Login to your account

Username *
Password *
Remember Me
header_mobile
السويس بلدي

السويس بلدي

أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قراراً بأن يكون يوم الاثنين الموافق 17 من شهر أبريل عام 2023 ميلادية، إجازة رسمية مدفوعة الأجر، بمناسبة عيد شم النسيم، وذلك للعاملين في الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات العامة، ووحدات الإدارة المحلية، وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، والقطاع الخاص.

اذا حملت المصحف بيمينك، واستقبلته بوجهك، ومضيت تتأنق في روضاته اليانعات، سورة سورة، وآية آية، فاعلم أن من بين الذين يدينونك بالشكر والعرفان على هذا الصنع العظيم، رجل كبير اسمه : زيد بن ثابت ... !!
وان وقائع جمع القرآن في مصحف، لا تذكر الا ويذكر معها هذا الصحابي الجليل ..
وحين تنثر زهور التكريم على ذكرى المباركين الذين يرجع اليهم فضل جمع القرآن وترتيبه وحفظه، فان حظ زيد بن ثابت من تلك الزهور، لحظ عظيم ..
هو أنصاري من المدينة ..
وكان سنّه يوم قدمها النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا، احدى عشرة سنة، وأسلم الصبي الصغير مع المسلمين من أهله، وبورك بدعوة من الرسول له ..
وصحبه آباؤه معهم الى غزوة بدر، لكن رسول الله ردّه لصغر سنه وحجمه، وفي غزوة أحد ذهب مع جماعة من اترابه الى الرسول يحملون اليه ضراعتهم كي يقبلهم في أي مكان من صفوف المجاهدين ..
وكان أهلوهم أكثر ضراعة والحاحا ورجاء ..
ألقى الرسول على الفرسان الصغار نظرة شاكرة، وبدا كأنه سيعتذر عن تجنيدهم في هذه الغزوة أيضا ..
لكن أحدهم وهو رافع بن خديج، تقدم بين يدي رسول الله، يحمل حربة، ويحركها بيمينه حركات بارعة، وقال للرسول عليه الصلاة والسلام : " اني كما ترى رام، أجيد الرمي فأذن لي " ..
وحيا الرسول هذه البطولة الناشئة، النضرة، بابتسامة راضية، ثم أذن له ..
وانتفضت عروق أتلاتبه ..
وتقد ثانيهم وهو سمرة بن جندب، وراح يلوّح في أدب بذراعيه المفتولين، وقال بعض اهله للرسول : " ان سمرة يصرع رافعا " ..
وحيّاه الرسول بابتسامته الحانية، وأذن له ..
كانت سن كل من رافع وسمرة قد بلغت الخامسة عشرة، الى جانب نموهما الجسماني القوي ..
وبقي من الأتراب ستة أشبال، منهم زيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر ..
ولقد راحوا يبذلون جهدهم وضراعتهم بالرجاء تارة، وبالدمع تارة، وباستعراض عضلاتهم تارة ..
لكن أعمارهم كانت باكرة، وأجسامهم غضة، فوعدهم الرسول بالغزوة المقبلة ..
بدأ زيد مع اخزانه دوره كمقاتل في سبي لالله بدءا من غزوة الخندق، سنة خمس من الهجرة ..
كانت شخصيته المسلمة المؤمنة تنمو نموّا سريعا وباهرا، فهو لم يبرع كمجاهد فحسب، بل كمثقف متنوع المزايا أيضا، فهو يتابع القرآن حفظا، ويكتب الوحي لرسوله، ويتفوق في العلم والحكمة، وحين يبدأ رسول الله في ابلاغ دعوته للعالم الخارجي كله، وارسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، يأمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فيتعلمها في وقت وجيز ..
وهكذا تألقت شخصية زيد بن ثابت وتبوأ في المجتمع مكانا عليّا، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم ..
يقول الشعبي : " ذهب زيد بن ثابت ليركب، فأمسك ابن عباس بالرّكاب .. فقال له زيد : تنحّ يا ابن عم رسول الله .. فأجابه ابن عباس : لا، هكذا نصنع بعلمائنا " ..
ويقول قبيصة : " كان زيدا رأسا بالمدينة في القضاء، والفتوى والقراءة، والفرائض " ..
ويقول ثابت بن عبيد : " ما رأيت رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد " .
ويقول ابن عباس : " لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم " ..
ان هذه النعوت التي يرددها عنه أصحابه لتزيدنا معرفة بالرجل الذي تدّخر له المقادير شرف مهمة من أنبل المهام في تاريخ الاسلام كله ..
مهمة جمع القرآن ..
منذ بدأ الوحي يأخذ طريقه الى رسول الله ليكون من المنذرين، مستهلا موكب القرآن والدعوة بهذه الآيات الرائعة .. (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم) ..
منذ تلك البداية، والوحي يصاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويخف اليه كلما ولّى وجهه شطر الله راجيا نوره وهداه ..
وخلال سنوات الرسالة كلها، حيث يفرغ النبي من غزوة ليبدأ بأخرى، وحيث يحبط مكيدة وحربا، ليواجه خصومة بأخرى، وأخرى .. وحيث يبني عالما جديدا بكل ما تحمله من الجدّة من معنى ..
كان الوحي يتنزل، والرسول يتلو، ويبلّغ، وكان هناك ثلة مباركة تحرّك حرصها على القرآن من أول يوم، فراح بعضهم يحفظ منه ما استطاع، وراح البعض الآخر ممن يجيدون الكتابة، يحتفظون بالآيات مسطورة .
وخلال احدى وعشرين سنة تقريبا، نزل القرآن خلالها آية آية، أو آيات، تلو آيات، ملبيا مناسبات النزول وأسبابها، كان أولئك الحفظة، والمسجلون، يوالون عملهم في توفيق من الله كبير ..
ولم يجيء القرآن مرة واحدة وجكلة واحدة، لأنه ليس كتابا مؤلفا، ولا موضوعا .
انما هو دليل أمة جديدة تبني على الطبيعة، لبنة لبنة، ويوما يوما، تنهض عقيدتها، ويتشكل قلبها، وفكرها، وارادتها وفق مشيئة الهية، لا تفرض نفسها من عل، وانما تقود التجربة البشرية لهذه الأمة في طريق الاقتناع الكامل بهذه المشيئة ..
ومن ثمّ، كان لا بد للقرآن أن يجيء منجّما، ومجرأ، ليتابع التجربة في سيرها النامي، ومواقفها المتجددة. وأزماتها المتصديّة ..
توافر الحفاظ، والكتبة، كما ذكرنا من قبل، على حفظ القرآن وتسجيله، وكان على رأسهم علي ابن ابي طالب، وأبيّ بن كعب، وعبد الله ابن مسعود، وعبد الله بن عباس، وصاحب الشخصية الجليلة التي نتحدث عنها الآن زيد بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين ..
وبعد أن تمّ نزولا، وخلال الفترة الأخيرة من فترات تنزيله، كان الرسول يقرؤه على المسلمين .. مرتبا سوره وآياته .. وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام شغل المسلمون من فورهم بحروب الردّة ..
وفي معركة اليمامة.. التي تحدثنا عنها من قبل خلال حديثنا عن خالد بن الوليد وعن زيد بن الخطاب كان عدد الشهدا من قرّاء القرآن وحفظته كبيرا .. فما كادت نار الردّة تخبو وتنطفئ حتى فزع عمر الى الخليفة أبي بكر رضي الله عنهما راغبا اليه في الحاح أن يسارعوا الى جمع القرآن قبلما يدرك الموت والشهادة بقية القرّاء والحفاظ .. واستخار الخليفة ربه وشاور صحبه ثم دعا زيد بن ثابت وقال له : " انك شاب عاقل لا نتهمك " .
وأمره أن يبدأ بجمع القرآن الكريم، مستعينا بذوي الخبرة في هذا الموضوع ..
ونهض زيد بالعمل الذي توقف عليه مصير الاسلام كله كدين .. !
وأبلى بلاء عظيما في انجاز أشق المهام وأعظمها، فمضى يجمع الآيات والسور من صدور الحفاظ، ومن مواطنها المكتوبة، ويقبابل، ويعارض، ويتحرّى، حتى جمع القرآن مرتبا ومنسقا ..
ولقد زكّى عمله اجماع الصحابة رضي الله عنهم الذين عاشوا يسمعونه من رسولهم صلى الله عليه وسلم خلال سنوات الرسالة جميعها، لا سيّما العلماء منهم والحفاظ والكتبة ..
وقال زيد وهو يصوّر الصعوبة الكبرى التي شكلتها قداسة المهمة وجلالها ..
" والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون عليّ مما أمروني به من جمع القرآن ".. !!
أجل .. فلأن يحمل زيد فوق كاهله جبلا، أو جبالا، أرضى لنفسه من أن يخطئ أدنى خطأ، في نقل آية أو اتمام سورة .. كل هول يصمد له ضميره ودينه .. الا خطأ كهذا مهما يكن ضعيفا وغير مقصزد ..
ولكن توفيق الله كان معه، كان معه كذلك وعده القائل : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" ..
فنجح في مهمته، وأنجز على خير وجه مسؤوليته وواجبه ..
كانت هذه هي المرحلة الأولى في جمع القرآن ..
بيد أنه جمع هذه المرة مكتوبا في أكثر من مصحف ..
وعلى لرغم من أن مظاهر التفاوت والاختلاف بين هذه المصاحف كانت شكلية، فان التجربة أكّدت لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وجوب توحيدها جميعها في مصحف واحد ..
ففي خلافة عثمان رضي الله عنه، والمسلمون يواصلون فتوحاتهم وزحوفهم، مبتعدين عن المدين، مغتربين عنها ..
في تلك الأيام، والاسلام يستقبل كل يوم أفواجا تلو أفواج من الداخلين فيه، المبايعين اياه، ظهر جليّا ما يمكن أن يفضي اليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة الأقدمين والأولين .. هنالك تقدم الى الخليفة عثمان فريق من الأصحاب رضي الله عنهم على رأسهم حذيفة بن اليمان مفسرين الضرورة التي تحتم توحيد المصحف ..
واستخار الخليفة ربه وشاور صحبه ..
وكما استنجد أبو بكر الصديق من قبل بزيد بن ثابت، استنجد به عثمان أيضا ..
فجمع زيد أصحابه وأعوانه، وجاؤوا بالمصاحف من بيت حفصة بنت عمر رضي الله عنها، وكانت محفوظة لديها، وباشر ويد وصحبه مهمتهم العظيمة الجليلة ..
كان كل الذين يعونون زيدا من كتاب الوحي، ومن حفظة القرآن ..
ومع هذا فما كانوا يختلفون، وقلما كانوا يختلفون، الا جعلوا رأي زيد وكلمته هي الحجة والفيصل ..
والآن نحن نقرأ القرآن العظيم ميسّرا، أو نسمعه مرتلا، فان الصعوبات الهائلة التي عاناها الذين اصطنعهم الله لجمعه وحفظه لا تخطر لنا على بال .. !!
تماما مثل الأهوال التي كابدوها، والأرواح التي بذلوها، وهم يجاهدون في سبيل الله، ليقرّوا فوق الأرض دينا قيّما، وليبددوا ظلامها بنوره المبين ..

برعاية أ.د. السيد الشرقاوي رئيس جامعة السويس، وبحضور السادة نواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات، رائد أسرة طلاب من أجل مصر بالجامعة د. أحمد الدسوقي ولفيف من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة وأعضاء الاتحادات الطلابية والعاملين برعاية الطلاب بمختلف كليات الجامعة نظمت أسرة طلاب من أجل مصر بجامعة السويس حفل إفطار جماعي أمام مبنى إدارة الجامعة.

وقد بدأ الحفل بتكريم لمقرري الأسرة من الطلاب، ثم تكريم للسادة عمداء الكليات بمناسبة دعمهم لمختلف أنشطة الاسرة، ثم تكريم السادة منسقى الأنشطة الطلابية بالكليات، وكذا منح شهادات التقرير للسادة مسئولي رعاية الطلاب المركزية والكليات .

وقد ألقى أ.د. السيد الشرقاوي رئيس الجامعة كلمة هنأ فيها الجميع بمناسبة شهر رمضان المبارك مؤكدا على أن ما تقوم به منظومة الأنشطة الطلابية بالجامعة يعد من أهم سواعد بناء شخصية أبنائنا الطلاب حيث تكشف عن المواهب وتُكسب خبرات، وتصقل المهارات لدى أبناءنا الطلاب؛ يستطيعوا أن يتحملوا مسئولية بناء مصرنا الحبيبة.

 كما أشار "الشرقاوي" الى ما يمثلة إفطار أسرة جامعة السويس مسلمين ومسيحيين معا في هذا اليوم من قيم حميدة تؤكد الود والتسامح الذي يعيشه أبناء الشعب المصري في وطن غالٍ يعيش في دمائهم، كما وجه رئيس الجامعة بضرورة العمل والاجتهاد لبناء مستقبل مصر بسواعد أبنائها. 

ومن جانبه فقد وجه د. أحمد الدسوقي رائد الأسرة كل الشكر والتقدير لمعالي رئيس الجامعة لما تلقاه الأسرة وأنشطتها من دعم وتوفير كافة الامكانات لأجل القيام بدورها في ممارسة مختلف الأنشطة الطلابية لرفع راية جامعة السويس في مختلف المحافل .

أصدر الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، قرارًا بتكليف الدكتور إسماعيل الحفناوي، للعمل مديرًا لفرع الهيئة بمحافظة السويس.

وقد تخرج الدكتور إسماعيل الحفناوي، في كلية الطب جامعة القاهرة عام 2002، وحاصل على بكالوريوس الطب والجراحة، كما حصل على ماجستير أمراض النساء والتوليد من كلية الطب جامعة عين شمس عام 2010، والزمالة المصرية في 2015، وحصل على درجة الدكتوراه في أمراض النساء والتوليد جامعة الأزهر عام 2018، ودبلومة بجامعة برمنجهام بإنجلترا عام 2019، وزمالة مدربي مدربين الزمالة T2T بجامعة هارفارد.

وهذا، إلى جانب حصوله على ماجستير إدارة الأعمال MBA من جامعة ESLSCA، ودبلومات "إدارة الجودة الشاملة، إدارة المستشفيات" عام 2017.

وقد شغِّل الدكتور إسماعيل الحفناوي، عدة مناصب في قطاع الرعاية الصحية المصري، أبرزها:-

- رئيسًا لقسم أمراض النساء والتوليد بمستشفى دمياط التخصصي.

- وكيلًا أول بمستشفى دمياط التخصصي.

- مديرًا عامًا لمستشفى دمياط العام.

- وكيلًا لوزارة الصحة بمحافظة السويس.

- إلى أن شغِّل منصب مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالسويس في إبريل 2023.

في عام الرمادة، وحيث أصاب العباد والبلاد قحط وبيل، خرج أمير المؤمنين عمر والمسلمون معه الى الفضاء الرحب يصلون صلاة الاستسقاء، ويضرعون الى الله الرحيم أن يرسل اليهم الغيث والمطر ..
ووقف عمر وقد أمسك يمين العباس بيمينه، ورفعها صوب السماء وقال : " اللهم انا كنا نسقى بنبيك وهو بيننا .. اللهم وانا اليوم نستسقي بعمّ نبيّك فاسقنا " ..
ولم يغادر المسلمون مكانهم حتى حاءهم الغيث، وهطل المطر، يزفّ البشرى، ويمنح الريّ، ويخصب الأرض .. وأقبل الأصحاب على العباس يعانقونه، ويقبّلونه، ويتبركون به وهم يقولون : " هنيئا لك .. ساقي الحرمين " ..
فمن كان ساقي الحرمين هذا .. ؟؟
ومن ذا الذي توسل به عمر الى الله ومعر من نعرف تقى وسبقا ومكانة عند الله ورسوله ولدى المؤمنين .. ؟؟
انه العباس عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
كان الرسول يجلّه بقدر ما كان يحبه، وكان يمتدحه ويطري سجاياه قائلا : " هذه بقيّة آبائي " ..
هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا وأوصلها ".. !!
وكما كان حمزة عمّ الرسول وتربه، كذلك كان العباس رضي الله عنه فلم يكن يفصل بينهما في سنوات العمر سوى سنتين أو ثلاث، تزيد في عمر العباس عن عمر الرسول ..
وهكذا كان محمد، والعباس عمه، طفلين من سن واحدة، وشابين من جيل واحد ..
فلم تكن القرابةالقريبة وحدها، آصرة ما بينهما من ودّ، بل كانت كذلك زمالة السنّ، وصداقة العمر ..
وشيء آخر نضعه معايير النبي في المكان الأول دوما.. ذلك هو خلق العباس وسجاياه ..
فلقد كان العباس جوّادا، مفرط الجود، حتى كأنه للمكلرم عمّها أو خالها .. !!
وكان وصولا للرحم والأهل، لا يضنّ عليهما بجهد ولا بجاه، ولا بمال ...

وكان الى هذه وتلك، فطنا الى حدّ الدهاء، وبفطنته هذه التي تعززها مكانته الرفيعة في قريش، استطاع أن يدرأ عن الرسول عليه الصلاة والسلام حين يجهر بدعوته الكثير من الأذى والسوء ..
كان حمزة كما رأينا في حديثنا عنه من قبل يعالج بغي قريش، وصلف أبي جهل بسيفه الماحق ..
أما العباس فكان يعالجها بفطنة ودهاء أدّيا للاسلام من لنفع مثلما أدّت السيوف المدافعة عن حقه وحماه .. !!
فالعباس لم يعلن اسلامه الا عام فتح مكة، مما جعل بعض المؤرخين يعدونه مع الذين تأخر اسلامه ..
بيد أن روايات أخرى من التاريخ تنبئ بأنه كان من المسلمين المبكّرين، غير أنه كان يكتم اسلامه ..
يقول أبو رافع خادم الرسول صلى الله عليه وسلم : " كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب، وكان الاسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس، وأسلمت أم الفضل، وأسلمت ... وكان العباس يكتم اسلامه " ..
هذه رواية أبو رافع يتحدث بها عن حال العباس واسلامه قبل غزوة بدر ..
كان العباس اذن مسلما ..
وكان مقامه بمكة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه خطة أدت غايتها على خير نسق ..
ولم تكن قريش تخفي شكوكها في نوايا العباسو ولكنها أيضا لم تكن تجد سبيلا لمحادّته، لا سيما وهو في ظاهر أمره على ما يرضون من منهج ودين ..
حتى اذا جاءت غزوة بدر رأتها قريش فرصة تبلو بها سريرة العباس وحقيقته ..
والعباس أدهى من أن يغفل عن اتجاهات ذلك المكر السيء الذي تعالج به قريش حسراتها، وتنسج به مؤامراتها .. ولئن كان قد نجح في ابلاغ النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أنباء قريش وتحرّكاتها، فان قريشا ستنجح في دفعه الى معركة لا يؤمن بها ولا يريدها .. بيد أنه نجاح موقوت لن يلبث حتى ينقلب على القرشيين خسارا وبوارا ..
ويلتقي الجمعان في غزوة بدر ..
وتصطك السيوف في عنفوان رهيب، مقررة مصير كل جمع، وكل فريق ..
وينادي الرسول في أصحابه قائلا : " ان رجالا من بني هاشم، ومن غير بني هاشم، قد أخرجوا كرها ، لا حاجة لهم بقتالنا .. فمن لقي منكم أحدهم فلا يقتله .. ومن لقي البختريّ بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله .. ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله، فانه انما أخرج مستكرها " ..
لم يكن الرسول بأمره هذا يخصّ عمّه العباس بميّزة، فما تلك مناسبة المزايا، ولا هذا وقتها ..
وليس محمد عليه الصلاة والسلام من يرى رؤوس أصحابه تتهاوى في معرة الحق، ثم يشفع والقتال دائر لعمه، لو كان يعلم أن عمه من المشركين ..
أجل .. ان الرسول الذي نهى عن أن يستغفر لعمه أبي طالب على كثرة ما أسدى أبو طالب له وللاسلام من أياد وتضحيات ..
ليس هو منطقا وبداهة من يجيء في غزوة بدر ليقول لمن يقتلون آباءهم واخوانهم من المشركين : استثنوا عمي ولا تقتلوه .. !!
أما اذا كان الرسول يعلم حقيقة عمه، ويعلم أنه يطوي على الاسلام صدره، كما يعلم أكثر من غيره، الخدمات غير المنظورة التي أدّاها للاسلام .. كما يعلم أخيرا أنه خرج مكرها ومحرجا فآنئذ يصير من واجبه أن ينقذ من هذا شأنه، وأن يعصم من القتل دمه ما استطاع لهذا سبيلا ..
واذا كان أبو البختري بن حارث وهذا شأنه، قد ظفر بشفاعة الرسول لدمه حتى لا يهدر، ولحياته كي لا تزهق ..
أفلا يكون جديرا بهذه الشفاعة، مسلم يكتم اسلامه ... ورجل له في نصرة الاسلام مواقف مشهودة، وأخرى طوي عليها ستر الخفاء .. ؟؟
بلى .. ولقد كان العباس ذلك المسلم، وذلك النصير ..
ولنعد الى الوراء قليلا لنرى ..
في بيعة العقبة الثانية عندما قدم مكة في موسم الحاج وفد الأنصار، ثلاثة وسبعون رجلا وسيدتان، ليعطوا الله ورسوله بيعتهم، وليتفقوا مع النبي عليه الصلاة والسلام على الهجرة الى المدينة، أنهى الرسول الى عمه العباس نبأ هذا الوفد، وهذه البيعة .. وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يثق بعمه في رأيه كله ..

ولما جاء موعد اللقاء الذي انعقد سرا وخفية، خرج الرسول وعمه العباس الى حيث الأنصار ينتظرون ..
وأراد العباس ان يعجم عود القوم ويتوثق للنبي منهم ..
ولندع واحدا من أعضاء الوفد يروي لنا النبأ، كما سمع ورأى .. ذلكم هو كعب بن مالك رضي الله عنه : " .. وجلسنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه العباس بن عبد المطلب، وتكلم العباس فقال : يا معشر الخزرج، ان محمدا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا فهو في عز من قومه ومنعة في بلده، وانه أبى الا النحياز اليكم واللحوق بكم فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه اليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك وان كنتم ترون أنكم مسلموه خاذلوه بعد خروجه اليكم فمن الآن فدعوه " ..
كان العباس يلقي بكلماته الحازمة هذه، وعيناه تحدقان كعيني الصقر في وجوه الأنصار .. يتتبع وقع الكلام وردود فعله العاجلة ..
ولم يكتف العباس بهذا، فذكاؤه العظيم ذكاء عملي يتقصّى الحقيقة في مجالها المادي، ويواجه كل أبعادها مواجهة الحاسب الخبير ..
هناك استأنف حديثه مع الأنصار بسؤال ذكي ألقاه، ذلك هو : " صفوا لي الحرب، كيف تقاتلون عدوّكم " !! ؟؟
ان العباس بفطنته وتجربته مع قريش يدرك أن الحرب لا محالة قادمة بين الاسلام والشرك، فقريش لن تتنازل عن دينها ومجدها وعنادها ..
والاسلام ما دام حقا لن يتنازل للباطل عن حقوقه المشروعة ..
فهل الأنصار، أهل المدينة صامدون للحرب حين تقوم .. ؟؟
وهل هم من الناحية الفنية، أكفاء لقريش، يجيدون فنّ الكرّ والفرّ والقتال .. ؟؟
من اجل هذا ألقى سؤاله السالف : " صفوا لي الحرب، كيف تقاتلون عدوّكم ".. ؟؟
كان الأنصار الذين يصغون للعباس رجالا كالأطواد ...
ولم يكد العباس يفرغ من حديثه، لا سيما ذلك السؤال المثير الحافز حتى شرع الأنصار يتكلمون ..
وبدأ عبد الله بن عمرو بن حرام مجيبا على السؤال : " نحن، والله، أهل الحرب.. غذينا بها، ومرّنا عليها، وورثناها عن آبائنا كابرا فكابر .. نرمي بالنبل حتى تفنى..
ثم
 نطاعن بالرماح حتى تنكسر .. ثم نمشي بالسيوف، فنضارب بها حتى يموت الأعجل منا أو من عدونا " .. !!

وأجاب العباس متهللا : " أنتم أصحاب حرب اذن، فهل فيكم دروع ".. ؟؟
قالوا : " نعم .. لدينا دروع شاملة " ..
ثم دار حديث رائع وعظيم بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين الأنصار .. حديث سنعرض له ان شاء الله فيما بعد ..
هذا موقف العباس في بيعة العقبة ..
وسواء عليه أكان يومئذ اعتنق الاسلام سرا، أم كان لا يزال يفكّر، فان موقفه العظيم هذا يحدد مكانه بين قوى الظلام الغارب، والشروق المقبل، ويصوّر أبعاد رجولته ورسوخه .. !!
ويوم يجيء حنين ليؤكد فداءية هذا الهادئ السمت، اللين الجانب، حينما تدعو الحاجة اليها، ويهيب المواقف بها، بينما هي في غير ذلك الظرف الملحّ، مستكنّة تحت الأضلاع، متوارية عن الأضواء .. !!
في السنة الثامنة للهجرة، وبعد ان فتح الله مكة لرسوله ولدينه عز بعض القبائل السائدة في الجزيرة العربية أن يحقق الدين الجديد كل هذا النصر بهذه السرعة ..
فاجتمعت قبائل هوزان وثقيف ونصر وجشم وآخرون .. وققروا شنّ حرب حاسمة ضدّ الرسول والمسلمين ..
ان كلمة قبائل لا ينبغي أن تخدعنا عن طبيعة تلك الحروب التي كان يخوضها الرسول طوال حياته .. فنظن انها كانت مجرّد مناوشات جبلية صغيرة، فليس هناك حروب أشدّ ضراوة من حروب تلك القبائل في معاقلها .. !!
وادراك هذه الحقيقة لا يعطينا تقديرا سديدا للجهد الخارق الذي بذله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فحسب، بل يعطينا تقديرا صحيحا وأمينا لقيمة النصر العظيم الذي أحرزه الاسلام والمؤمنون، ورؤية واضحة لتوفيق الله الماثل في هذا النجاح وذلك الانتصار ..
احتشدت تلك القبائل في صفوف لجبة من المقاتلين الأشدّاء ..
وخرج اليهم المسلمون في اثني عشر ألفا ..
اثنا عشر ألفا .. ؟؟
وممن .. ؟؟
من الذين فتحوا مكة بالأمس القريب، وشيعوا الشرك والأصنام الى هاويتها الأخيرة والسحيقة، وارتفعت راياتهم تملأ الأفق دون مشاغب عليها أو مزاحم لها .. !!
هذا شيء يبعث الزهو ..
والمسلمون في آخر المطاف بشر، ومن ثم، فقد ضعفوا امام الزهو الذي ابتعثته كثرتهم ونظامهم، وانتصارهم بمكة، وقالوا : " لن نغلب اليوم عن قلة " ..
ولما كانت السماء تعدّهم لغاية أجلّ من الحرب وأسمى، فان ركونهم الى قوتهم العسكرية، وزهزهم بانتصارهم الحربي، عمل غير صالح ينبغي أن يبرؤا منه سريعا، ولو بصدمة شافية ..
وكانت الصدمة الشافية هزيمة كبرى مباغتة في أول القتال، حتى اذا ضرعوا الى الله، وبرؤا من حولهم الى حوله، ومن قوتهم الى قوته، انقلبت الهزيمة نصرا، ونزل القرآن الكريم يقول للمسلمين : " .. وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) ..
كان صوت العباس يومئذ وثباته من ألمع مظاهر السكينة والاستبسال ..
فبينما كان المسلمون مجتمعين في أحد أودية تهامة ينتظرون مجيء عدوّهم، كان المشركون قد سبقوهم الى الوادي وكمنوا لهم في شعابه وأحنائه، شاحذين أسلحتهم، ممسكين زمام المبادرة بأيديهم ..
وعلى حين غفلة، انقضّوا على المسلمين في مفاجأة مذهلة، جعلتهم يهرعون بعيدا، لا يلوي أحد على أحد ..
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدثه الهجوم المفاجئ الخاطف على المسلمين، فعلا صهوة بغلته البيضاء، وصاح : " الى أين أيها الناس .. ؟؟
هلموا اليّ .. أنا النبي لا كذب ..
انا ابن عبد المطلب " ..
لم يكن حول النبي ساعتئذ سوى أبي بكر، وعمر، وعلي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وولده الفضل بن العباس وجعفر بن الحارث وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن بن عبيد، وقلة أخرى من الأصحاب ..
وكان هناك سيدة أخذت مكانا عاليا بين الرجال والأبطال ..
تلك هي أم سليم بنت ملحان ..
رأت ذهول المسلمين وارتباكهم، فركبت جمل زوجها أبي طلحة رضي الله عنهما، وهرولت بها نحو الرسول ..
ولما تحرك جنينها في بطنها، وكانت حاملا، خلعت بردتها وشدّت بها على بطنها فيحزام وثيق، ولما انتهت الى النبي صلى الله عليه وسلم شاهرة خنجرا في يمينها ابتسم لها الرسول وقال : " أم سليم ؟؟ " ..
قالت : " نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله .. اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك، كما تقتل الذين يقاتلونك، فانهم لذلك أهل " ..
وازدادت البسمة ألقا على وجه الرسول الواثق بوعد ربه وقال لها : " ان الله قد كفى وأحسن يا أم سليم ".. !!
هناك ورسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف، كان العباس الى جواره، بل كان بين قدميه بخطام بغلته يتحدى الموت والخطر ..
وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصرخ في الناس، وكان العباس جسيما جهوري الصوت، فراح ينادي : " يا معشر الأنصار .. يا أصحاب البيعة " ...
وكانما كان صوته داعي القدر ونذيره ..
فما كاد يقرع أسماع المرتاعين من هول المفاجأة، المشتتين في جنبات الوادي، حتى أجابوا في صوت واحد : " لبّيك .. لبّيك " ..
وانقلبوا راجعين كالاعصار، حتى ان أحدهم لينحرن بعيره أو فرسه، فيقتحم عنها ويترجل، حاملا درعه وسيفه وقوسه، ميممّا صوب موت العباس ..
ودارت المعركة من جديد .. ضارية، عاتية ..
وصاح رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الآن حمي الوطيس " ..
وحمي الوطيس حقا ..
وتدحرج قتلى هوزان وثقيف، وغلبت خيل الله خيل اللات، وأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين .. !!!
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العباس عمه حبا كبيرا، حتى انه لم ينم يوم انتهت غزوة بدر، وقضى عمه ليله في الأسر ..
ولم يخف النبي عليه السلام عاطفته هذه، فحين سئل عن سبب أرقه، وقد نصره الله نصرا مؤزرا أجاب : " سمعت أنين العباس في وثاقه " ..
وسمع بعض المسلمين كلمات الرسول، فأسرع الى مكان الأسرى، وحلّ وثاق العباس، وعاد فأخبر الرسول قائلا : " يا رسول الله .. اني أرخيت من وثاق العباس شيئا " ..
ولكن لماذا وثاق العباس وحده .. ؟
هنالك قال الرسول لصاحبه : " اذهب، فافعل ذلك بالأسرى جميعا " ..
أجل فحب النبي صلى الله عليه وسلم لعمه لا يعني أن يميزه عن الناس الذين تجمعهم معه ظروف مماثلة .. وعندما تقرر أخذ الفدية من الأسرى، قال الرسول لعمه : " يا عباس .. افد نفسك، وابن اخيك عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وحليفك عتبة بن عمرو وأخا بني الحارث بن فهر، فإنك ذو مال " .. وأرد العباس أن يغادر أسره بالفدية، قائلا : " يا رسول الله، اني كنت مسلما، ولكن القوم استكرهوني " ..
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أصرّ على الفدية، ونزل القرآن الكريم في هذه المناسبة يقول : " ييَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الْأَسْرَىٰ إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " .
وهكذا فدى العباس نفسه ومن معه، وقفل راجعا الى مكة .. ولم تخدعه قريش بعد ذلك عن عقله وهداه، فبعد حين جمع ماله وحمل متاعه، وأدرك الرسول بخيبر، ليأخذ مكانه في موكب الاسلام، وقافلة المؤمنين .. وصار موضع حب المسلمين واجلالهم العظيم، لا سيما وهم يرون تكريم الرسول له وحبه اياه وقوله عنه : " انما العباس صنو أبي ..
فمن آذى العباس فقد آذاني " .
وأنجب العباس ذريّة مباركة .. 
وكان حبر الأمة عبد الله بن عباس واحدا من هؤلاء الأبناء المباركين .. 
وفي يوم الجمعة لأربع عشرة سنة خلت من رجب سنة اثنتين وثلاثين سمع اهل العوالي بالمدينة مناديا ينادي : " رحم الله من شهد العباس بن عبد المطلب " .
فأدركوا أن العباس قد مات ..
وخرج الناس لتشييعه في أعداد هائلة لم تعهد المدينة مثلها ..
وصلى عليه خليفة المسلمين يومئذ عثمان رضي الله عنه ..
وتحت ثرى البقيع هدأ جثمان أبي الفضل واستراح ..
ونام قرير العين، بين الأبرار الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه !!

برعاية أ.د. السيد الشرقاوي رئيس  الجامعة واشراف أ.د. علي حسين عطا نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب قامت أسرة طلاب من أجل مصر بإعداد كرتونة رمضان وذلك لتوزيعها داخل وخارج الجامعة وذلك بتنسيق د. أحمد الدسوقي رائد أسرة طلاب من أجل مصر بالجامعة. 

وقد شارك رئيس الجامعة ابناؤه الطلاب في تعبئة الكراتين وسط جو من السعادة والفرحة من الجميع لما يمثله هذا النشاط من أهمية وقيمة كبيرة في نفوس الجميع في هذه الأيام المباركة.

وقد أعرب "الشرقاوي" عن سعادته بهذا العمل الخيري الذي تنظمه الجامعة ممثلة في الأسرة موضحا أن هذه الهدايا سيخصص جزء كبير منها للمجتمع المحيط خارج الجامعة، حيث تعد هذه الأنشطة أحد المهام التي تضطلع بها الجامعة في خدمة البيئة المحيطة ومشاركة أبناء المحافظة في هذه الأيام المباركة. 

0187D359 B122 4C8D 86EF DB1C1E1BD79B

76E20DA3 B37B 400C AFF8 0EE145FD594A

CA62B7F1 C9B2 4814 86FE 62CF98D93723

صحيح أن ذكاء المرء محسوب عليه ..
وأصحاب المواهب الخارقة كثيرا ما يدفعون الثمن في نفس الوقت الذي كان ينبغي أن يتلقوا فيه الجزاء والشكران .. !!
والصحابي الجليل أبو هريرة واحد من هؤلاء ..
فقد كان ذا موهبة خارقة في سعة الذاكرة وقوتها ..
كان رضي الله عنه يجيد فنّ الاصغاء، وكانت ذاكرته تجيد فن الحفظ والاختزان ..
يسمع فيعي، فيحفظ، ثم لا يكاد ينسى مما وعى كلمة ولا حرفا مهما تطاول العمر، وتعاقبت الأيام .. !!
من أجل هذا هيأته موهبته ليكون أكثر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم حفظا لأحاديثه، وبالتالي أكثرهم رواية لها ..
فلما جاء عصر الوضّاعين الذين تخصصوا في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتخذوا أبا هريرة غرضا مستغلين أسوأ استغلال سمعته العريضة في الرواية عن رسول الله عليه السلام موضع الارتياب والتساؤول .. لولا تلك الجهود البارة والخارقة التي بذلها أبرار كبار نذور حياتهم وكرّسوها لخدمة الحديث النبوي ونفي كل زيف ودخيل عنه ..
هنالك نجا أبو هريرة رضي الله عنه من أخطبوط الأكاذيب والتلفيقات التي أراد المفسدون أن يتسللوا بها الى الاسلام عن طريقه، وأن يحمّلوه وزرها وأذاها .. !!
والآن .. عندما نسمع واعظا، أو محاضرا، أو خطيب جمعة يقول تلك العبارة المأثورة : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " .
أقول : عندما تسمع هذا الاسم على هذه الصورة، أ، عندما تلقاه كثيرا، وكثيرا جدّا في كتب الحديث، والسيرة والفقه والدين بصفة عامة، فاعلم أنك تلقى شخصية من أكثر شخصيات الصحابة اغراء بالصحبة والاصغاء ..

ذلك أن ثروته من الأحاديث الرائعة، والتوجيهات الحكيمة التي حفظها عن النبي عليه السلام، قلّ أن يوجد لها نظير ..
وانه رضي الله عنه بما يملك من هذه الموهبة، وهذه الثروة، لمن أكثر الأصحاب مقدرة على نقلك الى تلك الأيام التي عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، والى التحليق بك، اذا كنت وثيق الايمان مرهف النفس، في تاك الآفاق التي شهدت روائع محمد وأصحابه، تعطي الحياة معناها، وتهدي اليها رشدها ونهاها ..
واذا كانت هذه السطور قد حرّكت أشواقك لأن تتعرّف لأبي هريرة وتسمع من أنبائه نبأ، فدونك الآن وما تريد ..
انه واحد من الذين تنعكس عليهم ثروة الاسلام بكل ما أحدثته من تغيرات هائلة .
فمن أجير الى سيّد ..
ومن تائه في الزحام، الى علم وامام .. !!
ومن ساجد أمام حجارة مركومة، الى مؤمن بالله الواحد القهار ..
وهاهو ذا يتحدّث ويقول : " نشأت يتيما، وهاجرت مسكينا .. وكنت أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني .. !!
كنت أخدمهم اذا نزلوا، وأحدو لهم اذا ركبوا .. وهأنذا وقد زوّجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قواما، وجعل أبا هريرة اماما " .. !
قدم على النبي عليه الصلاة والسلام سنة سبع وهو بخيبر، فأسلم راغبا مشتاقا ..
ومنذ رأى النبي عليه الصلاة والسلام وبايعه لم يكد يفارقه قط الا في ساعات النوم ..
وهكذا كانت السنوات الأربع التي عاشها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلم الى أن ذهب النبي الى الرفيق الأعلى ..
نقول : كانت تلك السنوات الأربع عمرا وحدها .. كانت طويلة عريضة، ممتلئة بكل صالح من القول، والعمل، والاصغاء ..
أدرك أبو هريرة بفطرته السديدة الدور الكبير الذي يستطيع أن يخدم به دين الله ..
ان أبطال الحرب في الصحابة كثيرون ..
والفقهاء والدعاة والمعلمون كثيرون ..
ولكن البيئة والجماعة تفتقد الكتابة والكتّاب ..
ففي تلك العصور، وكانت الجماعة الانسانية كلها، لا العرب وحدهم، لا يهتمون بالكتابة، ولم تكن الكتابة من علامات التقدم في مجتمع ما ..
بل انّ أوروبا نفسها كانت كذلك منذ عهد غير بعيد ..
وكان أكثر ملوكها وعلى رأسهم شارلمان أميّين لا يقرءون ولا يكتبون، مع أنهم في نفس الوقت كانوا على حظ كبير من الذكاء والمقدرة ..

نعود الى حديثنا لنرى أبا هريرة يدرك بفطرته حاجة المجتمع الجديد الذي يبنيه الاسلام الى من يحفظن تراثه وتعاليمه، كان هناك يومئذ من الصحابة كتّاب يكتبون ولكنهم قليلون، ثم ان بعضهم لا يملك من الفراغ ما يمكّنه من تسجيل كل ما ينطق به الرسول من حديث ..
لم يكن أبا هريرة كاتبا، ولكنه كان حافظا، وكان يملك هذا الفراغ، أو هذا الفراغ المنشود، فليس له أرض يزرعها ولا تجارة يتبعها !!
وهو اذا رأى نفسه وقد أسلم متأخرا، عزم على أن يعوّض ما فاته، وذلك بأن يواظب على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى مجالسته ..
ثم انه يعرف من نفسه هذه الموهبة التي أنعم الله بها عليه، وهي ذاكرته الرحبة القوية، والتي زادت مضاء ورحابة وقوة، بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لصاحبها أن يبارك الله له فيها ..
فلماذا اذن لا يكون واحدا من الذين يأخذون على عاتقهم حفظ هذا التراث ونقله لللأجيال .. ؟؟
أجل .. هذا دوره الذي تهيئه للقيام به مواهبه، وعليه أن يقوم به في غير توان ..
ولم يكن أبو هريرة ممن يكتبون، ولكنه كان كما ذكرنا سريع الحفظ قوي الذاكرة ..
ولم تكن له أرض يزرعها، ولا تجارة تشغله، ومن ثمّ لم يكن يفارق الرسول في سفر ولا في حضر ..
وهكذا راح يكرّس نفسه ودقة ذاكرته لحفظ أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام وتوجيهاته ..
فلما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى، راح أبو هريرة يحدث، مما جعل بعض أصحابه يعجبون : أنّى له كل هذه الحاديث، ومتى سمعها ووعاها ..
ولقد ألقى أبوهريرة رضي الله عنه الضوء على هذه الظاهرة، وكانه يدفع عن نفسه مغبة تلك الشكوك التي ساورت بعض أصحابه فقال : " انكم لتقولون أكثر أبو هريرة في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وتقولون : ان المهاجرين الذين سبقوه الى الاسلام لا يحدثون هذه الأحاديث .. ؟؟ ألا ان أصحابي من المهاجرين، كانت تشغلهم صفقاتهم بالسوق، وان أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضهم .. واني كنت امرءا مسكينا، أكثر مجالسة رسول الله، فأحضر اذا غابوا، وأحفظ اذا نسوا .. وان النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا يوما فقال : من يبسط رداءه حتى يفرغ من حديثي ثم يقبضه اليه فلا ينسى شيئا كان قد سمعه مني .. ! فبسطت ثوبي فحدثني ثم ضممته اليّ فوالله ما كنت نسيت شيئا سمعته منه .. وأيم والله، لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبدا، وهي : " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَابَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ " .. هكذا يفسر أبو هريرة سر تفرّده بكثرة الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم ..
فهو أولا كان متفرغا لصحبة النبي أكثر من غيره
 ..
وهو ثانيا كان يحمل ذاكرة قوية، باركها الرسول فزادت قوة
 ..
وهو
 ثالثا لا يحدّث رغبة في أن يحدّث، بل لأن افشاء هذه الأحاديث مسؤولية دينه وحياته، والا كان كاتما للخير والحق، وكان مفرطا ينتظره جزاء المفرّطين ..
من
 أجل هذا راح يحدّث ويحدّث، لا يصدّه عن الحديث صادّ، ولا يعتاقه عائق .. حتى قال له عمر يوما وهو أمير المؤمنين : " لتتركنّ الحديث عن رسول الله، أو لألحقنك بأرض دوس " ..
أي أرض قومه وأهله
 ..
على أن هذا النهي من
 أمير المؤمنين لا يشكل اتهاما لأبي هريرة، بل هو دعم لنظرية كان عمر يتبنّاها ويؤكدها، تلك هي : أن على المسلمين في تلك الفترة بالذات ألا يقرؤوا، وألا يحفظوا شيئا سوى القرآن حتى يقرّ وثبت في الأفئدة والعقول ..
فالقرآن
 كتاب الله، ودستور الاسلام، وقاموس الدين، وكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيما في تلك التي أعقبت وفاته عليه الصلاة والسلام،والتي يجمع القرآن خلالها قد تسبب بلبلة لا داعي لها ولا جدوى منها ..
من أجل هذا كان عمر يقول : " اشتغلوا بالقرآن، فان القرآن كلام الله
 " ..
ويقول : " أقلوا الرواية عن رسول الله الا فيما يعمل به
 " ..
وحين
 أرسل أبو موسى الأشعري الى العراق قال له : " انك تأتي قوما لهم فيمساجدهم دويّ القرآن كدويّ النحل، فدعهم على ما هم عليه، ولا تشغلهمبالحديث، وأنا شريكك في ذلك " ..
كان القرآن قد جمع بطريقة مضمونة دون أن يتسرب اليه ما ليس منه
 ..
اما الأحاديث فليس يضمن عمر أن تحرّف أو تزوّر، أو تخذ سبيل للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنيل من الاسلام
 ..
وكان
 أبو هريرة يقدّر وجهة نظر عمر، ولكنه أيضا كان واثقا من نفسه ومن أمانته، وكان لا يريد أن يكتم من الحديث والعلم ما يعتقد أن كتمانه اثم وبوار .
وهكذا .. لم يكن يجد فرصة لافراغ ما في صدره من حديث سنعه ووعاه الا حدّث وقال
 .. على أن هناك سببا هامّا، كان له دور في اثارة المتاعب حول أبي هريرة لكثرة تحدثه وحديثه ..
ذلك
 أنه كان هناك يومئذ محدّث آخر يحدّث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ويكثر ويسرف، ولم يكن المسلمون الأصحاب يطمئنون كثيرا لأحاديثه ذلكم هو كعب الأحبار الذي كان يهوديا وأسلم.
أراد مروان بن الحكم يوما أن يبلو
 مقدرة أبي هريرة على الحفظ، فدعاه اليه وأجلسه معه، وطلب منه أن يحدثه عنرسول الله صلى الله عليه وسلم، في حين أجلس كاتبه وراء حجاب، وأمره أن يكتبكل ما يقول أبو هريرة .. وبعد مرور عام، دعاه مروان بن الحكم مرة أخرى، أخذيستقرئه نفس الأحاديث التي كان كاتبه قد سطرها، فما نسي أبو هريرة كلمة منها !!
وكان
 يقول عن نفسه : " ما من أحد من أصحاب رسول الله أكثر حديثا عنه مني، الا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص ، فانه كان يكتب، ولا أكتب " ..
وقال عنه الامام الشافعي أيضا : " أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره
 " .
وقال البخاري رضي الله عنه : " روي عن أبو هريرة مدرسة كبيرة يكتب لها البقاء والخلود
 ..
وكان
 أبو هريرة رضي الله عنه من العابدين الأوّابين يتناوب مع زوجته وابنته قيام الليل كله فيقوم هو ثلثه وتقوم زوجته ثلثه وتقوم ابنته ثلثلهوهكذا لا تمر من الليل ساعة الا وفي بيت أبي هريرة عبادة وذكر وصلاة !!
وفي سبيل أن يتفرّغ لصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عانى من قسوة الجوع ما لم يعاني مثله أحد
 ..
وانه
 ليحدثنا : كيف كان الجوع يعض أمعاءه فيشدّ على بطمه حجرا ويعتصر كبده بيديه، ويسقط في المسجد وهو يتلوى حتى يظن بعض أصحابه أن به صرعا وما هو بمصروع .. !
ولما أسلم لم يكن يئوده ويضنيه من مشاكل حياته سوى مشكلة واحدة لم يكن رقأ له بسببها جفن
 ..
كانت هذه المشكلة أمه : فانها يومئذ رفضت أن تسلم
 ..
ليس ذلك وحسب، بل كلنت تؤذي ابنها في رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذكره بسوء
 ..
وذات يوم أسمعت أبا هريرة في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يكره، فانفضّ عنها باكيا محزونا، وذهب الى مسجد الرسول
 ..

ولنصغ اليه وهو يروي لنا بقيّة النبأ : ".. فجئت الى رسول الله وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله، كنت أدعو أم أبي هريرة الى الاسلام فتأبى علي، واني دعوتهااليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبا هريرةالى الاسلام .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اهد أم أبي هريرة .. فخرجت أعدو أبشرها بدعاء رسول الله، فلما أتيت الباب اذا هو مجاف، أي مغلق، وسمعتخضخضة ماء، ونادتني يا أبا هريرة مكانك .. ثم لبست درعها، وعجلت عن خمارها وخرجت وهي تقول : أشهد أن لا اله الا الله، وأِشهد أن محمدا عبده ورسوله .. فجئت أسعى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكي من الفرح، كما بكيت من الحزن، وقلت : أبشر يا رسول الله، فقد أجاب الله دعوتك .. قد هدى أم أبي هريرة الى الاسلام .. ثم قلت يا رسول الله : ادع الله أن يحبّبني وأمي الىالمؤمنين والمؤمنات .. فقال : اللهم حبّب عبيدك هذا وأمه الى كل مؤمن ومؤمنة " ..
وعاش أبو هريرة عابدا، ومجاهدا .. لا يتخلف عن غزوة ولا عن طاعة
 ..
وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولاه امارة البحرين
 ..
وعمر كما نعلم شديد المحاسبة لولاته
 ..
اذا
 ولّى أحدهم وهو يملك ثوبين، فيجب أن يترك الولاية وهو لا يملك من دنياهسوى ثوبيه .. ويكون من الأفضل أن يتركها وله ثوب واحد .. !!!
أما اذا خرج من الولاية وقد ظهرت عليه أعراض الثراء، فآنئذ لا يفلت من حساب عمر، مهما يكن مصدر ثرائه حلالا مشروعا
 !
دنيا أخرى
 .. ملأها عمر روعة واعجازا .. !!
وحين وليّ أبو هريرة البحرين ادّخر مالا، من مصادره الحلال، وعلم عمر فدعاه الى المدينة
 ..
ولندع أبو هريرة يروي لنا ما حدث بينهما من حوار سريع
 : " قال لي عمر : يا عدو الله وعدو كتابه، أسرقت مال الله .. ؟؟ قلت : ما أنا بعدو لله ولا عدو لكتابه .. لكني عدو من عاداهما .. ولا أنا من يسرق مال الله .. ! قال : فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف ؟؟ قلت : خيل لي تناسلت وعطايا تلاحقت .. قال عمر : فادفعها الى بيت مال المسلمين " ودفع أبو هريرة المال الى عمر ثم رفع يديه الى السماء وقال : اللهم اغفر لأمير المؤمنين " ..
وبعد حين دعا عمر أبا هريرة، وعرض عليه الولاية من حديد، فأباها واعتذر عنها
 ..
قال له عمر : ولماذا ؟  
قال أبو هريرة : حتى لا يشتم عرضي، ويؤخذ مالي، ويضرب ظهري .. ثم قال : وأخاف أن أقضي بغير علم وأقول بغير حلم ..

وذات يوم اشتد شوقه الى لقاء الله ..
وبينما كان عوّاده يدعون له بالشفاء من مرضه، كان هو يلحّ على الله قائلا : " اللهم اني أحب لقاءك، فأحب لقائي " ..
وعن ثماني وسبعين سنة مات في العام التاسع والخمسين للهجرة ..
وبين ساكني البقيع الأبرار يتبوأ جثمانه الوديع مكانا مباركا ..
وبينما كان مشيعوه عائدين من جنازته، كانت ألسنتهم ترتل الكثير من الأحاديث التي حفظها لهم عن رسولهم الكريم .. ولعل واحدا من المسلمين الجدد كان يميل على صاحبه ويسأله : لماذا كنّى شيخنا الراحل بأبي هريرة .. ؟؟ فيجيبه صاحبه وهو الخبير بالأمر : لقد كان اسمه في الجاهلية عبد شمس، ولما أسلك سمّاه الرسول عبد الرحمن .. ولقد كان عطوفا على الحيوان، واكنت له هرة، يطعمها، ويحملها، وينظفها، ويؤويها .. وكانت تلازمه كظله ..
وهكذا دعي : أبا هريرة رضي الله عنه وأرضاه ..

تصدر فريق ابناء شكل المجموعه الثانيه ببطوله الملك الرمضانيه النسخه السابعه بعد تغلبه علي كهرباء عتاقه بثلاثه اهداف مقابل هدف أحرز هم معتصم محمد هدفين وأحمد وليد ورده هدف وسجل لكهرباء عتاقه يوسف ابراهيم ليصل للعلامه الكامل ب ٦ نقاط من مباريتان ويقف رصيد كهرباء عتاقه ل ٣ نقاط

ويعود فريق المدينه المنافسه بعد فوزه علي ابناء عادل يحيي  بهدفين مقابل هدف بعد تأخره بهدف لعيد سعيد يعود المدينه بهدفين ل اسماعيل حسن و أسامه ابراهيم  ليحصد ٣ نقاط ويظل فريق ابناء عادل يحيي بدون نقاط

عندما بعثه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الى البصرة، ليكون أميرها وواليها، جمع أهلها وقام فيهم خطيبا فقال : " ان أمير المؤمنين عمر بعثني اليكم، أعلمكم كتار بكم، وسنة نبيكم، وأنظف لكم طرقكم " ..
وغشي الانس من الدهش والعجب ما غشيهم، فانهم ليفهمون كيف يكون تثقيف الناس وتفقيههم في دينهم من واجبات الحاكم والأمير، أما أن يكون من واجباته تنظيف طرقاتهم، فذاك شيء جديد عليهم بل مثير وعجيب ..
فمن هذا الوالي الذي قال عنه الحسن رضي الله عنه : " ما أتى البصرة راكب خير لأهلها منه " .. ؟
انه عبد الله بن قيس المكنّى بـ أبي موسى الأشعري ..
غادر اليمن بلده ووطنه الى مكة فور سماعه برسول ظهر هناك يهتف بالتوحيد ويدعو الى الله على بصيرة، ويأمر بمكارم الأخلاق ..
وفي مكة، جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقى منه الهدى واليقين ..
وعاد الى بلاده يحمل كلمة الله، ثم رجع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقى منه الهدى واليقين ..
وعاد الى بلاده يحمل كلمة الله، ثم رجع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اثر فراغه من فتح خيبر ..
ووافق قدومه قدوم جعفر بن أبي طالب مقبلا مع أصحابه من الحبشة فأسهم الرسول لهم جميعا ..
وفي هذه المرّة لم يأت أبو موسى الأشعري وحده، بل جاء معه بضعة وخمسون رجلا من أهل اليمن الذين لقنهم الاسلام، وأخوان شقيقان له، هم، أبو رهم، وأبو بردة ..
وسمّى الرسول هذا الوفد.. بل سمّى قومهم جميعا بالأشعريين ..
ونعتهم الرسول بأنهم أرق الناس أفئدة ..
وكثيرا ما كان يضرب المثل الأعلى لأصحابه، فيقول فيهم وعنهم : " ان الأشعريين اذا أرملوا في غزو، أو قلّ في أيديهم الطعام، جمعوا ما عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بالسويّة "فهم مني وانا منهم " .. !!
ومن ذلك اليوم أخذ أبو موسى مكانه الدائم والعالي بين المسلمين والمؤمنين، الذين قدّرلهم أن يكونوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلامذته، وأن يكونوا حملة الاسلام الى الدنيا في كل عصورها ودهورها ..
أبو موسى مزيج عجيب من صفات عظيمة ..
فهو مقاتل جسور، ومناضل صلب اذا اضطر لقتال ..
وهو مسالم طيب، وديع الى أقصى غايات الطيبة والوداعة .. !!
وهو فقيه، حصيف، ذكي يجيد تصويب فهمه الى مغاليق الأمور، ويتألق في الافتاء والقضاء، حتى قيل : " قضاة هذه الأمة أربعة : " عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت " .. !!
ثم هو مع هذا، صاحب فطرة بريئة، من خدعه في الله، انخدع له .. !!
وهو عظيم الولاء والمسؤولية ..
وكبير الثقة بالناس ..
لو أردنا أن نختار من واقع حياته شعارا، لكانت هذه العبارة :
" الاخلاص وليكن ما يكون " ..
في مواطن الجهاد، كان الأشعري يحمل مسؤولياته في استبسال مجيد مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عنه : " سيّد الفوارس، أبو موسى " .. !!
وانه ليرينا صورة من حياته كمقاتل فيقول : " خرجنا مع رسول الله في غزاة، نقبت فيها أقدامنا، ونقّبت قدماي، وتساقطت أظفاري، حتى لففنا أقدامنا بالخرق " .. !!
وما كانت طيبته وسلامة طويته ليغريا به عدوّا في قتال ..
فهو في موطن كهذا يرى الأمور في وضوح كامل، ويحسمها في عزم أكيد ..
ولقد حدث والمسلمون يفتحون بلاد فارس أن هبط الأشعري يجيشه على أهل أصبهان الذين صالحوه على الجزية فصالحهم ..
بيد أنهم في صلحهم ذاك لم يكونوا صادقين .. انما ارادوا أن يهيئوا لأنفسهم الاعداد لضربة غادرة ..
ولكن فطنة أبي موسى التي لا تغيب في مواطن الحاجة اليها كانت تستشف أمر أولئك وما يبيّتون .. فلما همّوا بضربتهم لم يؤخذ القائد على غرّة، وهنالك بارزهم القتال فلم ينتصف النهار حتى كان قد انتصر انتصارا باهرا .. !!
وفي المعارك التي خاضها المسلمون ضدّ امبراطورية الفرس، كان لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه، بلاؤه العظيم وجهاده الكريم ..
وفي موقعة تستر بالذات، حيث انسحب الهرزمان بجيشه اليها وتحصّن بها، وجمع فيها جيوشا هائلة، كان أبو موسى بطل هذه الموقعة ..
ولقد أمدّه أمير المؤمنين عمر يومئذ بأعداد هائلة من المسلمين، على رأسهم عمار بن ياسر، والبراء بن مالك، وأنس بن مالك، ومجزأة البكري وسلمة بن رجاء ..والتقى الجيشان ..
جيش المسلمين بقيادة أبو موسى .. وجيش الفرس بقيادة الهرزمان في معركة من أشد المعارك ضراوة وبأسا .. وانسحب الفرس الى داخل مدينة تستر المحصنة ..
وحاصرها المسلمون أياما طويلة، حتى أعمل أبو موسى عقله وحيلته ..
وأرسل مائتي فارس مع عميل فارسي، أغراه أبو موسى بأن يحتال حتى يفتح باب المدينة، أمام الطليعة التي اختارها لهذه المهمة ..
ولم تكد الأبواب تفتح، وجنود الطليعة يقتحمون الحصن حتى انقض أبو موسى بجيشه انقضاضا مدمدما ..
واستولى على المعقل الخطير في ساعات .. واستسلم قادة الفرس، حيث بعث بهم أبو موسى الى المدينة ليرى أمير المؤمنين فيهم رأيه ..
على أن هذا المقاتل ذا المراس الشديد، لم يكن يغادر أرض المعركة حتى يتحوّل الى أوّاب، بكّاء وديع كالعصفور ...
يقرأ القرآن بصوت يهز أعماق من سمعه .. حتى لقد قال عنه الرسول : " لقد أوتي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود " .. !
كان عمر رضي الله عنه كلما رآه دعاه ليتلو عليه من كتاب الله قائلا له : " شوّقنا الى ربنا يا أبا موسى "  كذلك لم يكن يشترك في قتال الا أن يكون ضد جيوش مشركة، جيوش تقاوم الدين وتريد أن تطفئ نور الله .. أما حين يكون القتال بين مسلم ومسلم، فانه يهرب منه ولا يكون له دور أبدا ..
ولقد كان موقفه هذا واضحا في نزاع عليّ ومعاوية، وفي الحرب التي استعر بين المسلمين يومئذ أوراها .. ولعل هذه النقطة من الحديث تصلنا بأكثر مواقف حياته شهرة، وهو موقفه من التحكيم بين الامام علي ومعاوية ..
هذا الموقف الذي كثيرا ما يؤخذ آية وشاهدا على افراط أبي موسى في الطيبة الى حد يسهل خداعه ..
بيد أن الموقف كما سنراه، وبرغم ما عسى أن يكون فيه تسرّع أو خطأ، انما يكشف عن عطمة هذا الصحابي الجليل، عظمة نفسه، وعظمة ايمانه بالحق، وبالناس، ان راي أبي موسى في قضية التحكيم يتلخص في أنه وقد رأى المسلمين يقتل بعضهم بعضا، كل فريق يتعصب لامام وحاكم .. كما رأى الموقف بين المقاتلين قد بلغ في تأزمه واستحالة تصفيته المدى الذي يضع مصير الأمة المسلمة كلها على حافة الهاوية ..
نقول : ان رأيه وقد بلغت الحال من السوء هذا المبلغ كان يتلخص في تغيير الموقف كله والبدء من جديد .
ان الحرب الأهلية القائمة يوم ذاك انما تدور بين طائفتين من المسلمين تتنازعان حول شخص الحاكم، فليتنازل الامام علي عن الخلافة مؤقتا، وليتنازل عنها معاوية، على أن يرد الأمر كله من جديد الى المسلمين يختارون بطريق الشورى الخليفة الذي يريدون ..
هكذا ناقش أبو موسى القضية، وهكذا كان حله ..
صحيح أن عليّا بويع بالخلافة بيعة صحيحة ..
وصحيح أن كل تمرد غير مشروع لا ينبغي أن يمكّن من غرضه في اسقاط الحق المشروع. بيد أن الأمور في النزاع بين الامام ومعاوية وبين أهل العراق وأهل الشام، في رأي أبي موسى، قد بلغت المدى الذي يفرض نوعا جديدا من التفكير والحلول .. فعصيان معاوية، لم يعد مجرّد عصيان .. وتمرّد أهل الشام لم يعد مجرد تمرد .. والخلاف كله يعود مجرد خلاف في الرأي ولا في الاختيار ..
بل ان ذلك كله تطوّر الى حرب أهلية ضارية ذهب ضحيتها آلاف القتلى من الفريقين.. ولا تزال تهدد الاسلام والمسلمين بأسوأ العواقب.
فازاحة أسباب النزاع والحرب، وتنحية أطرافه، مثّلا في تفكير أبي موسى نقطة البدء في طريق الخلاص..
ولقد كان من رأي الامام علي حينما قبل مبدأ التحكيم، أن يمثل جبهته في التحكيم عبد الله بن عباس، أو غيره من الصحابة لكن فريقا كبيرا من ذوي البأس في جماعته وجيشه فرضا عليه أبا موسى الأشعري فرضا ..
وكانت حجتهم في اختيار أبا موسى أنه لم يشترك قط في النزاع بين علي ومعاوية، بل اعتزل كلا الفريقين بعد أن يئس من حملهما على التفاهم والصلح ونبذ القتال .. فهو بهذه المثابة أحق الناس بالتحكيم ..
ولم يكن في دين أبي موسى، ولا في اخلاصه وصدقه ما يريب الامام.. لكنه كان يدرك موايا الجانب الآخر ويعرف مدى اعتمادهم على المناورة والخدعة .. وأبو موسى برغم فقهه وعلمه يكره الخداع والمناورة، ويحب أن يتعامل مع الناس بصدقه لا بذكائه .. ومن ثمخشي الامام علي أن ينخدع أبو موسى للآخرين، ويتحول التحكيم الى مناورة من جانب واحد، تزيد الأمور سوءا ...
بدأ التحيكم بين الفريقين ..
أبو موسى الأشعري يمثل جبهة الامام علي ..
وعمرو بن العاص، يمثل جانب معاوية ..
والحق أن عمرو بن العاص اعتمد على ذكائه الحاد وحيلته الواسعة في أخذ الراية لمعاوية ..
ولقد بدأ الاجتماع بين الرجلين، الأشعري، وعمرو باقتراح طرحه أبو موسى وهو أن يتفق الحكمان على ترشيح عبد الله بن عمر بل وعلى اعلانه خليفة للمسلمين، وذلك لما كان ينعم به عبد الله بن عمر من اجماع رائع على حبه وتوقيره واجلاله ..
ورأى عمرو بن العاص في هذا الاتجاه من أبي موسى فرصة هائلة فانتهزها ..
ان مغزى اقتراح أبي موسى، أنه لم يعد مرتبطا بالطرف الذي يمثله وهو الامام علي ..
ومعناه أيضا أنه مستعد لاسناد الخلافة الى آخرين من أصحاب الرسول بدليل أنه اقترح عبد الله بن عم ..
وهكذا عثر عمرو بدهائه على مدخل فسيح الى غايته، فراح يقترح معاوية.. ثم اقترح ابنه عبد الله بن عمرو وكان ذا مكانة عظيمة بين أصحاب رسول الله ..
ولك يغب ذكاء أبي موسى أمام دهاء عمرو .. فانه لم يكد يرى عمرا يتخذ مبدأ الترشيح قاعدة الترشيح للحديث والتحكيم حتى لوى الزمام الى وجهة أسلم، فجابه عمرا بأن اختيار الخليفة حق للمسلمين جميعا، وقد جعل الله أمرهم شورى بينهم، فيجب أن يترك الأمر لهم وحدهم وجميعهم لهم الحق في هذا الاختيار ..
وسوف نرى كيف استغل عمرو هذا المبدأ الجليا لصالح معاوية ..
ولكن قبل ذلك لنقرأ نص الحوار التاريخي الذي دار بين أبي موسى وعمرو بن العاص في بدء اجتماعهما : أبو موسى : يا عمرو، هل لك في صلاح الأمة ورضا الله .. ؟
عمرو : وما هو .. ؟
أبو موسى : نولي عبد الله بن عمر، فانه لم يدخل نفسه في شيء من هذه الحرب ..
عمرو : وأين أنت من معاوية .. ؟
أبو موسى: ما معاوية بموضع لها ولا يستحقها .
عمرو : ألست تعلم أن عثمان قتل مظلموا .. ؟
أبو موسى : بلى ..
عمرو : فإن معاوية وليّ دم عثمان، وبيته في قريش ما قد علمت .. فان قال الناس لم أولي الأمر ولست سابقة ؟ فان لك في ذلك عذرا .. تقول : اني وجدته ولي عثمان، والله تعالى يقول : " وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً " .. وهو مع هذا، اخو أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد أصحابه ..
أبو موسى : اتق الله يا عمرو ..
أمّا ما ذكرت من شرف معاوية، فلو كانت الخلافة تستحق بالشرف لكان أحق الناس بها أبرهة بن الصبّاح فانه من أبناء ملوك اليمن التباعية الذين ملكوا شرق الأرض ومغربها .. ثم أي شرف لمعاوية مع علي بن أبي طالب .. ؟؟
وأما قولك : ان معاوية ولي عثمان، فأولى منه عمرو بن عثمان ..
ولكن ان طاوعتني أحيينا سنة عمر بن الخطاب وذكره، بتوليتنا ابنه عبد الله الحبر ..
عمرو: فما يمنعك من ابني عبد الله مع فضله وصلاحه وقديم هجرته وصحبته .. ؟
أبو موسى : ان ابنك رجل صدق، ولكنك قد غمسته في هذه الحروب غمسا، فهلم نجعلها للطيّب بن الطيّب .. عبد الله بن عمر ..
عمرو : يا أبا موسى، انه لا يصلح لهذا الأمر الا رجل له ضرسان يأكل بأحدهما، ويطعم بالآخر .. !!
أبو موسى : ويحك يا عمرو .. ان المسلمين قد أسندوا الينا الأمر بعد أن تقارعوا السيوف، وتشاكوا بالرماح، فلا نردهم في فتنة ..
عمرو : فماذا ترى .. ؟ أبو موسى : أرى أن نخلع الرجلين، عليّا ومعاوية، ثم نجعلها شورى بين المسلمين، يختارون لأنفسهم من يحبوا ..
عمرو : رضيت بهذا الرأي فان صلاح النفوس فيه ..
ان هذا الحوار يغير تماما وجه الصورة التي تعوّدنا أن نرى بها أبا موسى الأشعري كلما ذكرنا واقعة التحكيم هذه ..
ان أبا موسى كان أبعد ما يكون عن الغفلة ..
بل انه في حواره هذا كان ذكاؤه أكثر حركة من ذكاء عمرو بن العاص المشهور بالذكاء والدهاء ..
فعندما أراد عمرو أن يجرّع أبا موسى خلافة معاوية بحجة حسبه في قريش، وولايته لدم عثمان، جاء رد أبي موسى حاسما لامعا كحد السيف ..
اذا كانت الخلافة بالشرف، فأبرهة بن الصباح سليل الملوك أولى بها من معاوية ..
واذا كانت بدم عثمان والدفاع عن حقه، فابن عثمان رضي الله عنه، اولى بهذه الولاية من معاوية ..
لقد سارت قضية التحيكم بعد هذا الحوار في طريق يتحمّل مسؤليتها عمرو بن العاص وحده ..
فقد أبرأ أبو موسى ذمته بردّ الأمر الى الأمة، تقول كلمتها وتخنار خليفتها ..
ووافق عمرو والتزم بهذا الرأي ..
ولم يكن يخطر ببال أبي موسى أن عمرو في هذا الموقف الذي يهدد الاسلام والمسلمين بشر بكارثة، سيلجأ الى المناورة، هما يكن اقتناعه بمعاوية ..
ولقد حذره ابن عباس حين رجع اليهم يخبرهم بما تم الاتفاق عليه ..
حذره من مناورات عمرو وقال له : " أخشى والله أن يكون عمرو قد خدعك، فان كنتما قد اتفقتما على شيء فقدمه قبلك ليتكلم، ثم تكلم أنت بعده " .. !
لكن أبا موسى كان يرى الموقف أكبر وأجل من أن يناور فيه عمرو، ومن ثم لم يخالجه أي ريب أوشك في التزام عمرو بما اتفقنا عليه ..
واجتمعا في اليوم التالي .. أبو موسى ممثلا لجبهة الامام علي، وعمرو بن العاص ممثلا لجبهة معاوية ..
ودعا أبو موسى عمرا ليتحدث .. فأبى عمرو وقال له : " ما كنت لأتقدمك وأنت أكثر مني فضلا .. وأقدم هجرة .. وأكبر سنا " .. !!
وتقد أبو موسى واستقبل الحشود الرابضة من كلا الفريقين ..
وقال : " أيها الناس .. انا قد نظرنا فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمة، ويصلح أمرها، فلم نر شيئا أبلغ من خلع الرجلين علي ومعاوية، وجعلها شورى يختار الناس لأنفسهم من يرونه لها .. واني قد خلعت عليا ومعاوية .. فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من أحببتم" ...
وجاء دور عمرو بن العاص ليعلن خلع معاوية، كما خلع أبو موسى عليا، تنفيذا للاتفاق المبرم بالأمس ...
وصعد عمرو المنبر، وقال : " أيها الناس، ان أبا موسى قد قال كما سمعتم وخلع صاحبه ، ألا واني قد خلعت صاحبه كما خلعه، وأثبت صاحبي معاوية، فانه ولي أميرالمؤمنين عثمان والمطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه .. " !!
ولم يحتمل أبو موسى وقع المفاجأة، فلفح عمرا بكلمات غاضبة ثائرة ..
وعاد من جديد الى عزلته، وأغذّ خطاه الى مكة .. الى جوار البيت الحرام، يقضي هناك ما بقي له من عمر وأيام ..
كان أبو موسى رضي الله عنه موضع ثقة الرسول وحبه، وموضع ثقة خلفائه واصحابه وحبهم ...
في حياته عليه الصلاة والسلام ولاه مع معاذ بن جبل أمر اليمن ..
وبعد وفاة الرسول عاد الى المدينة ليجمل مسؤولياته في الجهاد الكبير الذي خاضته جيوش الاسلام ضد فارس والروم ..
وفي عهد عمر ولاه أمير المؤمنين البصرة ..
وولاه الخليفة عثمان الكوفة ..
وكان من أهل القرآن، حفظا، وفقها، وعملا ..
ومن كلماته المضيئة عن القرآن : " اتبعوا القرآن .. ولا تطمعوا في أن يتبعكم القرآن " .. !!
وكان من اهل العبادة المثابرين ..
وفي الأيام القائظة التي يكاد حرّها يزهق الأنفاس، كنت تجد أبا موسى يلقاها لقاء مشتاق ليصومها ويقول : " لعل ظمأ الهواجر يكون لنا ريّا يوم القيامة " ..
وذات يوم رطيب جاءه أجله ..
وكست محيّاه اشراقة من يرجو رحمة الله وحسن ثوابه .. 
والكلمات التي كان يرددها دائما طوال حياته المؤمنة، راح لسانه الآن وهو في لحظات الرحيل يرددها .. 
تلك هي : " اللهم أنت السلام .. ومنك السلام " ..

اشتعلت المجموعه الاولي لبطوله الملك  الرمضانيه لكره القدم بمركز شباب المدينه بالاربعين 

بعد فوز ابناء محمد هشام علي ابناء احمد صابر ٣ / ٢ في اللقاء الاول 

وفريق ابناء سامح مسعد علي فريق فيوتشر ٣/ ٠ في اللقاء الثاني ليتساوي جميع الفرق بثلاثه نقاط 

ويتصدر ابناء احمد صابر بفارق الأهداف وننتظر الجوله الاخيره يوم الثلاثاء  ١٣ رمضان لتحديد من يصعد لدور ال ٨

Ad_square_02
Ad_square_03
.Copyright © 2024 SuezBalady