابعة اليومية للترعة للتأكد من نظافتها والمنسوب . 

واشار المحافظ على إدارة المرور بتكثيف التواجد بالشوارع والميادين والطرق الداخلية والرئيسية التي تربط المحافظة مع المحافظات الأخري وبخاصة طريق السخنة ،و أكد على لجنة الاشراف و المرافق لمنع دخول عربات النقل بشارع ناصر 

واكد علي ادارة الحماية المدنية بالاستعداد الجاد لاستقبال الاعياد والاستجابة والتدخل السريع في اي وقت لانقاذ المواطنين.

واشار اللواء أح عبد المجيد صقر علي مدير عام الصحة ، برفع حالة الطوارىء بالمستشفيات وتحديد الورديات والأطقم الطبية ، والتاكيد علي مدير مرفق اسعاف السويس بعمل خطة انتشار سيارات الإسعاف بالطرق الرئيسية وأماكن التجمعات والحدائق العامة.

وأعطي المحافظ توجيهاته لمدير عام التموين بالتنسيق مع مديرية الصحة والطب البيطري ومباحث التموين بعمل حملات على المحلات والأسواق للتاكد من صلاحية الاسماك المملحة واللحوم والاسماك للحفاظ على صحة المواطنين.

وشدد علي مسئولى الكهرباء بأهمية استقرار التيار الكهربائى وعدم قطع الكهرباء لراحة المواطنين، وتكليف جهاز الانارة العامة بمتابعة الانارة العامة داخل شوارع كل حي والتدخل لحل اي مشكلة تطرأ.

وأكد على مديرإدارة الأزمات والكوارث بالمحافظة بمتابعة غرفة العمليات الرئيسية بالمحافظة على مدار 24 ساعة واستقبال شكاوى المواطنين والاستجابة لها فورا بالتنسيق مع غرفة عمليات الأحياء والجهات التنفيذية الأخري.

عندما كان الأنصار السبعون يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية، كان عبد الله بن عمرو بن حرام، أبو جابر بن عبد الله أحد هؤلاء الأنصار ..
ولما اختار الرسول صلى الله عليه وسلم منهم نقباء، كان عبد الله بن عمرو أحد هؤلاء النقباء .. جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيبا على قومه من بني سلمة ..
ولما عاد الى المدينة وضع نفسه، وماله، وأهله في خدمة الاسلام ..
وبعد هجرة الرسول الى المدينة، كان أبو جابر قد وجد كل حظوظه السعيدة في مصاحبة النبي عليه السلام ليله ونهاره ..
وفي غزوة بدر خرج مجاهدا، وقاتل قتال الأبطال ..
وفي غزوة أحد تراءى له مصرعه قبل أن يخرج المسلمون للغزو ..
وغمره احساس صادق بأنه لن يعود، فكاد قلبه يطير من الفرح !!
ودعا اليه ولد جابر بن عبد الله الصحابي الجليل، وقال له : " اني لا أراي الا مقتولا في هذه الغزوة .. بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين .. واني والله، لا أدع أحدا بعدي أحبّ اليّ منك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وان عليّ دينا، فاقض عني ديني، واستوص باخوتك خيرا " ..
وفي صبيحة اليوم التالي، خرج المسلمون للقاء قريش .. قريش التي جاءت في جيش لجب تغزو مدينتهم الآمنة .. ودارت معركة رهيبة، أدرك المسلمون في بدايتها نصرا سريعا، كان يمكن أن يكون نصرا حاسما، لولا أن الرماة الذين امرهم الرسول عليه السلام بالبقاء في مواقعهم وعدم مغادرتها أبدا أغراهم هذا النصر الخاطف على القرشيين، فتركوا مواقعهم فوق الجبل، وشغلوا بجمع غنائم الجيش المنهزم ..
هذا الجيش الذي جمع فلوله شريعا حين رأى ظهر المسلمين قد انكشف تماما، ثم فاجأهم بهجوم خاطف من وراء، فتحوّل نصر المسلمين الى هزيمة ..
في هذا القتال المرير، قاتل عبد الله بن عمرو قتال مودّع شهيد ..
ولما ذهب المسلمون بعد نهاية القتال ينظرون شهدائهم .. ذهب جابر بن عبد الله يبحث عن أبيه، حتى ألفاه بين الشهداء، وقد مثّل به المشركون، كما مثلوا يغيره من الأبطال ..

ووقف جابر وبعض أهله يبكون شهيد الاسلام عبد الله بن عمرو بم جرام، ومرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكونه، فقال : " ابكوه .. أو لا تبكوه .. فإن الملائكة لتظلله بأجنحتها " .. !!

كان ايمان أبو جابر متألقا ووثيقا ..
وكان حبّه بالموت في سبيل الله منتهى أطماحه وأمانيه ..
ولقد أنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فيما بعد نبأ عظيم، يصوّر شغفه بالشهادة ..
قال عليه السلام لولده جابر يوما : " يا جابر .. ما كلم الله أحدا قط الا من وراء حجاب .. ولقد كلّم أباك كفاحا _أي مواجهة _ فقال له : يا عبدي، سلني أعطك ..
فقال : يا رب، أسألك أن تردّني الى الدنيا، لأقتل في سبيلك ثانية ..
قال له الله : انه قد سبق القول مني : أنهم اليها لا يرجعون ..
قال : يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة ..
فأنزل الله تعالى : " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ " .
وعندما كان المسلمون يتعرفون على شهدائهم الأبرار، بعد فراغ القتال في أحد ..
وعندما تعرف أهل عبد الله بن عمرو على جثمانه، حملته زوجته على ناقتها وحملت معه أخاها الذي استشهد أيضا، وهمّت بهما راجعة الى المدينة لتدفنهما هناك، وكذلك فعل بعض المسلمين بشهدائهم ..
بيد أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم لحق بهم وناداهم بأمر رسول الله أن : " أن ادفنوا القتلى في مصارعهم ".. فعاد كل منهم بشهيده ..
ووقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يشرف على دفن أصحابه الشهداء، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبذلوا أرواحهم الغالية قربانا متواضعا لله ولرسوله ..
ولما جاء دور عبد الله بن حرام ليدفن، نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ادفنوا عبد الله بن عمرو، وعمرو بن الجموح في قبر واحد، فانهما كانا في الدنيا متحابين، متصافين " ..
والآن ..
في خلال اللحظات التي يعدّ فيها القبر السعيد لاستقبال الشهيدين الكريمين، تعالوا نلقي نظرة محبّة على الشهيد الثاني عمرو بن الجموح ...

متابعه: فريد الجميعي

تمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة على حريق اندلع باحدى الوحدات السكنية بمدينة التوفيق بحي عتاقة محافظة السويس واسفر عن وفاة شخص متفحما نتيجة الحريق واصابة 2 اخرين وتم نقلهما الى مستشفى السويس العام . 

تلقت غرفة عمليات اسعاف السويس بلاغا بوجود حريق بمساكن التوفيقية بعمارة سكنية مكونة من 5 طوابق والحريق بالطابق الثالث وجاري السيطرة من خلال المطافي علي الحريق الذي اسفر عن وفاة شخص واصابة 2 اخرين والتقرير المبدئي ان الحادث نتيجة ماس كهربائى بشقه بالدور الثالث.

و مكان الحادث مدينة بالتوفيقيه البيضاء اسفر عن حالة وفاة ( كريم شعبان جاد الكريم سعدى 21سنه ) و 2مصابين ( شعبان جاد الكريم سعدى السن/ 58سنه 

الاصابات حرق بالوجه والكفين من الدرجه التانيه.

والمصاب الثاني ( احمد شعبان جاد الكريم سعدى

السن/22 سنه  الاصابات/ حرق بالوجه من الدرجه الاولى) 

تم نقل المصابين لمستشفى السويس العام واتخاذ كافة الاجراءات القانونية 

 

كتب : حسام صالح

 

أنقذ رجال الإسعاف وعناصر الحماية المدنية بالسويس طالب بجامعة الجلالة سقط من أعلى جبل الجلالة إلى منتصف الوادي، وقدم له المسعفين التأمين الطبي عقب الوصول إليه.

وكان الطالب المقيد بالصف الثالث بكلية طب الاسنان، خرج من الجامعة عند المنطقة الخلفية المقابلة لأحد وديان جبل الجلالة، بهدف استكشاف المنطقة بحسب ما ذكر لزملائه، إلا أنه انحرفت قدمه واختل توازنه.

وفور إبلاغ الدكتور محمد الشناوي القائم بأعمال رئيس الجامعة وجه بانتقال سيارة اسعاف مجهزة بأحدث التقنيات الطبية للتعامل مع حالات الإصابة المشابهة ومزودة بفريق طبي متخصص، برفقة وحدة أمنية متمركزة بالجامعة، كما جرى التنسيق مع الحماية المدنية لإنقاذ المصاب.

وتمكن المسعفين مع عناصر الدفاع المدني من إنقاذ الطالب إبراهيم مصطفى إبراهيم بالفرقة الثالثة بكلية طب الأسنان.

وقال مصدر طبي إن الطالب حين تجاوز سور الجامعة انجرفت قدمه وهوت مع انحدار الجبل، دون أن تلحق به أية إصابات، إذ حافظ على توازنه بجعل جسده في وضع أفقي.

99C55510 B890 4E83 8BB5 20E1E8952DD7

8156A0EF 65CD 431E 94F8 A7FD495DDF49

واطمأن رئيس الجامعة على الطالب، حيث لم تلحق به أية إصابات، إلا أن رجال الإسعاف حرصوا على تقديم التأمين الطبي له إثر تعرضه لصدمة عصبية نتيجة للسقوط.

 

F86FAD2B 30A1 435B BE78 97BCBDF4E9B3

بينما كانت جيوش الاسلام تضرب في مناكب الأرض .. هادر ظافرة.. كان يقيم بالمدينة فيلسوف عجيب .. وحكيم تتفجر الحكمة من جوانبه في كلمات تناهت نضرة وبهاء ... وكان لا يفتأ يقول لمن حوله : " ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند باريكم، وأنماها في درجاتكم، وخير من أن تغزو عدوّكم، فترضبوا رقابهم ويضربوا رقابكم، وخير من الدراهم والدنانير " ؟؟
وتشرئب أعناق الذين ينصتون له .. ويسارعون بسؤاله : " أي شيء هو .. يا أبا الدرداء ".. ؟؟
ويستأنف أبو الدرداء حديثه فيقول ووجهه يتألق تحت أضوء الايمان والحكمة : " ذكر الله ... ولذكر الله أكبر " لم يكن هذا الحكيم العجيب يبشر بفلسفة انعزالية ولم يكن بكلماته هذه يبشر بالسلبية، ولا بالانسحاب من تبعات الدين الجديد .. تلك التبعات التي يأخذ الجهاد مكان الصدارة منها ...
أجل .. ما كان أبو الدرداء ذلك الرجل، وهو الذي حمل سيفه مجاهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلم، حتى جاء نصر الله والفتح ..
بيد أنه كان من ذلك الطراز الذي يجد نفسه في وجودها الممتلئ الحيّ، كلما خلا الى التأمل، وأوى الى محراب الحكمة، ونذر حياته لنشدان الحقيقة واليقين ؟؟
ولقد كان حكيم تلك الأيام العظيمة أبو الدرداء رضي الله عنه انسانا يتملكه شوق عارم الى رؤية الحقيقة واللقاء بها ..
واذ قد آمن بالله وبرسوله ايمانا وثيقا، فقد آمن كذلك بأن هذا الايمان بما يمليه من واجبات وفهم، هو طريقه الأمثل والأوحد الى الحقيقة ..
وهكذا عكف على ايمانه مسلما الى نفسه، وعلى حياته يصوغها وفق هذا الايمان في عزم، ورشد، وعظمة ..
ومضى على الدرب حتى وصل .. وعلى الطريق حتى بلغ مستوى الصدق الوثيق .. وحتى كان يأخذ مكانه العالي مع الصادقين تماما حين يناجي ربه مرتلا آيه .. (ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العلمين) .

أجل .. لقد انتهى جهاد أبي الدرداء ضدّ نفسه، ومع نفسه الى تلك الذروة العالية .. الى ذلك التفوق البعيد .. الى ذلك التفاني الرهباني، الذي جعل حياته، كل حياته لله رب العالمين .. !!
والآن تعالوا نقترب من الحكيم والقدّيس .. ألا تبصرون الضياء الذي يتلألأ حول جبينه .. ؟
ألا تشمّون العبير الفوّاح القادم من ناحيته .. ؟؟
انه ضياء الحكمة، وعبير الايمان ..
ولقد التقى الايمان والحكمة في هذا الرجل الأوّاب لقاء سعيدا، أيّ سعيد .. !!
سئلت أمه عن أفضل ما كان يحب من عمل .. فأجابت : " التفكر والاعتبار " .
أجل لقد وعى قول الله في أكثر من آية : (فاعتبروا يا أولي الأبصار) ...
وكان هو يحضّ اخوانه على التأمل والتفكّر يقول لهم : " تفكّر ساعة خير من عبادة ليلة " ..
لقد استولت العبادة والتأمل ونشدان الحقيقة على كل نفسه .. وكل حياته ..
ويوم اقتنع بالاسلام دينا، وبايع الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الدين الكريم، كان تاجرا ناجحا من تجار المدينة النابهين، وكان قد قضى شطر حياته في التجارة قبل أن يسلم، بل وقبل أن يأتي الرسول والمسلمون المدينة مهاجرين ..
بيد أنه لم يمض على اسلامه غير وقت وجيز حتى .. ولكن لندعه هو يكمل لنا الحديث : " أسلمت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنا تاجر .. وأردت أن تجتمع لي العبادة والتجارة فلم يجتمعا .. فرفضت التجارة وأقبلت على العبادة .
وما يسرّني اليوم أن أبيع وأشتري فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار، حتى لو يكون حانوتي على باب المسجد ..
ألا اني لا أقول لكم : ان الله حرّم البيع .. ولكني أحبّ أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ".. !!
أرأيتم كيف يتكلّم فيوفي القضيّة حقها، وتشرق الحكمة والصدق من خلال كلماته .. ؟؟
انه يسارع قبل أن نسأله : وهل حرّم الله التجارة يا أبا الدرداء ... ؟؟
يسارع فينفض عن خواطرنا هذا التساؤول، ويشير الى الهدف الأسمى الذي كان ينشده، ومن أجله ترك التجارة برغم نجاحه فيها ..
لقد كان رجلا ينشد تخصصا روحيا وتفوقا يرنو الى أقصى درجات الكمال الميسور لبني الانسان ..
لقد أراد العبادة كمعراج يرفعه الى عالم الخير الأسمى، ويشارف به الحق في جلاله،والحقيقة في مشرقها، ولو أرادها مجرّد تكاليف تؤدّى، ومحظورات تترك، لاستطاع أن يجمع بينها وبين تجارته وأعماله ...

فكم من تجار صالحين .. وكم من صالحين تجار ...
ولقد كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم تلههم تجارتهم ولا بيعهم عن ذكر الله .. بل اجتهدوا في انماء تجارتهم وأموالهم ليخدموا بها قضية الاسلام، ويكفوا بها حاجات المسلمين ..
ولكن منهج هؤلاء الأصحاب، لا يغمز منهج أبو الدرداء، كما أن منهجه لا يغمز منهجهم، فكل ميسّر لما خلق له .. وأبو الدرداء يحسّ احساسا صادقا أنه خلق لما نذر له حياته ..
التخصص في نشدان الحقيقة بممارسة أقصى حالات التبتل وفق الايمان الذي هداه اليه ربه، ورسوله والاسلام .. سمّوه ان شئتم تصوّفا .. ولكنه تصوّف رجل توفّر له فطنة المؤمن، وقدرة الفيلسوف، وتجربة المحارب، وفقه الصحابي ، ما جعل تصوّفه حركة حيّة في بناء الروح، لا مجرّد ظلال صالحة لهذا البناء .. !!
أجل .. ذلك هو أبو الدرداء، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلميذه ..
وذلكم هو أبو الدرداء، الحكيم، القدّيس ..
ورجل دفع الدنيا بكلتا راحتيه، وزادها بصدره ..
رجل عكف على نفسه وصقلها وزكّاها، وحتى صارت مرآة صافية انعكس عليها من الحكمة، والصواب، والخير، ما جعل من أبي الدرداء معلما عظيما وحكيما قويما ..
سعداء، أولئك الذين يقبلون عليه، ويصغون اليه ..
ألا تعالوا نقترب من حكمته يا أولي الألباب .. ولنبدأ بفلسفته تجاه الدنيا وتجاه مباهجها وزخارفها .. انه متأثر حتى أعماق روحه بآيات القرآن الرادعة عن : (الذي جمع مالا وعدّده.. يحسب أن ماله اخلده) ومتأثر حتى أعماق روحه بقول الرسول : " ما قلّ وكفى، خير مما كثر وألهى " ..
ويقول عليه السلام : " تفرّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فانه من كانت الدنيا أكبر همّه، فرّق الله شمله، وجعل فقره بين عينيه ومن كانت الآخرة أكبر همّه جمع شمله، وجعل غناه في قلبه، وكان الله اليه بكل خير أسرع " .
من أجل ذلك، كان يرثي لأولئك الذين وقعوا أسرى طموح الثروة ويقول : " اللهم اني أعوذ بك من شتات القلب " .. سئل : وما شتات القلب يا أبا الدرداء ؟؟ فأجاب : أن يكون لي في كل واد مال !!
وهو يدعو الناس الى امتلاك الدنيا والاستغناء عنها .. فذلك هو الامتلاك الحقيقي لها .. أما الجري وراء أطماعها التي لا تؤذن بالانتهاء، فذلك شر ألوان العبودية والرّق .
هنالك يقول : " من لم يكن غنيا عن الدنيا، فلا دنيا له " ..
والمال عنده وسيلة للعيش القنوع تامعتدل ليس غير .
ومن ثم فان على الناس أن يأخذوه من حلال، وأن يكسبوه في رفق واعتدال، لا في جشع وتهالك .
فهو يقول : " لا تأكل الا طيّبا .. ولا تكسب الا طيّبا .. ولا تدخل بيتك الا طيّبا " .
ويكتب لصاحب له فيقول : ".. أما بعد، فلست في شيء من عرض الدنيا، والا وقد كان لغيرك قبلك .. وهو صائر لغيرك بعدك .. وليس لك منه الا ما قدّمت لنفسك ...فآثرها على من تجمع المال له من ولدك ليكون له ارثا، فأنت انما تجمع لواحد من اثنين : اما ولد صالح يعمل فيه بطاعة الله، فيسعد بما شقيت به .. واما ولد عاص، يعمل فيه بمعصية الله، فتشقى بما جمعت له ، فثق لهم بما عند الله من رزق، وانج بنفسك " .. !
كانت الدنيا كلها في عين أبي الدرداء مجرّد عارية .. عندما فتحت قبرص وحملت غنائم الحرب الى المدينة رأى الناس أبا الدرداء يبكي ... واقتربوا دهشين يسألونه، وتولى توجيه السؤال اليه : " جبير بن نفير " : قال له : " يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الاسلام وأهله " ؟؟ فأجاب أبو الدرداء في حكمة بالغة وفهم عميق : ويحك يا جبير .. ما أهون الخلق على الله اذا هم تركوا أمره .. بينما هي أمة، ظاهرة، قاهرة، لها الملك، تركت أمر الله، فصارت الى ما ترى ".. !
أجل .. وبهذا كان يعلل الانهيار السريع الذي تلحقه جيوش الاسلام بالبلاد المفتوحة، افلاس تلك البلاد من روحانية صادقة تعصمها، ودين صحيح يصلها بالله..
ومن هنا أيضا، كان يخشى على المسلمين أياما تنحلّ فيها عرى الايمان، وتضعف روابطهم بالله، وبالحق، وبالصلاح، فتنتقل العارية من أيديهم، بنفس السهولة التي انتقلت بها من قبل اليهم .. !!
وكما كانت الدنيا بأسرها مجرّد عارية في يقينه، كذلك كانت جسرا الى حياة أبقى وأروع ..
دخل عليه أصحابه يعودونه وهو مريض، فوجدوه نائما على فراش من جلد ..
فقالوا له : " لو شئت كان لك فراش أطيب وأنعم .. "
فأجابهم وهو يشير بسبّابته، وبريق عينيه صوب الأمام البعيد : " ان دارنا هناك .. لها نجمع .. واليها نرجع .. نظعن اليها.. ونعمل لها " !! وهذه النظرة الى الدنيا ليست عند أبي الدرداء وجهة نظر فحسب بل ومنهج حياة كذلك ..
خطب يزيد بن معاوية ابنته الدرداء فردّه، ولم يقبل خطبته، ثم خطبها واحد من فقراء المسلمين وصالحيهم، فزوّجها أبو الدرداء منه .
وعجب الناس لهذا التصرّف، فعلّمهم أبو الدرداء قائلا : " ما ظنّكم بالدرداء، اذا قام على رأسها الخدم والخصيا وبهرها زخرف القصور .. أين دينها منها يومئذ "؟!
هذا حكيم قويم النفس، ذكي الفؤاد ..
وهو يرفض من الدنيا ومن متاعها كل ما يشدّ النفس اليها، ويولّه القلب بها ..
وهو بهذا لا يهرب من السعادة بل اليها ..
فالسعادة الحقة عتده هي أن تمتلك الدنيا، لا أن تمتلكك أنت الدنيا ..
وكلما وقفت مطالب الناس في الحياة عند حدود القناعة والاعتدال وكلما أدركوا حقيقة الدنيا كجسر يعبرون عليه الى دار القرار والمآل والخلود، كلما صنعوا هذا، كان نصيبهم من السعادة الحقة أوفى وأعظم ..
وانه ليقول : " ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك، ويكثر علمك، وأن تباري الناس في عبادة الله تعالى " ..
وفي خلافة عثمان رضي الله عنه، وكان معاوية أميرا على الشام نزل أبو الدرداء على رغبة الخليفة في أن يلي القضاء ..
وهناك في الشام وقف بالمرصاد لجميع الذين أغرّتهم مباهج الدنيا، وراح يذكّر بمنهج الرسول في حياته، وزهده، وبمنهج الرعيل الأول من الشهداء والصدّيقين ..
وكانت الشام يومئذ حاضرة تموج بالمباهج والنعيم ..
وكأن أهلها ضاقوا ذرعا بهذا الذي ينغصّ عليهم بمواعظه متاعهم ودنياهم ..
فجمعهم أبو الدرداء، وقام فيهم خطيبا : " يا أهل الشام .. أنتم الاخوان في الدين، والجيران في الدار، والأنصار على الأعداء .. ولكن مالي أراكم لا تستحيون .. ؟؟ تجمعون ما لا تأكلون .. وتبنون ما لا تسكنون .. وترجون ما لا تبلّغون .. وقد كانت القرون من قبلكم يجمعون، فيوعون .. ويؤمّلون، فيطيلون .. ويبنون، فيوثقون ..  فأصبح جمعهم بورا .. وأماهم غرورا .. وبيوتهم قبورا .. أولئك قوم عاد، ملؤا ما بين عدن الى عمان أموالا وأولادا " .
ثم ارتسمت على شفتيه بسمة عريضة ساخرة، ولوّح بذراعه في الجمع الذاهل، وصاح في سخرية لا فحة : " من يشتري مني تركة آل عاد بدرهمين " ؟!
رجل باهر، رائع، مضيء، حكمته مؤمنة، ومشاعره ورعة، ومنطقه سديد ورشيد .. !!
العبادة عند أبي الدرداء ليست غرورا ولا تأليا. انما هي التماس للخير، وتعرّض لرحمة الله، وضراعة دائمة تذكّر الانسان بضعفه. وبفضل ربه عليه : انه يقول : التمسوا الخير دهركم كله .. وتعرّضوا لنفجات رحمة الله، فان لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ..
" وسلوا الله أن يستر عوراتكم، ويؤمّن روعاتكم " ...
كان ذلك الحكيم مفتوح العينين دائما على غرور العبادة، يحذّر منه الناس .
هذا الغرور الذي يصيب بعض الضعاف في ايمانهم حين يأخذهم الزهو بعبادتهم، فيتألّون بها على الآخرين ويدلّون .. فلنستمع له ما يقول : " مثقال ذرّة من برّ صاحب تقوى ويقين، أرجح وأفضل من أمثال الجبال من عبادة النغترّين " ..
ويقول أيضا : "لا تكلفوا الناس ما لم يكلفوا .. ولا تحاسبوهم دون ربهم عليكم أنفسكم، فان من تتبع ما يرى في الانس يطل حزنه ". . !
انه لا يريد للعابد مهما يعل في العبادة شأوه أن يجرّد من نفسه ديّانا تجاه العبد Kعليه أن يحمد الله على توفيقه، وأن يعاون بدعائه وبنبل مشاعره ونواياه أولئك الذين لم يدركوا مثل هذا التوفيق .
هل تعرفون حكمة أنضر وأبهى من حكمة هذا الحكيم ؟؟
يحدثنا صاحبه أبو قلابة فيقول : " مرّ أبو الدرداء يوما على رجل قد أصاب ذنبا، والناس يسبّونه، فنهاهم وقال : أرأيتم لو وجدتموه في حفرة .. ألم تكونوا مخرجيه منها .. ؟ قالوا بلى .. قال : فلا تسبّوه اذن، وحمدوا الله الذي عافاكم Kقالوا : أنبغضه ؟
قال : انما أبغضوا عمله، فاذا تركه فهو أخي " !!
واذاكان هذا أحد وجهي العبادة عند أبي الدرداء، فان وجهها الآخر هو العلم والمعرفة ..
ان أبا الدرداء يقدّس العلم تقديسا بعيدا.. يقدّسه كحكيم، ويقدّسه كعابد فيقول : " لا يكون أحدكم تقيا جتى يكون عالما .. ولن يكون بالعلم جميلا، حتى يكون به عاملا " .
أجل .. فالعلم عنده فهم، وسلوك .. معرفة، ومنهج .. فكرة حياة ..
ولأن تقديسه هذا تقديس رجل حكيم، نراه ينادي بأن العلم كالمتعلم كلاهما سواء في الفضل، والمكانة، والمثوبة..
ويرى أن عظمة الحياة منوطة بالعلم الخيّر قبل أي شيء سواه .
ها هو ذا يقول : " مالي أرى العلماء كم يذهبون، وجهّالكم لا يتعلمون؟؟ ألا ان معلّم الخير والمتعلّم في الأجر سواء.. ولا خير في سائر الناس بعدهما "..
ويقول أيضا : " الناس ثلاثة ..
عالم .. ومتعلم .. والثالث همج لا خير فيه " .
وكما رأينا من قبل، لا ينفصل العلم في حكمة أبي الدرداء رضي الله عنه عن العمل . 
يقول : " ان أخشى ما أخشاه على نفسي أن يقال لي يوم القيامة على رؤوس الخلائق:  يا عويمر، هل علمت ؟؟
فأقول نعم .. فيقال لي : فماذا عملت فيما علمت " ؟
وكان يجلّ العلماء العاملين ويوقرهم توقيرا كبيرا، بل كان يدعو ربّه ويقول:
" اللهم اني أعوذ بك أن تلعنني قلوب العلماء " قيل له : وكيف تلعنك قلوبهم ؟ قال رضي الله عنه : " تكرهني"..!
أرأيتم ؟؟ انه يرى في كراهيّة العالم لعنة لا يطيقها .. ومن ثمّ فهو يضرع الى ربه أن يعيذه منها ..
وتستوصي حكمة أبي الدرداء بالاخاء خيرا، وتبنى علاقة الانسان بالانسان على أساس من واقع الطبيعة الانسانية ذاتها فيقول : " معاتبة الأخ خير لك من فقده، ومن لك بأخيك كله .. ؟
أعط أخاك ولن له .. ولا تطع فيه حاسدا، فتكون مثله .. غدا يأتيك الموت، فيكفيك فقده .. وكيف تبكيه بعد الموت، وفي الحياة ما كنت أديت حقه " ؟؟
ومراقبة الله في عباده قاعدة صلبة يبني عليها أبو الدرداء حقوق الاخاء ..
يقول رضي الله عنه وأرضاه : " اني أبغض أن أظلم أحدا.. ولكني أبغض أكثر وأكثر، أن أظلم من لا يستعين عليّ الا بالله العليّ الكبير " .. !!
يل لعظمة نفسك، واشراق روحك يا أبا الدرداء .. !!
انه يحذّر الناس من خداع الوهك، حين يظنون أن المستضعفين العزّل أقرب منالا من أيديهم، ومن بأسهم .. !
ويذكّرهم أن هؤلاء في ضعفهم يملكون قوّة ماحقة حين يتوسلون الى الله عز وجل بعجزهم، ويطرحون بين يديه قضيتهم، وهو أنهم على الناس .. !!
هذا هو أبو الدرداء الحكيم .. !
هذا هو أبو الدرداء الزاهد، العابد، الأوّاب ..
هذا هو أبو الدرداء الذي كان اذا أطرى الناس تقاه، وسألوه الدعاء، أجابهم في تواضع وثيق قائلا : " لا أحسن السباحة .. وأخاف الغرق " .. !!
كل هذا، ولا تحسن السباحة يا أبا الدرداء .. ؟؟
ولكن أي عجب، وأنت تربية الرسول عليه الصلاة والسلام ... وتلميذ القرآن .. وابن الاسلام الأوّل وصاحب أبي بكر وعمر، وبقيّة الرجال !؟ .

إنه صهر عبد الله بن حرام، اذ كان زوجا لأخته هند بن عمرو ..
وكان ابن الجموح واحدا من زعماء المدينة، وسيدا من سادات بني سلمة ..
سبقه الى الاسلام ابنه معاذ بن عمرو الذي كان أحد الأنصار السبعين، أصحاب البيعة الثانية ..
وكان معاذ بن عمرو وصديقه معاذ بن جبل يدعوان للاسلام بين أهل المدينة في حماسة الشباب المؤمن الجريء .. وكان من عادة الناس هناك أن بتخذ الأشراف من بيوتهم أصناما رمزية غير تلك الأصنام الكبيرة المنصوبة في محافلها، والتي تؤمّها جموع الناس ..
وعمرو بن الجموح مع صديقه معاذ بن جبل على أن يجعلا من صنم عمرو بن جموح سخرية ولعبا ..
فكانا يدلجان عليه ليلا، ثم يحملانه ويطرحانه في حفرة يطرح الناس فيه فضلاتهم ..
ويصيح عمرو فلا يجد منافا في مكانه، ويبحث عنه حتى يجده طريح تلك الحفرة .. فيثور ويقول : ويلكم من عدا على آلهتنا الليلة .. !؟
ثم يغسله ويطهره ويطيّبه ..
فاذا جاء ليل جديد، صنع المعاذان معاذ بن عمرو ومعاذ بن جبل بالصنم مثل ما يفعلان به كل ليلة ..
حتى اذا سئم عمرو جاء بسيفه ووضعه في عنق مناف وقال له : ان كان فيك خير فدافع عن نفسك .. !!
فلما اصبح فلم يجده مكانه.. بل وجده في الحفرة ذاتها طريحا، بيد أن هذه المرة لم يكن في حفرته وحيدا، بل كان مشدودا مع كلب ميت في حبل وثيق ..
واذا هو في غضبه، وأسفه ودهشه، اقترب منه بعض أشراف المدينة الذين كانوا قد سبقوا الى الاسلام .. وراحوا، وهم يشيرون بأصابعهم الى الصنم المنكّس المقرون بكلب ميت، يخاطبون في عمرو بن الجموح عقله وقلبه ورشده، محدثينه عن الاله الحق، العلي الأعلى، الذي ليس كمثله شيء ..
وعن محمد الصادق الأمين، الذي جاء الحياة ليعطي لا ليأخذ .. ليهدي، لا ليضل ..
وعن الاسلام، الذي جاء يحرر البشر من الأعلال، جميع الأغلل، وجاء يحيى فيهم روح الله وينشر في قلوبهم نوره ..
وفي لحظات وجد عمرو نفسه ومصيره ..
وفي لحظات ذهب فطهر ثوبه، وبدنه .. ثم تطيّب وتأنق، وتألق، وذهب عالي الجبهة مشرق النفس، ليبايع خاتم المرسلين، وليأخذ مكانه مع المؤمنين ..
قد يسأل سائل نفسه، كيف كان رجال من أمثال عمرو بن الجموح .. وهم زعماء قومهم وأشراف .. كيف كانوا يؤمنون بأصنام هازلة كل هذا الايمان .. ؟
وكيف لم تعصمهم عقولهم عن مثل هذا الهراء .. وكيف نعدّهم اليوم، حتى مع اسلامهم وتضحياتهم، من عظماء الرجال .. ؟
ومثل هذا السؤال يبدو ايراده سهلا في أيامنا هذه حيث لا نجد طفلا يسيغ عقله أن ينصب في بيته خشبة ثم يعبدها .. لكن في أيام خلت، كانت عواطف البشر تتسع لمثل هذا الصنيع دون أن يكون لذكائهم ونبوغهم حيلة تجاه تلك التقاليد .. !!
وحسبنا لهذا مثلا أثينا .. أثينا في عصر باركليز وفيتاغورس وسقراط. .
أثينا التي كانت قد بلغت رقيّا فكريا يبهر الأباب، كان أهلها جميعا : فلاسفة، وحكاما، وجماهير يؤمنون بأصنام منحوتة تناهي في البلاهة والسخرية !!
ذلك أن الوجدان الديني في تلك العصور البعيدة، لم يكن يسير في خط مواز للتفوق العقلي ...
أسلم عمرو بن الجموح قلبه، وحياته لله رب العالمين، وعلى الرغم من أنه كان مفطورا على الجود والسخاء، فان الاسلام زاد جوده مضاء، فوضع كل ماله في خدمة دينه واخوانه ..
سأل الرسول عليه الصلاة والسلام جماعة من بني سلمة قبيلة عمرو بن الجموح فقال : من سيّدكم يا بني سلمة .. ؟ قالوا : الجدّ بن قيس، على بخل فيه .. فقال عليه الصلاة والسلام : وأي داء أدوى من البخل !!بل سيّدكم الجعد الأبيض، عمرو بن الجموح .. 
فكانت هذه الشهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم تكريما لابن الجموح، أي تكريم .. !
وفي هذا قال شاعر الأنصار :
فسوّد عمرو بن الجموح لجوده 
وحق لعمرو بالنّدى أن يسوّدا
اذا جاءه السؤال أذهب ماله
وقال: خذوه، انه عائد غدا
وبمثل ما كان عمرو بن الجموح يجود بماله في سبيل الله، أراد أن يجود بروحه وبحياته ..
ولكن كيف السبيل ؟؟
ان في ساقه عرجا يجعله غير صالح للاشتراك في قتال ..
وانه له أربعة أولاد، كلهم مسلمون، وكلهم رجال كالأسود، كانوا يخرجون مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزو، ويثابرون على فريضة الجهاد ..
ولقد حاول عمرو أن يخرج في غزوة بدر فتوسّل أبناؤه الى النبي صلى الله عليه وسلم كي يقنعه بعدم الخروج، أو يأمره به اذا هو لم يقتنع ..
وفعلا، أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن الاسلام يعفيه من الجهاد كفريضة، وذلك لعجزه الماثل في عرجه الشديد ..
بيد أنه راح يلحّ ويرجو .. فأمره الرسول بالبقاء في المدينة ..
وجاءت غزوة أحد فذهب عمرو الى النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل اليه أن يأذن له وقال له : " يا رسول الله انّ بنيّ يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك الى الجهاد .. ووالله اني لأرجو أن، أخطر، بعرجتي هذه في الجنة " ..
وأمام اصراره العظيم أذن له النبي عليه السلام بالخروج، فأخذ سلاحه، وانطلق يخطر في حبور وغبطة، ودعا ربه بصوت ضارع : " اللهم ارزقني الشهادة ولا تردّني الى أهلي " .
والتقى الجمعان يوم أحد ..
وانطلق عمرو بن الجموح وأبناؤه الأربعة يضربون بسيوفهم جيوش الشرك والظلام ..
كان عمرو بن الجموح يخطر وسط المعمعة الصاحبة، ومع كل خطرة يقطف سيفه رأسا من رؤوس الوثنية ..
كان يضرب الضربة بيمينه، ثم يلتفت حواليه في الأفق الأعلى، كأنه يتعجل قدوم الملاك الذي سيقبض روحه، ثم يصحبها الى الجنة ..
أجل .. فلقد سأل ربه الشهادة، وهو واثق أن الله سبحانه وتعالى قد استجاب له ..
وهو مغرم بأن يخطر بساقه العرجاء في الجنة ليعلم أهلها أن محمدا رسول اله صلى الله عليه وسلم، يعرف كيف يختار الأصحاب، وكيف يربّي الرجال .. !!
وجاء ما كان ينتظر ..
ضربة سيف أومضت، معلنة ساعة الزفاف ..
زفاف شهيد مجيد الى جنات الخلد، وفردوس الرحمن .. !!
واذ كان المسلمون يدفنون شهداءهم قال الرسول عليه الصلاة والسلام أمره الذي سمعناه من قبل : انظروا فاجعلوا عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر واحد فانهما كانا في الدنيا متحابين متصافيين ..
ودفن الحبيبان الشهيدان الصديقان في قبر واحد، تحت ثرى الأرض التي تلقت جثمانيهما الطاهرين، بعد أن شهدت بطولتهما الخارقة ..
وبعد مضي ست وأربعين سنة على دفنهما، نزل سيل شديد غطّى أرض القبور، بسبب عين من الماء أجراها هناك معاوية، فسارع المسلمون الى نقل رفات الشهداء، فاذا هم كما وصفهم الذين اشتركوا في نقل رفاتهم : " ليّنة أجسادهم .. تتثنى أطرافهم " .. !
وكان جابر بن عبد الله لا يزال حيا، فذهب مع أهله لينقل رفات أبيه عبد الله بن عمرو بن حرام، ورفات زوج عمته عمرو بن الجموح ..
فوجدهما في قبرهما، كأنهما نائمان .. لم تأكل الأرض منهما شيئا، ولم تفارق شفاههما بسمة الرضا والغبطة التي كانت يوم دعيا للقاء الله ..
أتعجبون .. ؟
كلا، لا تعجبوا ..
فان الأرواح الكبيرة، التقية، النقية، التي سيطرت على مصيرها .. تترك في الأجساد التي كانت موئلا لها، قدرا من المناعة يدرأ عنها عوامل التحلل، وسطوة التراب ..

أعلنت مديرية الأوقاف في محافظة السويس، أسماء 62 مسجدًا مسموح الاعتكاف بها في مختلف أحياء السويس.

وقال الشيخ  ماجد راضي وكيل وزارة الأوقاف في السويس، في بيان، إنه جرى تجهيز 62 مسجدا موزعة جغرافيا، بجميع أحياء المحافظة، إضافة لتجهيز 98 مسجدا لصلاة التهجد.

المساجد المسموح بها الاعتكاف في محافظة السويس

وأشار إلى أن المساجد المسموح بها الاعتكاف في محافظة السويس، هي:

- الشهيد سمير السلام .. محمد أبو الخير عاطف إمام وخطيب.

- عمرو بن العاص السلام.. حسن حسن حسن مصطفى إمام وخطيب.

- مجمع الرحمة السلام.. إبراهيم معوض رمضان شبانة إمام وخطيب.

- أحباب المصطفى في الهاويس الجناين.. محمود حسين رجب حسين إمام وخطيب.

- الشهيد إبراهيم يوسف أبو عثمان، في الجناين.. محمد السيد محمد عصر إمام وخطيب.

- النور، في المشروع الجناين .. أحمد عبد المحسن محمد إمام وخطيب.

- الكوبري في قرية عامر الجناين.. سامح الشحات جوده إمام وخطيب.

- عمرو بن العاص في الكيلو 46 الجناين.. أشرف محمد سليمان إمام وخطيب

-عمر بن عبد العزيز العمدة الجناين ،محمود السيد علي إمام وخطيب

-أبو العزايم شندورة الجناين ،محمود حسن شعبان إمام وخطيب

-التقوى كبريت البحارة الجناين ،محمد عبد هلال صالح عبد هللا إمام وخطيب

- كبريت المفارق كبريت المفارق الجناين ،محمد عبد هللا أحمد إمام وخطيب

- الجلاء جنيفة الجناين ،أحمد علي إبراهيم سليمان إمام وخطيب.

- عبد الوهاب الرخاوي الأمل فيصل ،عبدالله شحات أحمد شحات إمام وخطيب

-المصطفى الأمل فيصل عمر أكرم البدوي إمام وخطيب

وتضم المساجد المسموح الاعتكاف بها  خلال العشر الأواخر من رمضان

-السيدة خديجة 24 أكتوبر فيصل ،محمد ممدوح رزق إمام وخطيب

-الفاروق عمر 24 أكتوبر فيصل ،خالد إسماعيل عبدالرحمن إمام وخطيب

-الحرمين الموشي فيصل ،معاذ السيد محمد حمودة إمام وخطيب

- الفتح الموشي فيصل ،عبدالله حمدي عاشور إمام وخطيب

- سيد الشهداء حمزة الصباح فيصل، محمد سعيد منصور علي إمام وخطيب

-الرحمن الصباح فيصل، ناصر غريب محمد إمام وخطيب

- جمال حامد المستقبل فيصل ،أحمد محمد أحمد ابراهيم إمام وخطيب

- السيدة حفصة المستقبل فيصل، محمد حلمي عبد المولى علي إمام وخطيب

- الجامع الكبير السلام 1 فيصل ،محمود السعيد محمد علي إمام وخطيب

 

- نور الإسالم السالم 1 فيصل عبد هلال عاطف محمد إمام وخطيب

- سعد بن أبي وقاص السلام 1 فيصل أحمد علي محمد عبد الغفار إمام وخطيب

- الحبيب السلام 1 فيصل ،محمود ابراهيم محمد عزب إمام وخطيب

- المدينة المنورة حي المدينة فيصل ،ويده حمدان ويده إمام وخطيب

- الطائف حي الطائف فيصل ،عبده محمد السيد إبراهيم إمام وخطيب

- نور الإسلام الحرفيين فيصل، أبو بكر محمد محمد علي إمام وخطيب

- شمس الدين خفاجي السلام 1 فيصل أحمد محمود أحمد شردي خطيب مكافأة

- الصحابة الموشي فيصل ،أسامه عبد الإله دندراوي خطيب مكافأة

- الغريب الغريب السويس ،أحمد عبد الله راغب محمود إمام وخطيب

-الخضر / الخضر السويس ،محمد زكى ثابت

كما أعلنت مديرية الأوقاف في محافظة السويس عن مساجد أخرى للاعتكاف وهي:

- بدر بور توفيق السويس، السيد محمد السيد إمام وخطيب

- أبوبكر الصديق بور توفيق السويس ،أحمد شكرى أحمد عبدالسالم إمام وخطيب

- المحروسة المالحة السويس محمد المتولى، سعد يحيى إمام وخطيب

- المعهد الديني المالحة السويس محمود عطيت هلال محمد إمام وخطيب

- السراج المنير.. سيد أحمد حامد إمام وخطيب

- الرحمة .. محمود حسن محمود إمام وخطيب

- النور الفرز السويس ، متولى صالح متولى إبراهيم إمام وخطيب

- أشرف عبد الدايم الفرز السويس عيد عبد الواحد فاضل إمام وخطيب

- الشهداء شارع الشهداء السويس عمر عبد الفتاح أحمد إمام وخطيب

- فاطمة الزهراء شارع الشهداء السويس محمد ابراهيم حسين إمام وخطيب

- أبوالعزائم شارع الجيش السويس محمود محمد عبد العظيم إمام وخطيب

- أبو الأنبياء شارع الجيش السويس محمد محمد اسماعيل إمام وخطيب

- الطرابلسي السوق السويس ،أحمد سليمان خضر إمام وخطيب

-عمر بن الخطاب رتل القلزم السويس ،محمد عبد الحليم محمد إمام وخطيب

-التوبة المثلث الأربعين ،عبد الرحمن أحمد عبد العزيز إمام وخطيب

-المصطفى شارع المدين المنورة الأربعين ،محمد أمين سعيد إمام وخطيب

- أحباب المصطفى الألبان الأربعين ،عبد العال عمر محمد إمام وخطيب

- الفتح السادات الأربعين ،عبد الباسط محمد السيد إمام وخطيب

- الأبرار شارع أحمد عرابي الأربعين ،صابر محمد عبد الباقى إمام وخطيب

- الصداقة والإخاء شارع النيل الأربعين، أحمد حمدي عبد الفتاح إمام وخطيب

- السالم كفر العرب الأربعين، أحمد سعد أحمد إمام وخطيب

- سيدنا محمد كفر عقدة الأربعين، صالح صالح فتحي إمام إمام وخطييب

هو ثاني أخوين عاشا في الله، وأعطيا رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا نما وأزهر مع الأيام ..
أما أولهما فهو أنس بن مالك خادم رسول الله عليه السلام ..
أخذته أمه أم سليم الى الرسول وعمره يوم ذاك عشر سنين وقالت : "يا رسول الله .. هذا أنس غلامك يخدمك، فادع الله له " .. فقبّله رسول الله بين عينيه ودعا له دعوة ظلت تحدو عمره الطويل نحو الخير والبركة .. دعا له لرسول فقال :
" اللهم أكثر ماله، وولده، وبارك له، وأدخله الجنة " ..
فعاش تسعا وتسعين سنة، ورزق من البنين والحفدة كثيرين، كما أعطاه الله فيما أعطاه من رزق، بستانا رحبا ممرعا، كان يحمل الفاكهة في العام مرتين .. !!
وثاني الأخوين، هو البراء بن مالك ..
عاش حياته العظيمة المقدامة، وشعاره : " الله، والجنة " ..
ومن كان يراه، وهو يقاتل في سبيل الله، كان يرى عجبا يفوق العجب ..
فلم يكن البراء حين يجاهد المشركين بسيفه ممن يبحثون عن النصر، وان يكن النصر آنئذ أجلّ غاية .. انما كان يبحث عن الشهادة .. كانت كل أمانيه، أن يموت شهيدا، ويقضي نحبه فوق أرض معركة مجيدة من معارك الاسلام والحق ..
من أجل هذا، لم يتخلف عن مشهد ولا غزوة ..
وذات يوم ذهب اخوانه يعودونه، فقرأ وجوههم ثم قال : " لعلكم ترهبون أن أموت على فراشي .. لا والله، لن يحرمني ربي الشهادة " .. !!
ولقد صدّق الله ظنه فيه، فلم يمت البراء على فراشه، بل مات شهيدا في معركة من أروع معارك الاسلام .. !!
ولقد كانت بطولة البراء يوم اليمامة خليقة به .. خليقة بالبطل الذي كان عمر بن الخطاب يوصي ألا يكون قائدا أبدا، لأن جسارته واقدامه وبحثه عن الموت ،كل هذا يجعل قيادته لغيره من المقاتلين مخاطرة تشبه الهلاك !!
وقف البراء يوم اليمامة وجيوش الاسلام تحت امرة خالد تتهيأ للنزال، وقف يتلمظ مستبطئا تلك اللحظات التي تمرّ كأنها السنين، قبل أن يصدر القائد أمره بالزحف ..
وعيناه الثاقبتان تتحركان في سرعة ونفاذ فوق أرض المعركة كلها، كأنهما تبحثان عن أصلح مكان لمصرع البطل .. !!
أجل فما كان يشغله في دنياه كلها غير هذه الغاية ..
حصاد كثير يتساقط من المشركين دعاة الظلام والباطل بحدّ سيفه الماحق ..
ثم ضربة تواتيه في نهاية المعركة من يد مشركة، يميل على أثرها جسده الى الرض، على حين تأخذ روحه طريقها الى الملأ الأعلى في عرس الشهداء، وأعياد المباركين .. !!
ونادى خالد : الله أكبر، فانطلقت الصفوف المرصوصة الى مقاديرها، وانطلق معها عاشق الموت البراء بن مالك .. وراح يجندل أتباع مسيلمة الكذاب بسيفه .. وهم يتساقطون كأوراق الخريف تحت وميض بأسه ..
لم يكن جيش مسيلمة هزيلا، ولا قليلا .. بل كان أخطر جيوش الردة جميعا ..
وكان بأعداده، وعتاده، واستماتة مقاتليه، خطرا يفوق كل خطر ..
ولقد أجابوا على هجوم المسلمين شيء من الجزع. وانطلق زعماؤهم وخطباؤهم يلقون من فوق صهوات جيادهم كلمات التثبيت .. ويذكرون بوعد الله ..
وكان البراء بن مالك جميل الصوت عاليه ..
وناداه القائد خالد تكلم يا براء ..
فصاح البراء بكلمات تناهت في الجزالة، والدّلالة، والقوة ..
تلك هي : " يا أهل المدينة .. لا مدينة لكم اليوم .. انما هو الله والجنة " ..
كلمات تدل على روح قائلها وتنبئ بخصاله ..
أجل .. انما هو الله، والجنة .. !!
وفي هذا الموطن، لا ينبغي أن تدور الخواطر حول شيء آخر ..
حتى المدينة، عاصمة الاسلام، والبلد الذي خلفوا فيه ديارهم ونساءهم وأولادهم، لا ينبغي أن يفكروا فيها، لأنهم اذا هزموا اليوم، فلن تكون هنلك مدينة ..
وسرت كلمات البراء مثل .. مثل ماذا .. ؟
ان أي تشبيه سيكون ظلما لحقيقة أثرها وتأثيرها ..
فلنقل : سرت كلمات البراء وكفى ..
ومضى وقت وجيز عادت بعده المعركة الى نهجها الأول ..
المسلمون يتقدمون، يسبقهم نصر مؤزر ..
والمشركون يتسلقطون في حضيض هزيمة منكرة ..
والبراء هناك مع اخوانه يسيرون لراية محمد صلى الله عليه وسلم الى موعدها العظيم ..
واندفع المشركون الى وراء هاربين، واحتموا بحديقة كبيرة دخلوها ولاذوا بها ..
وبردت المعركة في دماء المسلمين، وبدا أن في الامان تغير مصيرها بهذه الحيلة التي لجأ اليها أتباع مسيلمة وجيشه ..
وهنا علا البراء ربوة عالية وصاح : " يا معشر المسلمين .. احملوني وألقوني عليهم في الحديقة " .. ألم أقل لكم انه لا يبحث عن النصر بل عن الشهادة .. !!
ولقد تصوّر في هذه الخطة خير ختام لحياته، وخير صورة لمماته .. !!
فهو حين يقذف به الى الحديقة، يفتح المسلمين بابها، وفي نفس الوقت كذلك تكون أبواب الجنة تأخذ زينتها وتتفتح لاستقبال عرس جديد ومجيد .. !!
ولم ينتظر البراء أن يحمله قومه ويقذفوا به، فاعتلى هو الجدار، وألقى بنفسه داخل الحديقة وفتح الباب، واقتحمته جيوش الاسلام ..
ولكن حلم البراء لم يتحقق، فلا سيوف المشركين اغتالته، ولا هو لقي المصرع الذي كان يمني به نفسه ..
وصدق أبو بكر رضي الله عنه : " احرص على الموت .. توهب لك الحياة " .. !!
صحيح أن جسد البطل تلقى يومئذ من سيوف المشركين بضعا وثمانين ضربة، أثخنته ببضع وثمانين جراحة، حتى لقد ظل بعد المعركة شهرا كاملا، يشرف خالد بن الوليد نفسه على تمريضه ..
ولكن كل هذا الذي أصابه كان دون غايته وما يتمنى ..
بيد أن ذلك لا يحمل البراء على اليأس .. فغدا تجيء معركة، ومعركة، ومعركة ..
ولقد تنبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه مستجاب الدعوة ..
فليس عليه الا أن يدعو ربه دائما أن يرزقه الشهادة، ثم عليه ألا يعجل، فلكل أجل كتاب .. !!
ويبرأ البراء من جراحات يوم اليمامة ..
وينطلق مع جيوش الاسلام التي ذهبت تشيّع قوى الظلام الى مصارعها .. هناك حيث 
تقوم امبراطوريتان خرعتان فانيتان، الروم والفرس، تحتلان بجيوشهما الباغية بلاد الله، وتستعبدان عباده ..
ويضرب البراء بسيفه، ومكان كل ضربة يقوم جدار شاهق في بناء العالم الجديد الذي ينمو تحت راية الاسلام نموّا سريعا كالنهار المشرق ..
وفي احدى حروب العراق لجأ الفرس في قتالهم الى كل وحشية دنيئة يستطيعونها ..
فاستعملوا كلاليب مثبتة في أطراف سلاسل محمأة بالنار، يلقونها من حصونهم، فتخطف من تناله من المسلمين الذين لا يستطيعون منها فكاكا ..
وكان البراء وأخوه العظيم أنس بن مالك قد وكل اليهما مع جماعة من المسلمين أمر واحد من تلك الحصون ..
ولكن أحد هذه الكلاليب سقط فجأة، فتعلق بأنس ولم يستطع أنس أن السلسلة ليخلص نفسه، اذ كانت تتوهج لهبا ونارا ..
وأبصر البراء المشهد لإاسرع نحو أخيه الذي كانت السلسلة المحمأة تصعد به على سطح جدار الحصن .. وقبض على السلسلة بيديه وراح يعالجها في بأس شديد حتى قصمها وقطعها .. ونجا أنس وألقى البراء ومن معه نظرة على كفيه فلم يجدوهما مكانهما .. !!
لقد ذهب كل ما فيهما من لحم، وبقي هيكلهما العظمي مسمّرا محترقا .. !!
وقضى البطل فترة أخرى في علاج بطيء حتى بريء ..
أما آن لعاشق الموت أن يبلغ غايته .. ؟؟
بلى آن .. !!
وهاهي ذي موقعة تستر تجيء ليلاقي المسلمون فيها جيوش فارس ولتكون لـ البراء عيدا أي عيد ..
احتشد أهل الأهواز، والفرس في جيش كثيف ليناجزوا المسلمين ..
وكتب امير المؤمنين عمر بن الخطاب الى سعد بن أبي وقاص بالكوفة ليرسل الى الأهواز جيشا ..
وكتب الى أبي موسى الأشعري بالبصرة ليرسل الى الأهواز جيشا، قائلا له في رسالته : " اجعل امير الجند سهيل بن عديّ .. وليكن معه البراء بن مالك " ..
والتقى القادمون من الكوفة بالقادمين من البصرة ليواجهوا جيش الأهواز وجيش الفرس في معركة ضارية ..
كان الاخوان العظيمان بين الحنود المؤمنين.. أنس بن مالك، والبراء بن مالك ..
وبدأت الحرب بالمبارزة، فصرع البراء وحده مائة مبارز من الفرس ..
ثم التحمت الجيوش، وراح القتلى يتساقطون من الفرقين كليهما في كثرة كاثرة ..
واقترب بعض الصحابة من البراء، والقتال دائر، ونادوه قائلين : " أتذكر يا براء قول الرسول عنك : ربّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرّه، منهم البراء بن مالك .. ؟ يا براء أقسم على ربك، ليهزمهم وينصرنا " ..
ورفع البراء ذراعيه الى السماء ضارعا داعيا : " اللهم امنحنا أكنافهم .. اللهم اهزمهم .. وانصرنا عليهم .. وألحقني اليوم بنبيّك " ..
ألقى على جبين أخيه أنس الذي كان يقاتل قريبا منه .. نظرة طويلة، كأنه يودّعه ..
وانقذف المسلمون في استبسال لم تألفه الدنيا من سواهم ..
ونصروا نصرا مبينا ..
ووسط شهداء المعركة، كان هناك البراء تعلو وجهه ابتسامة هانئة كضوء الفجر .. وتقبض يمناه على حثيّة من تراب مضمّخة بدمه الطهور .. لقد بلغ المسافر داره ..
وأنهى مع اخوانه الشهداء رحلة عمر جليل وعظيم، ونودوا :
"  أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ....

تألقت الفنانة كنزي هلال، في شخصية "دارين" التي تقدمها ضمن أحداث مسلسل "المداح " للفنان حماده هلال، الذى يخوض به السباق الرمضاني  على شاشة MBC مصر. 

  ظهرت كنزى بشكل مميز خلال أحداث المسلسل حيث جسدت شخصية بنت الأمير الذي يجسد دوره الفنان الكبير عبدالعزيز مخيون، الذي يدخل في صراع  مع الجن ليختفي ويعود مرة أخرى ليثير حيرة حمادة هلال بشأن حقيقة مولوده. 

وأعربت الممثلة كنزي هلال، خلال تصريحات صحفية عن سعادتها البالغة بالمشاركة في عمل رمضاني قوي وناجح مثل المداح. 

قائلة، :"أنني سعيدة جداً للمشاركة في عمل قوي مثل المداح، واستمتعت بالدور الذي أجسده خلال أحداث المسلسل وأتمنى أن ينال اعجاب جميع المشاهدين". 

جدير بالذكر أن المسلسل من بطولة حماده هلال،  يسرا اللوزي، خالد ذكي،عصام السقا، أحمد بدير، كنزي هلال، عبدالعزيز مخيون، أحمد مهران، أحمد كشك، رانيا فريد شوقي ،سلمي ابو ضيف، عفاف رشاد، خالد سرحان، حنان سليمان، لوسي،وإنتاج صادق أنور الصباح .

كانت مكة تغطّ في نومها، بعد يوم مليء بالسعي، وبالكدّ، وبالعبادة وباللهو ..
والقرشيون يتقلبون في مضاجعهم هاجعين .. غير واحد هناك يتجافى عن المضجع جنباه، يأوي الى فراشه مبركا، ويستريح ساعات قليلة، ثم ينهض في شوق عظيم، لأنه مع الله على موعد، فيعمد الى مصلاه في حجرته، ويظل يناجي ربه ويدعوه .. وكلما استيقظت زوجته على أزير صدره الضارع وابتهالاته الحارّو الملحة، وأخذتها الشفقة عليه، ودعته أن يرفق بنفسه ويأخذ حظه من النوم، يجيبها ودموع عينيه تسابق كلماته : " لقد انقضى عهد النوم يا خديجة " .. !!
لم يكن أمره قد أرّق قريش بعد، وان كان قد بدأ يشغلا انتباهها، فلقد كان حديث عهد بدعوته، وكان يقول كلمته سرا وهمسا .
كان الذين آمنوا به يومئذ قليلين جدا .. وكان هناك من غير المؤمنين به من يحمل له كل الحب والاجلال، ويطوي جوانحه على شوق عظيم الى الايمان به والسير في قافلته المباركة، لا يمنعه سوى مواضعات العرف والبيئة، وضغوط التقاليد والوراثة، والتردد بين نداء الغروب، ونداء الشروق .
من هؤلاء كان حمزة بن عبد المطلب .. عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة .
كان حمزة يعرف عظمة ابن أخيه وكماله .. وكان على بيّنة من حقيقة أمره، وجوهر خصاله ..
فهو لا يعرف معرفة العم بابن أخيه فحسب، بل معرفة الأخ بالأخ، والصديق بالصديق .. ذلك أن رسول الله وحمزة من جيل واحد، وسن متقاربة، نشأ معا وتآخيا معا، وسارا معا على الدرب من أوله خطوة خطوة ..
ولئن كان شباب كل منهما قد مضى في طريق، فأخذ حمزة يزاحم أنداده في نيل طيبات الحياة، وافساح مكان لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش.. في حين عكف محمد على اضواء روحه التي انطلقت تنير له الطريق الى الله وعلى حديث قلبه الذي نأى به من ضوضاء الحياة الى التأمل العميق والى التهيؤ لمصافحة الحق وتلقيه ،نقول لئن كان شباب كل منهما قد اتخذ وجهة مغايرة، فان حمزة لم تغب عن وعيه لحظة من نهار فضائل تربه وابن أخيه.. تلك الفضائل والمكارم التي كانت تحلّ لصاحبها مكانا عليّا في أفئدة الناس كافة، وترسم صورة واضحة لمستقبله العظيم .
في صبيحة ذلك اليوم، خرج حمزة كعادته .
وعند الكعبة وجد نفرا من أشراف قريش وساداتها فجلس معهم، يستمع لما يقولون ..
وكانوا يتحدثون عن محمد ..
ولأول مرّة رآهم حمزة يستحوذ عليهم القلق من دعوة ابن أخيه .. وتظهر في أحاديثهم عنه نبرة الحقد، والغيظ والمرارة .
لقد كانوا من قبل لا يبالون، أو هم يتظاهرون بعدم الاكتراث واللامبالاة .
أما اليوم، فوجوههم تموج موجا بالقلق، والهمّ، والرغبة في الافتراس .
وضحك حمزة من أحاديثهم طويلا .. ورماهم بالمبالغة، وسوء التقدير ..
وعقب أبو جهل مؤكدا لجلسائه أن حمزة أكثر الانس علما بخطر ما يدعو اليه محمد ولكنه يريد أم يهوّن الأمر حتى تنام قريش، ثم تصبح يوما وقد ساء صاحبها، وظهر أمر ابن أخيه عليها ...
ومضوا في حديثهم يزمجرون، ويتوعدون .. وحمزة يبتسم تارّة، ويمتعض أخرى، وحين انفض الجميع وذهب كل الى سبيله، كان حمزة مثقل الرأس بأفكار جديدة، وخواطر جديدة، راح يستقبل بها أمر ابن أخيه، ويناقشه مع نفسه من جديد ... !!!
ومضت الأيام، ينادي بعضها بعضا ومع كل يوم تزداد همهمة قريش حول دعوة الرسول ..
ثم تتحوّل همهمة قريش الى تحرّش. وحمزة يرقب الموقف من بعيد ..
ان ثبات ابن أخيه ليبهره .. وان تفانيه في سبيل ايمانه ودعوته لهو شيء جديد على قريش كلها، برغم ما عرفت من تفان وصمود .. !!
ولو استطاع الشك يومئذ أن يخدع أحدا عن نفسه في صدق الرسول وعظمة سجاياه، فما كان هذا الشك بقادر على أن يجد الى وعي حمزة منفا أو سبيلا ..
فحمزة خير من عرف محمدا، من طفولته الباكرة، الى شباب الطاهر، الى رجولته الأمينة السامقة ..
انه يعرفه تماما كما يعرف نغسه، بل أكثر مما يعرف نفسه، ومنذ جاءا الى الحياة معا، وترعرعا معا، وبلغا أشدّهما معا، وحياة محمد كلها نقية كأشعة الشمس .. !! لا يذكر حمزة شبهة واحدة ألمّت بهذه الحياة، لا يذكر أنه رآه يوما غاضبا، أو قانطا، أو طامعا، أو لاهيا، أو مهزوزا ...

وحمزة لم يكن يتمتع بقوة الجسم فحسب، بل وبرجاحة العقل، وقوة اارادة أيضا ..
ومن ثم لم يكن من الطبيعي أن يتخلف عن متابهة انسان يعرف فيه كل الصدق وكل الأمانة .. وهكذا طوى صدره الى حين على أمر سيتكشّف في يوم قريب ..
وجاء اليوم الموعود ..
وخرج حمزة من داره، متوشحا قوسه، ميمّما وجهه شطر الفلاة ليمارس هوايته المحببة، ورياضته الأثيرة، الصيد .. وكان صاحب مهارة فائقة فيه ..
وقضى هناك بعض يومه، ولما عاد من قنصه، ذهب كعادته الى الكعبة ليطوف بها قبل أن يقفل راجعا الى داره .
وقريبا من الكعبة، لقته خادم لعبد الله بن جدعان ..
ولم تكد تبصره حتى قالت له : " يا أبا عمارة .. لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا، من أبي الحكم بن هشام .. وجده جالسا هناك، فآذاه وسبّه وبلغ منه ما يكره " ..
ومضت تشرح له ما صنع أبو جهل برسول الله ..
واستمع حمزة جيدا لقولها، ثم أطرق لحظة، ثم مد يمينه الى قوسه فثبتها فوق كتفه .. ثم انطلق في خطى سريعة حازمة صوب الكعبة راجيا أن يلتقي عندها بأبي جهل .. فان هو لم يجده هناك، فسيتابع البحث عنه في كل مكان حتى يلاقيه ..
ولكنه لا يكاد يبلغ الكعبة، حتى يبصر أبا جهل في فنائها يتوسط نفرا من سادة قريش ..
وفي هدوء رهيب، تقدّم حمزة من أبي جهل، ثم استلّ قوسه وهوى به على رأس أبي جهل فشجّه وأدماه، وقبل أن يفيق الجالسون من الدهشة، صاح حمزة في أبي جهل : " أتشتم محمدا، وأنا على دينه أقول ما يقول .. ؟! الا فردّ ذلك عليّ ان استطعت " ..
وفي لحظة نسي الجالسون جميعا الاهانة التي نزلت بزعيمهم أبي جهل والدم لذي ينزف من رأسه، وشغلتهم تلك الكلمة التي حاقت بهم كالصاعقة ،الكلمة التي أعلن بها حمزة أنه على دين محمد يرى ما يراه ويقول ما يقوله ..
أحمزة يسلم .. ؟
أعزّ فتيان قريش وأقواهم شكيمة .. ؟؟
انها الطامّة التي لن تملك قريش لها دفعا .. فاسلام حمزة سيغري كثيرين من الصفوة بالاسلام، وسيجد محمد حوله من القوة والبأس ما يعزز دعوته ويشدّ ازره، وتصحو قريش ذات يوم على هدير المعاول تحطم أصنامها وآلهتها .. !!
أجل أسلم حمزة، وأعلن على الملأ الأمر الذي كان يطوي عليه صدره، وترك الجمع الذاهل يجترّ خيبة أمله، وأبا جهل يلعق دماءه النازفة من رأسه المشجوج .. ومدّ حمزة يمينه مرّة أخرى الى قوسه فثبتها فوق كتفه، واستقبل الطريق الى داره في خطواته الثابتة، وبأسه الشديد .. !
كان حمزة يحمل عقلا نافذا، وضميرا مستقيما ..
وحين عاد الى بيته ونضا عنه متاعب يومه، جلس يفكر، ويدير خواطره على هذا الذي حدث له من قريب ..
كيف أعلن اسلامه ومتى .. ؟ لقد أعلنه في لحظات الحميّة، والغضب، والانفعال ..
لقد ساءه أن يساء الى ابن اخيه، ويظلم دون أن يجد له ناصرا، فيغضب له، وأخذته الحميّة لشرف بني هاشم، فشجّ رأس أبي جهل وصرخ في وجهه باسلامه ...
ولكن هل هذا هو الطريق الأمثل لك يغدار الانسان دين آبائه وقومه ... دين الدهور والعصور.. ثم يستقبل دينا جديدا لم يختبر بعد تعاليمه، ولا يعرف عن حقيقته الا قليلا ..
صحيح أنه لا يشك لحظة في صدق محمد ونزاهة قصده ..
ولكن أيمكن أن يستقبل امرؤ دينا جديدا، بكل ما يفرضه من مسؤوليات وتبعات، في لحظة غضب، مثلما صنع حمزة الآن .. ؟؟؟ 
وشرع يفكّر .. وقضى أياما، لا يهدأ له خاطر .. وليالي لا يرقأ له فيها جفن ..
وحين ننشد الحقيقة بواسطة العقل، يفرض الشك نفسه كوسيلة الى المعرفة .
وهكذا، لم يكد حمزة يستعمل في بحث قضية الاسلام، ويوازن بين الدين القديم، والدين الجديد، حتى ثارت في نفسه شكوك أرجاها الحنين الفطري الموروث الى دين آبائه .. والتهيّب الفطري الموروث من كل جيد ..
واستيقظت كل ذكرياته عن الكعبة، وآلهاها وأصنامها ... وعن الأمجاد الدينية التى أفاءتها هذه الآلهة المنحوتة على قريش كلها، وعلى مكة بأسرها .
لقد كان يطوي صدره على احترام هذه الدعوة الجديدة التي يحمل ابن أخيه لواءها ..
ولكن اذا كان مقدورا له أن يكون أح أتباع هذه الدعوة، المؤمنين بها، والذائدين عنها .. فما الوقت المناسب للدخول في هذا الدين .. ؟
لحظة غضب وحميّة .. ؟ أم أوقات تفكير ورويّة .. ؟
وهكذا فرضت عليه استقامة ضميره، ونزاهة تفكيره أن يخضع المسألأة كلها من جديد لتفكر صارم ودقيق ..
وبدأ الانسلاخ من هذا التاريخ بأكله .. وهذا الدين القديم العريق، هوّة تتعاظم مجتازها ..

وعجب حمزة كيف يتسنى لانسان أن يغادر دين آبائه بهذه السهولة وهذه السرعة .. وندم على ما فعل.. ولكنه واصل رحلة العقل .. ولما رأى أن العقل وحده لا يكفي لجأ الى الغيب بكل اخلاصه وصدقه ..
وعند الكعبة، كان يستقبل السماء ضارعا، مبتهلا، مستنجدا بكل ما في الكون من قدرة ونور، كي يهتدي الى الحق والى الطريق المستقيم ..
ولنضع اليه وهو يروي بقية النبأ فيقول : " .. ثم أدركني الندم على فراق دين آبائي وقومي .. وبت من الشك في أمر عظيم، لا أكتحل بنوم ..
ثم أتيت الكعبة، وتضرّعت تاة الله أن يشرح صدري للحق، ويذهب عني الريب .. فاستجاب الله لي وملأ قلبي يقينا ..
وغدوت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما كان من أمري، فدعا الله أن يثبت قلبي على دينه .. "
وهكذا أسلم حمزة اسلام اليقين ..
أعز الله الاسلام بحمزة .. ووقف شامخا قويا يذود عن رسول الله، وعن المستضعفين من أصحابه ..
ورآه أبو جهل يقف في صفوف المسلمين، فأدرك أنها الحرب لا محالة، وراح يحرّض قريشا على انزال الأذى بالرسول وصحبه، ومضى يهيء لحرب أهليّة يشفي عن طرقها مغايظة وأحقاده ..
ولم يستطع حمزة أن يمنع كل الأذى ولكن اسلامه مع ذلك كان وقاية ودرعا.. كما كان اغراء ناجحا لكثير من القبائل التي قادها اسلام حمزة أولا، ثم اسلام عمر بن الخطاب بعد ذلك الى الاسلام فدخلت فيه أفواجا .. !!
ومنذ أسلم حمزة نذر كل عافيته، وبأسه، وحياته، لله ولدينه حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم : " أسد الله، وأسد رسوله " ..
وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء عدو، كان أميرها حمزة ..
وأول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين كانت لحمزة ..
ويوم التقى الجمعان في غزوة بدر، كان أسد الله ورسوله هناك يصنع الأعاجيب .. !!
وعادت فلول قريش من بدر الى مكة تتعثر في هزيمتها وخيبتها ... ورجع أبو سفيان مخلوع القلب، مطأطئ الرأس وقد خلّف على أرض المعركة جثث سادة قريش، من أمثال أبي جهل .. وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأميّة بن خلف، وعقبة بن أبي معيط.، والأسود بن عبد الله المخزومي، والوليد بن عتبة .. والنضر بن الحارث .. والعاص بن سعيد .. وطعمة ابن عديّ .. وعشرات مثلهم من رجال قريش وصناديدها .

وما كانت قريش لتتجرّع هذه الهزيمة المنكرة في سلام ... فراحت تعدّ عدّتها وتحشد بأسها، لتثأر لنفسها ولشرفها ولقتلاها .. وصمّمت قريش على الحرب ..
وجاءت غزوة أحد حيث خرجت قريش على بكرة أبيها، ومعها حلفاؤها من قبائل العرب، وبقيادة أبي سفيان مرة أخرى .
وكان زعماء قريش يهدفون بمعركتهم الجديدة هذه الى رجلين اثنين : الرسول صلى اله عليه وسلم، وحمزة رضي الله عنه وأرضاه ..
أجل والذي كان يسمع أحاديثهم ومؤامراتهم قبل الخروج للحرب، يرى كيف كان حمزة بعد الرسول بيت القصيد وهدف المعركة ..
ولقد اختاروا قبل الخروج، الرجل الذي وكلوا اليه أمر حمزة، وهو عبد حبشي، كان ذا مهارة خارقة في قذف الحربة، جعلوا كل دوره في المعركة أن يتصيّد حمزة ويصوّب اليه ضربة قاتلة من رمحه، وحذروه من أن ينشغل عن هذه الغاية بشيء آخر، مهما يكن مصير المعركة واتجاه القتال .
ووعدوه بثمن غال وعظيم هو حريّته .. فقد كان الرجل واسمه وحشي عبدا لجبير بن مطعم .. وكان عم جبير قد لقي مصرعه يوم بدر فقال له جبير " " اخرج مع الناس وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق ".. !!
ثم أحالوه الى هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان لتزيده تحريضا ودفعا الى الهدف الذي يريدون ..
وكانت هند قد فقدت في معركة بدر أباها، وعمها، وأخاها، وابنها .. وقيل لها ان حمزة هو الذي قتل بعض هؤلاء، وأجهز على البعض الآخر ..
من أجل هذا كانت أكثر القرشيين والقرشيّات تحريضا على الخروج للحرب، لا لشيء الا لتظفر برأس حمزة مهما يكن الثمن الذي تتطلبه المغامرة .. !!
ولقد لبثت أياما قبل الخروج للحرب، ولا عمل لها الا افراغ كل حقدها في صدر وحشي ورسم الدور الذي عليه أن يقوم به ..
ولقد وعدته ان هو نجح في قال حمزة بأثمن ما تملك المرأة من متاع وزينة، فلقد أمسكت بأناملها الحاقدة قرطها اللؤلؤي الثمين وقلائدها الذهبية التي تزدحم حول عنقها، ثم قالت وعيناها تحدّقان في وحشي : " كل هذا لك، ان قتلت حمزة " .. !!
وسال لعاب وحشي، وطارت خواطره توّاقة مشتاقة الى المعركة التي سيربح فيها حريّته، فلا يصير بعد عبدا أو رقيقا، والتي سيخرج منها بكل هذا الحلي الذي يزيّن عنق زعيمة نساء قريش، وزوجة زعيمها وابنة سيّدها !!
كانت المؤمرة اذن .. وكانت الحرب كلها تريد حمزة رضي الله عنه بشكل واضح وحاسم ..
وجاءت غزوة أحد ...
والتقى الجيشان. وتوسط حمزة أرض الموت والقتال، مرتديا لباس الحرب، وعلى صدره ريشة النعام التي تعوّد أن يزيّن بها صدره في القتال ..
وراح يصول ويجول، لا يريد رأسا الا قطعه بسيفه، ومضى يضرب في المشركين، وكأن المنايا طوع أمره، يقف بها من يشاء فتصيبه في صميمه !!
وصال المسلمون جميعا حتى قاربوا النصر الحاسم .. وحتى أخذت فلول قريش تنسحب مذعورة هاربة .. ولولا أن ترك الرماة مكانهم فوق الجبل، ونزلوا الى أرض المعركة ليجمعوا غنائم العدو المهزوم .. لولا تركهم مكانهم وفتحوا الثغرة الواسعة لفرسان قريش لكانت غزوة أحد مقبرة لقريش كلها رجالها ونسائها بل وخيلها وابلها !!
لقد دهم فرسانها المسلمين من ورائهم على حين غفلة، واعملوا فيهم سيوفهم الظامئة المجنونة .. وراح المسلمون يجمعون أنفسهم من جديدو ويحملون سلاحهم الذي كان بعضهم قد وضعه حين رأى جيش محمد ينسحب ويولي الأدبار .. ولكن المفاجأة كانت قاسية عنيفة .
ورأى حمزة ما حدث فضاعف قوته ونشاطه وبلاءه ..
وأخذ يضرب عن يمينه وشماله .. وبين يديه ومن خلفه .. ووحشيّ هناك يراقبه، ويتحيّن الفرصة الغادرة ليوجه نحنوه ضربته ..
ولندع وحشا يصف لنا المشهد بكلماته : [.. وكنت جلا حبشيا، أقذف بالحربة قذف لحبشة، فقلما أخطئ بها شيئا .. فلما التقى الانس خرجت أنظر حمزة وأتبصّره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق .. يهدّ الناس بسيفه هدّا، ما يقف امامه شيء، فوالله اني لأتهيأ له أريده، وأستتر منه بشجرة لأقتحمه أو ليدنو مني، اذ تقدّمني اليه سباع بن عبد العزى، فلما رآه حمزة صاح به : هلمّ اليّ يا بن مقطّعة البظور، ثم ضربه ضربة فما أخطأ رأسه ..
عندئذ هززت حربتي حتى اذا رضيت منها دفعتها فوقعت في ثنّته حتى خرجت من بين رجليه .. ونهض نحوي فغلب على امره ثم مات ..
وأتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت الى المعسكر فقعدت فيه، اذ لم يكن لي فيه حاجة، فقد قتلته لأعتق .. ]
ولا بأس في أن ندع وحشيا يكمل حديثه : [فلما قدمت مكة أعتقت، ثم أقمت بها حتى دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فهربت الى الطائف .. فلما خرج وفد الطائف الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم تعيّت عليّ المذاهب، وقلت : الحق بالشام أو اليمن أو سواها .. فوالله اني لفي ذلك من همي اذ قال لي رجل : ويحك .. ! ان رسول الله، والله لا يقتل أحد من الناس يدخل دينه .. فخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلم يرني الا قائما أمامه أشهد شهادة الحق، فلما رآني قال : أوحشيّ أنت ..؟ قلت : نعم يا رسول الله .. قال : فحدّثني كيف قتلت حمزة، فحدّثته .. فلما فرغت من حديثي قال : ويحك .. غيّب عني وجهك .. فكنت أتنكّب طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان، لئلا يراني حتى قبضه الله اليه ..
فلما خرج المسلمون الى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم، وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة .. فلما التقى الناس رأيت مسيلمة الكذاب قائما، في يده السيف، فتهيأت له، وهززت حربتي، حتى اذا رضيته منها دفعتها عليه فوقعت فيه ..
فان كنت قد قتلت بحربتي هذه خير الناس وهو حمزة .. فاني لأرجو أن يغفر الله لي اذ قتلت بها شرّ الناس مسيلمة] ..
هكذا سقط أسد الله ورسوله، شهيدا مجيدا .. !!
وكما كانت حياته مدوّية، كانت موتته مدوّية كذلك ..
فلم يكتف أعداؤه بمقتله .. وكيف يكتفون أو يقتنعون، وهم الذين جنّدوا كل أموال قريش وكل رجالها في هذه المعركة التي لم يريدوا بها سوى الرسول وعمّه حمزة ..
لقد أمرت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان .. أمرت وحشيا أن يأتيها بكبد حمزة .. واستجاب الحبشي لهذه الرغبة المسعورة .. وعندما عاد بها الى هند كان يناولها الكبد بيمناه، ويتلقى منها قرطها وقلائدها بيسراه، مكافأة له على انجاز مهمته ..
ومضغت هند بنت عتبة الذي صرعه المسلمون ببدر، وزوجة أبي سفيان قائد جيوش الشرك الوثنية، مضغت كبد حمزة، راجية أن تشفي تلك الحماقة حقدها وغلها، ولكن الكبد استعصت على أنيابها، وأعجزتها أن تسيغها، فأخرجتها من فمها، ثم علت صخرة مرتفعة، وراحت تصرخ قائلة :

نحن جزيناكم بيوم بدر
والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر
ولا أخي وعمّه وبكري
شفيت نفسي وقضيت نذري
أزاح وحشي غليل صدري
وانتهت المعركة، وامتطى المشركون ابلهم، وساقوا خيلهم قافلين الى مكة ..
ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه معه الى أرض المعركة لينظر شهداءها ..
وهناك في بطن الوادي،وهو يتفحص وجوه أصحابه الذين باعوا لله أنفسهم، وقدّموها قرابين مبرورة لربهم الكبير . وقف فجأة .. ونظر، فوجم .. وضغط على أسنانه .. وأسبل جفنيه ..
فما كان يتصوّر قط أن يهبط الخلق العربي على هذه الوحشية البشعة فيمثل بجثمان ميت على الصورة التي رأى فيها جثمان عمه الشهيد حمزة بن عبد المطلب أسد الله وسيّد الشهداء ..
وفتح الرسول عينيه التي تألق بريقهما كومض القدر وقال وعيناه على جثمان عمّه : " لن اصاب بمثلك أبدا ..
وما وقفت موقفا قط أغيظ اليّ من موقفي هذا .. " .
ثم التفت الى أصحابه وقال : " لولا أن تحزن صفيّة _أخت حمزة _ ويكون سنّه من بعدي، لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير .. ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن، لأمثلن بثلاثين رجلا منهم .. "
فصاح أصحاب الرسول : " والله لئن ظفرنا بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب !! "
ولكن الله الذي أكرم حمزة بالشهادة، يكرّمه مرة أخرى بأن يجعل من مصرعه فرصة لدرس عظيم يحمي العدالة الى الأبد، ويجعل الرحمة حتى في العقوبة والقصاص واجبا وفرضا ..
وهكذا لم يكد الرسول صلى الله عليه وسلم يفرغ من القاء وعيده السالف حتى جاءه الوحي وهو في مكانه لم يبرحه بهذه الآية الكريمة : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128) )
وكان نزول هذه الآيات، في هذا الموظن، خير تكريم لحمزة الذي وقع أجره على الله ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه أعظم الحب، فهو كما ذكرنا من قبل لم يكن عمّه الحبيب فحسب .. بل كان اخاه من الرضاعة .. وتربه في الطفولة .. وصديق العمر كله ..
وفي لحظات الوداع هذه، لم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم تحية يودّعه بها خيرا من أن يصلي عليه بعدد شهداء المعركة جميعا ..
وهكذا حمل جثمان حمزة الى مكان الصلاة على أرض المعركة التي شهدت بلاءه ، واحتضنت دماءه، فصلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم جيء يشهيد آخر، فصلى عليه الرسول .. ثم رفع وترك حمزة مكانه، وجيء بشهيد ثاث فوضع الى جوار حمزة وصلى عليهما الرسول ..
وهكذا جيء بالشهداء .. شهيد بعد شهيد .. والرسول عليه الصلاة والسلام يصلي على كل واحد منهم وعلى حمزة معه حتى صلى على عمّه يومئذ سبعين صلاة ..
وينصرف الرسول من المعركة الي بيته، فيسمع في طريقه نساء بني عبد الأشهل يبكين شهداءهن، فيقول عليه الصلاة والسلام من فرط حنانه وحبه : " لكنّ حمزة لا بواكي له ".. !!
ويسمعها سعد بن معاذ فيظن أن الرسول عليه الصلاة والسلام يطيب نفسا اذا بكت النساء عمه، فيسرع الى نساء بني عبد الأشهل ويأمرهن أن يبكين حمزة فيفعلن  ولا يكاد الرسول يسمع بكاءهن حتى يخرج اليهن، ويقول " ما الى هذا قصدت، ارجعن يرحمكن الله، فلا بكاء بعد اليوم "
ولقد ذهب أصحاب رسول الله يتبارون في رثاء حمزة وتمجيد مناقبه العظيمة .
فقال حسان بن ثابت :
دع عنك دارا قد عفا رسمها
وابك على حمزة ذي النائل
اللابس الخيل اذا أحجمت
كالليث في غابته الباسل
أبيض في الذروة من بني هاشم
لم يمر دون الحق بالباطل
مال شهيدا بين أسيافكم
شلت يدا وحشي من قاتل
وقال عبد الله بن رواحة :
بكت عيني وحق لها بكاها
وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الاله غداة قالوا :
أحمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعا
هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلى، لك الأركان هدّت
وأنت الماجد البرّ الوصول
وقالت صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخت حمزة :
دعاه اله الحق ذو العرش دعوة
الى جنة يحيا بها وسرور
فذاك ما كنا نرجي ونرتجي
لحمزة يوم الحشر خير مصير
فوالله ما أنساك ما هبّت الصبا
بكاءا وحزنا محضري وميسري
على أسد الله الذي كان مدرها
يذود عن الاسلام كل كفور
أقول وقد أعلى النعي عشيرتي
جزى الله خيرا من أخ ونصير
على أن خير رثاء عطّر ذكراه كانت كلمات رسول الله له حين وقف على جثمانه ساعة رآه بين شهداء المعركة وقال : " رحمة الله عليك، فانك كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات " ..
لقد كان مصاب النبي صلى الله عليه وسلم في عمه العظيم حمزة فادحا، وكان العزاء فيه مهمة صعبة .. بيد أن الأقدر طكانت تدّخر لرسول الله أجمل عزاء .
ففي طريقه من أحد الى داره مرّ عليه الصلاة والسلام بسيّدة من بني دينار استشهد في المعركة أبوها وزوجها، وأخوها .. وحين أبصرت المسلمين عائدين من الغزو، سارعت نحوهم تسألهم عن أنباء المعركة .. فنعوا اليها الزوج .. والأب .. والأخ .. واذا بها تسألهم في لهفة : " وماذا فعل رسول الله ".. ؟؟ قالوا : " خيرا .. هو بحمد الله كما تحبين ".. !! قالت : " أرونيه، حتى أنظر اليه ".. !!
ولبثوا بجوارها حتى اقترب الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما رأته أقبلت نحوه تقول : " كل مصيبة بعدك، أمرها يهون " .. !!
أجل .. لقد كان هذا أجمل عزاء وأبقاه ..
ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم قد ابتسم لهذا المشهد الفذّ الفريد، فليس في دنيا البذل، والولاء، والفداء لهذا نظير ..
سيدة ضعيفة، مسكينة، تفقد في ساعة واحدة أباها وزوجها وأخاها.. ثم يكون ردّها على الناعي لحظة سمعها الخبر الذي يهدّ الجبال : " وماذا فعل رسول الله ".. ؟؟!!
لقد كان مشهد أجاد القدر رسمه وتوقيته ليجعل منه للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عزاء أي عزاء .. في أسد الله، وسيّد الشهداء .. !! .

فيس بوك

Ad_square_02
Ad_square_03
.Copyright © 2024 SuezBalady